الخميس، 1 أكتوبر 2009

العيد مظهر من مظاهر وحدة المسلمين



ودعنا شهر رمضان الكريم،هذا الشهر الذي كثرت فضائله وخيراته وهو مظهر من مظاهر وحدة المسلمين .

ودعنا شهر رمضان لنشكر الله ونكبره في كل بقعة من بقاع الأرض يوجد فيها مسلمون فالأمة الإسلامية العظيمة اتسعت رقعة بلادها، وكثر أفرادها ففاقوا المليار، وهم أخوة لا فرق بين من يعيش في السودان أو مصر أو اندونيسيا أو المغرب، ليتجسد بذلك مظهر آخر من مظاهر وحدة المسلمين وهم يرددون فرادى أو جماعات في البيوت أو في المساجد " الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد "

إلا أنه يلاحظ أنه لا يروق للمستعمرين أمر هذه الوحدة ولا مظاهرها فقد هدموا دولة الإسلام ويعملون للحيلولة دون رجوعها ، ومن هنا يأتي الخلاف السياسي في بدء الصوم وفي نهايته ليحدث ما يتنافى مع هذه الوحدة رغم توفر الأدلة التي توجب البدء في يوم واحد، ورغم توفر إمكانات الرؤية والإتصال بين المسلمين لإيصال خبر ثبوت هلال رمضان أو هلال شوال.

وفي هذا العيد حدث اختلاف عظيم في فطر المسلمين في ثلاثة أيام مختلفة (السبت والأحد والاثنين) وذلك أمام مرأى ومسمع العالم عامة والمسلمين بخاصة، والمشكلة انه يستحيل أن يبدأ الشهر بثلاثة أيام مختلفة، فالشهر القمري هو تسعة وعشرون يوماً، وإذا لم ير الهلال تكمل العدة ثلاثين يوماً.

لقد ميز الله – عزوجل- الأمة الإسلامية على سائر الأمم بملة الإسلام،وجعلها أمة واحدة {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ }المؤمنون 52
ولما هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وأقام الدولة الإسلامية عمل على توحيد المسلمين جميعا وأبرم وثيقة ورد فيها"بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس. "

فالأمة الإسلامية أمة واحدة بأفكارها ومشاعرها وتراحمها وتعاطفها كما في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } . وفيهما عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه } .

هذه الوحدة التي تمنع تمزُّق العراق والسودان، وتعيد اللحمة إلى الصومال، وتزيل الحدود والسدود التي رسمها الكفار المستعمرون من أطراف المحيط الهادي حيث إندونيسيا وماليزيا إلى شواطئ الأطلسي حيث المغرب والأندلس. إنها التي تنشر العدل والخير، وتُعز الإسلام والمسلمين، وتقطع دابر الظلم والشر، وتُذل الكفر والكافرين.

إن المشكلة في العالم الإسلامي اليوم هي أن كل دولة في بلاد المسلمين تعتبر نفسها كلاً وليس جزءً من الأمة الإسلامية، وإن نصّت بعض الدساتير فيها على غير ذلك، فصارت كل دولة تتخذ قراراتها دون مراعاة لسائر المسلمين، لأنها تعتبر نفسها كياناً مستقلاً عن سائر المسلمين ولا حق للمسلمين خارج كيانها للتدخل فيه، ومن ذلك إعلان الصيام وإعلان الافطار، فترى كل دولة تعلن وكأنه لا يوجد مسلمون في غيرها، وهذا هو السبب في بقاء الاختلاف بين الدول في العالم الإسلامي، ولو أن هذه الدول تعتبر نفسها أجزاء من كلٍ لربما توحدت المواقف في كثير من المسائل والقضايا كنصرة المستضعفين من المسلمين الذين قد ضاعوا بسبب هذه الدويلات. ونحن لو فكرنا قليلاً نجد انه مثلاً لو ثبت هلال شوال في منطقة وادي حلفا في أقصى شمال السودان ولم يثبت في أسوان بأقصى جنوب مصر، فإن أهل الخرطوم سيفطرون، ولكن لماذا لا يفطر أهل أسوان وهم أقرب لوادي حلفا، فنحن إخوة ولا عبرة باختلاف المطالع، وهذه الحدود الوهمية صناعة الكافر المستعمر ولا ينبني عليها شرع، فلا فرق بين المسلمين أينما سكنوا فكلنا أمة واحدة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: أبصرت الهلال الليلة، فقال : »أتشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله ؟ قال: نعم، قال: قم يا فلان فأذن بالناس فليصوموا غدا» رواه ابن خزيمة.

كان القمر من قبل يطلع على بلاد الشام طلعة واحدة عندما كانت أمة الإسلام أمة واحدة ، لها خليفة واحد ، ولكن عندما تم هدم دولة الخلافة ، وعقدت معاهدة سايكس بيكو التي رسمت الحدود الجغرافية ، وفرقت بلاد المسلمين ، بعد ذلك سارع القمر ( السياسي ) للإلتزام بها ذراعاً بذراع ، شبراً بشبر !!! تماماً كما التزم بذلك حكامها ، وصار يُهل على بلاد الشام – بعد المعاهدة – بأكثر من مطلع ، تماما كما قسمها الكافر المستعمر ، فصار يطلع على (سورية) مطلعاً مغايراً لمطلع لبنان.

والعجب العجاب أنك تجد في البلد الواحد من يصوم ومن يفطر كالعراق ،وتجد من يعيش في رفح المصرية يكون مفطرا في حين من يعيش في رفح الفلسطينية يكون صائما أو بالعكس ، وما الذي يفصل بينهما غير التقسيم السياسي ؟!!

نحن أمة واحدة والواجب أن تتوحد الأمة الإسلامية كما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فيجب علينا أن نسعى لتوحيد الأمة بالطريقة الشرعية وذلك بأن يكون للمسلمين إمام واحد يأمر المسلمين في كل مكان أن يتحروا الرؤية وعند ثبوتها يأمر فلاناً أن أعلم المسلمين في العالم ببدء رمضان أو ببدء شوال . فهذا هو الواجب ونسأل الله عز وجل أن يعيد علينا مثل هذه الأيام وأمتنا واحدة يقودها رجل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

بقلم : عاهد ناصرالدين

ليست هناك تعليقات: