الأحد، 10 يونيو 2012

هل يجوزالدعوة إلى التدرج في تطبيق أحكام الإسلام؟

بسم الله الرحمن الرحيم 


إن تطبيق الإسلام كله من المعلوم من الدين بالضرورة، لا يختلف عليه اثنان من المسلمين، ورغم ما حصل من اختلاف واختلاط وإشكال في فهم جواز التدرج في تطبيق الإسلام بوجه حق أو بغير وجهٍ حق قياساً على التدرج في تشريع التحريم لبعض الأحكام من مثل حكم تحريم الخمر عند الصلاة، ومن ثمّ تحريمها مطلقاً. وبالرغم من هذا الاختلاط إلا انه لا خلاف في أن الإسلام كاملاً هو الذي يجب أن يطبق وحده، وإننا ننظر للدعوة إلى التدرج في تطبيق أحكام الإسلام نظرة الخوف من وقوع بعض الحركات الإسلامية في فتنة إبعاد الإسلام رويداً رويداً عن سدة الحكم، والرضا بدخول الحركات الحكم بدون الإسلام في نهاية المطاف. وإن هذا لهو السقوط بعينه في مكر الدول الكافرة حيث تملي لبعض الحركات الإسلامية وتكيد لها حتى إذا استوثقت منها رمتها على قارعة الطريق، فلا هي أوصلت الإسلام ولا هي أوصلت أمتها إلى بر الأمان في السعادة والاطمئنان في ظل حكم الإسلام.

إن قضية التدرج في تطبيق أحكام الإسلام ليس عليها دليل من السنة ولا من الكتاب، عدا أن هناك عدة نصوص صريحة واضحة الدلالة في وجوب تطبيق الإسلام جملة وتفصيلاً دون إنقاص أو انتقاص ولو لحكم واحد من أحكامه، فيقول الله عز وجل:
{ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ }
وقد وقع التأكيد على الحكم بلفظ "مآ " وهي من صيغ العموم للدلالة الأكيدة على شمول التطبيق لجميع الأحكام, وقد تتابع التأكيد ليقطع على أي إرادة مريبة أو نفوس مريضة، وكان التأكيد باثنتين: الأولى: التأكيد على الحكم بالحق وهو الحكم بكل ما أنزل الله كاملاً دون إنقاص بدلالة العموم { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } والثانية التأكيد على الحذر من الفتنة وهي عدم تطبيق بعض ما أنزل الله، انظر قوله تعالى: { وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ } فاعتبر الشرع هذا فتنة ينبغي الحذر منها ومن دعاتها وأهلها وهو اتباع لأهواء الشياطين من البشر، وقد جاءت الآيات الثلاث في الحكم بغير ما أنزل الله محذرة بمراتب ثلاث: الفسق، والظلم، والكفر. لأمر واحد في جنسه وهو عدم الحكم بما أنزل الله  { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } ، { الظَّالِمُونَ } ، {الْفَاسِقُونَ } وقد كان التأكيد واضحاً في المقصود وهو جميع ما أنزل الله بلفظ {مآ}، وهي من ألفاظ العموم في لغة القرآن قولاً واحداً وفي غير ذلك من آيات كثيرة قاطعة في الحكم بما أنزل الله، والتي تطلب الرضا والتسليم والاطمئنان بحكم الله وعدم الرضا بغيره بديلاً، بل واعتبار البديل إنما هو طاغوت يُعبد من دون الله قال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} فكل هذه الآيات كانت واضحة قاطعة في الدلالة على طلب الحكم بجميع ما أنزل الله، وإذا أضفنا إلى كل هذه الآيات قوله تعالى:  { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } فإنها تؤكد أن حال المؤمنين أن يكونوا مذعنين لا خيار لهم ولا اختيار. وبغير هذا تكون الفتنة والافتراء المبين لقوله تعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . فلا اختيار لغير حكم الله ولا بديل ولا دليل.


وأما ما يقال عن جواز التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية فهو عدا عن أنه ليس عليه دليل بل إن الدليل يدل على نقيضه في عدم جواز التدرج، ثم إن هذا لهو تبرير للفعل بدون دليل لمن ليس له مشروع يسير عليه، والدليل على عدم جواز التدرج واضح في ما روى ابن هشام في سيرته؛ أنه عندما قدم وفد ثقيف ليفاوضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه: «أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات، لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله ذلك عليهم، فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوا شهراً واحداً بعد مقدمهم، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمّى، وإنما يريدون بذلك، فيما يظهرون، أن يتسلّموا بتركِها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم، ويكرهون أن يُروِّعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام، فأبى رسول الله إلاّ أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها، وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم، فقال رسول الله: أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه» كل هذا مع من هم حديثي عهد بهذا الأمر .

وأما ما يستشهد به البعض وهو التدرج في التشريع في استدلالهم على التدرج في التطبيق، وذلك في حكم تحريم الخمر فهو أمر في التشريع لا أمر في التطبيق، وفرق كبير بين التشريع والتطبيق. وما أمرنا إلا بالتنفيذ السريع والإذعان لحكم الله رغم الشدة على النفس، وما قوله عز وجل { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} إلا فيه دلالة على أن الشرع لا يأتي بما تهواه الأنفس وتختاره، وإنما يأتي بما يصلح البشر بما يأمر به الله، وإلا فكيف في صوم رمضان وقد شرعه الله شهراً كاملاً ولم يتدرج به بما تطيقه النفس رويداً رويداً ابتداء من ثلاثة أيام ثم أسبوع ثم عشرة أيام وهكذا، أو ليس الصوم أصعب من الخمر في نظر الكثيرين؟ وكذلك القتال في سبيل الله قد أتى فيه التكليف بعكس الترتيب الذي لوحظ في تحريم الخمر فقد أُمر المؤمنون في بداية القتال أن يقاتلوا عشرة أضعافهم ثم جاء التخفيف إلى أن يقاتلوا ضعف عددهم. فإن كان الأمر في التدرج بدلالة التخفيف فهذا رد واضح على التكليف بالأشق ثم التخفيف، وفي هذا المقام لم يجعل الشرع للظروف وشدتها على المسلمين في بداية بنائهم لدولتهم مبرراً للتدرج بل كان الأمر على العكس تماماً، وإنها لحكمة بالغة في بناء الدولة والأمة على الشدة والبأس والقوة، وهذا آية في الرد القاطع للرأي والمفند لمن يقول بالتدرج في التطبيق. فهذه الآيات بعكس ما يفهم في حاجة التخفيف من جهة التشريع في ترويض النفس على الالتزام بالطاعة، ثم إن الطلب في التنفيذ والتطبيق في كلا الأمرين وفي كافة الحالات كان حاسماً وحازماً بالتنفيذ الفوري سواء أكان التشريع في الحكم مرحلياً أو جملة واحدة، فأمر التشريع لله وأمر التنفيذ علينا في الوقت الذي لا علاقة لنا فيه بالتشريع تخفيفاً وتشديداً أو تشديداً ومن ثم تخفيفاً فهو لله وحده ليس لنا فيه من أمر, فقط ننفذه على وجهه كما أمر به الله ولا كلام .

هذا من جهة الفرق بين التشريع والتطبيق، وأما من حيث التطبيق في دولة الإسلام وفي الحكم وحتى على الصعيد الفردي فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقبل التدرج في تنفيذ أي حكم من أحكام الإسلام، ولا حتى من الأفراد الحديثي عهد بالإسلام في شرب الخمر فيما سبق بيانه في مرحلية التشريع، بل كان صلى الله عليه وسلم في التطبيق يقوم به جملة واحدة بشكل كلي، وهذا في البلاد التي فُتحت فيما بعد سواء في الطائف أو في اليمن أو البحرين وهكذا، ولا أدل على ذلك مما كان في مطالبة وفد ثقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم بالتدرج في التطبيق عليهم في موضوع عبادة الأصنام أو ترك الصلاة، فكان رده عليهم بالتطبيق الفوري ورفض التدرج. فكل هذا دليل واضح قاطع وحازم وحاسم على عدم جواز التدرج في التطبيق، بل الواجب هو التطبيق الانقلابي الجذري الشامل، وهذا ما أوصى به صلى الله عليه وسلم صحابته ممن كان يوليهم في الأمصار ان يحكموا بكتاب الله وبسنة رسوله بشكل كلي شامل وبدون تدرج في التطبيق, وفي هذا أيضاً دلالة قاطعة على تطبيق الحكم في بلاد لم يسبق أن حكمت بالإسلام بالطريقة الانقلابية الجذرية الشاملة والتي لا يجوز فيها التدرج ولو في حكم واحد بصرف النظر عن أية حالة أو ظرف, وأما ما كان من قبيل الرخصة فهو من ضمن الالتزام التام بالحكم الشرعي فيما يجوز فيه التخفيف عن حكم الأصل ولا تدرّج فيه مع بقاء الأصل على ما هو عليه ضمن ظرفيهما .

هذا من جهة التأصيل الشرعي في عدم جواز التدرج في تطبيق الشريعة وكون طريقة الإسلام في التطبيق واحدة ووحيدة وهي التي عليها مدار النصوص ويدل عليها فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك طلبه من ولاته وعماله السير عليها وهي الطريقة الانقلابية الجذرية الشاملة فيقول الصديق أبو بكر رضي الله تعالى عنه: "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم عليه".

وأما موضوع الظروف والأوضاع الداخلية، والأولويات وترتيب البيت الداخلي، وتهدئة الدهماء وإرضاء النفوس، وعدم إثارة المجتمع الدولي، والمجاملة لقبول الآخر، واستيعاب الجميع... فإن كل هذا لم يقم عليه دليل، وهو ابتداع ما أنزل الله به من سلطان، وليس هذا محل اتباع، وهو على خلاف الأصل من المفاصلة القطعية التي عليها الإسلام باعتباره رسالة كاملة ونظام شامل فيه الحل والعلاج لإصلاح كل الأوضاع جملة وتفصيلاً في كل الظروف والأحوال. ألم يأت الإسلام على الجاهلية بكافة تفصيلاتها وقَلَّبها وغيّرها بأحكامه في كافة المجالات؟؟! ألم يكن الحكم بالإسلام هو المرحلة التطبيقية الشاملة لما بني عليه المجتمع في فكره ورأيه العام فكان الحكم شاملاً من حيث التطبيق لكافة الشؤون والقضايا جملة واحدة, باعتبار أن الحكم هو رعاية شؤون الناس مباشرة وفق أحكام الإسلام؟! وما إرادتنا التي بها نغير الأنظمة ونطيح من خلالها بالتيجان إلا هي نفس الإرادة التي لا يقبل الإسلام إلا بها في تكوينها من حيث عدم قبول الشراكة ولا المرحلية. لقد قبل بنو عامر بن صعصعة نصرة الاسلام للحكم به كاملاً بدون تدريج على أن يكون لهم الحكم من بعده فرفض الرسول عرضهم مع شدة الحاجة لهذه الفرصة، فلم يقبل بشرط واحد فكيف لو اشترط عليه تنحيه التطبيق في بعض الأحكام بتبرير التدرج لتحقيق القبول ؟ فرفض تعطيل جملة من أحكام الإسلام بحجة التدرج أولى من رفض شرط واحد منافٍ لطريقة الإسلام في أخذ الحكم.

إن اشتمال الإسلام على أنظمة لجميع علاقات المجتمع وجميع مناحي الحياة، سواء أكان على صعيد الفرد أم الأسرة أم الجماعة أم المجتمع أم علاقة الأمة بغيرها من الأمم... فيه دلالة على أن لا مجال لأحد يبحث عن حل مبدئي من لدن لطيف خبير خالق مدبر أن يختار حكماً واحداً من سواه، فكيف بمن يحمل الدعوة إلى الناس عن جدارة وحجة ومحجة واقتدار، وعن تقوى الله وحده تدفع حاملها إلى تعبيد الناس لله وإنذارهم وتحذيرهم من مخالفة حكمه ونهيه في كل شاردة وواردة؟ وكيف لنا وجه نلقى به الله يوم القيامة ونحن نتلو قول الله عز و جل:


 { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } وقوله { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } وقوله { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }وقوله { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ونصدح بهذا وندعو إليه من على المنابر وفي كافة المحافل؟ ثم إذا ما جدّ الجدّ نقول: بالمرحلية والتحالف مع اليسارية في تدرج مرحلي؟!. فكيف بنا نلزم الناس بمنع الربا ونسمح بالعري والسفور؟! وكيف بنا نمنع الرشوة ونسمح بالاختلاط والمجون؟! وكيف بنا نترك الأحزاب على غير الإسلام تدعو بكل كفر وإلحاد في بلادنا؟! فهل نرضى ونقبل في أمهات المدن العظام مثل القاهرة وبغداد ودمشق وتونس والقيروان أن تستظل بخليط من هنا وهناك في مشهد بائس لا يظهر فيه الإسلام على الكفر، ويكونان فيه صنوان وفي اختلاط ٍما أنزل الله به من سلطان؟؟!!

إذا كان عدم جواز التدرج في تطبيق أحكام الإسلام واعتبار ذلك مخالفاً لطريق الإسلام القطعية في التطبيق الانقلابي الجذري الشامل من جنس أحكامه، فكيف بقبول الأخذ بجزء من أحكام الإسلام مع الأخذ من غيره من أحكام الكفر واعتبار ذلك تدرجاً في تطبيق أحكام الإسلام مع أن هذا هو تطبيق لجزء من الإسلام وجزء من الكفر البواح الذي اعتبر الشرع الحكم به موجباً للفسق أو الكفر؟!!!.

إن طريقة الإسلام لهي طراز خاص ذو لون معين في العيش لا يقبل الاختلاط مع غيره، فهو الحق وما دونه باطل، والحق لا يقبل الشراكة مع الباطل بل حكمه ما قضى الله { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} وحكمه فيه مفاصلة ظاهرة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) } وحكمه على الرعية واحد على الحاكم وذويه وعلى المحكوم ضمن أصل ثابت مبني على قوله صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله؟ والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» فيا أصحاب الدعوات ويا شيوخ ويا دعاة بعض الحركات الإسلامية خذوا الإسلام كله ولا تتركوا منه حكماً واحداً ولو تحت أية ذريعة. فمن أراد الإسلام كما أراده الله وسعى سعيه وهو مؤمن فعليه بتطبيق أحكامه فوراً من غير تخيير. وان شئتم فاسمعوا قول الله المزلزل { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

فلتحذروا لإسلامكم وانفروا للحكم به كاملاً وجملة واحدة بطريقته الواجبة وهي الطريقة الانقلابية الجذرية الشاملة والتي لا تقبل بشراكة الكفر والباطل تحت أي ظرف أو تبرير، فالله عزوجل تعبدنا بأمره لا بما تهواه أنفسنا، وهو أعلم وأحكم، فإنه وأيم الله على هذا ينتخبكم الناس، وهذا ما يأملون منكم، ولو أرادوا الشراكة والتدرج لما سلكوا لكم طريقاً ولا أعطوكم قطميراً.

إن الأمة الإسلامية وهي تتعافى لا تؤمن إلا بالقرآن كله، ولا ترضى إلا بحكمه وبالاحتكام له كله، ولن ترضى ببقاء أي فتات مما يرميه الشرق والغرب من ضرار الرأسمالية وعقم معالجاتها، وإلا فما معنى الشراكة والتدرج والمرحلية إلا قبول الاحتكام والعيش ببعض أحكام الكفر مكان بعض أحكام الإسلام العظيم, فاتقوا الله في دينكم وفي إقبالكم على سلطان قد نزعه الله ممن حكم بالكفر كله، فليس من يقبل الحكم بجزء من الكفر هو أحسن حالاً ممن سبقه ممن قد نزع الله ملكه، وقد حكم الله في هذا حيث قال:  {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

وخالص النصيحة لكل من يعمل لخير الإسلام ويطمح للحكم به ويرنو لسعادة الدارين بما يرضي الله أن لا يقبل بإقصاء عشر معشار حكم واحد من أحكام الإسلام، ولا بوضع حكم مهما كان صغيراً من أحكام الكفر، ولنقدّم الموت في طاعة الله فإن ذلك خير وأبقى من حياة في معصيته أخرج الطبراني في الكبير من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خُذُوا الْعَطَاءَ مَا دَامَ عَطَاءً، فَإِذَا صَارَ رِشْوَةً عَلَى الدِّينِ فَلَا تَأْخُذُوهُ، وَلَسْتُمْ بِتَارِكِيهِ يَمْنَعُكُمُ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ، أَلَا إِنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ دَائِرَةٌ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ، أَلَا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ فَلَا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ. أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَا يَقْضُونَ لَكُمْ، فَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: "كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرِ وَحُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ"

قال تعالى:  { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }


بقلم:سعيد الأسعد
المصدر: الوعي

طاعة الله مقابل طاعة أهل الكفر



بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } (100)

ورد في تفسير البغوي لهذا الآية الكريمة ما يلي:
قال زيد بن أسلم: إن شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخاً عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين - مرَّ على نفر من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون، فغاظه ما رأى من إلفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة، قال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله، ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار، فأمر شاباً من اليهود كان معه فقال: اعمد إليهم واجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، وكان بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس مع الخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج، ففعل وتكلم فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب، أوس بن قبطي أحد بني حارثة من الأوس، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددتها الآن جذعة، وغضب الفريقان جميعاً وقالا: قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة، وهي حرة فخرجوا إليها، وانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم. فقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر المسلمين أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، وألَّف بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً، الله الله!! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية .
وورد في نفس السورة الكريمة (من آل عمران) في معنى متقارب للآية الأولى قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ } (151)

وقد أتى عمر بن الخطاب النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:  "أمتهوِّكون فيها يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به. والذي نفسي بيده، لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيّاً ما وسعه إلا أن يتبعني"
حديث صحيح رواه أحمد (3/387) عن جابر بن عبد الله، وحسنه الألباني في الإرواء (1589)
في خضم ثورات ما يسمى الربيع العربي التي كسرت حاجز الخوف وأسمعتنا دبيب الحيوية في جسم الأمة بعد طول غفلة ورقاد، ورسخت عندنا الشعور بأن المصاب واحد والعلاج واحد لدى جميع المسلمين في شتى بقاع الأرض، فقد أخذت الأمة تتلمس طريقها نحو التغيير، وهناك من اختار أن يشارك في مسرحية الانتخابات المصممة أصلاً من الغرب للالتفاف على هذه الثورات المباركة ممن يلبس لبوس الإسلام، متناسين ومتغافلين أن هذا الغرب الاستعماري الكافر حاول وما زال يحاول بشكل حثيث حرف مسار هذه الثورات وتحويلها إلى أهدافه الخبيثة المتجسدة في استمرار تطبيق أنظمة حكمه العلمانية التي أشقت البشر والحجر والشجر، والحيلولة، أو على الأقل تأخير رجوع الأمة إلى تحكيم إسلامها كاملاً... وذلك بعد أن يُوهم الأمة أن بإسقاط أشخاص بعض عملائه القدامى، والإتيان بأناس أو أحزاب يرفعون شعارات للإسلام فرغت من مضامينها وإقناعهم أنها تحقق ما يصبو إليه الإسلام والمسلمون بما يلبي فطرة الناس المدّخرة في وجدانهم الديني... فليس لهم بعد ذلك إلا الخضوع والطاعة لأولي الأمر الجدد السائرين على نهج الباطل المستورد من أعداء الأمة، وذلك من خلال عملائه الذين لم تحترق أوراقهم بعد لدى جماهير الأمة مسخراً لهم ماكينات إعلامية ضخمة تسعى سعياً خبيثاً في نفس الاتجاه، مسممة الأفكار، ومضلِّلة الرأي العام، وخالطة الحق بالباطل حتى لا تقوم لهذه الأمة قائمة، فخيَّب الله سعيهم وفألهم، فلن ينالوا إلا خساراً بإذن الواحد الديان.
ولأنه بات معروفاً أن أكثر ما يؤثر في الأمة هو الخطاب الديني، راح يُسخّر لدعم هذا التوجه الخبيث بعض ما يسمى بعلماء الدين الذين يدعون إلى الباطل باسم الحق، ويتبنَّون مشاريع الكفر باسم النهضة على أساس المرجعية الإسلامية على نسق ما فعلته الحركة الماسونية قديما من خلال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتلامذتهم...ونرى بين الفَينة والأخرى من هؤلاء الموصوفين بالعلماء من يساهم في إعادة تثبيط الأمة عبر ادعائه أن قوى الاستعمار الممثلة في هيئة الكفر المتحدة وما انبثق عنها من مجلس الظلم (الذي يسمونه بالأمن زوراً وبهتاناً) وسائر المنظمات والهيئات الخبيثة الدائرة في فلك الكفر والاستكبار العالمي هي الملاذ الآمن والقوة الركينة التي يُلتمس من عندها الفرج والنصر، داعين المسلمين إلى الاستمرار العبثي في وضع قضاياهم الحساسة في تلك الأروقة التآمرية، ناسين أن اتِّباع نهج الكفر وطاعة الكفار من أهل الكتاب أو غيرهم يؤدي الى الخسران والبوار في الدنيا قبل الآخرة، وأن لا ملاذ آمناً ولا حصن حصيناً لهذه الأمة ولا فرج ولا نصر حقيقياً لها يُرتجى إلا من عند الحق الجليل خير الناصرين، ومن خلال حزبه الغالب بأمره تعالى، والمتوفرة فيه صفات الولاء الكاملة لله ورسوله والمؤمنين الصادقين المخلصين،قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (56) . 

إن أمثال هؤلاء العلماء وهذه الحركات،من حيث يدرون أو لا يدرون، لا يستطيعون أن يحققوا أي نهضة، ولا أن يرتقوا بالأمة بل إنهم يزيدون أوضاع الأمة سوءاً وخبالاً... بل إن المطلوب هو التماشي مع مبدأ المفاصلة التامة بين حكم الجاهلية وحكم الله، وذلك كما ورد في الآية 50 من سورة المائدة: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }(50)

كتب الإمام محمد البشير الإبراهيمي المتوفى قبل نحو خمسين عاماً في الجزائر مقالاً قيماً عن أحوال الأمة الإسلامية جاء فيه: "وما أضلَّنا إلا المجرمون الذين يدعوننا بعضهم إلى الجمع بوسيلة التفريق، ويدعونا بعضهم إلى النجاة بطريقة التغريق، والأوَّلون هم رجال الدين الضالُّون الذين فرَّقوه إلى مذاهب وطوائف، والآخرون رجال السياسة الغاشُّون الذين بدَّلوا المشرب الواحد، فجعلوه مشارب.. فهل هبَّةٌ من روح الإسلام على أرواح المسلمين تذهب بهؤلاء وهؤلاء إلى حيث ألقت، وتجمع قلوبهم على عقيدة الحق الواحدة، وألسنتهم على كلمة الحق الجامعة، وأيديهم على بناء حصن الحق، على الأسس التي وضعها محمد صلى الله عليه وسلم؟ ولا مطمع لنا في الوصول إلى هذه الغاية إلا إذا أصبح المسلم يلتفت إلى جهاته الأربع، فلا يرى إلا أخاً يشارك في الآلام والآمال.. فهو حقيق أن يشاركه في العمل". ثم يقول: "مَنْ حَاوَلَ إصلاَحَ أمَّةٍ إسلاميةٍ بغيرِ دينِهَا فَقَد عَرَّضَ وَحْدَتَهَا للانِحَلالِ، وجِسْمَهَا للتَلَاشِي، وصَارَ هَادِمًا لعَرْشِهَا بِنِيَةِ تَشْييدِهِ...".

فحريٌّ بنا أن نتنبه وننبه إلى أن أية دعوة للإصلاح غير منضبطة بالطريقة الشرعية التي تدعو حصراً إلى إعادة بناء عرش الأمة من خلال خلافة راشدة على منهاج النبوّة، توحد ولا تفرق، وتُقوّي ولا تُضعف، وتُحصِّن بناء الأمة ولا تهدمه... متوكلة على الله خير الناصرين، مخالفة لكل المناهج التي يدعو إليها أهل الكفر على تعدد أسمائها ومسمياتها، أقول: والله المستعان، إن أية دعوة إصلاح مخالفة لتلك الطريقة الشرعية المقطوع بوجوب اتِّباعها مآلُها الى الفشل والبوار والسقوط، شأنها شأن الحكام الطغاة الذين يتساقطون الواحد تلو الآخر، ملعونين مذمومين غير مأسوف عليهم...كما نتوجه إلى الإسلامقراطيين (الاسلاميين المتبعين لنظام الكفر الديمقراطي الآتي بالأصل من الغرب الرأسمالي الكافر) بدعوتهم إلى الاتِّعاظ بقول الحق جل في علاه: { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } (52) وتحذيره تبارك وتعالى للمخالفين عن أمره بقوله: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (63) 

بقلم: أبو مريم الشامي
 المصدر: الوعي