الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

صفات الامة الاسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى ( كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) صدق الله العظيم

فهل لا زلتم على ما وصفكم الله به؟

- كنتم خير امة يوم كنتم امة واحدة عربا وعجما واتراكا واكرادا لا فرق بين ابيض واسود ولا اصفر ولا احمر الا بالتقوى ، تعتصمون بحبل الله جميعا، سلما بينكم حربا على اعدائكم ، بعضكم اولياء بعض ، ينصر بعضكم بعضا تقاتلون عدوكم صفا واحدا.

- كنتم خير امة يوم كنتم تحملون رسالة الاسلام لاخراج اهلها من الظلمات الى النور فيعتنقون عقيدتكم ويتلسنون بلغتكم ويصيرون جزءا منكم لهم مالكم وعليهم ما عليكم.

- كنتم خير امة يوم كنتم دولة واحدة لا يفصل بين ولاياتها حدود او سدود، ثغورها محصنة بالمرابطين والمجاهدين، ودعوة الاسلام عامة للعالمين ، تستظلون بنظام الاسلام وتحتكمون الى القرآن ، بهذا كنتم خير امة اخرجت للناس.

فلما تركتم الاحتكام الى كتاب ربكم وركنتم الى قوانين اعدائكم تنازعتم ففشلتم وذهب ريحكم فغدوتم كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا ، فحال حالكم وتغيرت احوالكم ودالت دولتكم وزال سلطانكم ، ورسخت فيكم نعرة القومية فجزئت بلادكم فغدوتم دويلات قومية متعددة واقطارا متباعدة ، وصرتم عربا وعجما متصارعين متحاربين واتراكا واكرادا متقاتلين ، وصار العربي اجنبيا في تركيا ، والتركي اجنبيا في البلاد العربية ، فضعفت فيكم رابطة الاخوة الاسلامية، وعمقت لديكم الوطنية الاقليمية ، فصرتم اردنيين وفلسطينيين ومصريين وسوريين وصار ولائكم للوطن بعد ان كان ولائكم للاسلام، وصار المسلم اذا اعتدى عليه عدوه في بلده لا ينصره اخوه المسلم في القطر الآخر بحجة انه ليس من ابناء وطنه، فحلت رابطة الوطنية محل رابطة الاخوة الاسلامية ، ففقدتم ميزاتكم التي جعلكم الله بها خير امة اخرجت للناس :

1- كان اولى ميزاتكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن الامر بالمعروف حمل الاسلام والدعوة اليه والجهاد في سبيله.فتخاذلتم وصارت الامم تحمل اليكم مبادئها وتغرض عليكم حضارتها وتنشر بينكم مفاسدها ، فحلت الخمرة في دياركم وصار الربا عمدة اقتصادكم ، وغزاكم عدوكم بالحرية التي تفرض على المرأة المسلمة خلع حجابها وابداء زينتها ومفاتنها. والزمكم بالديمقراطية التي تجعل الحاكمية لمجلس الامة اي للطاغوت بدل ان تكون الحاكمية لله. وصار التمسك بشرع الله او بتركه خاضعا لغالبية الاصوات، فصار الدين موضع مساومة ، فان قررت غالبية الاصوات ترك شرع الله ، وجب على القلة المتمسكة بشرع الله ان تتركه لانها رضيت من الاصل بحكم غالبية الاصوات فخاضت معركة الانتخابات وهذا خروج من الملة.

2- وثاني ميزاتكم النهي عن المنكر ومن المنكر منعكم من حيازة اسلحة الدمار الشامل وتركه بأيدي عدوكم، والله تعالى يقول( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) وبدلا من ان تنكروا رضيتم به، ومن المنكر الدعوة للعولمة والخصخصة وبدلا من انكارهما استجبتم لهما فبعتم اموال الامة العامة لاعدائها يستغلونها ويرفعون اسعارها على الرعية ، وفتحتم اسواق بلادكم لسلع اعدائكم لتنافس سلعكم فتكسدها ويزداد فقركم.

3- وثالث ميزاتكم ان جعلكم الله امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس اي عدولا في الشهادة على الامم انكم بلغتموهم الاسلام ، فهل بلغتموهم؟ وما هو جوابكم حينما تسألون يوم القيامة ؟

قد يقول واحدكم نعم وصلهم البلاغ بواسطة الاذاعات ووسائل الاتصالات وبواسطة الافراد والجماعات .

فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم، ما هكذا علمتم كيف يكون التبليغ ولا هكذا كانت رسلي تبلغ قادة الامم والشعوب، ولكن علمتم ان يكون التبليغ لافتا للنظر بحيث لا يجعل لهم الخيار في قبول الاسلام او عدم قبوله وكفى، بل كان التبليغ مصحوبا بالاستعدادات العسكرية ، اما اعتناق الاسلام واما الخضوع للحكم تحت سلطان الاسلام مع دفع الجزية ، واما القتال وفقا لقوله تعالى ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).

فهل اعددتم العدة لتكونوا قادرين على ابلاغ الامم الاسلام بشكل لافت للنظر؟

لا، بل الامم الآن تبلغكم مبادئها وتلزمكم العمل بمفاهيمها كالسلام العادل الشامل وحقوق الانسان والعولمة والخصخصة، فصار الجور عندكم عدلا والذل عزا والهزيمة نصرا والحق باطلا والصلح مع العدو مصلحة وربحا.

4- ورابع ميزاتكم ايمانكم بالله تعالى ، وهذا يقتضي ان يكون هوى كل منكم ورغبتكم فيما اتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله( لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) ولقد جاءنا الرسول بشرع الله والحكم بما أنزل الله ، فاذا لم يكن شرع الله وحكمه هواك ومطلبك فاعلم ان ايمانك لا زال ضعيفا، واذا لم تحزن لمصائب المسلمين وتمتعض من الظلم والظالمين فتحسس قلبك ستجد انك خالفت قوله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى.

5- وخامس ميزاتكم هي ان الله تعالى احل لكم الغنيمة من الاعداء والغنيمة لا تكون الا نتيجة الانتصار في القتال ، والقتال لم يشرع الا لنشر الاسلام ولحماية دار الاسلام ونصرة المسلمين، وها انتم قد تركتم الجهاد وتخاذلتم في الدفاع عن ديار المسلمين في فلسطين وافغانستان والشيشان وكشمير وغيرها من ديار المسلمين وليت الامر وقف عند هذا، بل رضيتم بان يكون الداعي الى الاسلام خارجيا والمجاهد ارهابيا.

6- وسادس ميزة هي ان الله تعالى جعل كتابها معجزا وناسخا لما سبقه من الكتب السماوية ليكون التشريع الاسلامي التشريع الوحيد للبشرية، فضمنه قواعد كلية واحكاما عامة ليتسع التشريع الاسلامي لحل المشاكل الانسانية جميعها قال تعالى( تبيانا لكل شيء) ولكي لا يلحقه التبديل او التغيير كما لحق ما سبقه من الكتب تعهد الله بحفظه فقال تعالى( انا نحن نزلنا الذكروانا له لحافظون) فلم يكن حفظه ونسخه لغيره من الكتب عبثا ، بل كان من اجل العمل به، لذلك امر الله رسوله ان يحكم به بين الناس فقال تعالى( وان احكم بينهم بما انزل الله) ولكي لا يظن احد ان الرسول وحده هو المكلف بالعمل به، بين بما لا يدع مجالا للشك ان العمل به واجب على كل حاكم او قاض يفصل الخصومات بين الناس فقال تعالى( ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الظالمون )

7- وسابع ميزاتكم ان الله تعالى جعل من رحمته بهذه الامة انه اذا ارتكب واحد منها اثما ثم تاب الى الله بالاستغفار اليه والندم على ما فعل في حق الله اسقط عنه العقوبة ، واذا كان الاعتداء على حق من حقوق الناس وجب عليه الى جانب التوبة والاستغفار ان يعيد لصاحب الحق حقه لكي يقبل توبته ويغفر له، بخلاف اليهودي فقد كانت توبته لا تقبل الا بعد قتل نفسه. قال تعالى( واذ قال موسى لقومه انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم)

واذا ارتكب المسلم حدا من حدود الله بان قتل شخصا خطأ او قطع منه عضوا او جرحه او سرق سرقة او ارتكب فاحشة او ارتكب اثما دون الحد فعوقب على اثمه بالحكم الشرعي سواء بتطبيق الحد عليه ان كان من الحدود، او طبق عليه حكم التعزير، ان كان اقل من الحد، يسقط عنه الاثم في الدنيا والاخرة، لان الله تعالى لا يعاقب على الاثم عقوبتين.

8- ولذلك كان تطبيق الحكم الشرعي رحمة بالمسلمين، قال تعالى( ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لأن يقام حد في الارض خير لاهل الارض من ان يمطروا اربعين صباحا) فاذا كان الخير في العمل بحكم واحد من احكام الله يعادل الخير الذي يحصل من نزول المطر اربعين صباحا، فكم وكيف يكون الخير فيما لو كان العمل بكل احكام الله. لذلك لا عجب ولا غرابة ان ترى ان الخير اخذ ينقص على المسلمين وينتابهم الجوع والفقر منذ تركوا العمل بكتاب الله، وكلما ازدادوا بعدا كلما زادوا قحطا وفقرا.

لقد خسرت الامة كل هذا الخير منذ توقفت عن العمل بكتاب الله. هذا في الحياة الدنيا، واما في الآخرة فخسرانها وعذابها اشد واعظم ، ولقد قال الاعرابي مخاطبا ولده مسعود:

ان دام هذا الحال يا مسعود لا ناقة تبقى ولا قعود

ولما لم يكن في استطاعة الامة ان تحقق هذه الميزات الا بوجود الدولة الاسلامية كان عليها ان تعمل لاقامة الدولة وفقا للقاعدة التي تقول ( ما لا يتوصل الى الواجب الا به فهو واجب)

بقلم: يوسف السباتين

ليست هناك تعليقات: