الخميس، 4 مارس 2010

التقرب إلى الله - المقدمة



بسم الله الرحمن الرحيم

المقـدمـــة

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) الأحقاف ( (13والقائل ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) البينة (7). والصلاة والسلام على رسوله الأمين وإمام المتقين، زكى المسلمين وعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، جاءه سفيان بن عبد الله الثقفي يوما فقال: يا رسول الله: حدثني بأمر أعتصم به، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( قل آمنت بالله، ثم استقم ) رواه مسلم.

وبعـــــد:
فإن أفكار الإسلام مفاهيم وليست معلومات لمجود المعرفة، وهي ضوابط لسلوك الإنسان في هذه الحياة الدنيا. فهي قد جاءت هدى ورحمة وموعظة، وجاءت معالجات لأعمال الإنسان وتعيينا لكيفية سلوكه، لذا كان لزاما على المسلم أن يدرك أن نصوص الشريعة قد جاءت للعمل بها، وجاءت خاصة بسلوكه في الحياة، أي يجب على المسلم أن يدرك أن الإسلام جاء بمفاهيم لضبط سلوكه في الحياة الدنيا فيأخذ كل فكر قانونا لضبط سلوكه ضمن هذا القانون، فتظهر فيه الناحية العملية لا الناحية التعليمية. ويجب أن يكون واضحا أنه إذا أخذت فيه الناحية التعليمية وحدها فقد صبغته الأصلية - وهي كونه قانونا لضبط السلوك- وصار معرفة كمعارف التاريخ والجغرافية، فيفقد بذلك حرارة الحياة الموجودة فيه ويفقد كونه مبدأ كاملا شاملا - أي عقيدة عقليه ينبثق عنها نظام مفصل ومتكامل- وإنما يصبح معارف إسلامية يندفع المسلم للإحاطة بها وينقب عنها ويهتم بها كمعلومات وكلذة علمية دون أن يخطر بباله أن يتخذها ضوابط لسلوكه في الحياة.

ولذلك كان من سمات العلماء من السلف الصالح أن يكون الواحد منهم عاملا بعلمه ولا يكذب قوله فعله. قال تعالى ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) البقرة (44)، وكان يحرص على أن لا يكون ممن قال فيهم تعالى: ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) الجمعة (5)، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " ويل لجماع القول! ويل للمصرين!" يريد الذين يستمعون القول ولا يعملون به، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " أهلك أمتي رجلان: عالم فاجر، وجاهل متعبد، فقيل يا رسول الله: أي الناس أشر؟ فقال: " العلماء إذا فسدوا"، وقال أبو الدرداء: أخوف ما أخاف إذا وقفت بين يدي الله، أن يقول تعالى قد علمت.. فماذا عملت؟.
ومن هنا كانت معرفة الأفكار الإسلامية والأحكام الشرعية دون ملاحظة اعتبارها ضوابط للسلوك الإنساني هي الآفة التي لم تجعل للأفكار والأحكام أ ثرا في سلوك الكثيرين. هذا مع ما في ذلك من الإثم المبين والعقاب الشديد يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

لقد حرص الإسلام على تكوين الشخصية الإسلامية بالعقيدة الإسلامية، فبها تتكون عقليته، وبها نفسها تتكون نفسيته. فالعقلية الإسلامية هي التي تفكر على أساس الإسلام، أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للأفكار عن الحياة، والنفسية الإسلامية هي التي تجعل ميولها كلها على أساس الإسلام، أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للإشباعات جميعها، وكما أمر الإسلام بالاستزادة من الثقافة الإسلامية لتنمية العقلية حتى تصبح قادرة على قياس كل فكر من الأفكار، فكذلك أمر بالقيام بالواجبات وبالإكثار من المندوبات والمستحبات، والنهي عن المحرمات والمكروهات والشبهات لتقوى هذه النفسية وتصبح قادرة على ردع كل ميل يخالف الإسلام، وكل ذلك لترقية هذه الشخصية، وجعلها تسير في طريق المرتقى السامي، وتنال رضوان الله تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة.

إن الدنيا كلها عدوة الإسلام والمسلمين، والذين كفروا بعضهم أولياء بعض، وهم بجميع مذاهبهم ونحلهم يمكرون بأهل الإسلام ليلا ونهارا، وسرا وعلانية، وهم لا يهدأ لهم بال ولا تنام لهم عين ولا يقر لهم قرار حتى يطفئوا نور الله، وهم يعملون جاهدين للحيلولة دون إقامة دولة الخلافة ودون رجوع الإسلام إلى الحياة.

هذا حال الكفر وأهله، فكيف يمكن مواجهة هذا الكيد العظيم والبلاء المبين؟ إن النهضة التي نريد، واستئناف الحياة الإسلامية التي نرجو، لا بد لها من كفاح مرير بسلاح الفكر المستنير، ولا بد من التصدي للكفر وأعوانه من الحكام والمضبوعين بثقافته وحضارته. لا بد لها أيضا من نفسيات فذة راقية ونفوس عزيزة زاكية، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتـقوية الصلة بالله تعالى رب العالمين واستمداد العون منه والتوكل عليه حق توكله، وجعل نوال رضوانه المثل الأعلى في هذه الحياة، وكان لا بد من إحياء النفوس بتقوى الله وطاعته بالخوف من عذابه والطمع في جنته، وما أحوج حامل الدعوة إلى طاعة الله والاستقامة على دينه، فإنه إن فعل ذلك هانت الدنيا في عينيه وصغر شأن الكفار من أمامه، واستسهل الصعب، واحتمل العذاب والصد عن سبيل الله، واستهان بوعيد الكفار لوعد الله، ورأى النصر آتيا لا ريب فيه.

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ (11) ) محمد.

وهذه بعض القربات و الطاعات التي توجد عند حامل الدعوة الجو الإيماني وتزيد من إدراك صلته بالله تعالى، ومن ثم يقوي هذا الجو نفسية الداعية ويجعله يسير جميع ميوله حسب أوامر الله ونواهيه، وبذلك يحدث ارتباط بين العقلية والنفسية وتصبح شخصية الداعية شخصية متميزة، عقليتها ونفسيتها من جنس واحد، تستندان إلى قاعدة أساسية واحدة، هي العقيدة الإسلامية، قال عليه وعلى آله الصلاة والسلام ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ).

رجب 1411 هـ فوزي سنقرط
الموافق كانون الثاني 1991 م


قـربــات وطـاعــات

1- إحسان العمل.
2- تلاوة القرآن الكريم.
3- الحرص على أداء الفرائض.
4- مراعاة سلم القيم.
5- السخاء والإيثار.
6- الإكثار من النوافل.
7- الدعاء والذكر والاستغفار.
8- الخوف من الله تعالى.
9- المحبة في الله.
10- طاعة الأمير.
11- الصبر عند الابتلاء.
12- الثقة بوعد الله.

ليست هناك تعليقات: