الأحد، 12 سبتمبر 2010

الفرد والمجتمع تميزّ وسعادة


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الطريقة الخاصة بالمجتمع المسلم هي التي تضفي عليه صبغة هذا المجتمع ذو الطراز المتميز على هذا الفرد فيصبغ هذا الفرد بصبغة هذا الدين وصدق الله العظيم {صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ} البقرة138، فالصبغ المادي هو الذي يُلون الثياب بلونه وكذلك الدين صبغة، لان هيئته تظهر بالمشاهدة من اثر الطهارةِ والصلاة والصوم والحج والزكاه وغيرها في قوله تعالى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم} الفتح29، فكان هذا الايمان الذي يحمله المسلم هو صبغة الله تعالى ليبين ان المباينة بين هذا الدين الذي اختاره الله لعباده وبين الدين الذي اختاره المبطل، ظاهرةٌ جلية كما تظهر المباينة بين الاصباغ لذي الحس السليـم الـذي يميز بين الصبغ الابيض والصبغ الاسـود.وصدق الله العظيم {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} الروم30، فالشرع يحافظ على كرامة الفرد ولا يمتهنها حتى يبقى الفرد واثقاً بنفسه من انه مكون اساسي ومهم وله اعتباره ومجاله الذي يُحترم من قبل المجتمع من ناحية عزته وكرامته.

ان الايمان حين يلامس شغاف القلب يرق هذا القلب رقة تؤثر في الجوارح تأثيراً مباشراً في قوله تعالى{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} الزمر23، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم (الايمان ما وقر في القلب وصدقه العمل) فكان الانسجام والتناسق بين الاعتقاد وبين التصرف حاصل لا تعارض فيه ولا اختلاف وهذا الامر لا يوجد الا عند المؤمن فلا يحمل المؤمن الضدين بين اعتقاده وتصرفه وهذا هو المقصود بالتميز.

اما على مستوى المجتمع المسلم فإننا وكما نعلم ان المجتمع يتكون من افراد وافكار ومشاعر واحاسيس ونظام وهنا ايضاً تميز آخر في هذا المجتمع فكما ان الفرد المسلم يتميز عن غيره فكذلك المجتمع اذ لا تناقض ولا اختلاف ولا انحراف بين مكوناته فالنظام ايضا يصبغ المجتمع بصبغته، وهذا النظام من عند الله عز وجل وهذه القوانين ان شئت تسميتها فانها احكام شرعية نلتزم بها ونستقبلها ونتعاطى معها كما نتعاطى مع الصوم والحج وصدق الله العظيم {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82.

إن الاحكام الشرعية قد جاءت للعلاج وليس للتطبيب والفرق واضح بيّـن، فالعلاج: هـو الطريقة الشرعية للتعاطي مع كل امر او كل مشكلة ويؤخذ بالتسليم المطلق {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} الإسراء82، وأما التطبيب فإنه يخضع للتجربة ولنظرية الاحتمالات فقد ينجح ويحصل الشفاء وقد لا ينجح وهذا هو الفرق بين نظام انزله الله ونظامٍ وضعه البشر فلا يُسمع قول القائل بالتجربة الاسلامية واطلاقها كمفهوم فالاسلام لا يخضع للتجربه.

ان نظام الاسلام وأحكامه التي تضبط المجتمع وتصبغه لا تخضع للتخمين بل هي التي عينها الله عز وجل وهي السبيل القويم الموصل حتماً لنوال رضوانه في الآخره وللسعادة في هذه الدنيا في قوله تعالى{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} الإسراء9، على عكس النظم والقوانين التي يفهمها البشر فما كان صالحا منها ليوم في نظرهم غير صالح في يومٍ آخر وما هو عدل بالنسبة للبعض هو ظلم بالنسبة للبعض الآخر، فترى ان من افراد المجتمعات الاخرى من لا يرى العدل في مجتمعه، ومنهم من يرى العدل في جانب ويرى الظلم في جانب آخر ومنهم من يرى العدل في زمن ولا يراه في زمنٍ آخر، بعكس المجتمع المسلم فإن الانسجام كله موجود بين النظام وبين افراد هذا المجتمع لانهم يعتقدون انهم يعبدون الله ويطلبون طاعته بتنفيذ امره ونهيه بتطبيق اوامره ونواهيه وهنا تكمن قوته.

نعم إن قوة الدولة لا تكمن في عدد جيشها او قوة الحاكم والملأ ولا تخضع قوةً وضعفاً تبعاً للغنى والفقر مطلقاً فكلها متغيرات والمتغير لا يعتبر قاعدةً يبنى عليها.

إن قوة المجتمع المسلم تنبع من انصهار الافراد بالافكار حتى يتوحد الجميع في قضية الفرح والحزن وتنبثق المشاعر والاحاسيس عن هذه الافكار وليس غيرها وأن يكون تطبيق الاحكام الشرعية هو مطلب الجميع طاعة لله عز وجل، وأن الدولة بنظر الافراد هي الاب والام.

إن القوة إن نسبت لغير الفكر فإنها تعتبر قوة نسبية أو تذوي إن أتى عليها الزمن، يعني أن مظهر القوة لا يعني وجودها حتماً بل إن مظاهر القوة في بعض الاحيان والحالات قد يعني الضعف او اخفاء هذا الضعف فالاتحاد السوفيتي مثلا كانت تبرز فيه مظاهر القوة لتخفي ضعف الفكر الموجود فهوى مرةً واحدةً دون سابق انذار وايضـا فرعون عندما كان في اوج قوته بنظـر نفسـه دفعته للقول ( انا ربكم الاعلى ) ثم اخبرنا ربنا عز وجل فقال {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} الأعراف130، واما القوة المعينة لنا من الله عز وجل فهي ان تحمل هذا الاعتقاد حملاً قوياً فلقد خاطب ربنا عز وجل موسى فقال {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} الأعراف145، وقوله تعالى {خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ} البقرة93.

وهـذا ما تعلمنـاه من سيد الخلق من قوته في حمل دعوةِ الله حين حاربه أهله فقال ( والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الامر ما تركته حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة ) فكانت قوته صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته مستمدة من الفكر الذي يحملونه اعتقاداً لا شك فيه يفيض على جوارحهم حتى يقول قائلهم :
ولست أبالي حين أقتل مسلماً
على أي جنب كان في الله مصرعي

فكانت قوة الدولةُ المستمدةُ من عقيدتها وشرع ربها قوة لا تضعف ولا يأتي عليها عامل الزمن بل هي قوة مضطردة يحملها الخلف عن السلف، تدفع للعمل بالإتجاه الذي يرضى عنه الله.

إن الإسلام مبدأ عقيدة وأحكام شرعية فلا يمكن الفصل بين هذه وتلك وهذا ما فهمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما قال ( والله لأحاربن من يفرق بين الصلاة والزكاة ) فكما ان العقيدة الإسلامية تصبغ المجتمع بصبغتها وكذلك الأحكام الشرعية فإنها تصبغ العلاقات بين الناس في المجتمع المسلم بصبغتها، إذ أنه لا يتأتى للمجتمع المسلم أن تكون العلاقات بين الناس فيه على غير أساس الأحكام الشرعية، فالبيع والاجارة والشركات والزواج وغيرها من العلاقات لا بد أن يكون ضابطها الأحكام الشرعية التي ينفذها الفرد على أساس أنها دين الله ويعبد الله بإتباعها، وكذلك لا يجوز للدولة التي تصف نفسها بالإسلامية إن طبقت غير شرع الله، فعلاقة الدولة بالرعية وعلاقة الرعية بالدولة وعلاقات الرعية بعضهم مع بعض لا تقوم داخل المجتمع المسلم إلا على أساس الأحكام الشرعية.

إن الأحكام الشرعية قد شرعها ربنا لتنظيم حياتنا وتحديد علاقاتنا حتى نحيا في هذه الحياة الدنيا ضمن دائرة مرضاته تعالى وطاعته، فلا توصف الأحكام بأنها شرعية إلا إذا كانت موصولة بالعقيدة، فقد توجد أحكام ولكنها لا تسمَّى شرعية لعدم إتصالها بالعقيدة والقانون الذي يفرضه الغاشم بقوته وقهره وبطش جنده لا يسمَّى شرعياً لإنقطاعه عن الوحي ولو كان خلف هذا القانون مشايخ السلطان وأتباعه.

إن أخص خصائص الألوهية هي الحاكمية وإنها له وحده عز وجل وهي التي تؤثر في المجتمع قوةً وضعفا، وأن شرعه الذي سنه للناس بمقتضى ألوهيته لهم وعبوديتهم له، وهي التي يجب أن تحكم هذه الارض، وهي التي يجب أن يتحاكم إليها الناس، فالمسألة مسألة إيمان وكفر أو إسلامٍ وجاهلية ولا وسط في هذا الأمر ولا صلح، فالمؤمنون هم الذين يحكمون بما أنزل الله ولا يحرفونَ منه حرفا ولا يبدلونه، والكافرون الظالمون الفاسقون هم الذين لا يحكمون بما أنزل الله.

أما الناس فإما ان يقبلوا من الحكام والقضاة حكم الله وقضائه في أمورهم فهم مؤمنون.... وإلا فما هم بالمؤمنين ولا وسط بين هذا الطريق ولا ذاك ولا حجة ولا معذرةَ ولا إحتجاج بمصلحة، فالله رب الناس يعلم ما يصلح للناس ويضع شرائعه لتحقيق مصالح الناس الحقيقية.... وليس أحسن من حكمه وشريعته حكم او شريعة،وليس لأحد من عباده ان يقول إني أرفض شريعة الله أو أنني أبصر بمصلحة الخلق من الله..... فإن قالها بلسانه او فعلها فقد خرج من نطاق الايمان.

قال الطبري : إن رجلاً من المنافقين اسمه بشر كانت بينه وبين يهودي خصومة في أرض فدعاه اليهودي إلى التحاكم عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان المنافق مبطلا فأبى من ذلـك وقـال : إن محمداً يحيف علينا فلنحكّم كعب ابن الأشرف فنزلت{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ{47} وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ{48} وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ{49} أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{50} إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} النور: 47 - 52.

إن دافع تقوى الله عند المؤمن داخل المجتمع المسلم يجعله يقف عند حدود الله فلا يتجاوزها طاعة له عز وجل وليس خوفا من غاشم... في إطار علاقته مع نفسه وعلاقته مع غيره وعلاقته مع الدولة، وكذلك الامر بالنسبة للدولة فإن علاقتها مع الرعية لا تقوم على أساس القمع والبطش وإنما تقوم على أساس الرعاية والحفظ، فأمير المؤمنين يسوس رعيته لما ينفعهم في الدنيا ويصلح شأنهم، وليدخلوا الجنة في أخراهم وليس كما نرى اليوم من أن مغتصب السلطة الغاشم يأخذ الناس بالبطش والتنكيل ليطيعوه خوفاً ولا يعبأ بهم أدخلوا النار ام دخلوا الجحيم فالمهم عنده أن لا يخرجوا عليه وأن ينقادوا له.

فكان الامر داخل المجتمع الاسلامي يختلف اختلافاً بعيداً عما نراه ونعيشه اليوم فهم كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي رواه عكرمة عن ابن عباس (المسلمونَ تتكافئ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ويرد على أقصاهم ) هذا بالنسبة للأفراد وأما بالنسبة للخليفه فيقول الماوردي ( إن الخلافة موضوعة لخلافة النبوة.... موضوعة لحراسة الدين والدنيا..... وهي نظام واجب بالإجماع، وأول إختصاصٍ للخليفةِ حفظ الشرع، فتعيين الإمام واجب على الجماعة الاسلامية).

إن أمير المؤمنين بوصفه ولي أمر يرعى الشؤون ليوصل من يرعاهم من المسلمين لجنة عرضها السموات والارض وهذه هي السعادة بنيل رضوانه عز وجل – ولا ينصب همه لكي تستقيم له أمور دولته أو تستقر حالته ولا يعنيه أشقيت به الرعية أم سعدت، بل إنه يرعى شؤون حياتهم في الدنيا بأمر الله ونهيه لتستقيم امور آخرتهم، فزجره... لجبرهم في الآخرةِ وليس لعذابهم وقهرهم وإفقارهم في الدنيا.

إن عمل أمير المؤمنين الذي يرعى الشؤون لتحقيق السعادة لرعيته في الدنيا والآخرة، ليس كعمل مدرب فريق الرياضة، فالمدرب ينصب كل همه على أن يفوز فريقه بغض النظر عن كون اللاعبين سعداء أم تعساء في بيوتهم حافظوا أم خالفوا الأحكام الشرعيه صاموا أم لم يصوموا فلا تهمه هذه الامور مطلقا بل إن كل همه أمر واحد هو فوزهم في المباراة وبعد ذلك فلا ضير عنده إن ذهبوا الى الجحيم.

أما أمير المؤمنين الذي هو الراعي الذي يذود عن غنمه ويرعاها ليس لأجل حليبها ولحمها ونتاجها.... بل يرعاها لتستقيم على منهج الله، فإنه يعبد الله برعايتهم وهم يعبدون الله بطاعته.

إن السعادة للمسلم لا تتحقق إلا داخل دولته وفي كنف الخليفة فإنها في الدنيا السعي في طريق طلبها بالتقيد بأمر الله ونهيه وإقامة شرعه والوقوف عند حدوده والرضى بقضاءه والصبر عند البلاء وشكره على نعمه ودوام الدعاء والتضرع له حتى إذا وصلنا إلى الآخرة كان رضاه عنا هو السعادة التي ليس بعدها سعادة وهي النعيم المقيم الدائم الذي لا يزول.

إن هناك فرق بين طلب رضوان الله ونيل رضوانه فالسعادة في الدنيا كذلك غير السعادة في الآخرة.... وهنا لابد أن ندرك أن طلب رضوان الله في الدنيا بالتزام أمره ونهيه هو السير في الطريق الموصلة لرضوانه عز وجل، إذ أن رضوانه لا يناله أحداً إلا عبر هذا الطريق وصدق الله العظيم {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد28، وهذه هي سعادة الدنيا لأن الله جل وعلا قد هدانا للطريق الموصل لنيل رضوانه.

إن رضى المسلم واطمئنان قلبه هو أصل سعادة المؤمن في الدنيا ولا يكون هذا الأمر إلا في كنف أمير المؤمنين فكان العمل لإيجاد الخلفيه طلباً لنيل رضوان الله عز وجل، فلا يهنأ المؤمن ولا يسعد ولا يطمئن قلبه وهو يحكم بغير ما أنزل الله ولا يطمئن قلبه ولا يسعد وهو يرى دماء المسلمين تسيل بسبب وبغير سبب في الصباح والمساء.

ومع الأسف فإن كثيراً من الناس يجهلون طريقها ويخطئون في طلب السعادة من غير أسبابها ووسائلها فيقعون في متاهات كثيرة وتخونهم الأماني فلا يجدونَ ما ينشدون وتتكشف لهم بعد فوات الأوان أنهم كانوا يطلبون الشراب من السراب، ويرجونَ الأمن من متن العباب وبدا لهم أنهم كانوا يحرثون في الماء ويبذرونَ في الهواء

فمن تصور أن السعادة بالمال أو الجاه أو بكثرة الولد أو بالمجد حتى إذا ظفر بما تصوره سعادة لم يكن إلا شقاءَّ أو زيادة أعباء وما أحسَّ لا بهناءة عيش ولا اطمئن له قلب.

ان المؤمن الذي أدرك وآمن أن الجنة قد حفَّت بالمكاره وأن النار قد حُفَّت بالشهوات ليدرك وهو يسير في طريق السعادة لنيل رضوان الله أن المكاره التي تُلمُّ به والأذى الذي يصيبه لا يخرجه عن كونه سعيداً بالطريق التي يترسمها لأنه قد أدرك أن لذة السعادة بإطمئنان قلبه لقضاء الله عز وجل يهوّن عليه هذا الاذى.

الكاتب: جواد عبد المحسن الهشلمون

ليست هناك تعليقات: