‏إظهار الرسائل ذات التسميات المرأة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المرأة. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 29 يوليو 2013

جلنار زوجة قطز


بسم الله الرحمن الرحيم 


جلنار زوجة قطز

لا تقل واحبيبتاه.. ولكن قل: وا إسلاماه.. فصة العظيمة جلنار...زوجة العظيم السلطان محمود قطز 
..............
تحدثنا عن السلطان المسلم محمود المشهور بلقب قطز -بطل المعركة الحاسمة- عين جالوت التي انقذت امة الاسلام من خطر الابادة على يد التتار اشرس من عرفت تلك العصور مرارا.. ...وقلنا مرارا ان انه ليس صحيحا قول بعض المهزومين- او غير الواعين- فكريا، بان من المستحيل ظهور امثال عمر ين الخطاب من جديد...فالصواب هو ان عمر بن الخطاب ، ليس سوى ثمرة من ثمار شجرة الاسلام، التي تؤتي اكلها كل حين باذن ربها!!!!!ا
فمن اراد ان يصنع ابن خطاب اويكون كابن الخطاب فعليه الالتزام بفكرالاسلام كما التزم به العظيم عمر بن الخطاب،فعمر وخالد وابو عبيدة، والاف غيرهم لم يكونوا شيئا قبل الاسلام ، وعندما التزموا بالاسلام صاروا من اعظم العظماء، فالاسلام الذي صنع ابن الخطاب،هو نفسه من صنع العظماء من بعده كصلاح الدين ويوسف بن تاشفين، وكما صنع محمود بن سبكستين والسلطان محمود قطز ....وسيصنع من جديد آخرين.
وما قلناه عن شجرة الاسلام واثمارها لعظماء الرجال في كل حين، نقوله ايضا عن النساء، فسمية ام عمار ونسيبة ام عمارة والخنساء وكل العظيمات من الصحابيات هن ثمرات لشجرة الاسلام ، ولولا ايمانهن بعقيدة الاسلام والتزامهن بفكر الاسلام، لما كنّ اكثر من اعرابيات كملايين الاعرابيات اللواتي دخلن من باب الحياة ،وخرجن من الباب الاخر دون ان يشعر بهن احد، او يتركن اي بصمة من البصمات على صفحات التاريخ!!!!ا
ومن عظيمات النساء اللواتي صنعهن الاسلام-اي اثمرتهن شجرةالاسلام- بعد مئات السنين من زمن الصحابيات : العظيمة المشهورة بلقب جلنار-حب الرمان- زوجة السلطان قطز!!ا
وجلنار -واسمها الحقيقي جهاد- هي ابنة جلال الدين بن خوارزم شاه، وزوجة بطل معركة عين جالوت سيف الدين قطز وابنة عمه..

وقد عاشت جلنار حياةً عصيبة مليئةً بالأخطار والمواقف الحرجة، وتجاوزت كل مراحلها بصبر وعزة وثبات وإباء، لتواصل حتى النهاية الخالدة المؤثرة التي تركت بصمتها على صفحات التاريخ... ليحدثنا عنها باعظم فخار.
فقد فتحت جلنارعيناها على الحياة ،وحال الامة مزري كحالها هذه الايام او اسوا،فقد كان العالم الاسلامي انذاك يتعرض لحملات ابادة من قبل الصليبين والتتار ، وتحكمه طغمة حكام طغاة انذال اشبه ما يكونون بحكام بلاد الاسلام هذه الايام فهم اساد على الامة فئران امام الاعداء وعبيد لهم ومطايا وعملاء.

 وقد ترعرعت جلنار في جو الحرب والقتال، وعانت التشرد والأسفار هرباً من المغول، وطلباً للنجاة من اجرامهم الذي لم يكن يوفر امراة او طفلا او شيا كبيرا بل ان كالجراد او كالنار يلتهم كل ما يصادقه او يقف في طريقه.
وكان من اسوا ما تعرضت له انها تحولت من ابنة ملوك الى مجرد رقيقة اي جارية، حيث بيعت في سوق الرقيق كالمتاع مع أنها ابنة ملك كبير كُتبت عليه الهزيمة أمام التتار ليعاني هو وعائلته أشد المعاناة ..
وقد فرقت الأيام بينها وبين ابن عمها حيث عاش كل منهما في بيت أحد التجار أعواماً طويلة..ثم شاء الله تعالى أن يلتقيا في قصر الصالح نجم الدين أيوب عند زوجته شجرة الدر.

وفي قصر شجرة الدر عانت جلنار من العيش قي اجواءالفتن والمؤامرات ، لكن كل هذا لم يزدها الا صبرا وايمانا بقضاء الله وقدره،وأن الله لا بد ان يجعل لها من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا .
وسارت الايام وشاء الله ان تلتقي بابن عمها في ذلك القصر، ويهيئ الله تعالى لهما الزواج، ثم يهيئ لمحمود (قطز) مُلك مصر ومحاربة التتار..

وحصلت موقعة عين جالوت الشهيرة الحاسمة ، واوشك النصر ان يكون لامة الاسلام على امة الوحوش، وعندها حاولت مجموعة من التتار اغتيال قطز لعلهم يغرون من نتيجة المعركة في الوقت الضائع او في اخر اللحظات كما في مباريات كرة القدم .لكن البطل قطز نجح في قتل ثلاثة من مهاجميه ،وكاد فارس تتري رابع ان ينجح في طعن قطز من الخلف، فاذا به يفاجأ بفارس ملثم يضربه بالسيف فيرديه صريعاً، بعد أن تلقى منه ضربة قاتلة.. وما كان ذلك الفارس الملثم إلا جلنار زوجة القائد العظيم قطز.. جاءت إلى المعركة لتفديه بنفسها وتنقذه من القتل ليظل قائداً للمسلمين يقودهم نحو النصر النهائي على التتار الذين ارتكبوا بحق المسلمين من الفظائع ما لا يحيط به الوصف .

ومن شدة تاثره على زوجته الحبيبة انكب القائد على زوجته وهي تجود بروحها في سبيل الله صارخا : واحبيبتاه.. فتقول له: مه.. لا تقل واحبيبتاه.. ولكن قل: وا إسلاماه.. 
الله أكبر ..والله كلا قرات هذه العبارة الخالدة اقشعر لها بدني !!!ا

ما اعظمها من كلمة ينهي بها المرء حياته ..اي وهو في آخر رمق .. نعم .. وا إسلاماه .. فمن أجل نشره وإعلاء رايته نقاتل.. لا من أجل دنيا أو امرأة أو متاع زائل.. قل: وا إسلاماه .. وارفع بها صوتك عالياً ..
ونهض قطز-بعد سماع الامر- وجعل يصرخ في المسلمين.. وا إسلاماه.. صرخة مدوية زلزلت المكان، وجعلت المسلمين يهتزون ويشعرون بالقوة والعزة فينهضون لقتال أعدائهم بهمة ونشاط..
وينهزم التتار شر هزيمة، ويتبع المسلمون فلولهم حتى تتم إبادتهم والقضاء على شرورهم وأخطارهم إلى الأبد..
وتظل ذكرى جلنار عالقة في الأذهان، في صفحة تاريخية ناصعة مشرقة... تُبرز عظمة الفداء والوفاء، وتُظهر أروع صور التضحية النسائية المجيدة في تاريخ أمتنا الحافل بالصور العظيمة المشرقة ..
هكذا فلتكن النساء.. صبر على المعاناة، ورضا بالقضاء والقدر، واستعلاء على الألم، وتضحية في سبيل الله، ورعاية لحقوق الزوج الصالح، وافتداؤه بالنفس والروح..

صورةٌ نضعها بين يدي اخواتنا وبناتنا لعل البعض ممن فيهن الخير يجعلن من جلنار المثل الاعلى وليس من ليس والهام وشاهين وما شابه .. فبامثال ام عمارة وسمية ام عمار والخنساء وصلت الامة عنان السماء وبامثال لميس واردوغان الخسيس، انحطت الامة لى الدرك الاسفل !!!فهل من ذات عقل دين تؤثر فيها قصة جلنار ..فلعل وعسى ان يكتب لامتنا 
النهوض من جديد ...واستعادة الكرامة و العزة لامة الاسلام بعد ان افتقدناها منذ امد بعيد ؟؟؟!!

المصدر: مدونة قانتات

الأربعاء، 13 فبراير 2013

المرأة بين أعلى درجات الرفعة في الإسلام وبين أسفل دركات الرأسمالية والأنظمة الوضعية




بسم الله الرحمن الرحيم


سعيد الأسعد – فلسطين


تخرج علينا بين الفينة والأخرى بعض الأقلام المسمومة والأصوات المأجورة للغرب الحاقد على الإسلام كحضارة تعطي المرأة حق قدرها لتنال تلك الأقلام والأصوات من رعاية الإسلام وحفظه للمرأة وتكريمه لها. وتحت عنوان : «المرأة في فلسطين معنَّفة: ضرب وإهانة وجنس بالإكراه وحرمان من الميراث» نشرت وكالة معاً الإخبارية تقريراً بتاريخ 25/6/2012م عن برنامج في لقاء حول هذه القضايا بما يشير إلى درجة الوحشية التي تعيشها المرأة في ظل أنظمة وضعية لا تراعي أدنى حقوق الإنسانية للمرأة، ولكن البرامج هذه فاتها ذكر الأسباب والمسببات، فلم تتطرق لتشخيص الداء على حقيقته، ولم تبين أن سبب أي حال متردٍّ هو سيطرة الأنظمة الوضعية والتي هي من ترقيعات المبدأ الرأسمالي المفروض على الناس، والذي لا ينظر إلى المرأة أكثر من كونها سلعة تستغل استغلالاً قذراً، تلك النظرة الجائرة المبنية على استحقار المرأة والحط من قدرها... وهذه البحوث لم تتطرق إلى تشريعات الإسلام، ولا إلى تاريخ حكمه وتقديره للمرأة، وكيف أنه اعتبرهاأماً وربة بيت وعرضاً يجب أن يصان؛ فالإسلام وحده هو الذي حفظ المرأة واعتبرها عرضاً، وجعل ذلك هدفاً من الأهداف العليا لصيانة المجتمع.
الدعاوى الكاذبة والخاطئة والمتربصة بالإسلام والمرأة:


إن الدعوات إلى تحرير المرأة في بلاد المسلمين وإعطائها كامل حريتها وحقوقها وتحويلها كما المرأة في الغرب ما هي إلا دعوات لأهانتها واستعبادها واستحقارها على كافة الصعد أسرياً ومجتمعياً، في الحالة الفردية وضمن الجماعة، وما قضية حقوق المرأة إلا دعوى لكشف سترها وإبعادها عن أحكام الإسلام وتوجيهاته. 
وللرد على هذه الأصوات وبيان حقيقة الأمر والفرق بين سمو أحكام الإسلام ورفعه للمرأة وبين امتهانها وإذلالها وإهلاكها كما في المبادئ الوضعية وما يدعو لها هؤلاء نعرض ما يلي:
رعاية الإسلام للمرأة وهي بنت:


لقد رعى الإسلام المرأة وأعطاها قدرها من المهد، فكانت وصية غالية وأمانة عظيمة، وقد وعدهم الله الجنة ونعيمها إن أحسن الأهل رعايتها وأدَّوا أمانة الله في حقها، فعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من عال ثلاث بنات يكفيهن ويرحمهن ويرفق بهن فهو في الجنة أو قال: معي في الجنة». وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وسرائهن وضرائهن أدخله الجنة بفضل رحمته إياهن: قال رجل: وابنتان؟ قال: وابنتان، قال رجل: وواحدة؟ قال: وواحدة». [المصنف كتاب الأدب]. وهذه ميزة للبنت حرص الإسلام عليها كل الحرص -بعدل معالجاته واستقامة أحكامه- مقارنة بما كانت عليه في الجاهلية، فكان رحمة ما بعدها رحمة، وهو ما زال على وصيته وصدق معالجاته في ظل جاهلية ظهر فيها المبدأ الرأسمالي الذي أطلق الحريات الغرائزية البهيميةمما أتاح إطلاق مزيد من الاعتداء والقتل في حق الأطفال من البنات في اعتداءات جنسية يشيب منها الولدان وتشمئز منها جاهلية الأولين من الناس. ما يشير بشكل واضح قاطع إلى مدى حاجة العالم أجمع إلى تشريعات الإسلام واستقامة أحكامه وتطبيق نظامه ،الأمر الذي يوجب على الحقوقيين وكل اللجان التي تدعي الحرص على المرأة وتدعو لحفظ كرامتها أن يحملوا دعوة الإسلام وأن يستنفروا لتطبيقها.


رعاية الإسلام للمرأة وهي شابة راشدة:
لقد ضمن الإسلام للمرأة وهي شابة حقها في العمل بما يمنع استغلال أنوثتها وأحاطها بالحفظ والاحترام؛ فحرَّم عليها أن تعمل عملاً تأكل من خلاله بأنوثتها، بل اعتبرها درة كريمة مصانة لا تحلُّ لغيرها إلا بكلمة الله ووفق أحكامه، وتزف لبيت الزوجية بشكل راقٍ مهيب لتصبح هناك ربة بيت وأماً وعرضاً يحرس ويصان ويفتدى بالنفس، ولتشكل ركناً إلى جانب الرجل لتأسيس عائلة محترمة ومستقرة... وهذا ما يفتقده الغرب كل الافتقاد، حيث نرى بشكل عام كيف أن الأسر مفكَّكة، ونكاد لا نجد شابة عذراء، وإذا ما وجدت فهي تخفي نفسها حتى لا تتهم بأنها معقَّدة...وحيث تستغل أنوثتها أبشع استغلال لجني المال.


الإسلام جعل للمرأة الحق في إبداء الرأي ومحاسبة رأس الدولة: 
ومن ذلك أن امرأة حجَّت عمر بن الخطاب في تقدير المهور حتى قال مقالته العابرة للأجيال: «أخطأ عمر وأصابت امرأة» 
فهذا سيدنا عمر، وهو خليفة وله منصبه وعلمه وقوة شخصيته التي تهابها الرجال، يستمع لامرأة وينصاع لفهمها في تقدير المهور ويقدمه على فهمه لما رأى فيه من وجاهة وقوة حجة بغض النظر عمن تكون هذه المرأة. 
المرأة هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم:


لقد كانت المرأة (ولازالت) وصية نبيـِّنا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فعن سليمان ابن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ.... أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِى كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» سنن ابن ماجة. وقوله: «إن النساء شقائق الرجال». وعن أنس بن مالك قال: كان البراء بن مالك رجلاً حسن الصوت فكان يرجز برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا هو يرجز برسول الله في بعض أسفاره إذ قارب النساء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك والقوارير، إياك والقوارير». فأيُّ رفق وأي تلطُّف ووصاية هذه، فقد استحال نظيرها في الأمم وفي العالمين. فعندما جاء الإسلام أبطل كل ما كان عليه العرب والعجم من حرمان النساء من التملك أو التضييق عليهن في التصرف بما يملكن، واستبداد الأزواج بأموال زوجاتهم، فأثبت لهن حق الملك بأنواعه والتصرف بأنواعه المشروعة، فشرع الوصية والإرث لهن كالرجال، وزادهن ما فرض لهن على الرجال من مهر الزوجية والنفقة على المرأة وعلى أولادها وإن كانت غنية، وأعطاهن حق البيع والشراء والإجارة والهبة والصدقة وغير ذلك. ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها بالتقاضي وغيره من الأعمال، وفي المقابل نرى أن المرأة الفرنسية لا تزال إلى يومنا هذا مقيدة بإرادة زوجها في جميع التصرفات المالية والعقود القضائية.


ومما يجدر ذكره أن الإسلام حين كانت دولته تحكم العالم وتسود فيه مثل هذه الأحكام وتعطى المرأة تلك المنزلة كان الإفرنج يعدون المرأة من الحيوان الأعجم أو من الشياطين لا من نوع الإنسان، وبعضهم يشك في ذلك، فجاء الإسلام وفيه قول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وقوله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) وما في معناهما، وكان بعض البشر في أوروبا وغيرها يرون أن المرأة لا يصح أن يكون لها دين، حتى كانوا يحرمون عليها قراءة الكتب المقدسة رسمياً، فجاء الإسلام ليخاطب الرجال والنساء معاً بالتكاليف الدينية بلقب المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات. وكان أول من آمن بمحمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم امرأة، وهي زوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وقد ذكر الله تعالى مبايعته صلى الله عليه وسلم للنساء في نص القرآن ثم مبايعته للرجال بما جاء في بيعة النساء. ولما جمع القرآن في مصحف واحد جمعاً رسمياً وضع عند امرأة هي حفصة أم المؤمنين، وظل عندها من عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق إلى عهد الخليفة الثالث عثمان - رضي الله عن الخلفاء الراشدين أجمعين - فأُخذ من عندها واعتُمد عليه في نسخ المصاحف الرسمية التي كتبت وأرسلت إلى الأمصار لأجل النسخ عنها والاعتماد عليها.


وكان بعض البشر يزعمون أن المرأة ليس لها روح خالدة؛ لذلك لا تكون مع الرجال المؤمنين في جنة النعيم في الآخرة - وهذا الزعم أصل لعدم تدينها - فنزل القرآن الكريم ليقول: ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ) ويقول سبحانه: ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) وفيها الوعد الصريح بدخول الفريقين جنات تجري من تحتها الأنهار.
وكان بعض البشر يحتقرون المرأة فلا يعدونها أهلا للاشتراك مع الرجال في المعابد الدينية والمحافل الأدبية، ولا في غيرهما من الأمور الاجتماعية والسياسية والإرشادات الإصلاحية، فنزل القرآن يصارحهم بقوله تعالى: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وقد عين عمر بن الخطاب الشفاء وهي امرأة قاضية للحسبة.


وكان بعض البشر يحرِمون النساء من حق الميراث وغيره من التملك، وبعضهم يضيق عليهن حق التصرف فيما يملكن، فأبطل الإسلام هذا الظلم وأثبت لهن حق التملك والتصرف بأنفسهن في دائرة الشرع، قال الله تعالى: ( لرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) وقال سبحانه: ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْن) ونحن نرى أن دولة الولايات المتحدة الأميركية لم تمنح النساء حق التملك والتصرف إلا من عهد قريب في عصرنا هذا فيما يشير إلى ترقيعات النظام الرأسمالي الباهت، وأن المرأة الفرنسية لا تزال مقيدة بإرادة زوجها في التصرفات المالية والعقود القضائية، وقد منحت المرأة المسلمة هذه الحقوق منذ ثلاثة عشر قرناً ونصف. 
وكان الزواج في قبائل البدو وشعوب الحضارة ضرباً من استرقاق الرجال للنساء، فجعله الإسلام عقداً ورباطاً وثيقاً لقضاء حق الفطرة بسكون النفس من اضطرابها الجنسي بالحب بين الزوجين، وتوسيع دائرة المودة والألفة بين العشيرتين، واكتمال عاطفة الرحمة الإنسانية وانتشارها من الوالدين إلى الأولاد، على ما أرشد إليه قوله تعالى: ( مِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).


ولقد كلَّف الإسلام المرأة والرجل بالتكاليف الشرعية على السواء من غير تفاضل بينهما وذلك باقتسام الواجبات والحقوق بالمعروف، مع جعل حق رياسة الزوجية للرجل لأنه أقدر على النفقة والحماية بقول الله عز وجل في الزوجات: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) وقد بيَّن هذه الدرجة بقوله تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) فجعل من واجبات هذه القيامة على الزوج نفقة الزوجة والأولاد بحيث لا تكلف منه شيئاً ولو كانت أغنى منه، وزادها المهر إذ المسلم يدفع لامرأته مهراً مفروضاً عليه بمقتضى العقد.
وكان أولياء المرأة يجبرونها على التزوج بمن تكره، أو يعضلونها بالمنع منه مطلقاً وإن كان زوجها وطلقها، فحرم الإسلام ذلك، والنصوص في هذا معروفة في كلام الله وكلام رسوله وسنته. وكان الرجال من العرب وبني إسرائيل وغيرهم من الأمم يتخذون من الأزواج ما شاؤوا غير مقيدين بعدد، ولا مشترط عليهم فيه العدل، فقيَّدهم الإسلام بألا يزيدوا على أربع، وأن من خاف على نفسه ألا يعدل بين اثنين جعل الاقتصار على واحدة.


والطلاق قد يكون ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية، إذا تعذر على الزوجين القيام بحقوق الزوجية من إقامة حدود الله وحقوق الإحصان والنفقة والمعاشرة بالمعروف، وكان مشروعاً عند أهل الكتاب والوثنيين من العرب وغيرهم، وكان يقع على النساء منه وفيه ظلم كثير وغبن يشق احتماله، فجاء الإسلام فيه بالإصلاح الذي لم يسبقه إليه شرع ولم يلحقه بمثله قانون، وكان الإفرنج يحرمونه ويعيبون الإسلام به، ثم اضطروا إلى إباحته، فأسرفوا فيه إسرافاً منذراً بفوضى الحياة الزوجية وانحلال روابط الأسرة والعشيرة. بينما الإسلام جعل عقدة النكاح بيد الرجال، ويتبعه حق الطلاق؛ لأنهم أحرص على بقاء الزوجية بما تكلفهم من النفقات في عقدها وحلها، وكونهم أثبت من النساء جأشاً وأشد صبراً على ما يكرهون، وقد أوصاهم الله تعالى على هذا بما يزيدهم قوة على ضبط النفس وحبسها على ما يكرهون من نسائهم فقال سبحانه: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) على أن الشريعة تعطي المرأة حق اشتراط جعل عصمتها بيدها لتطلق نفسها إذا شاءت، وأعطتها حق طلب فسخ عقد الزواج من القاضي إذا وجد سببه من العيوب الخلقية أو المرضية كالرجل، وكذا إذا عجز الزوج عن النفقة. وجعلت للمطلقة عليه حق النفقة مدة العدة التي لا يحل لها فيها الزواج، وذم النبي صلى الله عليه وسلم الطلاق بأن الله يبغضه للتنفير عنه إلى غير ذلك من الأحكام التي بيَّنها في تفسير الآيات المنزلة فيها. 


وكذلك بالغ الإسلام في الوصية ببرِّ الوالدين فقرنه بعبادة الله تعالى، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم فيه حق الأم، فجعل برَّها مقدماً على بِرِّ الأب، ثم بالغ في الوصية بتربية البنات وكفالة الأخوات، بأخص مما وصى به من صلة الأرحام، بل جعل لكل امرأة قيِّماً شرعياً يتولى كفايتها والعناية بها، ومن ليس لها ولي من أقاربها وجب على أولي الأمر أن يتولوا أمرها.


كذلك فقد أكبر الشرع الإسلامي المرأة وأكرمها كلما كبر سنها، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات. وإن الأمهات من الجدات في الإسلام لهن صدور البيوت وأحسن المجالس وأطيب الطعام وتقبيل الأيدي والرأس وحسن الخدمة وكبير الاحترام والتنعم وخفض الجناح والدعوة لهنَّ في السجود وبين السجدتين وفي أدبار الصلوات... ولعمر الحق،إنه إن كانت المرأة يكرمها الأبناء أو الإخوة والأهل، فإنها، في الإسلام تكرم أكثر وهي جدة، وذلك بخلاف أنظمة الطاغوت من شرائع الغاب الرأسمالية وأضرابها فإن مصير الجدات هي مآوي العجزة حيث الملل والقهر والضغط النفسي ولسان الحال أنهن أصبحن عالة على المجتمع هناك، ويضيق ذرعاً بهم الأبناء والأحفاد، يحجزن ويحبسن كالمجرمين، ويحجر عليهن كالمرضى السلبيين، فهل هناك ما هو أشد ظلماً من هذا؟! وجملة القول: إنه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في أمة من الأمم أعطى النساء ماأعطاهنَّ إياه الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة.


هذه هي حقائق الإسلام في رعاية المرأة من مهدها إلى لحدها تشع نوراً وتعلو فخاراً وتفضح خزي الأنظمة الوضعية ودعاوى الناعقين المزينين لقبحها ممن يتسمون بلجان حقوق وكتَّاب ومفكرين ومنظّرين. وإن كثيراً من تلك المؤسسات تعمل لتخريب الجيل ولإفسادهم ضمن أجندات دولية. وفي هذا الصدد نقلت وكالة معاً الإخبارية تقريراً عما قاله : بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بتاريخ 1/7/2012م: «إن بعض مؤسسات المجتمع المدني أوكار للموساد وللمخابرات العالمية هدفها تدمير المجتمع الفلسطيني وتفكيكه» وقال زكارنة «إن مسؤولين إسرائيليين على تواصل مع هذه المؤسسات وتقودها بشكل مباشر من خلال بعض المسؤولين فيها أو بشكل غير مباشر من خلال أجهزة مخابرات عالمية بحيث إن 80 بالمئة من هذه المؤسسات يؤدي الدور بفعالية مطلقة، ويساهم ببث الفتنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني». وبين زكارنة: «إن دور هذه المؤسسات الأهلية ينحصر في البحث عن أي قضية داخلية وإثارتها مثل قضايا فساد وحقوق الإنسان والديمقراطية وهي مفبركة أو تم علاجها بعيداً عن الفاسدين المتعاونين مع تلك الأجهزة بحيث لا تساهم في تقوية المجتمع وإنما تفتيته». http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=500178


وإننا فوق هذا فقد وجدنا في الجدول المرفق للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) في مناطق السلطة الفلسطينية كيف أن عدد الاعتداءات وحتى القتل على خلفية شرف العائلة هو أقل القليل، وهناك فرق شاسع بينه وبين أي قضايا جنائية أخرى، أو حتى ضحايا حوادث السير، فلماذا يكون هذا الاستهداف للتشهير بالمجتمع المحافظ الذي يكرم المرأة لتأثره بالإسلام تأثراً منقوصاً ولا يعيشه عيشاً كاملاً في دار الإسلام وفي دولة الخلافة التي تعد الحصن الحصين الحامي للمرأة؟!.


وضع المرأة في الغرب بلغة الأرقام


أولاً:في تقريره السنوي الذي قام بإعداده فريق متخصص برصد أحوال المرأة في العالم الغربي، ذكر «معهد المرأة» في إسبانيا ـ مدريد، مجموعة من الإحصاءات المذهلة:
- في عام 1990م قدّم 130 ألف امرأة بلاغات بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن، سواء كانوا أزواجاً أم أصدقاء .
- ويقول أحد المحامين: إن الشكاوى بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح بلغت عام (1997م) 54 ألف شكوى، وتقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي عشرة أضعاف هذا العدد.
- وفي عام 1995م خضع مليون امرأة لأيدي جراحي التجميل، أي بمعدل امرأة من كل 5 نساء يعشن في مدريد وما حولها.
- كما أن هنالك بلاغًا يوميًّا عن قتل امرأة بأبشع الطرق على يد الرجل الذي تعيش معه.
ثانياً: الولايات المتحدة الأميركية:
- في عام 1980م (1.553000) حالة إجهاض، 30% منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عاماً من أعمارهن، وقالت الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.
- وفي عام 1982 م: (80%) من المتزوجات منذ 15 عاماً أصبحن مطلقات.
- وفي عام 1984م: (8 ملايين) امرأة يعشن وحدهن مع أطفالهن ودون أية مساعدة خارجية.
- وفي عام 1986م: (27%) من المواطنين يعيشون على حساب النساء.
- وفي عام 1982م: (65) حالة اغتصاب لكل 10 آلاف امرأة.
- وفي عام 1995م: (82) ألف جريمة اغتصاب، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً.
- وفي عام 1997م بحسب قول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة : اغتصبت امرأة كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوان!
- وفي عام 1997م: (6) ملايين امرأة عانين سوء المعاملة الجسدية والنفسية بسبب الرجال، 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح، و4 آلاف يقتلن كل عام ضرباً على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن.
-74% من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.
- ومن 1979م إلى 1985م: أجريت عمليات تعقيم جنسي للنساء اللواتي قدمن إلى الولايات المتحدة من أميركا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر، وذلك دون علمهن.
- ومن عام 1980م إلى عام 1990م: كان في الولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء.
- وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار .
يشار إلى أن هذا التقرير السنوي المسمى بـ “قاموس المرأة” صدر عن معهد الدراسات الدولية حول المرأة، ومقره مدريد، وهو معهد عالمي معترف به.
وتحت عنوان: “العنف المدني، مشكلة اجتماعية منتشرة في أميركا.” ذكرت منظمة الكومنولث في استطلاع 1998م أنه تقريباً “ثلث النساء الأميركيات، تعرضن لمضايقات جسدية أو جنسية من الزوج أو الصديق، خلال فترة من حياتهن”. 
وذكر المعهد الأميركي للعدل أنه تقريباً “25 بالمائة من النساء الأميركيات اغتصبن، و/أو تم الاعتداء عليهن جسدياً”، من رفيق سابق أو حالي، أو خلال أحد المواعيد. 
وذكر مكتب العدل الأميركي أنه خلال العام 2000م تعرضت 588490 امرأة للضرب (لعنف لم يؤدِّ لإصابات)، من الشريك الحميم (المقرب). وتشير التقديرات إلى أن 18% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأميركية تعرضن للاغتصاب، وأن 1900 فتاة يومياً يتم اغتصابهن، وهذه النسبة تشكل رقماً كبيراً خاصة إذا نظرنا إلى أن نسبة العلاقات غير الشرعية مرتفعة جداً، وأن أكثر من 5% من الزوجات يخنَّ أزواجهنَّ من باب المعاملة بالمثل. علاوة على ذلك فإن 2% من حالات الاغتصاب المذكورة تكون من الأب أو أحد أفراد الأسرة. 
وتشير مصادر أخرى إلى ارتفاع هذه النسبة إلى 22% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأميركية اللائي يتعرضن لحوادث الاغتصاب، وهذا يجعل الولايات المتحدة الأميركية الدولة الأولى في العالم من حيث معدلات الاغتصاب الواقعة على النساء. ونشير هنا أيضاً إلى أن ما مجموعه 47% من حالات الاغتصاب المذكورة كان يصاحبها اعتداء جسدي شرس وعنيف بالضرب ونحوه كما نشرت ذلك صحيفة ال “يو إس توداي”. 


وهذه النسب المذكورة لا تشكل إلا ما تم الإبلاغ عنه من جرائم الاغتصاب، وأما ما لم يتم تسجيله أو الإبلاغ عنه فإنه أكبر بكثير من الرقم المذكور، وتشكل هذه الجرائم أكثر من عشرين ضعفاً من مثيلاتها في كل من اليابان وإنجلترا وإسبانيا مع مراعاة أن الدول السابقة دول شعوبها غير متدينة بعكس الولايات المتحدة الأميركية فإن شعبها متدين وبنسبة كبيرة.
وقد نشرت مجلة الطب النفسي الأميركية تقارير تفيد بأن ما نسبته 42% من النساء العاملات في الولايات المتحدة الأميركية يتعرضن للمضايقات والاعتداء الجنسي، ومن أشهر القصص في هذا المجال قصة أحد أعضاء الكونغرس الأميركي عندما قامت إحدى العاملات معه بشكايته لأنه قام بالتحرش بها جنسياً، وبعد اشتهار أمره تقدمت أكثر 26 امرأة بشكاوى تفيد أنه مارس معهنَّ التحرش.
كما نشرت منظمة التحالف الوطني المنزلي في أميركا تقارير تفيد بأن أكثر من سبعة ملايين امرأة يتعرضن للضرب من قبل الأزواج ولا يقمن بإبلاغ الشرطة، ويدخل مئات الآلاف منهن سنوياً إلى المستشفيات لتلقي العلاج من آثار الضرب، وهي حالات مختلفة بعضها خفيف وبعضها قوي جداً وقد يصل إلى القتل. 
وتشير تقارير ودراسات أخرى إلى أن 95% من ضحايا العنف العائلي هم من النساء، وأن من بين كل أربعة حالات اعتداء على المرأة يكون الزوج هو المعتدي في ثلاثة حالات منها. 


الخلاصة:
1- لقد رعى الإسلام المرأة في التشريع والتوجيه والتنفيذ من مهدها وفي شبابها إلى شيخوختها، واعتبرها شقيقة الرجل، ولها دور مهم ومفصلي على صعيد الأسرة والمجتمع واستقامتهما وارتفاع بنيانهما، فهي أم وربة بيت وعنصر إيجابي فاعل. وقد منع بشكل قاطع النيل منها أو استغلال أنوثتها وجعلها عرضاً يجب أن يصان. وقد أعطاها من الحقوق كما أعطى الرجل سواء بسواء إلا ما يختلفان فيه من ناحية فطرية.
2- لقد سجل التاريخ والحاضر بأن جميع المبادئ والتشريعات البشرية قد وضعت المرأة في أسفل الدركات ظلماً واستهانة واستضعافاً، ولا زال الخط البياني يرتفع بأرقام قياسية في هضم حقوقها والاعتداء عليها، وما الترويج لحرية الغرب ومناداته بحقوق المرأة إلا ذراً للرماد في العيون وتزييفاً للحقيقة المذهلة عن جرائمه.
3- هناك دعاوى لا سيما في العالم الإسلامي من لجان حقوق ومؤسسات نسوية وكتاب ومفكرين للنيل من عفاف الأسرة المسلمة من أجل تدميرها وإشاعة الانحلال الذي يدعو له الغرب في بلاد المسلمين حتى تعم مثل تلك الفوضى الحاصلة في المجتمعات الغربية وتصبح مجتمعاتنا أسوأ حالاً، وذلك من خلال دعوة المرأة لأخذ الأمر على عاتقها وتجاوز الرجل وحرمانه من قوامته عليها، والتعامل معه بالندية والمنافسة لا بالتفاهم والمودة والرحمة التي دعا لها الإسلام، وقد تبين أن الكثير من هذه المؤسسات لها ارتباطات واضحة في النشوء والتمويل بالدول المعادية للإسلام لتحقيق مآربها وشرورها في بلاد المسلمين ضمن مخططات إعادة رسم المعادلة لتخدم بقاء الغرب جاثماً على بلاد المسلمين ولا سيما بعد الثورات التي قامت في بلاد المسلمين من أجل قلعه وإعادة الاعتبار للإسلام كنظام شامل لكافة مناحي الحياة.
4- هي دعوة نوجهها لكل عاقل في العالم، ولكل من يحرص على المرأة كإنسان مثلها مثل الرجل، ولها الحق في عيش وافر كريم، بأن تنصب الدعوات والجهود لإعادة الاعتبار للنظام الاجتماعي في الإسلام والدعوة والمطالبة بتطبيقه لإحقاق الحق والعدل ولرفع مكانة المرأة إلى أعلى درجات الرقي الإنساني دون أي امتهان أو انتقاص أو عدوان 
قال تعالى:( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ )


المصدر: مجلة الوعي

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

خواطر أخت مسلمة



بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [النساء 32].

أيتها الأخوات الكريمات: يقول جل جلاله: (وَلَا تَتَمَنَّوْا)، والتمني فعل متعلق بالحاضر والمستقبل، التمني أن تتمنى شيئًا لا يقع، بينما الترقب أن تنتظر شيئًا يقع، فإذا قلت: ألا ليت الشباب يعود يومًا، فهذا تمنٍّ، والتمني كما يقول بعض الحكماء بضائع الحمقى، يعيش في خيالات وفي أوهام لا تقع، فالله سبحانه وتعالى تطييباً لقلوبنا، وإراحة لنفوسنا نهانا أن نتمنى ما فضل به بعضنا على بعض... فالله سبحانه وتعالى خلق جنس البشر من ذكر وأنثى، وجعل في كل منهما فروقاً في أصل خلقتهما وخصائص عقلية ونفسية وجسمية واجتماعية ينفرد بها كل طرف عن الآخر... وجمع بينهما بأن جعلهما كائنين مكرمين عند الله، مخيرين، مسؤولين، مشرفين، فحينما نقول الجنس البشري ذكر وأنثى فهناك قواسم مشتركة بينهما، وهناك فوارق. فالقواسم المشتركة أكدتها آيات كثيرة. جعلتهما في التكليف سواء، قال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب 35].

فكلاهما في التكليف وفي التشريف وفي المسؤولية سواء، المرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة من الرجل عن رعايته، والرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، فنقاط الاشتراك كثيرة جداً، فهي من بني البشر، وهي إنسان، لها فكرها، ولها مشاعرها، ولها عواطفها، يؤذيها ما يؤذي الرجل، ويفرحها ما يفرحه، ترقى إلى الله كما يرقى الرجل إلى الله، تسمو كما يسمو، وتسقط كما يسقط ، وتنحط كما ينحط، هناك قواسم مشتركة بين الذكر والأنثى، وما أكثرها، لأنهما من جنس واحد، من جنس البشر. قال تعالى: (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) [الروم 21]، أي خلق من جنسكم، من جنس بشريتكم، إنساناً.

ولكن قال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) [آل عمران 36] وهذا هو الواقع حقيقة، ولكن، فحينما يتجاهل الرجل ما تتميز به الأنثى فإنه يقع في خطأ كبير، وحينما تتجاهل الأنثى ما يتميز به الرجل فإنها تقع في خطأ كبير، فلذلك ورد في أسباب نزول هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى حينما فرض الفرائض، وفرض للذكر مثل حظ الأنثيين تمنت النساء أن يكون لهن في الإرث نصيب كنصيب الرجل، وحينما فرض للذكر مثل حظ الأنثيين تمنى الرجال أن يكون أجرهم في الآخرة مثلي أجر المرأة، فجاءت الآية الكريمة، (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ)، فالحق أن الله سبحانه وتعالى أعطى لكل نوع خصائص تعينه على أداء مهمته، ففي أصل التصميم صممت المرأة لتكون زوجة ولتكون أماً، فأعطيت من الخصائص الجسمية والخصائص النفسية، وهو شدة عاطفتها، ومن الخصائص الاجتماعية تعلقها بزوجها، ومن الخصائص الفكرية اعتناؤها بالجزئيات... ما يؤهلها لتكون زوجة ناجحةً، وأماً ناجحةً، فهذه الخصائص التي اختص بها الله سبحانه وتعالى النساء كجنس بنيت على حكمة بالغة وكانت من لدن عليم خبير، قال تعالى: (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر 14].
وفي المقابل خص الله سبحانه الذكور بخصائص جسمية ونفسية واجتماعية وعقلية ومن اهتمام بالكليات لا بالجزئيات تتناسب مع كسب الرزق ومع الحركة خارج البيت ومع قوامتهم على النساء.

هناك إشارة لطيفة إلى أن عمل الرجل خارج البيت هو كسب الرزق، وأن المرأة مهمتها الأولى تربية الأولاد، وهي سكن لزوجها، وهو قائد لمؤسسة البيت، فهناك تناغم وتكامل بينهما، هناك صفات إنسانية مشتركة بين الذكور والإناث، كلاهما مكرم عند الله، وكلاهما مشرّف عند الله، وكلاهما مكلف من الله، وكلاهما مسؤول أمام الله، ولحكمة أرادها الله جعل امرأة الطاغية فرعون آسية صدّيقة، وبكل ثقله وكل جبروته وكل قوته وكل ألوهيته المزعومة، ما استطاع أن يقنعها أن تعبده، ولا أن تقر بألوهيته المزعومة، قالت ما يوضح أن المرأة صاحبة قرارها ومكلفة به، ومسؤولة عنه، ومحاسبة عليه... فهي كالرجل، ولا يتحمل عنها شيئاً من التكليف مهما كانت درجة قرابته منها... قالت ما قاله الله تعالى عنها: (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم 11].

فمما أراد الله سبحانه من هذه القصة أن يعلم النساء جميعاً أن المرأة مستقلة في دينها عن زوجها، تحاسب عن دينها، ولتعلم أيضاً أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلذلك معظم النساء حينما يقلن: هكذا يريد أزواجنا وهو في رقبتهم... هذا كلام مرفوض، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فهي مكرّمة كما هو مكرّم، وهي مشرّفة كما هو مشرّف، وهي مكلّفة كما هو مكلّف، وهي مسؤولة كما هو مسؤول، هذه من نقاط الالتقاء.

أما نقاط الاختلاف فإذا تجاهلناها وقعنا في فساد عريض حيث قال الله عز وجل: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب 33]. فالأصل أن المرأة تقوم بأخطر عمل أناطه الله بها حينما تقر في بيتها لتربية الأولاد. فالمرأة التي تربي أولادها، وتدفعهم إلى المجتمع عناصر ملتزمة مخلصة واعية هي امرأة عظيمة؛ لأن شهاداتها الحقيقية ليست تلك الأوراق التي تعلق على الجدران، إن شهاداتها الحقيقية أولادها الذين ربتهم ودفعتهم إلى المجتمع، وكثيراً ما نعثر على شباب يلفتون النظر بأخلاقهم، ويلفتون النظر برحمتهم، ويلفتون النظر بتعاونهم، ويلفتون النظر بحبهم للخير، ولو دققنا وبحثنا لوجدنا أنهم تلقوا تربية عالية من أمهاتهم، إنك إن علَّمتِ فتاة علَّمتِ أسرة.

أيتها الأخوات الكريمات، المرأة والرجل كلاهما مكلف، وكلاهما مشرف، وكلاهما مسؤول، ولكن هناك فروقاً دقيقة وكثيرة بين الذكور والإناث. وخصائص الذكور العقلية والجسمية والاجتماعية والنفسية تتناسب مع المهمة التي أنيطت بهم، وخصائص الإناث العقلية والجسمية والاجتماعية والنفسية كذلك تتناسب مع المهمات التي أنيطت بهن.

قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ)، فإن الله أناط بالذكور مهمات ومسؤوليات، من أجل أن يحققوا أهدافهم بخصائص متعلقة بهم، أو أن لكل واحد بحسب استقامته، وبحسب إقباله، وبحسب انضباطه وبحسب علاقته بربه، هيأ الله له الشيء الذي يعد بحقه حكمة بالغة. وكذلك المرأة أناط الله بها مهمات ومسؤوليات عظيمة وهيأها عقلياً ونفسياً وجسدياً واجتماعياً للقيام بها، وتنال درجتها عند الله بمقدار استقامتها وبمقدار إقبالها، وبمقدار انضباطها...

فلو تشبه الرجل بالمرأة بأن يلبس لباس النساء، ويتبرج تبرجهن، ويتمايل تمايلهن، ويرقق في صوته... فهذا كله محرم.
وكذلك المتشبهة من النساء بالرجال التي تتمنى أن تكون رجلاً، بل إن المرأة المسترجلة، فعلها من الكبائر لأنها رفضت اختيار الله لها أن تكون أنثى، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» (أخرجه البخاري).

فالمرأة المؤمنة ترضى عن الله أنه اختارها أنثى، مع أن الأنثى لا تقل ولا شعرة واحدة في مكانتها عند الله عن الذكر إن هي قامت بحق الله عليها.

إن الاختلاف بين الذكر والأنثى هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، والحضارة الغربية الفاسدة المفسدة تعاملت مع واقع كل من الذكر والأنثى على درجة واحدة، وأرادت أن تزيل الفوارق فكان في ذلك فساد عظيم.

بقلم: حاملة دعوة – فلسطين

الاثنين، 31 يناير 2011

الحرية للمرأة في الغرب هي من عبودية الديمقراطية



بسم الله الرحمن الرحيم


لا يشك عاقل أن الغرب الديمقراطي ينقم على المرأة المسلمة في ظل ما أعطاها الإسلام من منـزلة رفيعة، ويريد أن يفسدها حتى يفسد حياة المسلمين ويوهنها لأن المرأة هي أساس في هذه الحياة. فهي الأم الحنون، والزوجة الصالحة، والأخت الفاضلة، ومن مدرستها الحقيقية يتخرج الأبطال، وتتربى الأجيال. ومن هنا كانت برامج وخطط المفسدين موجهة إلى هذا الكيان القوي الطاهر لزعزعته وتحطيمه، حتى يرسخ في المجتمع المسلم النموذج الغربي عن المرأة، وحتى يستطيع الغرب ترويج بضاعته الهابطة عندنا، وحتى تكرس المفاهيم المغلوطة في حياة المسلمين.

ولا شك أن كل الضجة والإثارة اليوم حول المرأة المسلمة بالذات، وكل المؤتمرات والدعم المالي والبرامج للمطالبة بحقوق المرأة، ليس لأن المرأة في الإسلام مسلوبة الحقوق في الحقيقة. لكن القضية هي أن المناداة بحقوق المرأة ليس إلا جزء من حملات فكرية ثقافية وسياسية مدروسة ومبرمجة، يقودها الغرب في بلاد المسلمين منذ أن هدمت دولة الخلافة حتى يحرفهم عن دينهم وعن وعيهم على قضاياهم، ما يسهم في استمرار ترديهم وعدم نهضتهم.

إن المرأة المسلمة باتت تحسد اليوم على كثرة الاهتمام بها، لكن المؤسف أنها اليوم تطحن ظلماً بين من يزعمون إنصافها بإبعادها عن موقعها الذي رسمه الإسلام لها وذلك خدمة للغرب، وبين أدعياء الإسلام الذين يستشهدون بالآيات والأحاديث ويكررونها جهلاً في غير سياقاتها وبعيداً عن معناها؛ فيظلمون المرأة باسم الدين مثل (الرجال قوامون على النساء)، و(النساء ناقصات عقل ودين) و(ليس الذكر كالأنثى)، وآيات الميراث والشهادة وغيرها. وهكذا تضيع المرأة، في غياب الوعي الصحيح عن وضع المرأة في المجتمع في نظام الإسلام وعن علاقتها بالرجل. تضيع بين من يظن جهلاً أن قوامة الرجل على المرأة تعني أن الرجل أفضل، وأن المرأة إنسان من الدرجة الثانية، وأن المرأة وجدت للإنجاب فقط. وبين من يطالب من المتفيقهين والعلمانيين والمضبوعين بالثقافة الغربية، من أدعياء العلم من أبناء جلدتنا، بإعادة تشكيل العقل المسلم، وحتى مراجعة نصوص الإسلام بحجة موافقة العصر والتجديد والتحديث، لإنصاف المرأة وإلغاء التمييز والعنف، وغيرها من الاتهامات الغبية الزائفة التي تلصق عن خبث بالإسلام.

إن المنادين والمتباكين على ما يسمى حقوق المرأة عندنا، إما جهلة بما يقوله الإسلام عن دور المرأة العظيم، وإما مجرمون خبيثون، وأصحاب أجندة فكرية وسياسية هدفها ترسيخ نموذج أسيادهم من الغربيين عن المرأة حتى يظل المسلمون تائهين. لقد مللنا من الكتابات العلمانية الخبيثة، ومن الإعلام المضلل المأجور في بلاد المسلمين الذي ينادي بتحرير المرأة وإعطائها ما يسمى حقوقها، ويتهم مجتمعات المسلمين بالتقصير في حق المرأة.

إن المطالبة بحقوق المرأة على الطريقة الغربية مؤامرة مكشوفة هدفها إفساد المرأة المسلمة، وجعلها تقترب من نموذج المرأة الغربي المنحط. أما من يسير في هذه المؤامرة فهو يحاول تضليلاً أن يظهر نفسه أنه يريد النهضة والحرية للمرأة -حسب زعمه- من رجعية ديننا، وعقد تقاليدنا، وتسلط آبائنا وأزواجنا، ودكتاتورية مجتمعاتنا. وهؤلاء انتفضوا دجلاً للاهتمام بشؤون المرأة مدعين خوفهم على حالتها النفسية والصحية، وأنهم يخشون عليها الكبت الديني والعرفي، وأنهم يريدون لها أن تثق بنفسها، والتمتع بشبابها، والتعبير الحر عن رأيها، وإبداء مفاتنها، لإبعادها عن طهرها وعفتها، تحت شعاري الحرية والمساواة الخبيثين. حتى إنهم تجرؤوا على جزئيات الدين، بمساعدة حكام السوء وتشريعاتهم، حيث أصبح الزنا ليس بجريمة في بعض البلدان الإسلامية كتركيا، وحظر الحجاب في تونس، وصار من حق المرأة المسلمة أن تتزوج بكافر في ضوء القوانين المدنية ، وغير ذلك من الجرائم.

ومن أجل أن يتم اختراق حصن المرأة المسلمة، تتدفق الأموال من الغرب وبسخاء، وتنشأ الجمعيات النسوية التي توزع وسائل منع الحمل، ليس فقط على المتزوجات ولكن على الفتيات المراهقات، وتيسر لهن الإجهاض وبالمجان. وتعقد الندوات والمحاضرات، التي تدعوهن إلى عدم التفكير في مشروع الزواج لأنه يقف في طريق طموحهن وأحلامهن في العيش بحرية على طريقة نساء لوس أنجلوس ولندن وباريس. وتقدم لهن البعثات الدراسية إلى دول الغرب قبل الرجال، وتصاغ المناهج الدراسية والندوات والبرامج الإعلامية لتخرج فتيات مهيئات ومقتنعات بالفكر الحر والاختلاط الذي يفضي إلى الفاحشة، ومساواة المرأة مع الرجل في كل شيء، واحترام إباحية الحضارة الغربية، والتمرد على العائلة والمجتمع، والتبرج، وكشف العورة في الحياة العامة، وتحدي الأحكام الشرعية المتعلقة بالطلاق والميراث، وتعدد الزوجات، ولباس المرأة، والعمل في مهن تحط بهن كعرض الأزياء والدعايات الإعلامية الفاضحة. كل هذا وأكثر يحصل في بلاد المسلمين بدعم من المنظمات الدولية، وتحت أعين الحكام المجرمين على أساس أنه جزء من الحضارة والديمقراطية وحرية المرأة!؟

وهكذا تصدر الكافر المستعمر وأذنابه من أبناء جلدتنا هذه الحملة الشرسة، ونادوا بحقوق المرأة وكأنها في الإسلام بلا حقوق وأقل درجة من الرجل. هؤلاء أرادوا المرأة المسلمة كالمرأة الغربية. فهل حقاً إن المرأة الغربية محترمة الحقوق حتى تسعى نساؤنا سعيها؟ أم أن المطلوب هو النفاذ إلى حياة المسلمين، وتدمير الأسرة المسلمة، بإفساد نسائها، وبالتالي إفساد الجيل المسلم بأكمله؟ والجواب ببساطة: إن حال المرأة في الغرب حال كارثي أحط بها، وجعلها سلعة تستخدم ببشاعة من قبل المجتمع الديمقراطي العفن، ولا وجه للمقارنة بين منـزلة المرأة الراقية في الإسلام، وبين حالها المتردي في ظل الحضارة الغربية.

ولكن قبل الحديث عن حال المرأة المزري في ظل حضارة الغرب الفاسدة، لابد من الانتباه إلى القضايا التالية:

1- إن الحرية في الغرب معناها إباحية المجتمع، وتحرره وتحلله من كل القيم التي ترفع من شأن الإنسان. إن الحرية والحقوق التي ينادى لها للمرأة المسلمة هي أن تصبح كشأن المرأة في الغرب منفلتة من أية ضوابط أخلاقية، وسلعة يستغلها المجتمع أبشع استغلال. إن أبرز ما يسميه الغرب حرية المرأة هو انقيادها وراء ادعاءات جوفاء، وشعارات ساذجة أزالت ما تبقى لديها من الحياء ونزعته منها محاولة في كل ذلك إعطاءها حقوقها. هذه الشعارات التي سعت جاهدة إلى تشويه صورة المرأة، ودورها الحقيقي في الحياة. ولا شك أن الهجمة الفكرية الغربية من خلال الإعلام والمناهج في بلاد المسلمين سهلت الصعب، وهيأت الأمر في استغلال المرأة، لهدم أفكار وأحكام الإسلام. يقول المبشر (زويمر) "ليس الغرض من التبشير التنصير فقط، ولكن تفريغ قلب المسلم من الإيمان، وإن أقصر طريق لذلك هو اجتذاب الفتاة المسلمة بكل الوسائل الممكنة، لأنها هي التي تتولى عنا تحويل المجتمع الإسلامي، وسلخه عن مقومات دينه". ويكشف د. هنري ماكو، وهو استاذ جامعي، وباحث متخصص في الشؤون النسوية زيف ادعاءات تحرير المرأة. ويصفها بالخدعة إذ يقول "تحرير المرأة خدعة من خدع النظام العالمي الجديد، خدعة قاسية أغوت النساء الأميركيات، وخربت الحضارة الغربية."

2- إن التشويه المتعمد والانحراف الحاصل عن الإسلام في كل مفاصل الحياة اليوم، ومنه علاقة الرجل بالمرأة، يجعل المضبوعين بالثقافة الغربية ومن يحاربون الإسلام خدمة للغرب في بلاد المسلمين يحاكمون نظام الإسلام الصحيح ويلصقون التهم به. ولا يعون أن إساءة التطبيق للإسلام اليوم لا يجوز أن يكون حكماً على مبادىء الإسلام الخالدة، التي وضعت المرأة في أرقى مكانة، وأعطتها أسمى دور. وإن أية مقارنة بين حال المرأة المسلمة بالمرأة الغربية اليوم، في ظل غياب الفهم الصحيح، والنظام الصحيح عن الإسلام ليس عادلاً. لأن المرأة المسلمة (كما الرجل) مظلومة اليوم بسبب فرض قيم الحضارة الغربية عليهما، وتقصيرهما في الأخذ بأحكام الإسلام وليسوا مظلومين لأنهم لم يلحقوا بالحضارة الغربية. كما أن كثيراً من أبناء المسلمين اليوم، وللأسف، يجهلون مفاهيم الإسلام الراقية عن المرأة والرجل لأن الإسلام الصحيح ببساطة لا يطبق في مجتمعنا. ولأن الغرب ومن أمامه أنظمة الحكم في العالم الإسلامي، يفرضون ويكرسون النمط الغربي في النظرة والسلوك من خلال البرامج الثقافية والإعلام، فإنه يراد أن يظهر أن حال المرأة في الغرب هو الصحيح والرائد والرائع، مع أن هذا غير صحيح. إن المرأة في الإسلام - كما الرجل- لا نظام ولا دولة لهم، ترعاهم، وتدافع عنهم، وتظهر عظمتهم، وعظمة تمسكهم بدينهم. إن نساء ورجال المسلمين مطالبون أن يعرفوا أكثر عن حالهم في ظل أحكام الإسلام، حتى يعو أن دينهم رفعهم، وجعلهم في أسمى منـزلة. كما أن دراسة ومناقشة دور المرأة المسلمة يعتبر أمراً مهماً لكل مسلم لأنه أولاً: يوضح ويصحح العديد من الأفكار التي يحملها غير المسلمين عنا. وثانياً: لأن بعض المسلمين يعاملون نساءهم معاملة خاطئة جاهلة باسم الدين، في حين أن واقع أعمالهم هو نتيجة لعادات ثقافية وقبلية بالية لا علاقة لها بالإسلام.

3- إن الإعلام المضلل في الغرب والشرق على السواء يدأب ويحرص على إظهار صورة نمطية سيئة عن المرأة في الإسلام عن طريق إظهار أنها مضطهدة ومقموعة من الأب أو الزوج. كما أن أغلب النقاشات حول المرأة المسلمة تتصف بسلبية مقصودة، تصور المرأة على أنها مختنقة من حجابها، ومجبرة على الزواج، وأن حريتها لا تتعدى مطبخها وذلك لإلقاء اللوم على نصوص الشريعة وإلصاق التهم بالإسلام. وبالتالي يسهل عليه المناداة كذباً بشعارات من مثل (أصلحوا أوضاع المرأة) و(حرروا المرأة من تسلط الرجل) و(إلى متى تظل المرأة حبيسة المنـزل.) مثال ذلك ما تحرص الـ(CNN) على بثه بين الفينة والأخرى من ضرب أحد الرجال لزوجته المنقبة في أحد شوارع كابول. وكأن هذا المشهد الذي يراد زرعه في أذهان الناس هو ما ينادي به الإسلام ويمثله في الحقيقة. إن هذا الإعلام المجرم وفي غياب إعلام إسلامي حقيقي ومبدئي يفعل فعله في تشويه صورة الإسلام وأحكام الإسلام العظيمة. وبالمقابل فإن الإعلام الغربي والشرقي التابع له لا يظهر شيئاً من الجرائم الكثيرة والبشعة في حق المرأة في الغرب، لأنه ببساطة مهيمن ومضلل. كما أن ما يصلنا من إعلام غربي عن المرأة في بلاد الغرب لا يعبر عن الواقع عندهم. وما يظهر فقط بهرجة زائفة تظهر قطاعاً بسيطاً من حسناوات السينما المتحررات، رمز الجنس والإثارة، أما حال غالبية النساء هناك وما يعشن فيه من شقاء وما يكابدنه من أحوال فلا يظهر منه شيئاً.

4- إن البون شاسع شاسع بين أحكام الإسلام وما تحققه من رفعة للمرأة وبين ما تفرزه الحضارة الغربية من شقاء وتعاسة وضنك للمرأة ولا مجال للمقارنة بين أحكام الله وأحكام البشر التي أحطت بالمرأة.
أما عن حال المرأة المزري في ظل الحضارة الغربية فهاكم نماذج من حياتها المتردية الكارثية:

أ- الحضارة الغربية لم تحرر المرأة لأهداف إنسانية وإنما لاستغلالها في تطوير المنتجات وتسويقها. ولقد استغل في ذلك جسد المرأة وحولت المرأة نفسها إلى سلعة جنسية تساهم في الترويج للسلع بإغراء المستهلكين بالإضافة إلى تطوير المنتجات التي تتعلق بالمرأة أو بالعلاقة بين الرجل والمرأة ابتداء من العطور ومواد التجميل والأزياء حتى المنشطات الجنسية. والحضارة الغربية تعتبر أن إظهار مفاتن المرأة يعني الحرية، ولذلك أصبحت صناعة التسلية الغربية تعتمد بشكل أساسي على جسد المرأة العاري، ولا غرابة في ذلك، فقد أوضحت دراسة لجامعة هارفارد قدمتها للكونجرس أن 90% من الصور الموجودة على الإنترنت إباحية. إن هذه الحضارة قد حررت جسد المرأة، ولم تحرر عقل المرأة، أو روحها، ولم تتعامل معها كإنسان كرمه الله. وهكذا فإن الغرب ينظر للمرأة على أنها سلعة للانتفاع، فهو لا يرى فيها إنسانيتها، بل يرى أنوثتها فقط، ويسعى لاستغلال هذه الأنوثة عبر استثمارها في أعمال تمتهن كرامتها كعارضة للأزياء أو راقصة، أو كصورة مخزية فاضحة على منتج تجاري. ولذلك فإن أكثر ما يهم المرأة في ظل هذه الحضارة المتهالكة هو أن تكون مثيرة جنسياً من أجل إغواء الرجال. وهذه الصورة عن المرأة في الغرب تكرست مع تزايد نفوذ الصهيونية عندهم حيث استخدمت الصهيونية المرأة في التجسس والإغراء وصنع الفضائح وإجبار الكثير على الخضوع لها. وقد ساهم هذا في فرض نموذج المرأة المثيرة جنسياً، وغير الملتزمة بالأعراف والتقاليد المجتمعية وذلك للتقليل من تمسك المجتمعات بثوابتها الحضارية والأخلاقية. إن استخدام الحضارة الغربية المرأة كسلعة جنسية لا يمكن أن يوصف بأنه حرية بل امتهان لكرامة المرأة وعرضها وشرفها ويشيع الفاحشة ويحط من قدر المرأة.

ب- إن أكثر ما يقلق المرأة في الغرب هو شكلها،لذلك لا ترضى النساء ولا المجتمع بمن كان حظهن من الجمال قليلاً. ولذلك تفرط المرأة هناك في استخدام منتجات التجميل، وتلجأ إلى الكثير من عمليات التجميل التي حولتها إلى مسخ يدفعها إلى ذلك نظرة المجتمع لها وشركات التجميل والأزياء. ومن أجل أن تظهر المرأة مثيرة ومرغوبة من الرجال فإن الكثيرات من فتيات الغرب يمنعن أنفسهن عن الأكل وباستمرار حتى يضعفن ما يسبب لهن هزالاً دائماً يؤدي في أحيان كثيرة إلى الموت حيث باتت هذه ظاهرة مرضية عندهم تسمى أنوريكسيا (Anorexia). لكن الذي يحصل هو أنها مع تقدم العمر تفقد أنوثتها ولا يهتم المجتمع بها لأنها عندئذ تثير عنده النفور ويلفظها بعد أن استخدمها في زمن الصبا فينعكس ذلك على نفسيتها فتصاب بكثير من الأمراض النفسية لأن دورها ببساطة انتهى. وعندما تكبر المرأة في الغرب فإنها تترك وحيدة لا يهتم بها أحد حتى لو أنجبت أولاداً تنتظر بطاقة تهنئة في عيد الأم إن جاءت. لقد أصبحت دور المسنين في بريطانيا أكثر من المدارس.

ج- إن الحضارة الغربية حضارة إباحية بامتياز يتفشى فيها الزنا كالنار في الهشيم حضارة يستطيع فيها الرجل أن يعاشر الكثير من النساء حتى لو كان متزوجاً ما أدى إلى انتشار الأمراض الخطيرة المهلكة واختلاط الأنساب حين تحمل النساء سفاحاً من عابري الطريق. وفي أحدث إحصائية في بريطانيا وأميركا، فإن حوالي ثلث المواليد هناك هم أبناء زنى وفي فرنسا فإن الرقم تجاوز الـ40%. وفي إحصاء تم في 1994م وجد أن المرأة الفرنسية تنتقل في حياتها بالمعدل بين أحضان 17 رجلاً بين زوج وعشيق. كما تتفشى في دول الغرب ظاهرة زنا المحارم والعياذ بالله، وبمعدلات تفوق الخيال. وفي غياب أية ضوابط وقيم وأخلاق، يساعد في هذا مستوى التعري في المجتمع الذي يشجع ويدفع الجميع للزنا وفي كل مكان ووقت.

د- وبسبب هذه الإباحية الجنسية فلا قيمة لفكرة الزواج هناك. وفكرة الزواج ليست ملحة ولماذا يتزوجون وهم يتزوجون كل يوم امرأة في الملهى والمدرسة والنادي والشركة وغيرها، ثم يرمونها كعلبة الكوكاكولا الفارغة ؟ وحتى إن حصل زواج فكثير منه نهايته الطلاق كيف لا والرجل يمكن أن يخون زوجته مع من يشاء كل يوم. فترد له الزوجة الصاع صاعين وتخونه وبالجملة في غياب القيم والأخلاق عندها وعنده. إن المجتمع الغربي غابة رذيلة لا قانون فيها. والأنكى من ذلك أن المرأة التي لم تعد تثق بالزواج وتعيش فراغاً بسبب عيشها لوحدها، أصبح بإمكانها أن تكون أسرة تقوم عليها وعلى نطفة رجل يمكن أن تشتريها من بنك الحيوانات المنوية دون الحاجة إلى رجل في الأصل؟! كما بات للمرأة أن تتزوج من المرأة في غير دولة غربية وبمباركة القانون والكنيسة الذي يسمح بالشذوذ ويسمح بعقد مهرجانات له. إن الحضارة الغربية تبيح تعدد الخليلات تحقيقاً للمتعة الجسدية خارج إطار الزوجية، ما جعل الرجل غير ملتزم بأية واجبات نحو المرأة، فهو يستطيع أن يرحل ويتركها لتواجه مصيرها المؤلم حتى لو حملت منه. ولذلك انتشرت ظاهرة النساء اللواتي يجهضن أو يقمن بتربية الأبناء وحدهن دون أب.

5- والغرب بشكل عام تخلى عن شكل الأسرة الطبيعية التي تحن إليها كل امرأة ما شكل مشكلة سكانية حقيقية في المجتمعات هناك وتحولها إلى الشيخوخة. إن كثيرات من نساء الغرب يعشن اليوم لوحدهن، فلا والد يتكفل بالرعاية والإنفاق، ولا زوج حنون يحميها وينفق عليها ويحافظ على عرضها وشرفها. ما أدى إلى تفشي ظاهرة العيش مع الحيوانات الأليفة التي تؤكد كثير من النساء أنهن بديل أفضل من العيش مع الرجال. إن الغالبية الساحقة من البنات المراهقات في دول الغرب يتركن بيوتهن للعيش في الحرام مع أصدقائهن ومع رجال من سن آبائهن متى شئن، ولا يستطيع آباؤهن أن يفعلوا شيئاً لأن القانون يحميهن.

6- تؤكد الدراسات في الغرب أن المرأة عندهم يبدأ استخدامها جنسياً ويعتدى عليها جنسياً وبمعدلات مخيفة منذ سن صغيرة كيف لا وكثير من المدارس في أميركا وأوروبا توزع حبوب منع الحمل والعوازل الجنسية على الطلبة. في فرنسا وحسب الإحصاءات فإن ثلث الذكور ارتكبوا فاحشة الزنا منذ سن 14.

7- إن التعري والإغراء وكشف الأجساد يعتبر قضية مصيرية في فكر العلاقة بين الرجل والمرأة في الغرب الديمقراطي. فإذا أرادت شركة أن تروج لسيارة مثلاً، تجد المرأة المتعرية التي تقف إلى جانبها جزءاً من التسويق ويمكن أن تكون جزءاً من الصفقة . وإذا أرادت شركة اتخاذ سكرتيرة، فلا بد أن تكون شقراء ومثيرة وهكذا. كل هذا تعكسه سينما هوليود تجسيداً للصورة التي يراد أن تكون عن المرأة. ومن دواعي السخرية فإن صناعة التسلية (الرذيلة) في هوليود تطلق على الشقراء المثيرة (الشقراء الغبية) لأنه لا يهم فكرها ووعيها.

8- المرأة الممتهنة في الغرب لها سعرها ولهذا أصبحت المرأة يتاجر بها بين الدول من أجل استغلالها أبشع استغلال. والإحصاءات حول تجارة النساء بين أوروبا وأميركا مخيفة وتقشعر لها الأبدان. كما أن هناك شركات متخصصة في توفير النساء لمن يرغب. وقد أشارت دراسة حديثة إلى أن كثيرات من طالبات الجامعات في فرنسا يوفرن أقساطهن الجامعية من خلال عملهن كمرافقات للرجال الذين يدفعون ناهيك عن امتهان أعداد كبيرة من النساء للدعارة في غير بلد غربي ، ففي أميركا مثلاً فإن أكثر من مليون امرأة تمارس ذلك رسمياً.

9- تؤكد الدراسات الغربية أن المرأة عندهم لا تعطى أجراً مساوياً للرجل وأنها تستغل جنسياً في أحوال كثيرة أثناء العمل. والحاصل هو أن المرأة في الغرب يجب عليها أن تعمل إن أرادت الحياة وليس مطلوباً من أي رجل -والد أو أخ أو زوج- الإنفاق عليها كما في نظام الإسلام ما يجعلها تمتهن وتستغل في أحيان كثيرة حين تعمل من أجل قوت يومها. فالمرأة هناك تعاني من عدم قدرتها على إنشاء أسرة تلعب فيها دور الأم الحقيقي. فالحضارة الغربية تعمل على تهيئة المرأة للعمل والخروج من بيتها لا لتكون ربة بيت. يقول ألكس كاريل وهو أحد رجال الفكر في الغرب الحائز على جائزة نوبل "أليس من الغريب أن برامج تعليم البنات لا تشتمل بصفة عامة على أية دراسة مستفيضة للصغار والأطفال وصفاتهم الفسيولوجية والعقلية؟! يجب أن تعاد للمرأة وظيفتها الطبيعية التي لا تشتمل على الحمل فقط بل أيضا على رعاية صغارها".

10- المرأة في الغرب تتعرض للعنف من قبل الرجل بشكل يندى له الجبين كيف لا ولا توجد قيم ولا أخلاق فمن تحرش عنيف إلى اغتصاب كامل إلى ضرب يفضي إلى الموت على يد الصديق العشيق أو الزوج المخمور. وتؤكد الإحصاءات أن معدلات قتل النساء في الغرب أصبحت أكثر من ظاهرة مخيفة ومرعبة.

بقلم : دكتور حازم بدر

الأحد، 12 ديسمبر 2010

المرأة في الاعلام



بسم الله الرحمن الرحيم

لم يكن تعبير "حقوق المرأة" تعبيراً بريئاً، ولم يُنحت هذا الشعار استرداداً لحق فقدته المرأة من الرجل، بل من النظام القائم، وهو في حقيقته مظهراً من مظاهر التمرد على أحكام الله، والانعتاق من هذه الأحكام شيئا فشيئا، تمهيداً لأن تنخلع هذه المرأة المسلمة من منظومة القيم التي تنتظم حياتها، وتقود سلوكَها فيها. وكان ترحيلاً لمشكلة المرأة التي كانت واقعة في حياة الغرب قبل ما سمي بعصر نهضتهم. فهم كما رحّلوا إلينا مشكلة الفصام والصراع العنيف بين الدين والعلم التي عاشوها في تاريخهم فألصقوها بنا ظلما وعَدْواً ، رحّلوا إلينا مشكلة المرأة.استنساخا لمشاكلهم حتى نتقمص تاريخهم ونعيشه ونسير على هداهم ووفق مسعاهم تقليدا لهم واتباعا وتشبها واقتداءً.

ولقد كان من جرّاء تمكن الكفار المستعمرين، من بلاد المسلمين وسعيهم لتمكين الكفر من قلوب المسلمين وترسيخه في علاقاتهم، وكذلك، من جرّاء استحكام عقدة النقص عند فئات منهم، وشعورِهم بأن الغرب لم يتفوق عليهم، إلا لأمر موجود عنده غير موجود عندنا، وهو طراز عيشه ونمط تفكيره وتسييره لنظام الحياة. فالتقى الماء على أمر قد قدر، مكرٌ يراد بالأمة لحرفها عن دينها من قِبل عدوها، وعجز مستحكم فيها بعد هزيمتها، أفضيا إلى التأسي بالأجنبي وتقليده، في ظل هذه الأجواء الملبدة نشأ مفهوم "تحرير المرأة" و"حقوق المرأة"، بل وصار للمرأة قضية تذكر وتثار.


ولقد بدأ هذه القضية أعلامٌ في الفكر والسياسة والفقه عرفوا بميلهم للأجنبي أو افتتانهم بمناهجه، أو التلقي عنه أو التأثر به، في الوقت الذي كانت الأمة ضعيفة ضعفاً يجعلها تشعر شعورا عميقاً بتفوق الكافر عليها، وتقدمِه في كافة مظاهر الحياة، لأن مبعث التميز الذي يتقدم به المسلمون وهوَ فهمُ دينهم وتسيير حياتهم بموجبِه، لم يكن حاضراً في حياتهم، بل كانت حياتهم من هذا كله خالية، مما يسّر أن يمتلئ الفراغ بما يتاح وهو الفكر الغربي الذي كان حاضراً، تدفعُ به دولٌ كافرة مستعمرة يهمها أن تزرع في نفوس المسلمين كل ما يبقيها في منصب الإمامة من عقولهم وقلوبهم، والقوامة على حياتهم وسلوكهم.

وبزوال سلطان الإسلام عن الوجود، وهو الذي كان يقيم دين الله في الأرض، كان لا بد من تيسير انفلات الناس رجالاً ونساءً من أحكام الله، لكن الناس مؤمنون موحّدون، فلا بد إذن من استخدام الحيلة معهم، وإيهامهم بأسلوب خبيث أن المرأة في الإسلام مظلومة ولا حقوق لها وان الرجل وما أسموهم بالمجتمعات الذكورية في بلاد المسلمين هي التي تظلمها . ولكن كيف السبيل إلى إقناع المرأة المسلمة بهذه الأفكار المسمومة ؟ فكان لا بد من آلية إعلامية ضخمة تعمل عمل السحر في عقول النساء حتى تعميهم وتحرفهم عن الطريق المستقيم . فتبنت وسائل الإعلام قضية المرأة المسلمة بكل حذافيرها وحولتها من قضية مزيفة وهجوم شرس على الإسلام إلى قضية العصر الحديث و قضية للمرأة الناهضة العصرية التي خلعت ثوب التخلف.. والحقيقة هم يريدون سلخها عن هويتها الإسلامية.

ودأب الإعلام على صنع قالب غربي وضع فيه المرأة المسلمة وعمل جاهدا على الإيحاء لها بأن هذه هي الحياة الصحيحة الجديدة حياة تبدل حياتها القديمة البالية التي تركها جميع الناس في هذا العصر الجديد. وقد فعل ذلك من خلال المسلسلات الهابطة وتضخيم وتعظيم الحريات وإعطائها أكبر من حجمها الحقيقي وتغيير واقعها من معصية الله عز وجل إلى تجديد الإسلام والإسلام المعتدل والحوار بين الأديان فساوى بين الأحكام الشرعية وبين الحرية وساوى بين التقيد والإلتزام وبين الإنحلال والتفسخ فاظهر المحجبة في الكليبات والمسلسلات لا تختلف عن الأخريات فهي إنسانة لها إحتياجات يجب أن تشبع بأي طريقة ولا بأس بترتب الآثام عليها.

حتى اللباس الشرعي الذي فرضه الله تعالى قد حرِّف إلى بنطال الجينز واللبس الغربي وجعل منه مجرد قطعة قماش صغيرة الحجم يغطى به الرأس. واتبع الإعلام نفس الأسلوب مع كل الأحكام الشرعية فهاجم أحكام مثل حكم التعدد وربطه بأنه مهانة للزوجة الثانية وخيانة للزوجة الأولى وركز على هذه النقاط ليتلاعب بمشاعر الناس ممن يتابعون وسائل الإعلام التي تمثل عندهم مصدر لمعلوماتهم وإستغل ثقتهم في المادة التي يقدمون وفي الضيوف الذين يستضيفون بالذات ذوي اللحى من علماء الفضائيات المنضبعين بالثقافة الغربية يروجون لها من خلال إعلام فاسد.

والإعلام كالساحر الذي يعمي الابصار والقلوب بأساليب التكرار والإصرار على تكرار المفاهيم الفاسدة التي يريد ترويجها بين الناس. كما يتلاعب بالألفاظ حتى تتغير معانيها فجعل من الأم وربة المنزل إمرأة محبوسة في بيتها لا عمل لها غير تربية أولادها وزرع في أذهان الناس أنها المظلومة المغلوبة على أمرها، من كثر ما بثت بذلك البرامج الحوارية والمسلسلات الهابطة، وبينما صور المرأة المتحررة المنفتحة والتي تزاحم الرجال في أعمالهم صورها بالانيقة العصرية الراقية، والحقيقة أنه نزع عنها ثوب العفة والنقاء وجعلها عاصية لأمر ربها وسافرة بدون زيها الشرعي مختلطة بالرجال إختلاط يحرمه الشرع. وصور أن دور الأم وتربية الأولاد دور تافه وقزمه تقزيم شديد فلم يعط الأمهات حقهن وهن عند الله كالمجاهدات في سبيله بعملهن هذا.

وكما أغفل أن الأم وربة المنزل وكل النساء في الإسلام هن عرض يجب ان يصان، فهتك هذا العرض غير مبال بالحرمات وإقتحم كل الخصوصيات في حياة المرأة المسلمة وتدخل بينها وبين زوجها وبينها وبين أخيها وبل وبينها وبين أبيها وجعل منهم أعداء لها فحرضها على عدم طاعة الزوج بحجة الحرية الشخصية وحرضها على تحدي أخيها بحجة المساواة بين المرأة والرجل وحرضها بشراسة ضد أبيها وطاعته أيضا بحجة العصرنة والفرق بين الأجيال في الأفكار القديمة والأفكار الجديدة مهاجما الاباء والأمهات بحجة أنهم يريدون فرض عادات وتقاليد قديمة وواهية ويجي ان تتغير في العصر الحديث وهم يقصدون مهاجمة ما تبقى من أحكام شرعية عند المسلمين. وإنتزع بذلك من المرأة الحياة الهانئة المطمئنة في كنف أسرتها الصغيرة بجعلها عدوة لزوجها ومتمردة عليه لا تقبل منه قوامة. وحتى معنى القوامة في الشرع قد حرفه الإعلام وتلاعب بالألفظ وجعل منه مصطلح يرعب به المرأة .. بينما قوامة زوجها عليها هو حقها في رعايتها والقيام بكل شؤونها.و كذلك أفسد الإعلام عليها حياتها السعيدة المستقرة أيضا وهي في كنف بيت والدها الذي يحميها ويصونها.

وفعليا إزدادت نسب الطلاق وإرتفعت أعداد المتمردات على الأحكام الشرعية كحكم الإختلاط والخلوة وتعدد الزوجات وبات سفور المرأة المسلمة مقبول بل يشجع المجتمع عليه. وما ذلك إلا لأن الإعلام قد لعب دور قذر في إزدياد الإنحطاط الفكري عند المرأة المسلمة بالذات. بل وأكثر من ذلك خدع الإعلام المرأة التي صدقت أنها سلعة تباع وتشترى بعرض جسدها وبياض وجهها وسواده، وإستغلال جمالها للربح المادي من خلال دعايات تجارية. والملاحظ تقليد الإعلام العربي للإعلام الغربي في قضية المرأة خطوة بخطوة فطرح القضايا التي تهمها وتهم الأمة الإسلامية جميعا من زاويا غربية وكافرة بحتة وتجاهل أن المرأة المسلمة يهمها وجه نظر الشرع في كل مناحي حياتها وهذا ما تبحث عنه عندما تلجأ للإعلام لحل مشكلة أو للتقصي والبحث ولكن الإعلام تعمد أن يستهزأ بها وبعقلها وبأفكارها وأن يتلاعب بمشاعرها، فأغفل الشرع مرارا وتكرارا ما تنتمي إليه هذه المرأة المسلمة، وحتى من إختارهم ليبرزوا وجهة نظر الشرع في القضايا يكونون من المتأمركين ومن الوسطيين ومن المعتدلين ممن يحرفون الإسلام النقي الذي يسميه الإعلاميون بألفاظ كثيرة إلا بمعناها الحقيقي في الفقه وفي الشرع.

ولم يركز الإعلام ابدا على إبراز نماذج قوية للمرأة غير التي يريد الغرب الكافر الترويج لها! فغيب الإعلام تماما تاريخ المرأة المسلمة المشرق. فغيب مثلا نماذج قوية ذات فكر مستنير كأمهات المؤمنين السياسيات اللاتي أسسن لنهضة الإسلام بإقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة وما بعد ذلك إستمرت هذه الدولة الإسلامية تحكم العالم كله ولمئات السنين. ودائما ما يحدثنا التاريخ عن نماذج لنساء مسلمات عالمات حملن الأمانة وكن شقائق الرجال ولكن لم يذكرهن الإعلام وكأنهن غير موجودات! وتعمد إظهار هذا التاريخ على أنه قد فات وولى ولن يرجع مرة أخرى بينما الإسلام الذي أنقذ الإنسانية كلها من وحل الإنحطاط وخط هذا التاريخ المشرق ما زال موجودا. بل جعلت وسائل الإعلام من المرأة المتدينة إمرأة معقدة ينفر منها الناس لكثرة وعظها وجعل منها إمرأة لا تعلم شيئا عن الدنيا غير أن تصلي وتسبح ولا دخل لها بقضية الأمة الإسلامية المصيرية، فتجاهل دورها في نهضة الأمة الإسلامية. كما تجاهل حاملات الدعوة للإسلام المخلصات لله تعالى والعاملات لتغيير الواقع الفاسد بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل وعمل فقط على تعظيم زوجات ساسة الأنظمة العربية والإسلامية الذين لا يحكمون بالإسلام مطلقا واللاتي مرة أخرى يروجون للحياة الغربية ولتقليد نساء الغرب الكافر في أسلوب حياتهم ولا يمتون بأي صلة للإسلام والمسلمين ولا دخل لهم بأحكام شرعية وتقيد وإلتزام بمنهج الحياة الإسلامية المستقيمة.

وأخيرا نقول أنه لا شك أن للإعلام العربي التابع للإعلام الغربي دور كبير جدا في إنجاح الحملة الشرسة التي شنها الغرب الكافر على المرأة المسلمة في كل حالاتها. ولا يجب ان نغفل أبدا هذا الدور الذي يخضع لسياسات الأنظمة الفاسقة التي تحكم بلاد المسلمين بغير ما أنزل الله تعالى. وهي مؤامرة قديمة جديدة ضد الإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم. ولذلك كان لا بد من العمل على فضح تواطوء الإعلام بكل وسائله مع الحكام حتى يحذر المسلم منها وخصوصا المرأة المسلمة التي يجب أن تنظر لهذه الرسائل الإعلامية المكثفة ضدها وضد دينها العظيم، بعين الناقدة الثاقبة فتمحص وتبحث عن الحق، من زاوية العقيدة الإسلامية حتى لا ينجح الإعلام في تضليلها. ولا حل لهذا الإعلام الفاسد إلا بتغيير الأنظمة التي تتحكم فيه وتوجه الرأي العام من خلاله وتقوده للضلال. فإقامة شرع الله تعالى في العالم بإقامة الخلافة الراشدة والتي يكون إعلامها ملتزما بقضايا الأمة وهدفه إعلاء كلمة الله تعالى وقيادة البشرية إلى الجنة هي سبيل الخلاص الوحيد للإنسانية جميعا.

حاملة دعوة

السبت، 21 أغسطس 2010

مشاريع هدم الأسرة المسلمة من التخطيط إلى التنفيذ

بسم الله الرحمن الرحيم

كانت الأسرة المسلمة ـ ولا تزال ـ تمثل قاعدة الاجتماع الإسلامي، وكانت ـ ولا تزال أيضاً ـ تمثل حصن هذا الاجتماع وقـلعته، ومـنذ أن اكتشف الغـرب بحضارتـه (النصرانية ـ اليهودية) أنه لا يمكنه أن يخترق الأمة الإسلاميـة أو يـُجهِز عليها بالوسائل العسكرية عقب محاولاته ومخططاته العسكرية التي كان آخرها الحروب الصليبية؛ فإن الغرب سعى إلى تغيير وسائله، فتحول عن المواجهة العسكرية إلى المواجهة الـفـكـرية والسلوكية وهو ما يعبر عنه عادة في الأدبيات الإسلامية بـ "الغزو الفكري" وكانت أهم أدواتــه في ذلك إنشاء جيش من المنصِّرين والمستشرقين، وتأسيس كراسٍ للدراسات الاستشراقية التـي تسـتهدف اكتشاف العالم الإسلامي واختراقه لمعرفة عاداته وتقاليده ونفسية أبنائه.

وبـلـغ شأو هذه الجيوش الاستشراقية والتنصيرية حداً سجن العالم الإسلامي سجناً كبيراً، فلم تـدع شــيـئاً إلا دسَّت أنفها فيه حتى دخلت مخادع النساء ـ بتعبير "محمود شاكر" في رسالته القيمـة: "الـطـريـق إلـى ثقـافـتنا" ـ وكانت جيوش المنصرين والمستشرقين هم طليعة الاستعمار "الاستخراب" الغربي للعالم الإســلامي ـ كـمـا كانت هذه الجيوش الاستشراقية هي الأساس الذي قامت عليه مراكز الأبحاث وأجهزة الجـاسـوسـيـة والـمخابرات المتصلة بالنفاذ إلى أعمق أعماق عالمنا الإسلامي.

وبـعــد انتـهـــاء الاستعـمــــار "الاستخراب" العسكري ظل العالم الإسلامي ـ بحكم موقعه الاستراتـيـجـي وبـحـكـم مـوارده، وبحكم ما يمثله من امتلاك الثروة الحضارية والروحية الهائلة والمتثملة في الإســلام ـ ظـــل موضع اهتمام لما يمكـن أن نطلـــق عليه: "الاستشراق الجديد". والاستشراق الجـديـد لا يـعـتـمـد فـي دراســته عن العالم الإسلامي على جنوده وأبنائه من الغرب، بل سعى إلى وجود مستشرقين من أبـنـاء العالم الإسلامي نفسه؛ بحيث تقوم علاقة ترابط قوية بين المراكز الاستشراقية في الخارج وبـيـن أطــــرافـهـــا وذيولها في الداخل.

وتمثل ظاهرة "الأبحاث المشتركة" عن الاجتماع الإسلامي فيما يتصل بمظاهر قوته الخاصة بالـصـحـــــوة الإسلامية، واللغة العربية، والأزهر، والأسرة المسلمة، والحجاب، وانتشار السلوك الإســلامي ـ تمثل موضوعات هامة للاستشراق المحلي المرتبط بالاستشراق الجديد في الخارج؛ فـلـم يـعـد الذين يرصدون الظواهر التي تمثل مظاهر قوة في المجتمع الإسلامي من الغربيين وإنما هم من جلدتنا وأبنائنا ويتحدثون بألسنتنا. ووُجِدت نخبة متغربة تتبنى قيم الغرب نمطاً للـحـيــــاة بـديــلاً عن نمط الحياة الإسلامي، وقد استطاعت هذه النخبة السيطرة على مراكز صناعة القرار وخاصة الإعلام والفكر والكتابة، وصارت الذراع الفكرية التي تحمي النظم الحاكمة وتسوِّغ لـهـــــا الاندفاع في التبعية للأفكار والقيم الغربية: تارة باسم التقدم، وتارة باسم "الوراثة". وبلغت الرغبة في الاختراق حداً مريعاً؛ إذ وصل الأمر بالإصرار على اختراق المؤسسة الدينية ذاتـهــا؛ وكأن الغرب يريد أن يقول: إنه لا توجد مؤسسة مهما كان شأنها عصية على الاختراق. وبالطبع فإن دراسة الوقائع الميدانية للعالم الإسلامي تمثل مدخلاً هاماً لصناع القرار السياسـي فـي الـغـرب وخاصة في أمريكا؛ حيث تعتبر أمريكا ما تطلق عليه: "فهم الطابع القومي للشعوب" أحـــــــد أهم مداخل سياستها الخارجية تجاه العالم الإسلامي بالذات.

وبـعـــــد سقوط الاتحاد السوفييتي ـ غير مأسوفٍ عليه ـ فإن أمريكا صارت القوة الوحيدة الـمهيمنة على العالم، وطرحت ما أطلقت عليه: "النظام العالمي الجديد" ثم نظام "العولمة" ورغـم أن الـمـصـطـلـح الأول اتخذ طابعاً تبشيرياً يشير إلى وجود نظام عالمي مرجعي واحد للعالم؛ بحيث تتلاشـى الخصوصيات والصراعات، وتتوحد المعايير في التعامل مع المواقف المتشابهة؛ إلا أن الوقـائـع أثـبـتـت فـشـــل المصطلح. أما المصطلح الثاني فرغم أنه حاول المراوغة بالحديث عن نظام اقتصادي تبادلـي تـيـسـره الثورة التقَنيَّة إلا أنه استبطن فرض منظومة قيمية فيما يتصل بالسياسة والثقافة والاجتماع.

ويـبـدو أن الــغـرب بــدأ يشعر بأنـه حقق ما أراده بالنسبة إلى العالم الإسلامي فيما يتصل بالسياسة بسيطرته على الـنـظـــم الحاكمة وفرض ما يريده عليها، وأن شهيته الآن بدأت تتجه إلى نظم الاجتماع والثقافة بفــرض نظام موحد في الاجتماع والثقافة وهو ما يمكن أن نطلق عليه: "عولمة الاجتماع والثـقـافــة" فالاجتماع أساسه الأسرة، والثقافة أساسها القيم الدينية، وفي حالة العالم الإسلامي فــإن القيم الإسلامية هي التي تصوغ الاجتماع والثقافة وحياة البشر والناس.

إن الغـرب شــعـر أن النظـم الحاكمة قدمت عبوديتها وولاءها؛ لكن الناس والبشر في العالم الإسلامي لا تزال تأبى إلا أن تـجـعـــــل عبوديتها وولاءها لله؛ ومن هنا كان اقتحام عالم الأسرة التي تمثل أساس الاجتماع الإسلامي.

وبشكل عام فإن الغرب وأمريكا خاصة تتبنى "سياسة تفكيك المجتمعات" أي جعل أهلها شيعاً وأحزاباً ـ وهي السياسة الفرعونية التي تعـبر عن الطاغوتية والاستعلاء، ولكي تفكك هذه المجتمعات فإنها تسعى إلى ضرب مــواطـن القوة التي تحول دون اختراق المجتمعات الإسلامية. وأحد أهم مواطن القوة في العالم الإســلامي نـظــام الأسرة الذي يحفظ للمجتمع قوته وتماسكه. وتبدو الهجمة الغربية (الأمريكية) الآن عبر تـسـيـدهــــا وهيمنتها وشرائها للنخب العنكبوتية، واحتفائها بجمعيات ضغط نسائية منتفعة، وعبر جمــعـيــات حقوقية نسائية وحقوقية عامة، وعبر تمويل هذه الجمعيات وكأنها فيها تفرض ولو بالقـــوة أجندة خـاصـــــة، وتأتي الأسرة والمرأة وقضاياها ذات الأولوية من الهجمة الغربية الأمريكـيــة الجديدة، وهذه الهجمة تؤكد أن الغرب ووكلاءه في المنطقة ينتقلون من التخطيط والإعداد للغزو الفكري والقيمي للعالم الإسلامي إلى التنفيذ منتهزين لحظة تاريخية ـ إنما هي القوة المتسيدة للغرب وضعف العالم الإسلامي.

تعميم الحالة المصرية:

في مصر حـيــث يـعـتبر الأزهر المؤسسة الإسلامية الأولى وأحد المرجعيات السنِّية الأعلى في العالم الإسلامي ـ في مـصــــــر هذه تم "إقرار قانون الأحوال الشخصية الجديد" وهو قانون أعدته بالأساس وزارة العدل الـمـصـريـة. ووفق معلوماتنا فإن مشروع القانون جاء استجابة لتلبية مطالب "اللوبي النسائي المصري" الـذي يرتـبـط بالـتـيـار النسوي الغربي وهو التيار الذي صاغ أجندة مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عــــــام 1994م، ثم أجندة"وثيقة مؤتمر بكين" الذي عقد ببكين في الصين عــــــام 1995م، وهي سلسلة مؤتمرات بدأت في السبعينيات تبنتها الأمم المتحدة، وتستهدف بشكل أساس "إعادة الهندسة الاجتماعية للأسرة وللاجتماع الإنساني والبشري". وهذه المؤتمرات وأفكارها تسـتـمـد قوتها من أمريكا والأمم المتحدة والعالم الغربي الذي يريد أن يفرض عولمة الاجتماع الإنســـاني وفق منظومة القيم الغربية مستظهراً دعاوي حقوق الإنسان وحماية المرأة؛ حيث إن العالم الغربي لم يعد يرى أن ترتيب قواعد الاجتماع البشري مسألة داخلية تخص أبناء دين أو مـجتمع بعينه؛ وإنما هي مسألة كونية عالمية تفرض القيم الغربية، وتستدعي حمايتها ولو بالتدخل الذي يحمل صفة إنسانية.

ووفق معلوماتنا فإن الغرب وأمريكا لم تكن بعيدة عن مطالبة وزارة العدل الـمـصـريـة بطرح مـشـــــــروع القانون الخاص بالأحوال الشخصية، وفرض مواد موضوعية فيها وهي المواد الخاصة "بالـخـُـلــــع" "وسفر الزوجة" و "قبول طلاق المتزوجة عرفياً"؛ فقد كان مشروع القانون الذي عرض عـلـى مجلس الشورى المصري عام 1998م إجرائياً بحتاً؛ لكن إضافة هذه المواد عليه نقلته من كونه قانوناً للإجراءات إلى قانون موضــــوعي؛ والهدف من ذلك كسر قوامة الرجل بالسماح لزوجته بالسفر دون إذنه، وتفكيك الأســـــرة المسلمة عن طريق إعطاء المرأة "حق الخلع" أي الحرية بالمفهوم النسوي لإنهاء العلاقة الــزوجية متى شاءت دون أن يكون هناك أي عوائق يتطلب إثباتها مثل "الضرر".

ولأن القانون يدخل في نسيج العلاقات الخاصة أولاً، ويتدخل في منطقةٍ فَصَل الإسلامُ فيها باعـتـبار أن التشريع لها حق لله وحده ثانياً، ولأن هذه المنطقة من التشريع لا تزال البقية الباقــيـــة من القوانين القائمة الآن ومرجعيته الإسلام، لكل هذه الاعتبارات أراد واضعو المشروع أن يحصلوا على موافقة الأزهر، فعرض على مجمع البحوث الإسلامية الذي رده مرتين اثنتين بعد مناقشات وتمحيص، ثم عرض على مجلس الشعب؛ حيث تمت الموافقة عليه بعد حذف مادة حق الزوجة في السفر بدون إذن زوجها، وبقيت مادة الخلع.

والذي لم يجرِ الالتفات إليه في قانون الأحوال الشخصية الجديد بمصر؛ أنه ألغى لائحة ترتيب المحـاكـم الـشــرعــيــــة وهي آخر ما كان باقياً للإسلام من أثر حاكم ومرجعي في القوانين؛ ومن ثم فإن القانون الجديد رغـم المعارضة الإسلامية والشرعية له فإنها معارضة في الفروع وليس في الدفاع عن المـرجـعـيـة الإسلامية ذاتها ـ أي أنه قانون مرجعيته مدنية علمانية، والقصد من ورائه هو تعميم هذه الـتـجـربـــة في قوانين البلدان العربية الأخرى؛ بحيث يكون هناك قانون موحد للبلدان العربية للأحــــوال الشخصية وتكون مرجعية هذا القانون الموحد مدنية علمانية، وهو جزء من المشروع الـغـربــــي لعولمة الاجتماع الإسلامي وعلمنته، وتواكب الحديث ـ مع إخراج قانون الأحوال الشخـصـيـــة الجديد في مصر عن تعديل المادة 240 في قانون العقوبات التي تساوي بين المرأة والرجـــل إذا وجد أي منهما الآخر متلبساً بالزنا؛ فالمادة الحالية تجعل الرجل الذي يقتل زوجــتـــه إذا رآها متلبسة بالزنا مع آخر في فراشه تجعله متهماً بجنحة باعتباره دفاعاً عن شرفـه؛ بينما إذا حدث ذلك بالنسبة للمرأة فإنها تكون جريمة خيانة وهي مادة مأخوذة من القــانون البلجيكي ـ لكن الفكرة المهيمنة على النائبة التي طالبت بتعديل المادة هي فكرة الـمـســاواة بين المرأة والرجل رغم أن الـمـنــاط مختلف؛ فقد تكون المرأة التي رأتها الزوجة مع زوجها زوجته الثانية وليست خدينة له، بينما في حالة المرأة لا يمكن أن يكون من معها زوج لها؛ لأنها لا تجمع بين زوجين في آنٍ واحد.

لـكـن الـمـطـالـبــة بتعديل المادة هو جزء من حملة نسوية تطرق على الحديد وهو ساخن؛ وبالمنهج نفسه والاستراتيجية ذاتـهــا بـدأ تحـــرك الجمـعـيات النسوية المصرية المشبوهة لتأسيس اتحاد فيما بينها على طريق تنظيم صفوفها لطرح مـطـالـبـهـا النسوية ذات الطابع الشاذ والعنصري. وعلمنا أن المحرِّكة لفكرة تأسيس اتحاد نسوي هي "نــوال الـسـعداوي" التي قامت بعقد مؤتمر صحفي دعت إليه الوكالات الغربية العاملة في مصر وحدها مـطـلع هـــذا الشهر؛ حيث طالبت بتشريعات نسوية علمانية لا يكون لله فيها أي سلطان أو حق على حد تعبيرها، ومعلوم أن الجمعيات النسوية المصرية والعربية قد تفككت عُراها بسبب اتهامات بسرقات تمويل هذه الجمعيات من الجهات الأجنبية. وآخر ما أمكننا رصده مما يمكن أن نطلق عليه: "توابع قانون الأحوال الشخصية المصري" ما تقدم به النائب "محمد خليل قويطة" من اقتراح مشروع قانون لتعديل قانون العقوبات، بحيث يتناول التعديل في مادته 290 جــواز قيام النيابة بالإذن بإجهاض الفتاة التي تحمل سفاحاً بناءاً على تقرير الطـبـيـب الـشـرعي. وقال النائب: إن الاقتراح يخفف من متاعب الجنين عليها، ويزيل مخاوفها من رعاية طفل فرضته جريمة الاغتصاب.

ولا بد مـن ذكــر الـمـظاهرة النسوية التي سبقت إخراج (مشروع) قانون الأحوال الشخصية والتي تمثلت في المؤتمر الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة في مصر في الذكرى المئوية الأولى لصدور كتاب قـاسـم أمين "تحرير المرأة" الذي صدر عام 1899م ـ وذلك في الفترة من 23 ـ 28 أكتوبر (تشرين الأول) 1999م؛ وفـي تـجـمـع لـنـســاء أخفقن في حياتهن الزوجية أو العجائز والمقعدات ليعبرن بصراحة عن محادة الله ورسوله والدعوة إلى تبني القيم النسوية الغربية والـتـخـلــص مـمـــا أسموه: (القيود الدينية) ـ في ذلك المؤتمر طالب هؤلاء النسوة بالمساواة بين الـرجـل والمرأة في الميراث وبحق المرأة المطلَق في الحرية بجسدها، وبحقها في كسر أي قـيـود للرجل عليها. وبلغ التطرف النسوي العربي حداً دفع بعض المشاركات إلى رفض هذا التطرف للمرأة العربية، وانـسـحـبـت المحـجـبات من الجلسات التي بالغت في الهجوم على الإسلام والدعوة الصريحة للعري وإلى التبذل المحرم، كما امتنع ممثلو التيار الإسلامي (ممن دعي) من الحضور لاقتناعهم أن النسـوة الذيـن تـم مشاركتهن لا يعبرن عن تيار حقـيـقـي فـي الـعــالم العربي والإسلامي وأنهن فئات مهمشة ومهووسة بتقليد الغرب ومنسحقة أمـام قـيـمـه؛ فالحالة المصرية تستجمع قوتها النسوية للتنفيذ والإعلان عما كان مخبوءاً.

وبـيـنـمــــــا كان الصخب حول مشروع قانون الأحوال الشخصية على أشده في القاهرة إذا بالرباط تتجاوب معها؛ حيث انتقل الصخب إلى هناك حول ما أطلق عليه المغاربة: (خطة الـحـكـومـــة لتفعيل مشاركة المرأة في التنمية) وحكاية التفعيل هذه هي أحد بنود الأجندة النســـوية القومية لجعل المرأة أكثر فعالية. ومعنى فعاليتها عندهم هو تأخير سن زواجها، وانخراطها في العمل بعيداً عن أسرتها باعتباره ـ وفق قيم الغرب ـ يدر دخلاً، ومن ثَمَّ فهو العمل المحترم حتى لو كان من البغاء ـ بينما يُنظر للمرأة التي تعمل في البيت بأنها خارج الإطار ولا تعمل عملاً منتجاً. وفـي الــــواقع فإن مسألة الاندماج في التنمية بالمغرب ليست سوى ستار لإقــرار قــانـون أحــوال شخصية جديد هناك شبيه بقانون الأحوال الشخصية الذي تم صكه في مصر ووافق عـلـيـه شـيـخ الأزهر ورئيس جامعته. ومن قبل في لبنان ثار موضوع "الزواج المدني"؛ حيث تكون مؤسسة الزواج لا تقيم أي اعتبار للـدين أو العقيـدة؛ بحيث يمكـن للمسلمة أن تتزوج كافـراً أو مشركاً، وتصبح العلاقة الأسرية علاقة مدنية يحكمها عقد ينظمها بعيداً عن المودة والرحمة التي يفرضها الالتزام بالإسلام. وفي الكويت شهدت مسألة حقوق المرأة السياسية صراعاً بين العلمانيين والإسلاميين، وتم التصويت ضدها في مجلس الأمة الكويتي. ويهدف الذين يتبنون قانون الحقوق السياسية للمرأة في الكويت إلى كسر الحجاب بين المرأة والرجل وفرض الاختلاط بشكل مطلق؛ وهو ما يعد تهديداً لتقاليد المجتمع الكويتي. وفي الإمارات دعوة إلى اقتحام المرأة للوزارة.

إن مـا يحدث الآن هو التلاعب بقواعد الاجتماع الإسلامي وطرح قواعد جديدة مستلهَمة من الرؤيــة الغربية إلى حد محاولة فرض أيديولوجية نسوية جديدة لها انتشارها وذيوعها كما كان الحال بالنسبة للاشتراكية والشيوعية والليبرالية ـ وتكون هذه الأيديولوجية عابرة للقارات؛ بحيث تكون المساواة بين الذكر والأنثى هي محورها! إنها الحرب الجديدة ولا شيء سوى كونها حرباً حقيقية تحتاج إلى وعي وجهاد لمدافعتها ورد خطرها عن مجتمعنا الإسلامي؛ فهو آخر خطوط دفاعنا عن حصوننا.

كمال حبيب

عن مجلة البيان

الجمعة، 13 أغسطس 2010

يوم في حياة المرأة المسلمة



بســم الله الـرحمــن الرحيــم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ،،

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،

يوم في حياة إمرأة مسلمة ،،

كإمرأة مسلمة تعيش في بلد جلّ اهله مسلمون ، كان طبيعيا أن اعطي الإسلام والتدين حيزا كبيرا من إهتماماتي ، وخصوصا أن أهلي ربياني على حب الإسلام وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويتمثل ذلك الحب في البحث عن الفتاوى التي تخصني كإمرأة .. أحكام الحيض والنفاس والصوم والزي الشرعي وطاعة الزوج والإبتعاد عن الغيبة والنميمة. وغير ذلك تنصب إهتماماتي في البحث عن وصفات للطبخ ، وتكون هذه " الإنجازات " هي محور أحاديثي انا وصديقاتي في ايامنا العادية ، بالإضافة إلى أحاديث الموضة واحدث ربطات الخمار والحجاب.

والأن وفي هذه الايام ونحن نعيش الاجواء الرمضانية ، لا بد من تكثيف العبادات لنعيش هذه الأجواء الإيمانية الرائعة. وطبعا لقد تعرفت على أحكام الصيام الكثيرة المتعلقة بالمرأة ،، الرضاعة والحمل والولادة .. والحمدلله فأنا اقوم الليل واتلو القرآن واختمه مع صديقاتي في جلسات خاصة لقراءة دعاء الختمة معا ،، وكما نعمل على تحضير إفطارات جماعية للمحتاجين من المسلمين. فرمضان هو شهر الصدقات والأكلات الشهية والتزود من العبادات من صلاة وصيام وتلاوة قرآن وقيام ليل. وللمرأة المسلمة دور كبير في تحقيق ذلك.

وكعادتي اجلس لمتابعة القنوات الفضائية فمنهم اتعلم الكثير من الإتكيت واخذ منهم أراء حديثة وعصرية في تنسيق وتهذيب اسلوب حياتي فهن قد تعرفن على العادات الامريكية والأوروبية الراقية التي نفتقدها نحن كبلاد عربية متخلفة عنهم في النظام و في التكنولوجيا بكل أنواعها. فالغرب بلاد الحرية والمال والتقدم.

وفي أوقات فراغي في رمضان المبارك اشاهد الكثير من مسلسلات رمضان المسلية مع أن بعضها يضايقني من شدة الإنحلال الذي تبثه الشاشات في شهر الخير ولكن ما باليد حيلة فالمهم أني استغفر الله تعالى ولا اتحمل ذنب هؤلاء. وطالما اتبع جدول المرأة المسلمة في رمضان من اذكار وصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ،، فأنا بخير إن شاءالله.. وما هي إلا ساعات نقضيها للترويح عن أنفسنا والتسلية مع الأسرة وللراحة من عناء الصيام والطبخ ومد الموائد الشهية ،، والعناية بأطفالي طوال اليوم ،، وبعد الراحة ومشاهدة التلفاز عادة ما اقوم بزيارات كثيرة للأهل والأحباب وذلك صلة للرحم في هذا لشهر المبارك. وهكذا كما في الايام العادية، تتكرر هذه الأنشطة في أيام الصيام وبدون تغيير يُذكر.

وأخيرا ، نسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة والعتق من النيران.

--------------------------------

لكن ،،

ما هو الخطأ في حياة هذه المرأة المسلمة ؟

ما قدمناه لكن أخواتي هو نموذج ليوم في حياة المرأة المسلمة إن كان في شهر رمضان المبارك أو كان في الشهور العادية. وهو نموذج خاص بها إن كانت تعمل أو تدرس أو كانت أم وربة منزل ، فهذا النموذج هو الطاغي على الشريحة النسائية مع إختلافات بسيطة. ولأن هذا الموضوع خاص برمضان فكرت أن نتحدث اليوم عن ما يفتقده النساء المسلمات في حياتهم. فهذا السيناريو يتكرر كل يوم وكل شهر بل وكل عام ،فيجعل الحياة رتيبة ومملة ومتكررة.
ففي المقابل تشتكي الكثير من النساء المسلمات من الملل والرتابة ومن الفراغ القاتل. فالفراغ فراغ فكري ومعنوي ، فتشعر المرأة المسلمة انه ينقصها الكثير ولا تدري لماذا تشعر بهذا النقص. واصبحت هذه ظاهرة مجتمعية تتفاقم مع قدوم رمضان المبارك حيث تتزود المرأة المسلمة بالجداول والإرشادات والفتاوي لمواجهة هذا الشهر بما فيه من أعباء مادية ومعنوية. فإذا ادخلت في خاصية البحث في الإنترنت جملة المرأة المسلمة في رمضان هذا ما تجدين :

جدول المرأة المسلمة في رمضان.

توصيات وتوجيهات إلى المرأة المسلمة في رمضان.

عبادة المرأة المسلمة في رمضان.

مختارات رمضانية – المرأة في رمضان.

رمضانيات نسائية.

موسوعة فتاوي المرأة المسلمة في رمضان.

وكل ما فيها خاص بالعبادات فقط.

فهل تنال المرأة المسلمة كل ما تحتاج إليه من معلومات لتساعدها في تحديد نمط حياتها ؟

وكيف تتعامل المرأة المسلمة مع هذه المعلومات ؟

وهل لهذه المرأة المسلمة أي خيار فيما تتلقى من معلومات ؟

وهل مصادر هذه المعلومات ثقة ؟

لا شك أنه في أيامنا هذه تمثل وسائل الإعلام بكافة أنواعها مؤثر قوي على النمط الذي تعيش به المرأة المسلمة عامة حياتها. فللمرأة دور وقالب محدد تنحصر فيه ، على الأقل عندما نتابع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمشاهدة تصل إلينا هذه الرسالة بوضوح. فالمرأة المسلمة مقيدة بقالب معين لا تحيد عنه. فهي إما المرأة التي يهمها الطبخ والغسيل ونظافة بيتها وإما هي المتحررة العصرية التي تُقلد اسلوب حياة الغرب الكافر، لتصبح إمرأة عصرية. وبين هذا وذاك القالب تحتار المرأة التي تتأثر رغما عنها بهذا الرأي العام الذي أوجده الإعلام عنها.

ويرسل الإعلام رسالة أخرى قوية هنا ، وهي أن المرأة المسلمة تكتفي في حياتها بالعبادات من صلاة وتلاوة وصدقة وذِكر.

فهل هذا ما طلبه الشرع الحنيف من المرأة المسلمة ، أم إنه الإعلام يًفرض عليها هذا الاسلوب من الحياة ؟

فمن تقرأ سيرة الصحابيات رضوان الله عليهم ومواقفهن العظيمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تشعر بأنها فقدت حياة عزيزة لا وجود لها اليوم .. ومن تقرأ تاريخ المرأة المسلمة في ظل الدولة الإسلامية ومواقفها العظيمة وقتذاك، لا بد أن تشعر بفجوة كبيرة بين حياة المرأة المسلمة اليوم وبين حياتها أيام عز المسلمين ومجدهم. فلا بد للمرأة المسلمة اليوم أن تواجه نفسها وأن تكسر قيود هذه الرتابة والملل وأن تعود عظيمة وعزيزة كما كانت وكما أراد الله تعالى لها. فهذا الفارق وهذه الفجوة بسبب غياب الإسلام النقي عن حياة هذه المرأة المسلمة.. فالإسلام ليس فقط مجرد عبادات ،، الإسلام مبدأ له عقيدة ونظام ، وهو نمط حياة متكامل لا يحتاج إلى الإقتباس من مباديء الحياة الأخرى ابدا. فالإسلام النقي اليوم مغيب عن حياة هذه المرأة المسلمة التي ضُلِلت بما رسمه لها الإعلاميون ممن يقلدون الغرب الكافر وممن ينفذون أجندة علمانية موجهة خصيصا للنيل من الأفكار والمفاهيم الإسلامية عند المرأة. فالإسلام دين سياسي وهذا ما يجعله دين حيّ ، متحرك وحيوي وهذا ما يجعله يرعى شؤون الناس ويلبي إحتياجات جميع البشر ، رجل أو إمرأة ، كونه من رب البشر جل وعلا.

فهذه الرتابة في حياة المرأة المسلمة تأتي من محاولة الاعلام في جعل تفكيرها تفكير سطحي ومحدود ومتأثر بأجندات الإعلام العلمانية ، والمشكلة أن للإعلام تأثير أقوى وهو أنه يعمل على تخدير العقول فستجد المرأة المسلمة لا تستوعب أن هذا يحدث لها اصلا ، وترى أن حياتها عادية ، بينما هي ضحية مؤامرة مبرمجة ومخطط لها..

ولذلك ادعوك أختنا ان تبحثي بعين وقلب الباحثة المخلصة لله تعالى . وأن تبتعدي من كل هذه القيود الفكرية المضللة التي تفرضها عليك وسائل الإعلام. وانظري إلى الأمة الإسلامية وأحوالها اليوم واعرفي دورك كإمرأة مسلمة سياسية متفاعلة مع قضايا أمتك ،، وأعطي الإسلام عالميته التي يستحق ولا تحصريه في العبادات الفردية فقط.

فرمضانُ قد أتانا ونحنُ بلا دولة تجمعُ شملنا وتلم شعثنا.

و رمضان قد أتانا ونحنُ بلا إمام يوحِّد صومنا نقاتل من ورائه ونتقي به.

و رمضانُ قد أتانا وشرعُ ربنا مُغيّب عن الوجود وعن التطبيق.

فما هو الدور الذي يجب علينا أن نتخذه حيال كلِّ ذلك ؟!

فهذه معلومات لن نجدها في الإعلام وعلينا مواجهة انفسنا بها والرجوع إلى الإسلام الصحيح وإستقاء معلوماتنا من المصادر الصحيحة ، وعندها فقط سنرى كيف تتغير حياتنا وأهدافنا.

بقلم : أم حنين

السبت، 3 يوليو 2010

حقوق المرأة: حقيقة أم مؤامرة؟



لماذا كل هذه الإثارة وهذه الضجة حول المرأة المسلمة بالذات؟ لماذا ترصد مليارات الدولارات من أجلها؟ ولماذا تعقد المؤتمرات والمحاضرات للمطالبة بحقوقها؟ ولماذا يتدخل رؤساء الدول وعقيلاتهم لإضفاء الجدية على قضاياها؟! أهي مسلوبة الحقوق حقاً؟ أتراها مظلومة بأحكام هذا الدين أم أنها مؤامرة خبيثة وعظيمة؟!

أختي المسلمة:
هكذا سأناديك وهكذا ستظلين... يا حفيدة عائشة... أم المؤمنين جميعا، يا أخت سمية... ونسيبة... وخولة وأسماء... وصفية... والخنساء... إن هذا لحديث طويل.... ولكني على عظم المصاب سأجمل.

لقد أدرك الغرب أنه لولا أرحام المؤمنات العفيفات الطاهرات، ولولا أحضانهن المباركة، لما وجد أمثال أسامة بن زيد وصلاح الدين ومحمد الفاتح، علم الغرب أن صلاتك وتقواك وتمسكك بأحكام ربك في كل حركاتك وسكناتك كان وما زال مصدر قوة ورفعة لأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فشخصوا الداء وفكروا بالدواء وحاكوا المؤامرات وشنوا الهجمات ورصدوا الأموال ليصدوا عن سبيل الله .

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [الأنفال 36]

أختي المسلمة:

لم يكتف الكافر المستعمر بهدم دولة الخلافة التي كانت تذود عن كرامتك وعرضك.. ولم يكتف بتمزيق البلاد، ومص دماء العباد، ونهب الخيرات... ولم يكتف بجعلنا في ذيل الأمم بالحملات العسكرية والمؤامرات الاقتصادية.. بل قام بما هو أشد وأنكى، ألا وهو شن الحملات الفكرية الرأسمالية المبرمجة والمدروسة على بلاد المسلمين، وكنت أنت من أهم المستهدفين في هذه الحملة، وهنا بيت القصيد...

لقد كان لهذا الهجوم طراز خاص ورائحة جديدة، فقد استعملوا زخرف القول وزوره، واتخذوا من النفاق والدجل طريقة، فظهروا كأنهم الإخوان والخلان يقدمون لنا الترياق السحري، ترياق النهضة والحرية ليخلصونا حسب زعمهم الباطل من رجعية ديننا، وعقد تقاليدنا، وتسلط آبائنا وأزواجنا، ودكتاتورية مجتمعاتنا. وصلت بهم الجرأة أن طعنوا في كل جزئية، وفي كثير من مسلمات هذا الدين العظيم... واستعملوا الحكام الرويبضات لسن قوانين جديدة من شأنها أن ترتقي بالمرأة المسلمة لتقترب من مثيلاتها في الغرب على حد زعمهم، وللأسف.. سنت تلك القوانين على المقاس الأميركي والإنجليزي في بلاد المسلمين.. والتي تهاجم الحدود والعقوبات الشرعية والتي تحرف أحكام الله في الطلاق والميراث وتعدد الزوجات والاختلاط وحتى في لباس المرأة وغيرها. أما الثمرة الخبيثة، فهو ما نسمعه من أخبار يندى لها الجبين عن بلاد المسلمين.. حيث أصبح الزنا ليس بجريمة في تركيا ... وحظر الحجاب في بعض بلاد المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، جريمة لا تغتفر.

وصار من حق المرأة أن تمارس الرذيلة على شاشات التلفاز في مصر وغيرها... وصار الخمار ينحسر عن رأس المذيعة الحجازية شيئاً فشيئاً إلى أن سقط في كثير من الحالات بعد أن كان من المستحيلات هناك, وهكذا أصبحت الكويتية والأفغانية تزور صناديق الاقتراع حاسرة الرأس متبرجة متشدقة بالديمقراطية متغنية بالمشاركة السياسية والإنجاز العظيم.

كنا نعد طرد المسلمات المحجبات من المدارس البريطانية جريمة فلما طردن من المدارس في البلاد الإسلامية كتركيا وتونس أسقطنا تلك عن لائحة الجرائم!! والأقبح من الذنب عذره، حيث قالوا لها في المحكمة... إنك تمثلين قدوة سيئة للطالبات... الله أكبر على من لا يعرف من العدل إلا اسمه، ومن الدين الإسلامي إلا رسمه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أما عن القانون المدني فحدث ولا حرج، ذاك القانون الخبيث الذي يطبق في بعض بلاد المسلمين، فيبيح للمسلمة أن تتزوج بكافر وللمسلم أن يتزوج أخته بالرضاع ناهيك عن التلاعب بعدة الطلاق الشرعية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

وهكذا أختي المسلمة، تصدّر الكافر المستعمر وأذنابه من أبناء جلدتنا هذه الحملة الشرسة ونادوا بحقوق المرأة وكأنها في الإسلام بلا حقوق... وأقل درجة وشأناً من الرجل... أرادوها كالمرأة الغربية التي أخرجت من بيتها لتقصى عن رعاية أطفالها ولتنعتق من سلطة الرجل مادياً ومعنوياً... وأصبحت جزءاً مادياً نفعياً في حضارتهم لا ينظر إليها إلا كسلعة تجارية أو موضع لإشباع رغبة، فأصبحت بلا أسرة وبلا حقوق تليق بها، نعم لا ينظر إليها إلا كعارضة أزياء أو راقصة أو كصورة مخزية فاضحة على منتوج تجاري لترويج مستحضر تجميل أو ثوب خليع أو منتج للحمية. أما إذا فقدت تلك الجميلة جمالها بمرض أو كبر سن أو حادث فإنها تصبح لا تساوي شيئاً.

فهل حقاً إن المرأة الغربية محترمة الحقوق لنسعى سعيها؟ وهل هكذا ترتقي الإنسانية؟! أم أن المطلوب هو النفاذ إلى حياة المسلمين الاجتماعية، وتدمير الأسرة المسلمة، بإفساد نسائها وبالتالي إفساد الجيل المسلم بأكمله.
ولم تقتصر الحملة على إخراجها من مخدع طهرها والانتفاع بها كسلعة فقط، ولكنها استهدفت أموراً أخرى لتكتمل خيوط المؤامرة الشيطانية ضدها وضد الإسلام. حيث شجعت المرأة بكل الوسائل المتاحة على الإجهاض ومنع الحمل للوصول إلى تحديد نسل المسلمين،لعلهم يتفادون بذلك الخطر الديمغرافي الذي يحسبون له ألف حساب.
ولقد دعمت هذه الأهدافَ الجهودُ السياسية على كافة المستويات، ابتداء من الأمم المتحدة ومنظماتها الكثيرة، ومروراً بالولايات المتحدة حاملة لواء العولمة والديمقراطية في بلادنا، وانتهاء بالجمعيات النسوية الخيرية المتناثرة تناثر أوراق الخريف في الطرقات.

كل هؤلاء انتفضوا يا أختي المسلمة للاهتمام بشؤونك، مدعين أنهم يخافون على حالتك الصحية والنفسية، وأنهم يخشون عليك من الكبت الديني والعرفي, ومدعين الحرص على دعم ثقتك بنفسك، والتمتع بصباك وتعبيرك الحر عن رأيك، سواء أوافق الشرع أم خالفه، وإبداء جمالك وزينتك، بأرخص الأثمان، وأحقر الطرق، لإبعادك عن بيت الطهر، وعفاف العلاقة، تحت شعاري الحرية والمساواة الخبيثين.

ومن أجلك أنت أيضاً... تتدفق الأموال من صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي، نعم تتدفق المليارات بسخاء لتدخلي المصيدة، وليس أدل على ذلك من انتشار الجمعيات التي توفر وسائل منع الحمل بالمجان... حيث لا يقتصر هذا الكرم الصحي على المتزوجات وإنما يتعداه إلى الفتيات المراهقات، وتيسر لهن سبل الإجهاض وغيره... وفي الوقت نفسه تُحشى العقول عن طريق المناهج المدرسية والندوات والبرامج الإعلامية بمخاطر الزواج المبكر وأضراره النفسية والاجتماعية والصحية على الإناث بدعم من المنظمات الدولية.

وماذا بعد ذلك؟... لم يتورع أذناب الغرب عن إنشاء مراكز لإيواء الزانيات ورعاية أبنائهن لتكتمل فصول الحكاية... وهناك أيضاً أنواع جديدة من الجمعيات التي تحتضن من النساء من لا تتقي الله في زوج أو أب، تحتضنها في أكناف مكاتبها الكثيرة فتفضح زوجها، بحجة الكشف عن آلامها النفسية ومعاناتها الزوجية. والله عز وجل ينهى عن ذلك بقوله: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) [البقرة 187]، كما أنها تعرض والدها للسجن والمساءلة بحجة تعديه على حرية ابنته الشخصية، والجدير بالذكر أن مثل تلك الجمعيات تعرض خدماتها بدون مقابل.

أما المناهج المدرسية، فلم يعد يخفى عليك أنها في خدمة الكافر المستعمر وأذنابه في المنطقة، إنها محشوة بأمور غريبة ما أنزل الله بها من سلطان.. حيث إن القروض لا يوقع عليها من الدول المتاحة إلا بعد أن تفصل هذه الكتب على المقاس الرأسمالي ... لتخريج فتيات مهيئات مقتنعات بالحضارة الغربية وبفكرة الحريات والاختلاط وحقوق المرأة ومساواتها مع الرجل، مقتنعات أنه لم يعد للجلباب رونقه وبريقه، وأنه آن الأوان للانفتاح على ثقافة الآخرين وفكرهم واحترام وجهة نظرهم في الحياة.

ألا فليسمع الغرب وعملاؤه والمضبوعون بثقافته، مفكرون وسياسيون، كلمة الفصل في هذا. كفاكم كذباً ونفاقاً، فالبون شاسع شاسع بين أحكام الإسلام وما تحققه من رحمة وهداية وبين حضارتكم النتنة وما تفرزه من شقاء وغواية... لا وألف لا لكل مشاريعكم الزائفة الفانية، فإن النساء المسلمات كريمات بإسلامهن، عزيزات بعقيدتهن، مطيعات لربهن. وإن الثلة الواعية من أبناء الأمة أنارت لهن الطريق فأبصرن طريق الهداية وعرفن بالضبط الحكاية.

ونقول لكم بصوت مجلجل، إليكم عنا فلستم منا ولسنا منكم، ألا فلتفروا إلى بلادكم فهي أحوج إليكم من بلادنا... عالجوها من الانحلال الخلقي والانهيار الاقتصادي وانحطاط القيم وتفكك الأسر... أنقذوها من الغرق في الشهوات واختلاط الأنساب وزواج الشواذ والأمراض الخطيرة وتفشي الجريمة! أنقذوا أبناءكم ونساءكم من الانتحار الناتج عن الفراغ الروحي والقلق النفسي...

كفاكم دجلاً يا دعاة الديمقراطية والتحرر، فما أنتم إلا وحوش تتظاهرون بأنكم بشر في ثياب مرقطة فتمارسون أبشع الجرائم: تيتمون الأطفال في غزة والعراق، وترملون النساء، وتغتصبون الأعراض على مرأى ومسمع من حماتها، وإن كنتم حريصين على صحتنا النفسية فارفعوا صواريخ الموت وقاذفات المدافع عن مسامع أطفال العراق وفلسطين وأفغانستان... وأطلقوا سراح المعتقلين في جوانتانامو وأبو غريب وقاعدة باغرام الجوية، فهذا الذي يؤرقنا وليس الحمل والإنجاب.. هذا الذي ينغص عيشنا.. اغتصابكم لأخواتنا في السجون.. اللاتي لم تلامس صرخاتهن نخوة المعتصم بعد.

توقفوا عن قتل الآباء على مشهد من أطفالهم في غرف نومهم أو على شواطئ بحرهم. أوقفوا وحشيتكم يا دعاة الإنسانية، وإلا فانتظروا سخطاً قريباً من الله، ونصراً عزيزاً مؤزراً من الله للمسلمين يزلزل الأرض من تحت أقدامكم.
فطوفان العمل الإسلامي أوشك أن يجتاح قوى الكفر، وأوشك العملاق الإسلامي أن يقف على قدميه ليعرف العالم كيف يكون الإسلام, كما أن بوادر النصر لاحت في الأفق الإسلامي ومؤشر الخلافة صاعد بسرعة البرق.
اللهم اجعلنا من العاملين المخلصين لإعزاز هذا الدين, اللهم عجل لنا بنصرك وفرجك وقيام دولتك التي فيها حكمك لتعود لنا عزتنا وكرامتنا، وتعود للمرأة المسلمة مكانتها السامية التي كرمها بها الإسلام.

(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم 4-6].

أم محمد - فلسطين

المصدر: مجلة الوعي