الاثنين، 27 يوليو 2009

مسلمو تركستان الشرقية بين مذابح الصينيين ، وإهمال العرب والمسلمين

التركستان الشرقية قضية المسلمين المنسية : إنها مأساة إسلامية غابت عن أذهان كثير من المسلمين وهي ترزح تحت الاستعمار الصيني يستلب خيراتها وثرواتها ويغير معالمها حتى اسمها - "سينكيانغ" أي المستعمرة الجديدة.


وقد عانى التركستانيون الشرقيون معاناة شديدة أثناء الثورة الثقافية التي أقامها ماوتسي تونج، ومما يضاعف مأساتها، التجهيل المتعمد لقضيتها وضعف الدعم العربي والإسلامي لأبنائها.



تركستان الموقع والثروات

تبلغ مساحة التركستان الشرقية 000 640 ميلا مربعا (ستمائة اربعون الف ميلا مربعا) وتشمل حوض جونجاراي وحوضي تاريم وتورفان بين جبال طانري وحوض نهر تاريم الذي ينبع من جبال قرة قورم ويصب في بحيرة قرة بوران ونتيجة لوجود هذا النهر الذي يبلغ طوله 1600 كلم فإن الأراضي المحيطة به خصبة وزراعية والتاي وقومول وهي تعادل خمس المساحة الإجمالية للصين اليوم وثلاثة أضعاف فرنسا أكبر الدول الأوربية مساحة وتزيد عن مساحة المجر بسبعة عشر ضعفا وهي في المرتبة التاسعة عشر من حيث المساحة بين دول العالم وتقع التركستان وسط أسيا وتحدها منغوليا من الشمال الشرقي والصين من الشرق و كازخستان وقيرغيزستان وطاجكستان من الشمال والغرب والتبت وكشمير والهند والباكستان من الجنوب وتضم تركستان بين جنباتها صحراء تكلمكان المعروفة بانها المهد الذهبي للحضارة الانسانية، وتشتهر التركستان الشرقية بثرواتها النفطية والمعدنية المتنوعة ويستخرج منها 118 نوعا من المعادن من أصل 148 نوعا تنجها الصين، وتوجد أكثر من ثلاثين منطقة تنتج البترول فيها أكثر من 8 مليار طن من احتياطي، ويتم نقله كله إلى الصين دون إعطاء شيء منه لصالح أبناء البلاد وتبلغ المساحة الكلية التي يستخرج منها الفحم أكثر من 900 ألف كلم مربع من الفحم، ويبلغ احتياطيه هناك أكثر من 2 تريليون طن وهو نصف احتياطي الصين كلها من الفحم والذهب معروف بمناجمه في تركستان منذ القدم ويتم استخراجه حاليا من 56 منطقة إنتاجها السنوي منه 360 كيلو غراما وبها أيضا مناجم الملح والكريتال ومعادن متنوعة ومناجم للحديد الذي يستخرج من أكثر من 550 موقعا والزراعة في التركستان تمتاز بتوفر الإمكانيات المائية الهائلة وخصوبة التربة وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية الوفيرة الإنتاج أكثر من مائة وخمسين الف كلم مربع تنتهبه الصين فلا تدع للايغور منه شيئا مع أنهم مجبرون على العمل في الأراضي كسخرة وبدون أجور معقولة...



دخول الإسلام تركستان الشرقية

وصل الإسلام إلى تركستان الشرقية في وقت مبكر جدا منذ الفتوحات الكبرى على يد قتيبة بن مسلم الباهلي 88-96 هجرية الذي ما أن فرغ من وصل إلى حدود تركستان وفتح أجزاء ولو كانت محدودة منها، ولكن هذا الاتصال بين تركستان والعالم الإسلامي أثمر عن تحول التركستانيون إلى الإسلام في فترة حكم ستوق بغراخان خاقان الامبراطورية القراخانية عام 323 هــ 943 م، وقد اسلم معه أكثر من مائتي ألف خيمة (عائلة) أي ما يقارب مليون نسمة تقريبا وقد ضربت النقود باسم هارون بوغراخان حفيد ستوق بغراخان ووسع رقعة مملكته فشملت أجزاء من التركستان الغربية كما أرتقت البلاد في عهده في النواحي الحضارية المختلفة وكتبت اللغة التركستانية باللهجة الايغورية لأول مرة بالحرف العربي وكانت أوقاف المدارس تشكل خمس الأرض الزراعية وقد تلقب هارون بن موسى هذا بلقب شهاب الدولة وظهير الدعوة ونقش هذا اللقب على النقود التي سكت في عهده سنة 332 هـ - 992 م ولعب القراخانيون المسلمون هؤلاء دورا هاما في نشر الإسلام بين القبائل غير المسلمة ففي سنة 435 هـ 1043 م استطاعوا استمالة أكثر من عشرة آلاف خيمة من خيام القرغيز إلى الإسلام أي ما يقارب خمسين ألف نسمة، واظهروا الخضوع للخليفة العباسي وضربوا العملة باسم الخليفة القادر ودعوا له على منابر بلادهم وعرفت قبائل القرلوق وهم قبائل تركمانية بأنهم كانوا من أوائل القبائل التركستانية الشرقية في الدخول إلى الإسلام ومع ذلك فقد كانت أجزاء أخرى من البلاد لا تزال في الوثنية تحارب الدعوة الإسلامية وتناصبها العداء بدعم من الصينيين ومن أشهر تلك القبائل الكورخانيون (الدولة الكورخانية) ويسمون أيضا الخطل أو القراخطائيون وكان من ابرز زعماء المسلمين الذين تصدوا لهذه القبائل التركية غير المسلمة السلطان علاء الدين محمد الخوارزمي الذي انتصر عليهم في بعض المعارك ومن اشهر المعارك الفاصلة بين الاتراك المسلمين وغيرا لمسلمين موقعة "تراز"- الواقعة الآن في جنوب كزاخستان، وهي المدينة التي انتصر على أبوابها القائد المسلم زياد بن صالح 134 هـ 751 م وساندت الإمبراطورية الصينية الأتراك غير المسلمين بجحافل من القوات الصينية غير أن هزيمتهم وقتل أكثر من خمسين ألف صيني واسر أكثر من عشرين إلفا منهم انهي التدخل الصيني بين القبائل التركية، ولكن بقي العداء تجاه مسلمي تركستان كامنا في قلوب قادة الإمبراطورية الصينية.




سقوط تركستان تحت الحكم الصيني

ظلت تركستان موطنا للأتراك الشرقيون المسلمون، دولة مستقلة لعدة عصور يشهد التاريخ بأنها تم غزوها من قبل الصين واستعمرت بواسطة قوات الإمبراطور عام 1759 م وخلال السنوات التي تلت ذلك قاوم وطنيوا التركستان الاحتلال، وانتفضوا في عدة مناسبات ضد المحتلين وفي سنة 1864 م استطاع الإيغور طرد الصينيين المانشو من تركستان وأقاموا حكومة مستقلة استمرت لعقدين من الزمان وأقامت علاقات دبلوماسية مع الإمبراطورية العثمانية وروسيا وبريطانيا.ولكن الإمبراطورية الصينية استطاعت السيطرة مرة أخرى على تركستان الشرقية في مطلع عام 1880 م معلنة في 18 نوفمبر 1884م أن تركستان الشرقية هي المقاطعة التاسعة عشر للصين وكان ذلك في أوج النصر الإمبراطوري الصيني وأعطاها "تسو تسونج " رسميا الإسم الصيني لها وهو سنكيانج وتنطق اليوم شنج جانوهذا الاسم الجديد معناه الحدود الجديدة او الارض الجديدة في الصين واستمرت مقاومة مواطني تركستان الشرقية. وفي عام 1933 م تواصل جهاد المسلمون لبعث وإحياء دولة التركستان الشرقية و في عام 1944 م نجح نضال المسلمون وحصلوا على الاستقلال واستمر ذلك حتى عام 1949م حينما تحالفت جيوش الروس مع الصينيين واستطاعوا الإطاحة بهذه الحكومة وشددت الصين بعد ذلك قبضتها على تركستان ومنذ ذلك الحين أصبحت تركستان الشرقية سجنا كبيرا لأبنائها وبدأت تنتهك حقوق الإنسان للتركستانيين، بالاعتقال والتعذيب والقتل راح ضحيتها مئات الألوف من الأبرياء الذين تحدوا السلطات الصينية فتم إعدامهم واستطاع الكثير منهم الفرار إلى الدول المجاورة ولكن مئات الألوف من الأسر والنساء والصبيان تم إرسالهم إلى معسكرات الأشغال الشاقة ولتحقيق السيطرة الصينية التامة على البلاد فقد تم إجبارهم على الالتزام بقوانين ظالمة وأجبرت العائلات على تنظيم الإنجاب والقوانين الاقتصادية الجائرة ومن ثم انتقلت الحكومة الصينية من مرحلة ما بعد الاحتلال إلى مرحلة الاستيعاب الكامل للبلاد ففي السنوات التي تلت ذلك قامت بنقل ملايين من ذوي الاثنية الصينية إلى تركستان الشرقية بهدف تحقيق أمر واقع في الديموغرافية السكانية




نماذج لانتهاكات الصين لحقوق المسلمين الإيغور في تركستان الشرقية

1. الاعتقال والإعدام الجماعي : تعتبر تركستان الشرقية التي تسمى من قبل السلطات الشيوعية الصينية منطقة سنكيانغ الإيغورية ذات الحكم الذاتي المنطقة الوحيدة التي تنفذ فيها أحكام الإعدام ضمن حدود الصين وذلك انه ومنذ أحداث الطلبة في بكين في 4 يونيو حزيران عام 1989 م. ولذلك أصدرت منظمة العفو الدولية في أوائل عام 1999 م تقريرا في 92 صفحة عن انتهاكات السلطات الشيوعية الصينية لحقوق الإنسان في تركستان الشرقية. وقد أدانت المنظمة بشدة عمليات القمع والمذابح التي ارتكبتها السلطات الصينية المحتلة بحق الإيغور. وكذلك أدان التقرير السنوي التي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم في القسم الخاص عن الوضع في الصين انتهاكات حقوق الإنسان في تركستان الشرقية. كما أصدرت جمعية الشعوب المهددة التي تتخذ من ألمانيا مقرا لها تقريرا خاصا بخصوص الإيغور أدانت فيه انتهاكات حقوقهم من قبل السلطات الشيوعية الصينية و قد اعتقل أكثر من 10 آلاف أيغوري في تركستان الشرقية خلال الفترة من أوائل عام 2000 م : مارس 2001 م. وكانت التهم الموجهة إليهم : [ الانفصالية، القومية، والنشاط الديني غير القانوني، والإرهاب ]. وحوكم ألف شخص منهم تقريبا أمام المحاكم الصينية حيث أدينوا وحكم عليهم بأحكام متفاوتة من الإعدام والسجن المؤبد والسجن لمدد مختلفة..

2. انتهاك حرمة الدين والمقدسات : بعد الزيارة التي قام بها إلى تركستان الشرقية رئيس الحزب الشيوعي الصيني جانغ زيمين في شهر تموز يوليو عام 1998 م وأعطى خلالها توجيهات صارمة إلى المسؤلين المحليين بشأن حظر النشاطات الدينية. وقامت السلطات الشيوعية بالتضييق على الإيغور من الناحية الدينية وذلك بإنشاء مراكز للمراقبة والتنظيم يتم من خلالها الإشراف المباشر على المساجد وعلماء الدين والتحقيق مع الإيغور الذين يترددون على المساجد للصلاة واعتقالهم بتهمة "العمل الديني المحظور" وفرض غرامات مالية عليهم بقصد إبعادهم عن المساجد. كما قامت بهدم بعض المساجد وتحويلها إلى مراكز حكومية ومنع الايغور من أداء شعائرهم الدينية العادية، وعلى الرغم من عدم وجود أية مادة في دستور الصين الأساسي ودستور الحكم الذاتي تمنع الموظفين والعاملين في الدوائر الحكومية من أداء شعائرهم الدينية إلا أن السلطات تحظر على الموظفين وحتى العاملين العاديين ممن لا ينتمون للحزب الشيوعي القيام بأية نشاطات دينية، وحسب ما نشرته صحيفة "خوتان" الصادرة من قبل الحزب الشيوعي في 30 / 10 / 99 م فقد طردت هورنسا محمد ترسون الطبيبة في المستشفي البيطري في بلدة تشيرا بمنطقة خوتان عن عملها بسبب قيامها بأداء الصلاة مرة أو مرتين فقط وذلك بتهمة "القيام بنشاط ديني محظور" و تولت مديرية الأمن التحقيق معها.

3. تغيير التوزيعة الديمغرافية وإحلال قوميات أخرى محل القومية المسلمة وفوق أراضيها، وكان عدد الاقليات العرقية المختلفة في التركستان الشرقية عند احتلالها من قبل الجيوش الصينية عام 1949 م لا يتجاوز ستمائة ألف نسمة من الصينيين والمنشوريون والشيوه والمغول فكانوا لايشكلون أكثر من نسبة 6% من السكان، يستهدف إسكان ما يزيد عن 200 مليون صيني بالتركستان الشرقية كما صرح به أمين عام الحزب الشيوعي السابق هيو ياو بانج وإذا كان عدد الإيغور سكان تركستان الشرقية اليوم في حدود 12 مليون إلى 16 مليون حسب بعض التقديرات حيث هرب الكثير من التركستانيون بدينهم إلى الخارج بعد أن ازداد اعلان الحرب على الاسلام شراسة وقسوة على المسلمين فان مجموع الايغور هؤلاء سيصبح لا يساوي شيئا أمام مئات الملايين التي تخطط الصين لإسكانهم في المنطقة وبذلك يحدث التغيير الديموغرافي الذي لايمكن تغييره حتى ولو نجح التركستانيون يوما في حربهم ضد الاحتلال الصيني ووجب أن يذكر أن عدد الصينيين في تركستان قد تجاوز بالفعل الستة ملايين نسمة منذ عام 1992 م – مما يعني أن قضية تركستان حلها أصعب آلالاف المرات من حل القضية الفلسطينية، وتحتاج إلى دعم إسلامي منقطع النظير حتى ينال المسلمون حقوقهم.

4. الاستيلاء على ثروات البلاد ونهبها بل وإفساد بيئتها وقد أجرت الصين حتى الآن 48 تجربة نووية في تركستان الشرقية. وقد أدت هذه التجارب إلى تلوث البيئة وإصابة مئات الآلاف من الايغور بأمراض وبائية.





لماذا تحدث الاشتباكات بين القوميات المختلفة في الصين

هناك سياسة واحدة للدول الاستعمارية والتي تأمل في أن تنهي أي تمرد في مستعمارتها، وإحالتها إلى أجزاء خاضعة بشكل تام ثم تتحول تدريجيا إلى مدن خاصة للمستعمر – تقوم هذه السياسة على جناحين :

1. التهجير ونقل القوميات وتشيتيتهم بحيث ينقل كل من يسبب مشكلات والعناصر الوطنية والمؤثرة إلى أراضي غير أراضيهم، ليعانوا من الغربة والحاجة، والضعف بعيدا عن الوطن الأصيل، ولنموذج الروسي واضح في ذلك حيث تم تهجير ملايين المسلمين من بلدانهم إلى سيبريا، وغيرها، وفي المرحلة الثانية يتم نقل عدد كبير منهم إلى إلي مدن ومقاطعات بين عن مدنهم الأصلية ويمثلون فيها أقلية والناظر لما آل عليه الوضع في أسيا الوسطى يرى دليلا واضحا على ذلك حيث صارت دولها هيجنا بين أصحابها الأصليين والقوميات التي زرعها المحتل بين أراضيها.

2. التوطين لقومية المستعمر مكان الشعوب المهجرة تمهيدا لإذابة القومية المحتلة [ مهجرة، أو مقيمة ] في قومية المحتل وعاداته وتقاليده وسلوكه.وتضرب قومية [المانشورية ] المثل الواضح في ذلك، فهي التي حكمت الصين قرونا عديدة قد تحولت إلى قومية ليس لها في الواقع إلا اسمها، وذلك أنها قد تماشت مع الثقافة الصينية، وأضاعت هويتها القومية منذ زمن بعيد، ولو عاشت هذه القومية في مانشوريا، متعلقة بثقافتها وعاداتها الموروثة عن أجدادها، ولم تتفرق في أنحاء الصين لاستطاعت المحافظة على كيانها القومي كالتبتيين والتركستانيين.
والواقع في الصين يشهد أن :المناطق التي لم تتعرض للاستيطان إلا بقدر محدود ؛ المشاعر الدينية والقومية فيها أقوى وأشد بكثير عما هو عليه في المناطق التي يستوطن فيها الصينيون بكثرة.

والفارق كبير في المشاعر الدينية والوطنية بين المناطق التي يستوطن فيها الصينيون بكثرة وبين المناطق التي لا يستوطن فيها إلا عدد محدود من الصينيين في تركستان الشرقية. فمثلا: إذا نظرنا إلى الوضع في مدينة اورومتشي وهي من إحدى أكبر المدن التي يستوطن فيها المستوطنون الصينيون بكثرة نجد أن الثقافة والتقاليد الصينية بدأت تغلب على الكثير من الايغور حيث أن بعضا من الشباب الايغور أصبحوا يرون لبس الملابس الوطنية عارا ورمزا للرجعية والتخلف، ويشمئزون من الايغور الذين يأتون من المناطق الجنوبية في تركستان الشرقية للتجارة في المدينة، ويرتاحون أكثر في التعامل مع الصينيين المتحضرين، وكذلك لا يمكن التمييز بين بعض من الفتيات الايغوريات والصينيات بسبب التشابه في المكياج والملابس، وهذه دلائل حية وخطيرة على سياسة التذويب الإجتماعي، وعلى العكس من ذلك نجد أن الوضع يختلف تماما في المناطق التي يوجد بها عدد قليل من المستوطنين الصينيين كمناطق كاشغر وخوتان حيث أنه يمكن معرفة مدى قوة المشاعر الدينية والقومية في هذه المناطق من تركستان الشرقية.

ومع استمرار سياسة التهجير، والإحلال وإدخال قوميات أخرى لمدن المسلمين في تركستان بدأت الحكومة الصينة تستغل أي خلاف ولو بسيط ينشا بين هذه القوميات المختلفة لتصوير المسلمين الإيغور وكأنهم سفاحون ومصاصوا دماء وإرهابيون وتسعى جاهدة لاستغلال الاحداث في زيادة الضغط على المسلمين وتقوم بمناصرة القوميات الأخرى بعنف بالغ والأحداث الأخيرة شاهدة على ذلك، وقد شعرت المنظمات والجماعات الايغورية في الخارج بهذا الخطر منذ زمن بعيد ولذلك قامت باتخاذ خطوات إيجابية بهذا الشأن، فقد أدرجت كافة المنظمات الايغورية في أنظمتها الأساسية مايلى: "إن عدو الشعب الايغورى ليس الصينيين عموما بل عدوهم الوحيد هو سلطات الاحتلال الشيوعية الصينية ولذلك يتم التعاون مع كافة الجهات الديمقراطية الصينية التي تحترم حق شعب تركستان الشرقية في تقرير مصيره بنفسه.

وفي الواقع فان السلطات الصينية ومن أجل تحويل المستوطنين الصينيين في تركستان الشرقية إلى قوة احتياطية لها تقوم بالدعاية المضلة لشأن وأهداف الحركات الوطنية وذلك برفع شأن من يلقي من الصينيين مصرعه أثناء بعض الاشتباكات والاضطرابات القومية في تركستان الشرقية والتحريض على العداوة بين المستوطنين والسكان المحليين.

وإذا ضربنا مثالا على ذلك بثورة غولجا عام 1997 م فقد قتل أثناءها أكثر من مائة ايغورى وقامت السلطات بعمل محاكمات وأصدرت عددا من أحكام الإعدام بحق الإيغور، ولم تذكر السلطات الصينية ولو مرة في بياناتها الداخلية أو الخارجية شيئا بشأن الايغور الذين لقوا حتفهم أثناء ثورة غولجا بل على عكس ذلك تماما فقد قامت بخداع المواطنين الصينيين والرأي العالمي بالإدعاء بأن المئات من المواطنين الصينيين قتلوا بوحشية من قبل القوى القومية الانفصالية الإيغورية بينما قتل من الإيغور عشرات الأضعاف، ولا بواكي لهم.

ففي كتاب "تاريخ كفاح سنجيانغ ضد القوى الانفصالية القومية" الذي نشر العام الماضي من قبل مكتب الدراسات الأكاديمية التابعة للحزب الشيوعي في إقليم سنجيانغ ذات الحكم الذاتي ووزع سرا داخل الحكومة المحلية قدر عدد الصينيين الذين قتلوا أثناء ثورة غولجا بسبعة أشخاص في حين قدرت وسائل الإعلام العالمية عدد القتلى الايغور في هذه الحادثة حوالي 400 شخص ومع ذلك اتهم المسلمون بأنهم السفاحون القتلة فقد أصبحت الآن حوادث العنف الجماعية التي ينفذها المستوطنون والجنود معا ضد الايغوريين بتحريض من السلطات في ظلمات الليالي في منطقة غولجا ظاهرة عامة حيث أنه وبدلا من التحقيق أو القبض على المسؤلين عن مثل هذه الحوادث تقوم السلطات الصينية بالتحقيق أو إلقاء القبض على الإيغور الذين دافعوا عن أنفسهم وذلك بتهمة "الانفصالية".


وماذا بعد

مما مر نعرف أن القضية التركستانية ليست مجرد قضية أقلية سكانية في بلد كبير بل هي قضية بلد نهب وسرق من أصحابه الأصليين، وتم الاستيلاء على ثرواته ومسخ هويته، ومنع لغتهم الأصلية، والاستهانة بمشاعرهم الدينية واتهامهم بالإرهاب خصوصا بعد أحداث سبتمبر 2001 م فقد وجدت الصين غطاء دوليا على جرائمها في حق المسلمين بحجة مكافحة الإرهاب الإسلامي، وإسكان أرضه لغير أصحابها حتى أصبح أصحابها أقلية فيها، وتعريض أصحابها لكافة أنواع التنكيل والهوان، والتعذيب رغية دفعهم للفرار من أرضهم، أو الذوبان في شخصية المحتل، وتشبيه قضية المسلمين في تركستان بقضية المسلمين في فلسطين هو أقرب المثل للدلالة على صعوبة الوضع هناك وإن كان الوضع في تركستان أصعب بنسبة كبيرة مع ضعف الدعم العربي والإسلامي لقضيتهم وتخيل إذا كانت إحدى الدول العربية والإسلامية الكبرى وهي مصر تعجز عن فتح معبر هو شريان الحياة لعبور الطعام والوقود لإخوانهم في فلسطين فهل نتصور منهم دعما لتركستان البعيدة عنهم، والتي ربما لا يعرف ساستهم اسمها فض عن معرفة موقعها ومكانها، ويبقى أن بقاء القضية حية هو بحيوية أبنائها ودفاعهم عنها، ومازالت الشيشان حية في الوجدان الإسلامي ببطولات أبنائها، والإيغور ليس أقل بطولة من الشيشان، ويبقى دور العلماء والحركات الإسلامية، والشعوب الحية التعريف بالقضية، وتقديم كل دعم ممكن لأهلها حتى يأذن الله بقتح من عنده، ولعل في مستقبل الأيام ما يعجل بذلك.


محمد سيد قطب
أوزبكستان المسلمة
تاريخ النشر :17 يوليو, 2009 م