tag:blogger.com,1999:blog-91719477819755952232024-03-08T23:47:58.888+03:00.ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.comBlogger151125tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-8076194867943450762015-01-17T00:56:00.001+03:002015-01-17T00:57:58.880+03:00كـذبـــــة اسمـــــــها «الإرهــــــــــــاب» (1)<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<h3 class="rmtitle">
<span style="font-size: small;"><br /></span></h3>
<span style="font-size: small;">بسم الله الرحمن الرحيم </span><br />
<span style="font-size: small;"> </span><span style="font-size: small;"><br />
تتعدد وتتنوع أساليب ووسائل وخطط الغرب الخبيثة (الفكرية والسياسية
والاقتصادية والثقافية وغيرها) في حربه على الإسلام ودعاته، وهو يستميت في
ذلك ليحول دون عودة الإسلام ودولته دولة الخلافة الراشدة الثانية التي
أظلَّ زمانها بإذن الله تعالى. فها نحن نراه يطلق سمومه ممثلة بمصطلحات
ومفاهيم يصنعها صناعة في الغرف المعتمة والمشبوهة من وراء الكواليس كفكرة
حقوق الإنسان، وسياسات السوق، والحوار بين الأديان، والأصولية، والعولمة،
والوسطية، وأخيراً وليس آخراً: الإرهاب. نعم إنه المصطلح والفكرة والواقع
الجديد الذي صنع منه صانعوه وأعد له معدوه وأخرج له مخرجوه لأن يلعب في
فيلم الكاوبوي الأميركي دور الشبح والجن الذي يؤرق ويقضُّ مضاجع العالم،
فتكون النتيجة احتلال مزيد من بلاد المسلمين، وقتل النساء والأطفال والشيوخ
والشباب، وهدم وتدمير للشجر والحجر، ويكون هذا (الإرهاب) حجة وذريعة
لاستعباد العباد واحتلال البلاد اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وفكرياً. لقد
بات الإرهاب الواقع الجديد القديم، والذي مازال حتى الساعة يقطف الغرب
ثمرته ويضرب به البلاد والعباد، هذا وقد تناولت وسائل الإعلام المرئية
والمسموعة والمقروءة المحلية والدولية مصطلح الإرهاب لترسخ هذا المصطلح
خدمة للأنظمة ومن ورائها الغرب الحاقد. وفي هذا المقال لن نسلط المجهر سوى
على مصطلح الإرهاب الذي بات سرطاناً وجب على الأمة استئصاله واستئصال أمه
المبدأ الرأسمالي واجتثاثه من جذوره واستبداله بمبدأ الإسلام؛ لتتعافى
الأمة وتصبح خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. ولكن كيف
يتسنى لنا ذلك؟ <br />
وعلى ذلك، فسنبحر في هذا البحث ونتعمق في عدة محاور فيه تتمثل بـ: 1- تعريف
الإرهاب لغة وشرعاً. 2- نشأة الإرهاب والغاية منه. 3- ماذا استفاد الغرب
من فكرة الإرهاب؟. 4- صور من الإرهاب الغربي. 5- أسباب إخفاق الثورات. 6 -
عوامل نجاحه </span><br />
<span style="font-size: small;">ودعمه. 7- كيفية مواجهة الإرهاب ( فكراً وواقعاً) وعلاجه .</span><br />
<span style="font-size: small;"><br />
1- تعريف الإرهاب لغة وشرعاً:<br />
الإرهاب لغةً: رَهِبَ بالكسر يَرهَبُ رهْبَةً ورُهباً بالضم ورَهَبَا
بالتحريك أي خاف. ورهب الشيء رهباً ورهباً ورهبة: خافه. ويقال: رهبوت خير
من رحموت، أي لأن تُرهب وتُخف خير من أن تُرحم. <br />
والرهبة: الخوف والفزع، ترهب الرجل إذا صار راهباً يخشى الله، والراهب: المتعبد في الصومعة.<br />
والإرهاب شرعاً: لا يوجد معنى في الشرع في الآيات والأحاديث يصرفه عن معناه
في اللغة، وبالتالي يكون لغة وشرعاً بنفس المعنى، قال تعالى:((وَقَالَ
اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ
وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُون)) . أي فإياي فخافون. وقال تعالى: ((وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا)). أي يدعوننا قربة إلى الله وخوفاً من
الله تعالى من الآخرة. وفي الحديث: «عليكم بالجهاد، فإنه رهبانية أمتي»
يريد أن الرهبان وإن تركوا الدنيا وزهدوا فيها وتخلوا عنها فلا ترك وزهد
ولا تخلٍّ أكثر من بذل النفس في سبيل الله، وكما أنه ليس عند النصارى عمل
أفضل من الترهب، ففي الإسلام لا عمل أفضل من الجهاد؛ ولهذا ذروة سنام
الإسلام الجهاد في سبيل الله.<br />
والإرهاب اصطلاحاً: هناك اصطلاح للإرهاب اصطلح عليه الغرب وأخفى غايته من
هذا المصطلح الخبيث، والذي أصبح واقعاً </span><br />
<span style="font-size: small;"> متجسداً في حياتنا ويعني به: قتل
المدنيين وتخويفهم وإفزاعهم بدافع وغرض سياسي.</span><br />
<span style="font-size: small;"><br />
2- نشأته والغاية منه: <br />
نشأ الإرهاب كمصطلح أسوة بأخواته فيما تقدم كالوسطية والعولمة والأصولية في
الغرب، وبحسب الحاجة إليه وضعت الغاية له. أما مصطلح الإرهاب فقد نشأ في
عام 1979م بعد مداولات ونقاشات بدأت منذ ما قبل عقد أو عقدين من ذلك
التاريخ حتى توصلت إليه الاستخبارات الأميركية والبريطانية في ندوة عقدت
لهذا الغرض، وقد سنت تشريعات وقوانين لتحديد الأعمال التي يمكن أن توصف
بالإرهاب، وأنواع الحركات التي يطولها المصطلح بعيداً طبعاً عن إرهاب الدول
الكبرى؛ لأنه حينها لا تكون له جدوى وفائدة، لأن واضعيه يريدون أن يخدم
توجهات ومصالح هذه الدول الكبرى والمستعمرة للوصول إلى المزيد من خنوع
وخضوع المسلمين للغرب، وهذا ما أدى بهم إلى جعل (الإرهاب) كلمة ضبابية يسهل
اللعب بها هي وأخواتها بحيث يكون كل منها له مأربه ومقصده الاستعماري.
فالإرهاب هو الكلمة التي لم يكن لها واقع، فأوجد لها الغرب واقعاً لتخدم
مصالحه. وكذلك سواء أكانت الغاية من المصطلح الاستعمار الفكري أم الثقافي
أم الاقتصادي أم السياسي... فهي تحقق له غاية، فما هي غايته؟ <br />
إن الغاية من أي فكرة أو أي عمل يعرف إما من الخبرة السياسية والمعلومات
السابقة المربوطتين بالواقع المعاش، وهي أفضل من معرفتها عن طريق النتائج
التي تتلو تنفيذ وتطبيق هذه الفكرة والعمل؛ لأنه حينها تكون قد وقعت الفأس
بالرأس؛ لذلك كانت الطريق الأول أفضل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإفشال ما يمكن
إفشاله من مشاريع قد تؤدي إلى إهلاك الحرث والنسل، فيا ترى: ما المصلحة
والفائدة المرجوة لدى الغرب من استخدام هذه الفكرة؟ وأليست دول الغرب هي
المستفيد الأول، وعلى وجه الخصوص أميركا. فماذا استفاد الغرب من شبح ما
سماه بـ«الإرهاب»؟ </span><br />
<span style="font-size: small;"><br />
3- ماذا استفاد الغرب من مصطلح «الإرهاب» فكراً وواقعاً:<br />
لقد استفاد الغرب، وعلى رأسه أميركا، من استخدام مصطلح «الإرهاب» وتجلت هذه الاستفادات بـ:<br />
1- احتلال أميركا للعراق ومن قبل أفغانستان، ونهب وسلب ثرواتهما، وفرض سيطرتها على ما حولها من بلاد وعباد.<br />
2- هجوم أميركا على بعض البلاد الإسلامية مثل باكستان واليمن بطائرات بدون
طيار، وهو انتهاك للبلاد والعباد والبشر والشجر والحجر، وفرض إرهابها على
هذه البلاد وقاطنيها بإذلالهم بهذه الضربات، وكذلك على جيران هذه البلاد
على طريقة المثل القائل: «اضرب المربوط يخاف السائر».<br />
3-فرض ضغوط سياسية واقتصادية على البلاد التي يوجد فيها ما يسمى بالإرهاب،
وربطها باتفاقيات ومعاهدات تزيد من سيطرتها على هذه الدول؛ وذلك بإرسال
قوات لتلك البلاد، وإقامة قواعد عسكرية فيها، وإرسال جيشها إليها بحجة
التدريب ومكافحة الإرهاب والمساعدة في ذلك (وهو في ذلك احتلال عسكري )
وكذلك شراء وكسب قواد الجيوش لصالحها، وبيع هذه البلاد أسلحة بمبالغ هائلة
وفي كثير من الأحيان أسلحة فاسدة لتكدس وتصدأ دون استخدام سوى على شعوبها،
فمنذ متى لم تُحارِب هذه البلاد أعداءها؟؟ مرت عقود وعقود دون حروب، فما
فائدة هذه الأسلحة سوى انتفاع الغرب منها، وقمع الشعوب بها، وإرسال خبراء
(جواسيس) لتشتري الذمم وتحول الولاءات والعمالات لصالحها. <br />
4-الضغط على هذه البلاد وإخافة دعاتها ومفكريها وأحزابها وإجبارهم على
السير معها في فكرة ما يسمى بالإسلام المعتدل الذي يعترف بأجندة الغرب من
الديمقراطية وحوار الأديان والحريات العامة، ويرضى بالغرب ويوجد له مبررات
مفتراة من القرآن والسنة، والتلبيس على الناس بهذه الدلائل التي لا محل لها
في الإسلام، وربط إقامة الخلافة الراشدة ورفع راية العقاب راية رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالإرهاب رغم أن المطلبين شرعيان وليسا مرتبطين
بالحركات التي تتخذ العنف طريقة للتغيير بل بحزب التحرير الذي يدعو لهذا
الهدف العظيم منذ أن نشأ في الخمسينات في عام 1953م، ولكن الإعلام المأجور
للغرب لا يظهر هذا بل يكتمه، ويعتم على هذه الحركة الصافية النقية التي
تدعو للإسلام النقي الصافي ولا تستخدم العنف تأسياً بطريقة الرسول صلى الله
عليه وسلم لتحقيق هذا الهدف العظيم، والذي يتوجب على كل مسلم أن يسعى
لإيجاده في الواقع، فهو فرض، وفيه إنقاذ للأمة والعالم مما يعانيه من شقاء
الرأسمالية. نعم إن الإعلام الفاسد يظهر الحركات الفاسدة ابتغاء تشويه
الإسلام النقي وحملته مما يدل على أن هذه الحركات أعدت وجهزت لتقوم بدور
مرسوم لها، سواء أكان ذلك بعلم أم بجهل منها، فتجد أميركا والغرب من ورائها
ضالتها وذريعتها لاحتلال البلاد الإسلامية.<br />
5- العمل على ضرب الإسلام النقي الصافي الذي جاء به محمد صلى الله عليه
وسلم بما تقوم به بعض الحركات من تفجير وأعمال عنف حيث ترفع شعارات حقة مثل
راية لا إله إلا الله محمد رسول الله (راية العقاب)، ومن المناداة بإقامة
الخلافة الإسلامية الراشدة رغم أنها حق؛ إلا أن من يرفعها هم من يقومون
بهذه الأعمال (العنف) فيشوهون هذه الراية وهذه الأعمال العظيمة التي يدعو
لها دعاة الخلافة فيخلط الحابل بالنابل، والزبد بما ينفع الناس، وفكر الحق
بفكر الباطل.<br />
6- ربط أشخاص عملاء للغرب وللاستخبارات الأميركية ليقوموا بأعمال العنف هذه
في بلاد المسلمين لتمتلك أميركا حجتها لضرب هذه الجهة في أي بلد وفي أي
مكان وأي زمان بحجة الإرهاب؛ فيكون العالم كله قرية خاضعة لها بحجة هذا
المصطلح الخبيث، فيفرض الغرب أوامره على البلد، فإذا كان تابعاً لها سكتت
عنه، وإذا لم يكن كذلك ضغطت عليه بهدف أن يصبح موالياً لها، أو يحقق بعض
مطالبها.<br />
7- العزوف من قبل المسلمين عن أن يعملوا للتغيير مع الحركات الإسلامية
عامة، لاعتبارهم أنها شوهت الإسلام، فتلك تقوم بالعنف، وتلك تجامل وتداهن
وتعترف بالديمقراطية، وتلك ترفع شعارات الموت للأعداء وتقتل المسلمين، وتلك
تهتم بالسنن وتترك الفروض وتسمي الحاكم ببلاد المسلمين بولي الأمر... وجل
هذه الحركات لا تفهم الإسلام فهماً صحيحاً، ولا تطرح مشروعاً لحل المشاكل
التي تعاني منها الأمة الإسلامية والعالم؛ وهذا ما أدى إلى نفور الناس
والأمة من هذه الحركات وخاصة تلك التي ترفع راية لا إله إلا الله محمد رسول
الله ومن ثم تقوم بالعنف فتشوه صورة وفكرة كل من يحمل هذا الراية العظيمة،
سواء أكانت طريقته حقاً أم باطلاً.<br />
8- محاولة إيجاد ما يسمى بالإرهاب الفكري وإلصاقه بدعاة الإسلام السياسي
(الخلافة الراشدة) الذي يدعو إلى إيصال الإسلام لسدة الحكم، وتطبيقه في
مناحي الحياة، وإيقاف التبعية للغرب وجعل الأمة مستقلة عنه، بل قائدة للأمم
الأخرى...<br />
يحارب هذا المشروع ويتهم ليُحْمَل المسلمون على نبذ الجهاد وجعله جهاد دفع
وإلغاء جهاد الطلب (الفتوحات الإسلامية) الذي لولاه لما كنا مسلمين،
وقبول العلمنة والديمقراطية والانتخابات وحصر الإسلام فقط في العبادات
كالصلاة والصوم والزكاة والحج، وما يؤكد هذا هو ما دعت إليه السعودية
مؤخراً من سن قانون يجيز اعتقال وتجريم كل من يدعو إلى الإسلام السياسي
ليصبح في لائحة الإرهاب حسب قانونها امتثالاً لأوامر أميركا، وهذا قد أتى
بعد الزيارات المتبادلة للمسؤولين الأميركان والسعوديين كزيارة أوباما
للسعودية مؤخراً قبل شهر؛ ويمكن القول إن جهود الغرب وعملائهم من حكام
المسلمين تنصب الآن على محاربة الإسلام السياسي الذي يعمل لإقامة الخلافة
الراشدة، وهم في سبيل ذلك يطورون قوانينهم باستمرار حتى تلاحق هؤلاء أولاً
بأول، ومن أساليب تطويرها المستحدثة إيجاد تلك الحالة الشاذة من الدعوة إلى
الخلافة...<br />
9-ضرب الإسلام السياسي الذي ينافس الرأسمالية ويهدد زوالها رغم أنه لا توجد
له دولة. فبالدعوة إلى «محاربة الإرهاب» تستبق دول الغرب، وعلى رأسها
أميركا، الأحداث وتضع معوقات ومزالق لتحول دون عودة الخلافة أو تأخير
عودتها؛ فتشوهه من خلال الـ C.I.A وشركة البلاك ووتر الأمنية التابعة
لأميركا؛ فتقوم بأعمال العنف هي وعملاؤها ومرتزقتها من جنسيات مختلفة من
تفجير وقتل، وإظهار أن من يقوم بهذه الأعمال هم مسلمون ليلصق بالإسلام؛
فيكون رد الفعل عند الغرب ضرب البلاد الإسلامية محل إقامة هؤلاء الذين
قاموا بالعنف.<br />
10- إيجاد حالة من التوتر والبغض بين الجيش والأمة من جراء قيام الجيش
بحملات تفتيش وقصف وقتل بالأسلحة والطائرات بطيار وبدون طيار ضد من يقوم
بالتفجيرات والعنف؛ فيوقع فيها ضحايا وأبرياء ومدنيين ما يؤدي إلى أن ينقم
أهالي الضحايا على هذه الحركات وعلى الجيش ليقوم أهالي الضحايا بالانتقام
من الجيش، وكذلك تنشأ فتنة بين الناس على أساس العرق والطوائف والديانات
والقوميات كما حدث في العراق بسبب هذه العمليات التي يجريها الجيش.<br />
11- إنشاء منظمات والإيعاز إلى مراكز أبحاث، وتقديم ندوات وبرامج ثقافية
وإخراج أفلام بعدة لغات تركز على خدمة أميركا وتعريفها لـ»لإرهاب» ويحدث
هذا بدعم مالي منها.</span><br />
<span style="font-size: small;"><br />
4-صور من الإرهـــــاب الغـــربي :<br />
عرَّف الغرب الإرهاب كما يريد وكما يشاء وفق مصالحه التي تعكس مبدأه القائم
على فصل الدين عن الحياة. فبحسب تعريفه، الإرهاب هو القيام بقتل وإفزاع
مدنيين بدافع سياسي. فلماذا عُرِّف بهذا التعريف؟ أليس لمصلحتهم؟ وهل
يطبَّق هذا التعريف على الناس جميعاً سواء وافق مصالح الغرب أو تعارض معه،
أو هناك ازدواجية في التعريف فينطبق على جهات ولا ينطبق على غيرها؟!.<br />
نعم، إن الغرب عرَّف الإرهاب بهذا التعريف ليوافق مصلحته، ومصلحته هي
القضاء على الإسلام العدو اللدود له بعد الاشتراكية، رغم أنه ليس له دولة،
فما بالنا لو كان لنا دولة خلافة؟! لذلك كان المقصود بهذا الإرهاب
الإسلامَ. وهو قد أوجد جماعات لتقوم بأعمال تشوِّه الإسلام، وتقوم بأعمال
عدوانية يجد الغرب فيها ذريعة ليضرب الإسلام وبلاده ويحتلها. فبدون هذه
الذرائع لا يتسنى له ذلك، وتأكيد هذا الكلام ما خرج من أفواه الغرب نفسه،
فقد صرّح ريتشارد مايرز رئيس أركان القوات المسلحة الأميركية من خلال
شهادته أمام لجنة شؤون القوات المسلحة في مجلس الشيوخ: «إن الإرهابيين في
العراق يريدون إقامة خلافة إسلامية والعودة للقرن السابق» وكذلك تصريح جورج
بوش في 8/10/2005م حيث قال» «يعتقد المقاومون المسلمون أنهم باستيلائهم
على بلد واحد سيقودون الشعوب الإسلامية ويمكنونهم من الإطاحة بكافة
الحكومات المعتدلة في المنطقة، ومن ثم إقامة إمبراطورية إسلامية متطرفة
تمتد من أسبانيا إلى إندونيسيا». وفي مؤتمر صحفي مطوَّل عقده بوش يوضح كيف
أنه متابع لما وصل إليه ملف الخلافة عند دعاتها ما أكده في مؤتمره الذي
عقده في 11/10/2006م حيث قال: «إن وجود أميركا في العراق هو لمنع إقامة
الخلافة الإسلامية التي ستمكن من بناء دولة قوية تهدد مصالح الغرب وتهدد
مصالح أميركا في عقر داره. إن المتطرفين المسلمين يريدون نشر أيديولوجية
الخلافة التي لا تعترف بالليبرالية والحريات؛ ولهذا يريدوننا أن نرحل؛
ولكننا باقون حتى لا نندم. وليعلم الشعب الأميركي حينئذ أن وجودنا في
العراق كان يستحق المغامرة والرهان. هؤلاء المتطرفون يريدون إرهاب العقلاء
والمعتدلين وقلب أنظمة حكمهم وإقامة دولة الخلافة. إن مغامرة الرحيل من
العراق خطرة جداً إنها تعني التخلي عن جزء من المنطقة للمتطرفين
الراديكاليين الذين سيمجدون النصر على الولايات المتحدة، وستمنحهم هذه
المنطقة التي نخليها الفرصة للتآمر والتخطيط بمهاجمة أميركا، واستغلال
الموارد التي ستمكنهم من توسيع رقعة دولة الخلافة» الله أكبر، الله أكبر،
ماذا بعد هذا التصريح من عداء؟! ألد أعداء الإسلام بوش يصرح بهذا التصريح،
فماذا بعد هذا التصريح من حقد على الإسلام، يا أمة الإسلام؟! فأين عقول
المسلمين؟ وأين التدبر لخطورة هذا الكلام؟ أليس بوش هو الذي حدَّد أن عدوه
الإسلام عندما قال إنها «حرب صليبية» قال تعالى: قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ. نعم
هناك رجال يعملون لهذه الخلافة، وهي لن تأتي من الله إلا بعد الإخلاص
والوعي والسعي والتضحية والصبر... ولكن المدقق والممعن للنظر والمتدبر لهذا
التصريح من بوش يجد أنه يؤكد على أن إحلال الواقع الذي يحاول أن ينكره
ويرفضه، وهو الخلافة، قادم، وما هي إلا مسألة وقت. ألم يذكر أنها دولة قوية
تهدد أميركا في عقر دارها؟ الله أكبر على الظالمين وَيَمْكُرُونَ
وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ . ومن هنا كان من
الطبيعي أن يبقى بوش في العراق خشية إقامة الخلافة لأنه بإقامتها سيكون
زوال استعماره وزوال حضارته. وستكون نتيجته كما صرح «حتى لا نندم». ثم ألم
يمدح حكام البلاد العربية بقوله: «ويمكنونهم من الإطاحة بكافة الحكومات
المعتدلة في المنطقة» وبقوله: «هؤلاء المتطرفون يريدون إرهاب العقلاء
والمعتدلين وقلب أنظمة حكمهم»؟ وهل يمدح هذا العدو اللدود للإسلام إلا من
يحمل عقيدته وسياسته وفكرته وينفذ أوامره؟ وهل يمجد الكافر إلا عميله
المنافق، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ
فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ
فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)
وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ
جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ
فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ
يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ
لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ. لقد وصف
بوش هذه الدول، دول الضرار، بالاعتدال فأي اعتدال هذا؟ إنه السير وفق نهجه
وعكس أحكام الإسلام؛ إذ التطرف والأصولية والراديكالية حسب وصف بوش هي
بالسير وفق أحكام الإسلام؟ وإذا لم يكن بوش وأشباهه هم أعداء الله والإسلام
فمن هم هؤلاء إذن؟! ألم يذم بوش الراديكاليين والمتطرفين ويتخذهم أعداء
عندما قال إنهم سينتصرون على أميركا من خلال زيادة مواردهم والتي ستمكنهم
من اتساع رقعتهم حسب وصفه؟ فأين أنتم أيها المسلمون من هذا العداء الصريح؟.</span><br />
<span style="font-size: small;"><br />
إن هذا يذكرنا بتكذيب وتشويه وحرب كفار قريش لسيد الخلق محمد صلى الله عليه
وسلم عندما كانوا يقولون إن محمداً يزعم أنه يكلَّم من السماء. فلمَ لا
يحوِّل الصفا والمروة ذهباً؟. وكذلك عندما كان يجادل أُبَيّ بن خلف بعدما
جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَظْمٍ
حَائِلٍ فَفَتَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَبْعَثُ
اللَّهُ هَذَا بَعْدَمَا أَرَمَّ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، يَبْعَثُ اللَّهُ
هَذَا وَيُمِيتُكَ ثُمَّ يُحْيِيكَ ثُمَّ يُدْخِلُكَ نَارَ جَهَنَّمَ».
وكذلك الحال مع بوش، فهو يستهزئ ويشوِّه ويشنُّ حربه على الإسلام ويعمل على
الصد عن الخلافة؛ لكن وعد الله وعد نافذ وأمره غالب... إن الله أنطق بوش
بما أنطقه ليكون دافعاً لحمَلة الحق ودعاة الإسلام والخلافة لأن يجدُّوا من
أجل السير من أجل تحقيق الغاية العظمى إرضاءً لله سبحانه وتعالى بإقامة
الدين والخلافة الراشدة بعونه وحده.<br />
إن «الإرهاب» الذي يقصده الغرب هو عينه الإسلام الذي جاء به سيدنا محمد صلى
الله عليه وسلم، وإنه لمن الطبيعي أن يحارب بهذه الشراسة والحقد لأنه
المنافس الحضاري الجدي لحضارته المتهاوية، وهو بعد أن قضى على الشيوعية فلا
يريد دولة خلافة جامعة للمسلمين مستقلة عنه بل دولاً تابعة ضعيفة يسهل
السيطرة عليها في كل مواردها السياسية والاقتصادية والفكرية والعسكرية
ليحركها كيفما شاء ومتى شاء كما يفعل الآن حيث يسخرها لأهدافه في حربه على
«الإرهاب» حسب التعريف المطاطي له، والذي لا يعد إرهاب الدول نحو المسلمين
إرهاباً، بل دفاعاً عن النفس تجاه اعتداء الإرهابيين. ومن الجرائم الجسام
العظام التي ارتكبتها الدول بحق الإسلام والمسلمين ولم تعدّ إرهاباً، بل
اتهم الإسلام والمسلمون فيها بأنهم هم الإرهابيون نذكر:<br />
1-قتلُ دكتاتور عصره الهالك ستالين لـ (11) مليون مسلم في روسيا وحدها.<br />
2- احتلالُ يهود لفلسطين وارتكاب أبشع المجازر بحق أبنائها داخل فلسطين
وخارجها من مثل مجزرة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها 3500 ضحية.<br />
3- مذابحُ أهل البوسنة في يوغسلافيا كمذبحة مسجد فوجا (12) ألف شهيد. و6 آلاف مسلم في جسر فورا.<br />
4-قتلُ المسلمين الإيغور في الصين منذ عام 1945م، وقتل العلماء وإتلاف المساجد وتعطيلها.<br />
5-قتلُ المسلمين بالحبشة على يد الطاغية هيلاسيلاسي حتى أحرق الشيوخ
والأطفال والنساء بالنار والبنزين في قرية جرسم. وقتل 1000مصلٍّ في رمضان
بالرصاص من قبل اللعين منغستو مريام بمدينة رايرادار بإقليم أوجادين. <br />
6- مذابح المسلمين في الفلبين وقتل وحرق وبقر البطون، والذبح بالخناجر وقطع الرؤوس وانتهاك الأعراض. <br />
7-مذابح المسلمين في الهند في أحمد آباد في عام 1970م التي راح ضحيتها 15
ألف مسلم باعتراف إنديرا غاندي وحرق 300 مسلمة، ومذبحة آسام الشهيرة التي
راح ضحيتها 50 ألف مسلم على يد ا لهندوس. <br />
8- حرق المسلمين في تايلاند حيث أحرق 100 مسلم شاب. <br />
9-مأساة قتل المسلمين في كشمير حيث تم تقريباً قتل 44000 مسلم، وجرح
،67000، واعتقال 40000 وهدم قرابة 129000 منزل ومسجد، واغتصاب آلاف النساء.<br />
10-مأساة المسلمين في تايلاند وبورما وليبيريا وسريلينكا وكوسوفا والشيشان
وإندونيسيا وأفريقيا الوسطى... حيث قتل مئات الآلاف وأحرق الآلاف و تم فصل
الرؤوس عن الأجساد واغتصاب النساء...<br />
11- مجازر عدو الله بشار في سوريا التي وصلت إلى أكثر من 250 ألف مسلم،
والسكوت العالمي على هذه المجازر لأنها ترتكب بحق المسلمين. ألا يعد هذا
كله إرهاباً وإجراماً؟!. نعم، إن الغرب الحاقد يغمض عينيه ويغفل عن هذا
كله ولا يصفه إرهاباً، إنها مآسٍ تدمي القلوب وتفطر الأكباد. إلا أنه لا
يكفي أن يتألم القلب وتدمع العيون ونملأ الدنيا عويلاً وصراخاً إن لم نحرك
ساكن النفوس، ونجعل من كل ذلك ناراً تحرق كل باطل، ونوراً يعيننا على
التغيير فتبرأ ذمتنا أمام الله، عسى أن يطفئ ذلك غضب الله علينا بعد أن
قصرنا طوال هذه السنين.<br />
إن أميركا وحدها قامت باعتقال رئيس دولة بنما وحاكمته وسجنته، وقاتلت في
فيتنام (15) سنة وارتكبت هناك أبشع الجرائم، وقصفت ليبيا مرتين، وضربت
أفغانستان واحتلتها، وضربت ملجأ العامرية الذي استشهد فيه أكثر من (300)
فرد حينها معظمهم أطفال، وضربت هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية حيث قتل
فيها 200 ألف شخص، وغزت كوبا في خليج الخنازير، وقتلت أكثر من مليوني
عراقي، ألا يُعدُّ هذا كله إرهاباً في حق الإنسان الذي تدعي، زوراً
وبهتاناً، المحافظة على حقوقه! <br />
وهكذا نرى أن أميركا والغرب أصحاب غرض في حربهم على الإرهاب بحيث ينصب جله
على الإسلام الحق وعلى أصحاب المشروع الإسلامي، ويتغاضى عن إرهاب الدول
التي تسير وفق مفهومها للإرهاب. وإلا فلماذا اعتبرت أميركا تفجير مبنى مكتب
التحقيقات الفيدرالي في أوكلاهوما إرهاباً عندما حسبته من فعل المسلمين،
ولكن عندما تبين لها أن وراءه منظمات أميركية غيرت رأيها وأصبح عملاً
إجرامياً، وليس بإرهابي. وكذلك اعتبار أميركا لحركة ثوار نيكاراغوا حركة
مقاومة، وكذلك جيش التحرير الأيرلندي، بينما تعتبر على النقيض من ذلك
الحركات الجهادية الإسلامية حركات إرهابية... هذه هي الازدواجية في
المعايير، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل دلالة واضحة على حربها الضروس على
الإسلام، وعلى استخدام الإرهاب تارة وتعطيله تارة أخرى وفق مصالحها. أي إن
«الإرهاب» هو الذي لا يتماشى مع مصالحها. والـ «لا إرهاب» هو الذي يسير وفق
مصالحها. نعم هذه هي عدالة أميركا التي تقود العالم بمبدئها الرأسمالي
الكافر الظالم!</span><br />
<br />
<span style="font-size: small;">بقلم: أ.ع </span><br />
<span style="font-size: small;">المصدر: مجلة الوعي </span></div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-23940184434014836182015-01-17T00:40:00.002+03:002015-01-17T00:48:06.406+03:00القدس بين تاريخين<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<br />
<span style="font-size: large;"> بسم الله الرحمن الرحيم</span><br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<span style="font-size: large;"> إن الكثير من الكتاب والمؤلفين والمحاضرين والمفكرين المعاصرين ، يتناولون القدس من جانبها المادي والواقعي ، دون أن يربطوها بجانبها الروحي الذي قرر لها مكانتها وقدسيتها . وهم بذلك إنما ينهجون نهج المفكرين الغربيين ، وينطلقون من وجهة نظرهم عن الحياة ، وهي عقيدة فصل الدين عن الحياة .
يتناولون القدس تاريخيا من البدايات الأولى عبر حقب متناهية في القدم ، مرورا بمسيرة الأقوام والشعوب والدول التي تعاقبت على تواجدها في القدس ، ابتداء باليبوسيين حيث كانوا هم البناة الأول لهذه المدينة ، وكانت تسمى (يبوس) نسبة لهم ، وذلك قبل ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> ويقتضينا البحث أن نأتي إلى نبذة تسلسل تاريخية مختصرة توضيحا لتبيين الحقائق ، وتثبيت الثوابت ، وإزالة الغموض .
لقد استنجد أحد رجال السلطة اليبوسيين بالفرعوني تحتمس الأول سنة 1550 قبل الميلاد ، فدخلها الفراعنة آنذاك .
وفي زمن رعمسيس الثاني وابنه مرن بتاح سنة 1350 قبل الميلاد ، دخل اليهود فلسطين من جانبها الجنوبي ، حيث انفلق أمامهم البحر بقيادة سيدنا موسى عليه السلام ، ولكنهم تاهوا في الصحراء حيث إنهم رفضوا الدخول كما أمرهم ، وتذرعوا بأن فيها قوما جبارين . فتاهوا في صحراء سينا مدة أربعين سنة . وبعد انقضاء مدة التيه هذه ذهبوا إلى جبال آدوم ومؤاب في شرقي الأردن ، ثم دخلوا أريحا وأحرقوها ، ثم احتلوا الجلجال وشيلوه وشكيم ، وكلها جعلوها طعمة للنيران . كل ذلك من هذه الأقوال يعتمد المؤرخون في توثيقه على أسفار التوراة وبعض النقوش والكتابات الحجرية . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> ثم بعد ذلك جاء الأشوريون على ما كان يسمى مملكة إسرائيل وتغلبوا عليهم زمن سخاريب الأشوري .
وبعد مضي فترة من الزمن دب الضعف في صفوف الأشوريين فجاء البابليون واحتلوا فلسطين ، وأخذوا القدس ، ثم نفاهم نبوخذ نصر إلى بابل واستعبدهم هناك وانقرضت مملكة يهوذا سنة 586 قبل الميلاد .
وأما الحقبة التي تلي ذلك فهي مجيء الفرس ، وتغلب كورش الكبير الفارسي على البابليين سنة 538 قبل الميلاد ، وظلت تدفع الضرائب إلى الفرس ؛ بعدها جاء الإسكندر المقدوني اليوناني سنة 332 قبل الميلاد ، أخذها من الفرس ، وكان ملك الفرس يومئذ (دارا) .
أما في عهد الرومان : فقد هاجمها القائد الروماني (بومبي) سنة 603 قبل الميلاد واحتلها . وفي زمن خليفته هيرودس وُلد السيد المسيح عليه السلام . ثم جاء بيلاطس (يوينتوس) وكان واليا على إدارة القدس على عهد الرومان ، وفي زمنه قام بمطاردة السيد المسيح وادعوا صلبه . وكذبهم القرآن الكريم في دعواهم هذه ، حيث رفعه الله إليه ، ونجاه من كيدهم .
أما في العهد البيزنطي : فعندما تبوأ العرش الإمبراطور هرقل سنة 610 – 640م زحفت جيوش كسرى ملك الفرس غربا وبعد استيلائها على سوريا ، زحفت إلى فلسطين ، وفي سنة 614م احتلت القدس ، وذبحت (90) ألفا من المسيحيين . ولكن هرقل عاد واستجمع قواه وانتصر على الفرس سنة 627 للميلاد ، ودخل هرقل مدينة القدس سنة 629م .
وفي هذه الفترة ظهر الإسلام . ووصل كتاب محمد صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه فيه إلى الإسلام ، وكان في مدينة حمص آنذاك .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> وإلى هنا انقضى تاريخ وجاء تاريخ :</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> أما التاريخ في حقبه الأولى ، وحتى مجيء الإسلام ، فإنه يعتمد على مصادر غير موثقة ، واستنتاجات عن أساطير كما يعتمد المؤرخون في توثيق الكثير من هذه الحقب على أسفار التوراة . ولكن لا ننسى أن أسفار التوراة ذاتها تحتاج إلى توثيق . لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا بأنهم حرفوها وزادوا عليها وحذفوا منها ، ما يجعل منها مصدرا غير موثق .
يأتي المؤرخون على سرد هذه المسيرة التاريخية ليثبتوا أن العرب كانوا سابقين إلى تواجدهم في القدس وفي فلسطين بفترة طويلة . حيث إن اليبوسيين هم كنعانيون ، وهم من أصل سامي أي ساميون .
والعرب هم شعب من الشعوب المتعددة التي اعتنقت الإسلام ، وانصهروا في بوتقة العقيدة الإسلامية ، لتتكون منهم ومن غيرهم الأمة الإسلامية .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> وتعريف الأمة : هي مجموعة من الناس تعتنق عقيدة واحدة ينبثق عنها نظام يعالج شؤون الحياة . وهذا التعريف لا ينطبق على الشعب العربي ، لأنهم لا يملكون عقيدة خاصة بهم . فالعرب قوم ، والقومية ليست بعقيدة ، وإنما هي أحاسيس وعواطف تتحرك فطريا ، فلا تعطي فكرا ولا ينبثق عنها نظام .
أما توثيق التاريخ ، وما هو التاريخ الذي يعتد به ، وما هو التاريخ الذي يرد ولا يعتمد ، أي لا يكون محل ثقة فإن هذا يعتمد على المصادر التاريخية التي يمكن أن تتخذ مصدرا للتاريخ .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> للتاريخ ثلاثة مصادر هي : الآثار ، والكتابات الشخصية أو ما يسمى المذكرات الشخصية ، والرواية . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> أما المصدر الأول وهو الآثار – وهذا هو المرجع اليوم لكل الكتابات التي كتبت عن العصور السالفة أي ما قبل الإسلام – فإن الآثار في حد ذاتها إنما تعطي فكرة مجزوءة عن حقبة محددة ، وأكثر ما يظهر فيها هو إبراز الناحية الوثنية ، أو ملامح عن بعض المعتقدات المحرفة . فهذا المصدر التاريخي لا يكون موثقا في دلالته ، ودلالته تكون استنتاجية وحسب ميل المؤرخ الذي اعتمد عليها .
وما نراه اليوم من هجمة فيها المغالاة إلى حد بعيد على التنقيب عن الآثار وإبرازها ، ووضع التفسيرات التي يريدونها لها سواء في الأردن أو سوريا أو العراق أو مصر أو اليمن ، أي في بلاد المسلمين بالذات . فهنا تكتشف آثار كنيسة أو دير ، وهناك تكتشف بعض الرسوم أو الكتابات على أوراق البرديّ أو النقوشات التي لها علاقة بمعتقد من المعتقدات المحرفة أو المعتقدات البائدة التي لم يبق لها وجود إلا في الآثار فقط كالفرعونية . فإنها وإن كان يظهر أن المراد من إبرازها هو من أجل السياحة أو بعض الدراسات العلمية ؛ ولكن الحقيقة التي لا بد من تأكيدها أن المراد من ذلك كله هو إبراز الناحية الوثنية ، وبالأخص ما له علاقة بالعقيدتين اليهودية والنصرانية . وهذا كله يشير إلى أن هناك خلفيات سياسية مقصودة ، لا محل لذكرها الآن . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> أما المصدر الثاني للتاريخ وهو الكتابات الشخصية والمذكرات الشخصية ؛ فإنها في غالب الأمر تكون خاضعة لسنة المدح أو القدح . فلا يخلو الكاتب من أن يكون إما مادحا وإما قادحا . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى : فإن الكاتب ينتابه الغلو في تفسيره لبعض الأحداث السياسية ، والمعارك القتالية ، فيفرغ ما وسعه من جهد لتزيين الأمر أو تقبيحه ، ومن رفع مقام الأشخاص الذين يكتب عنهم ، أو يحط من شأنهم . وقد تجلى هذا عند الكتابة عن الدولة العثمانية ، وحكم الأتراك (أي دولة الخلافة) فإنهم يبرزونها في أبشع صورها من الظلم والفساد والتأخر . كما ظهر تزويرهم للتاريخ في كتابتهم عن جمال باشا ووصفه بالسفاح ، لماذا ؟ لأنه أعدم من أسموهم بالأحرار العرب . وذلك لأنهم أغمضوا بصائرهم عن السبب الذي دعا جمال باشا لإعدامهم . وقد سموهم أحرارا لأنهم ناهضوا دولة الخلافة ، ودعوا إلى اللامركزية وإلى الاستقلال أي الانفصال عن جسم الدولة ، لأنها تركية وهم عرب . أي كانت هذه النظرة من زاوية قومية والدعوة إلى القومية محرمة في الإسلام . فهم بذلك خالفوا أحكاما شرعية كثيرة . كما تغاضى المؤرخون عن السبب المباشر الذي حمل جمال باشا على إعدامهم وهو اتصالهم بالدولتين البريطانية والفرنسية للمجيء لإنقاذ العرب من ظلم الأتراك (كما يقولون) أي كانوا يدعون إلى مجيء حملات صليبية جديدة . وقد اكتشفت أسماؤهم في القنصلية الفرنسية في بيروت ، وتواقيعهم على العرائض التي يطلبون فيها المجيء من بريطانيا وفرنسا . وهذا أمر موثق لا مرية فيه .
ويظهر ذلك واضحا أيضا عند كتاب القصة ، حيث يطلقون لمخيلاتهم العنان في الوصف والربط والبناء والصياغة والسبك . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;">وبهذا الصدد فإنني أتوجه بكلمة فيها لفتة إلى كتاب القصة والرواية أنهم وإن كانوا يبدعون في ذلك : فإن الأمة الآن في حاجة ماسة إلى العمل للنهضة والتغيير ، ولا يكون هذا إلا بالعمل الفكري الجاد الذي يتناول واقع الأمة الإسلامية ، وطراز العيش الذي تعيشه اليوم والتبعية المطلقة التي تقوم عليها اليوم من حيث هي جماعات أو أنظمة وحتى الأفراد . تبعية تظهر في كل أمورها وشؤونها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وأنظمة الحكم القائمة فيها على صعيد أكثر من خمسين كيانا .
فالأمة الإسلامية اليوم ، لم تتسلم من الجيل السابق أفكارا تتعلق بالنهضة لتقيلها من كبوتها ، وتعيدها إلى مصاف الدول التي تمتلك الإرادة في إصدار القرارات الذاتية . ولا تتمتع بالسيادة التي تخولها تنفيذ القرارات السياسية . كما أنها لم تنتج هي الآن أفكارا من ذلك النوع الذي يتعلق بنهضتها وسيادتها ؛ وإنما هي تعيش عالة وتندفع تقليدا للغرب سواء في ثقافته عامة أو في معالجته لشؤون حياته أفرادا وجماعات . والمحصلة النهائية أنها لا تمتلك طريقة تفكير منتجة يشع تأثيرها ، ويتسع مداها حتى تدخل كل بيت ، وتطال كل شرائح المجتمع ، ويتركز وجودها في الأجهزة التنفيذية ..
فصحة الفكر من صحة مصدره ، وصدق التشريع من صدق مشرعه . لا بد أن يكون هناك أصل ثابت يصدر عنه التشريع ، ولا بد أن يكون هناك أصل ثابت يصدر له التشريع ، حتى يتم التساوق بين حكمة المشرع وفطرة المشرع له .
ووجهة النظر في الحياة وما ينبثق عنها من تشريعات ومفاهيم وما ينبني عليها من أفكار هي التي تشكل لون المجتمع ، وطراز العيش ، ونوعية النظام ، ووجهة النظر في الحياة هي التي تفسر معنى السعادة ، وتصور الحياة الدنيا على حقيقتها وهذه كلها في مجموعها هي الحضارة . فلا بد أن ننفض عنا غبار التقليد للغرب ، ونريح عن كواهلنا نير التبعية التي نتلذذ بها . وأن ننبذ كل ما له علاقة بوجهة النظر الغربية ، وهي فصل الدين عن الحياة ، ونعود إلى النبع الصافي الذي ينبثق عنه وجهة النظر الصحيحة عن الحياة وهي العقيدة الإسلامية .
هذا ما أردت أن ألفت نظر الكتاب والمفكرين اليوم إليه .
هذه الناحية جديرة بالاهتمام والاهتمام بها والعمل لها فرض على كل مسلم ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> وأما المصدر الثالث للتاريخ فهو : الرواية . وعلى هذا قام تاريخ الأمة الإسلامية … ابتداء بنقل اللغة العربية وتدوينها رواية يتحرى فيها الدقة في صياغة النص المروي وهو ما يسمى المتن ، كما يتحرى فيها أمور الرواة وحياتهم وصدقهم كما هو معروف في علم الجرح والتعديل . وكان هذا واضحا تمام الوضوح في رواية السنة المشرفة وتدوينها . وسار على هذا النهج كثير من المؤرخين الكبار مثل : الطبري وابن كثير وابن الأثير والذهبي والبغدادي وابن عساكر .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> جاء الإسلام رسالة من عند الله لينسخ ما سبقه من عقائد وأفكار وتشريعات</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> 1- يبدأ تاريخ القدس أولا من حيث قدسيتها ، فقد أثبت القرآن قدسية القدس أي ربطها بالعقيدة من حين نزول قوله تعالى : "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" هذا قبل أن يظهر أن هناك مسجدا ثالثا وهو مسجد المدينة المنورة ، مسجد هجرته صلى الله عليه وسلم . وزاده الله قدسية أن بارك حوله ، فكان موضع الإسراء المذكور في الآية الكريمة ، وكان هو منطلق العروج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء .
وجرت الأمور على طبيعتها ، واستقر الأمر لرسول الله في الجزيرة بأسرها ، وسارت الفتوحات سيرها الطبيعي ، وتسلم عمر بن الخطاب رضي الله مفاتيح القدس من البطريرك صفرونيوس في حين كانت محاصرة بالجيوش بقيادة أبي عبيدة رضي الله عنه سنة 15 للهجرة سنة 636 للميلاد . ومن قدسية القدس أنها ظلت ستة عشر شهرا قبلة للمسلمين في صلاتهم حتى تحولت القبلة إلى الكعبة .
رب سائل أو معترض يقول : إن قدسية القدس قديمة قبل مجيء الإسلام بقرون … ودليل ذلك قول الله تعالى : "وإذ قال موسى لقومه … يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ، ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين"
نقول : إن الله أثبت هذا ثم نسخه ، ينسخه لجميع الشرائع السابقة ، فاليهود والنصارى مأمورون ومخاطبون باعتناق الإسلام .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> 2- الأمر الثاني من تاريخ القدس :
طبيعة الأمر الذي استقر عليه وضع القدس عندما تسلم مفاتيحها عمر رضي الله عنه ، أن أعطاهم وثيقة استقر عليها وضع القدس من حيث الأمان ، وصيانة معابدهم وأن أخذ عليهم عهدا أن لا يساكنهم فيها أحد من يهود ، على أن يدفعوا الجزية ومارس النصارى فيها حياتهم اليومية على هذا الوضع المنصوص عليه في العهد العمرية ، بهدوء وأمان واطمئنان ، وهذه العهدة موجودة حتى الآن يحتفظ بها البطاركة عندهم إلى يومنا هذا .
ومنذ تلك الساعات أصبحت القدس أرضا إسلامية جرت عليها أحكام الإسلام وخضعت لسلطان الإسلام ، وأمانها بأمان المسلمين ، وسكانها يحملون التابعية الإسلامية وغدت دار إسلام ، ينافح دونها . وحمايتها والدفاع عنها واسترجاعها فيما لو طرأ عيها عارض أو تغلب عليها مغتصب إنما يكون فرضا على جميع المسلمين ، وإلى يوم الدين .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> 3- قلنا إن ما قبل نزول آية : "سبحان الذي أسرى بعبده …" ومن قبل تسلم عمر مفاتيحها ، ما قبل هذا التاريخ لا يؤبه له ، ولا قيمة له عمليا ، سواء كانت مكانا للهيكل الذي يزعم اليهود ، أو مكانا للنصارى بوجود كنيسة القيامة ، أو ما أسموه القبر المقدس كنيسة نصف الدنيا . كل هذا أصبح الآن منسوخا لا اعتبار له ، ولا قيمة له ، وليس لهم إلا ما أعطاهم الإسلام من ممارسة عباداتهم وطقوسهم الدينية ، ولهم الأمان ما حافظوا على العهود والمواثيق ، لأن صاحب الحق في الإثبات والنسخ وهو الله تعالى قد نسخ كل ما مضى من تاريخ وما تعلق به من حقوق قد نسخها كلها وأثبت الحقائق التي ابتدأت من حين نزول الآية المذكورة زمنا وعملا . فأحكام أهل الذمة ، وأحكام الجزية ، وأحكام حقوق المعاهدين والمستأمنين ، كلها منصوص عليها بنصوص قطعية ، وطبقت عمليا من قبل الخلفاء والولاة والعمال والقضاة . مع التمكين التام للنصارى من مزاولة شعائرهم الدينية واحترام حقوقهم ، ورعاية شؤونهم ، والنظر في مظالمهم كالمسلمين سواء بسواء مع المحافظة وعدم العبث أو التعدي على أماكنهم الدينية .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> 4- فترة ما قبل الحروب الصليبية :
من طبيعة الأنظمة والقوانين التي تطبق وتنفذ على بني البشر ، يكون التطبيق لها وتنفيذها من قبل بشر أيضا ، فيخطئون ويصيبون ، وتمر فترات فيها إساءة في التطبيق ، وهذا تابع لاستقرار الفكر ونموه وازدهاره ، فإن كان القائمون على أمر الرعاية والتنفيذ لديهم الوعي والتقوى والإخلاص ، ووضوح الرؤية والرقي الفكري ، مع وجود الفكرة وطريقتها واضحة ومستقرة في المجتمع ، يكون هناك إحسان في التطبيق . والعكس بالعكس .
لقد مرت فترات كان الصراع الداخلي فيها محتدما بين كثير من الفئات والجماعات المتعددة هنا وهناك مما أوجد التفسخ والاضطراب في المجتمع الإسلامي ، أي كان وقتئذ إساءة في التطبيق ورعاية الشؤون . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> 5- فترة الحروب الصليبية ومجيء صلاح الدين :
تلك فترة عصيبة ، وأحداثها دامية ، لأنها خرجت في مجرياتها عن طور الإنسانية ، سواء من حيث دوافعها أو الحيز الذي أشغلته تاريخيا ، أو الظاهرة الوحشية والإجرامية التي جرت ممارستها من قبل الغزاة الغاشمين الحاقدين .
بعد مقاومة عنيفة استمرت أشهر من قبل حامية القدس دخلها الإفرنج ، وأفرغوا سموم حقدهم وغيظهم ، فأبادوا كل من كان فيها من المسلمين قتلا وذبحا وتقطيعا وحرقا بالنيران ، وقد جمعوا من كان فيها من اليهود ووضعوهم في كنيس وأضرموا فيهم النيران .
وجاء صلاح الدين ، ودخل القدس من الثغرة التي دخل منها غودفري . ولكنه لم يعمل السيف فيهم ، وإنما أخرجهم منها عن بكرة أبيهم ، دون أن تمس امرأة أو طفل أو شيخ بأذى . وساعد على الخروج من لم تمكنه أحواله .
والمؤرخون النصارى والمسلمون جميعا ينددون بالغزو الصليبي ويصفونه بأنه نشاز في تاريخ الإنسانية ، كما يثنون على صلاح الدين وإنسانيته ، ورعايته للمغلوبين .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;">6- أما فترة الحكم العثماني أو ما يسمونه الحكم التركي ، فإن سليم الأول دخل هذه البلاد سنة 1517 ، ودخل مصر وبويع بالخلافة كما دخل المدينة المقدسة .
إن المنشآت المقامة والماثلة الآن ، والأسوار والعمارات معظمها من فعل العثمانيين ، فكان اهتمامهم زائدا بها وفي هذا رد على من يتهمون العثمانيين الأتراك بأنهم غزاة محتلون . والحقيقة أن الخلافة العثمانية حمت بيضة الإسلام مدة أربعة قرون كاملة من سنة 1517 – سنة 1917 كما لا ننسى الفتوحات التي قام بها العثمانيون في أوربا لنشر الإسلام ، حتى طرقوا أبواب فينا ، واقتربوا من روما . وهذه منطقة البلقان تعج بالمسلمين الذين يضطهدهم الآن نصارى أوربا ، وأحداث البوسنة والهرسك وكوسوفا شاهدة على ذلك .
في سنة 1882 أصدرت الحكومة التركية قانونا حرمت فيه الهجرة اليهودية إلى فلسطين ، وشراء الأراضي . إلا أنها عادت فعدلته لتدخل ستراوس الوزير الأمريكي المفوض في استامبول ، ومنحت اليهود حق الدخول إلى فلسطين والبقاء فيها ثلاثة أشهر بقصد العبادة ، ثم بعد ذلك عدلت هذا القانون وحددت الإقامة بشهر واحد ، ومن تأخر يلاحق ويبحث عنه حتى يخرج .
ولما أعلنت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 راح الأتراك يطاردون الصهيونيين . وأصدر جمال باشا بوصفه القائد للجيش الرابع المرابط في فلسطين أمرا منع فيه رفع العلم الصهيوني في أي أرض تقع تحت حكمه ، كما منع أي لافتة تكتب باللغة العبرية ، وصادر جميع الطوابع والأوراق المالية التي تخص الحركة الصهيونية ، وألغى جميع المؤسسات اليهودية التي تكونت في فلسطين ، بعد أن دخلتها خفية . وجاء في البيان الذي صدر يومئذ 25 كانون الثاني سنة 1915 أن الحكومة فعلت ذلك بناء على ما لديها من معلومات تثبت أن بعض العناصر تتآمر باسم الصهيونية لإقامة مملكة يهودية في فلسطين . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> ومن مواقف السلطان عبد الحميد :</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> يقول : إن الصهيونية لا تريد أراض زراعية في فلسطين لممارسة الزراعة فحسب . ولكنها تريد أن تقيم حكومة ، ويصبح لها ممثلون في الخارج . إنني أعلم أطماعهم جيدا ، وإنني أعارض هذه السفالة ، لأنهم يظنونني أنني لا أعرف نواياهم أو سأقبل بمحاولاتهم . وليعلموا أن كل فرد في إمبراطوريتنا كم يكن لليهود من الكراهية طالما هذه نواياهم . وإن الباب العالي ينظر إليهم مثل هذه النظرة . وإنني أخبرهم أن عليهم أن يستبعدوا فكرة إنشاء دولة في فلسطين ، لأنني لا زلت أكبر أعدائهم .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> ويقول الخليفة عبد الحميد رحمه الله في كتابه للشيخ أبي الشامات يبين له فيه سبب خلعه فيقول :
… بعد هذه المقدمة .. أعرض هذه المسألة المهمة كأمانة في ذمة التاريخ : إنني لم أتخلّ عن الخلافة الإسلامية لسبب ما سوى إنني – بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الاتحاد المعروفة باسم (جون ترك) وتهديداتهم ، اضطررت وأجبرت على ترك الخلافة ، الإسلامية ؛ إن هؤلاء الاتحاديين أصروا علي بأن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة فلسطين . ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف …</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> ويقول هرتسل : بعث إلي السلطان وساما عالي الدرجة ، ومع الوسام جواب مفرغ في هذه العبارات :
(بلغوا الدكتور هرتسل ألاّ يبذل بعد اليوم شيئا من المحاولة في هذا الأمر ، فإني لست مستعدا أن أتخلى عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب إلى الغير . فالبلاد ليست ملكي ، بل هي ملك شعبي ، وشعبي روّى تربتها بدمائه ، فليحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب) .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> 7- القدس والاحتلال البريطاني :
وجاء اليوم الذي عمل له من كانوا يسمون أحرار العرب بمناشدتهم لبريطانيا ، والتعاون معها للحضور سريعا لنجدتهم وتخليصهم مما يسمى ظلم الأتراك .
وبدون متابعة ولا مقدمة أن تمهيد ، دخل اللورد اللبني القدس في 11/12/1917 ؛ دخلها ماشيا من باب الخليل ، وأعلن الأحكام العرفية ؛ وكان رئيس بلدية القدس هو موسى كاظم باشا الحسيني ، دخل اللبني الحرم ومعه كامل أفندي الحسيني مفتي فلسطين أخو الحاج أمين الحسيني . وعند دخول اللبني القدس ، أقيمت له منصة ووقف خطيبا وقال قولته المشهورة … (الآن فقط انتهت حلقة الحروب الصليبية) .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> وكانت بريطانيا قبل هذا التاريخ قد أعطت اليهود وعدا بإعطائهم فلسطين وطنا قوميا لهم ، وهو وعد بلفور .
لقد أعلن الحسين بن علي ثورته على الأتراك بتاريخ 10/حزيران سنة 1916م هذه الثورة التي قال عنها اللبني في تقريره الذي رفعه إلى وزارة الحرب فور انتهاء القتال : (إن ثورة العرب ضد الترك قد ساعدت الحلفاء مساعدة كبيرة في الحصول على نتائج فاصلة في الحرب) .
عندما وقعت اتفاقية (سايكس – بيكو) بين فرنسا وبريطانيا وتم تنفيذها ، واقتسام منطقة بلاد الرافدين وبلاد الشام بينهما ، كانت فلسطين مستثناة ، إذ جعل لها وضع خاص لتكون فيما بعد وطنا لليهود ، وجعلت بريطانيا من نفسها منتدبة على فلسطين لمدة خمسة وعشرين عاما من قبل عصبة الأمم ، من أجل تهيئتها وطنا لليهود ، أي لتنفيذ وعد بلفور ، فعينت عليها أول مندوب سام ، وهو هربرت صمويل يهودي صهيوني متعصب من سنة 1920 – سنة 1925 .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> بريطانيا هي رأس الأفعى ، وهي أم الخبائث ، وهي جالبة المصائب والكوارث للمسلمين جميعا ، وهي التي مزقت الأمة الإسلامية إلى أكثر من خمسين مزقة . بريطانيا هي التي تضع العراقيل للحيلولة دون عودة الخلافة . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;">بريطانيا هي التي دفعت الدول الموقعة على اتفاقية الهدنة في رودس لتوقيعها . بريطانيا هي التي حاكت مؤامرة حرب حزيران سنة 1967 وتسليم الضفة الغربية لإسرائيل . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> بريطانيا هي التي وضعت قانونا يسمى (قانون الحكر) سمحت بموجبه باستئجار أراضي الوقف الإسلامي لمدة (99) سنة ، والمباني التي يمتلكها الكثير من اليهود والنصارى أخذت أراضيها وأقيمت بموجب هذا القانون .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> بريطانيا هي التي سهلت هجرة اليهود إلى فلسطين ، وهي التي سمحت وساعدت وعملت على بيع الأراضي لليهود .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> بريطانيا هي التي طرحت بالقضية الفلسطينية إلى هيئة الأمم المتحدة ، وتولتها معها أمريكا ليصدر قرار تقسيم فلسطين سنة 1947 ثم يعلن قيام دولة لليهود سنة 1948 . وعندئذ غدت القضية تبحث دوليا . </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;">بريطانيا هي التي أبقت ما لديها من دبابات وسلاح لليهود عندما أنهت انتدابها وخرجت من فلسطين .
بريطانيا (الصديقة) هي التي أسلمت الأمور لصنائعها وعملائها مطمئنة ليكملوا المسيرة التي يسمونها مسيرة السلام .
ولكن لما كانت أمريكا تريد أن تخرج بريطانيا من مستعمراتها لتحل محلها ، أصبحت الآن تعمل جاهدة لتكون منطقة العالم الإسلامي (الشرق الأوسط) منطقة نفوذ خالصة لها ، وأدخلت قضية فلسطين داخل هذه الدائرة ، فهي تتطلع إلى الاستئثار بمنابع البترول ، كما تريد أن تستأثر بالمكاسب التي تنتج عن حل قضية فلسطين بإقامة قاعدة عسكرية لها في الجولان وغير ذلك .</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> وهذه الأحداث الدامية تتتابع متسارعة لنكون نحن المسلمين وقودا لها .
قضية فلسطين الآن قضية سياسية ، وهي بين طرفين : </span><br />
<span style="font-size: large;">- الطرف الأول : هم المسلمون جميعا . </span><br />
<span style="font-size: large;">- الطرف الثاني : النصارى ومعهم اليهود أو اليهود ومعهم النصارى.</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;"> فهي إذا قضية المسلمين ؛ والمسلمون اليوم لا دولة لهم تمثلهم واليهود جراء المؤامرات الخيانية أصبحوا لهم دولة قوية .
فعلى المسلمين وجوبا أن يعملوا على إقامة دولة لهم لتطبيق شرع الله ، ورفع راية الجهاد ، واسترجاع فلسطين ، ولن تكون هذه إلا دولة الخلافة الراشدة ، ولتكون عاصمتها القدس كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( … ثم تأوي الخلافة إلى القدس ، ويكون ثم عقر دارها ، ولن يخرجها منها أحد بعد ذلك أبدا . )</span><br />
<br />
<span style="font-size: large;">((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .)) </span><br />
<br />
<span style="font-size: large;">بقلم: ف.س </span></div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-48629531821805812122013-07-29T08:43:00.003+03:002013-07-29T08:43:52.243+03:00فبهداهم اقتده : رجل من أهل الجنة «عبدالله بن سلام» <div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم</span></span></div>
<div class="content" style="text-align: justify;">
</div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;">كان الحُصينُ بنُ سَلامٍ حَبراً (رئيس الكهنة عند اليهود، والحبر: العالم المتبحر في العلم أيضاً) من أحبَارِ اليهودِ في يثربَ، وكان أَهلُ المدينَةِ على اختِلافِ مِللِهم ونِحلِهم (أديانهم) يُجلُّونَه ويعظِّمونه، فقد كان معروفاً بينَ النَّاسِ بالتُّقَى والصلاحِ وموصوفاً بالاستِقامَةِ والصِّدْقِ.</span></span></div>
<span style="background-color: white; font-family: 'Arabic Transparent';"><span style="font-size: large;"><br /></span></span>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;">كان الحُصَينُ يحيا حياةً هادِئةً وادِعةً؛ ولكنَّها كانَت في الوقت نَفسه جادَّة نافِعة، فقد قسَّم وقتَه أقساماً ثلاثة: فَشَطرٌ في الكَنِيسِ (معبد اليهود) للوَعظِ والعبادَة، وشَطرٌ في بُستَانٍ له يَتَعهَّدُ نَخلَه بالتَّشذيبِ والتأْبير (تلقيح النخل وإصلاحه)، وشطرٌ مع التَّوراةِ (الكتاب الذي أنزل على موسى عليه السلام) للتَّفَقُّهِ في الدين...<br />وكان الحصين كُلمَا قَرَأ التوراةَ وقَفَ طويلاً عِند الأخبَارِ التي تُبشرُ بظهورِ نبيٍّ في مَكَّة يُتَمِّمُ رِسالاتِ الأنبِياءِ السابقين ويَختِمُها، وكان يَستقَصي أوصافَ هذا النبيِّ المُرتَقبِ وعلاماتِه، ويَهتزُّ فَرحاً لأنهُ سَيهجُرُ بلَدَهُ الذي بُعثً فيه، وسَيتَّخذُ من يَثرِبَ مهَاجراً له (بفتح الجيم مكاناً لهجرته) ومُقاماً، وكان كُلمَا قَرأَ هذه الأَخبَارَ أو مَرّت بخاطِره يَتمَنّى على الله أن يَفسحَ له في عُمره حتى يَشهدَ ظهورَ هذا النبي المرتقب، ويسعَدَ بلقائه، ويكون أولَ المؤمنين به، وقد استَجابَ الله عزَّ وجلَّ دُعاء الحُصين بنِ سلامٍ، فأطال الله عمره حتى بُعِث نبيُّ الهدى والرحمةِ، وكُتبَ له أن يَحظى بِلقائِه وصُحبتِه، وأن يُؤمنَ بالحقِّ الذي أنزِلَ عليه...<br />فلنترُك للحُصينِ الكلامَ ليسوقَ لنا قصةَ إسلامِه فهو لها أروَى (أجود رواية)، وعلى حسن عَرضها أقدَر.</span></span></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;">قال الحُصين بنُ سَلام: لَمَّا سمِعتُ بظهورِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أخَذتُ أتحَرَى عن اسمِه ونسبهِ وصِفاتهِ وزماِنه ومكانِه وأطابِقُ بينها وبَينَ ما هو مَسطورٌ (مكتوب) عِندَنا في الكتب حتى استيقنتُ من نُبُوَّتهِ، وتثَبتُّ من صِدقِ دَعوتِه ثم كَتَمتُ ذلك عن اليهودِ، وعَقَلتُ (ربطت ومنعت) لِساني عن التكلُّم فيه، إلى أن كانَ اليَومُ الذي خَرجَ فيه الرسولُ عليه السلامُ من مكة قاصداً المدينةَ، فلما بَلغَ يثربَ ونَزَل بقُباءَ (قرية على بعد ميلين من المدينة) أقبَلَ رجُلٌ علينا وجَعلَ ينادِي في النَّاس مُعلِناً قدومَه، وكنتُ ساعتئذٍ في رأسِ نخلةٍ لي أعملُ فيها، وكانت عَمتِي خالِدةُ بنتُ الحارِثِ جالِسةً تحتَ الشجَرَةِ، فما إن سَمعتُ الخَبرَ حتى هتَفتُ: الله أكبَرُ..... اللهُ أكبَرُ، فقالت لي عَمَّتي حينَ سَمِعتْ تَكبيري: خَيبكَ اللهُ، واللهِ لو كُنتَ سَمعتَ بموسَى بنِ عِمرانَ قادِماً ما فَعلتَ شيئاً فَوق ذلك، فقلت لها: أي عَمَّة، إنه واللهِ أخو موسى بنِ عمرانَ، وعلى دينه، وقد بُعثَ بما بُعِثَ به، فَسكَتَتْ وقالت: أهو النبيُّ الذي كنتم تُخبروننا أنه يُبعثُ مُصدِّقاً لمن قبله ومُتمماً لرسالات ربه؟! فقلت: نعم، قالت: فذلك إذن، ثم مَضيتُ من تَوِّي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فرأيتُ الناسَ يزدَحِمُون بِبابِه، فزاحَمْتُهُم حتى صِرتُ قريباُ منه؛ فكان أول ما سَمعتُه منه قوله: “أيها النَّاسُ أفشُوا السَّلامَ، وأطعموا الطعام، وصَلوا بالليلِ والنَّاسُ نيامٌ، تَدخُلوا الجَنة بِسَلامٍ”، فجعلتُ أتَفَرَّسُ فيه، وأتَمَلى منه، فَأيقَنتُ أنَّ وَجههُ ليسَ بِوجهِ كذابٍ، ثم دَنَوتُ منه، وشَهدتُ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فالتَفَتَ إليَّ وقال: «ما اسمُك؟».فقلت: الحُصينُ بنُ سلامٍ.فقال: «بل عبدُ الله بنُ سلام». فقلت: نعم، عبد الله بن سلام... والذي بَعَثكَ بالحَقِّ ما أحِبُّ أنَّ لي به اسماً آخر بعد اليومِ. ثم انصرَفتُ من عندِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتي ودعوتُ زَوجتي وأولادِي وأهلي إلى الإسلامِ، فأسلموا جميعاً وأسلمتْ معهم عمتي خالِدةُ، وكانت شيخَةً كبيرة،ثم إني قُلتُ لهم: اكتُموا إسلامي وإسلامكُم عن اليَهودِ حتى آذَنَ لكم !!فقالوا: نعم .ثم رجعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَلتَ له: يا رسول الله، إنَّ اليهودَ قومُ بُهتانٍ وباطِلٍ، وإني أحبُّ أن تَدعُو وجُوههم (سادتهم) إليكَ، وأن تستُرني عَنهُم في حُجرةٍ من حُجُراتك، ثم تسألهم من مَنزِلتِي عِندهم قبل أن يَعلموا بإسلامي، ثم تدعوهم إلى الإسلام، فإنهم إن عَلِموا أنَّنِي أسْلَمتُ عابوني، ورَمَوني بِكل ناقِصةٍ وبَهتُوني. فأدخلني رسول صلى الله عليه وسلم في بعض حُجُراتهِ، ثم دعاهم إليه وأخذَ يَحضُّهم على الإسلام، ويُحَبِّبُ إليهم الإيمانَ، ويُذَكرُهُم بِما عَرَفوه في كُتُبهم من أمرِهِ. فجعلوا يجادلونه بالباطل ويمارونه في الَحقِّ وأنا أسمَعُ، فلما يَئِسَ من إيمانِهم قال لهم: «ما مَنزلةُ الحصينِ بن سلامٍ فيكم؟» فقالوا: سيدُنا وابنُ سيدنا، وحَبرُنا وعالِمُنا وابنُ حبرِنا وعالمِنا.فقال: «أَفَرأيتُمْ إنْ أسلمَ أفَتُسلمون؟». قالوا: حاشا للَه، ما كان لِيُسلمَ... أعاذهُ اللهُ من أن يُسلمَ. فخرجتُ إليهم وقلت: يا معشرَ اليهودِ، اتَّقُوا الله واقبلُوا ما جاءَكم بهِ محمدٌ. فواللهِ إنكمْ لتعلمُون إنه لرسولُ الله، وتجدونه مكتوباً عندكمْ في التوراةِ باسمِهِ وصفتِهِ. وإني أشهَدُ أنَّه رسولُ الله وأؤمن به، وأصدِّقه، وأعرفُه، فقالوا: كذبت. والله إنَّك لشَرُّنا وابن شَرِّنا، وجاهِلنا وابنُ جاهِلنا، ولم يتركوا عَيباً إلا عابُوني به. فقلت لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: ألم أقل لك: إنَّ اليهودَ قومُ بُهتانٍ وباطلٍ، وإنهُم أهلُ غَدرٍ وفجورٍ؟؟</span></span></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;">أَقبَلَ عبدُ الله بنُ سلامٍ على الإسلامِ إقبالَ الظامئ الذي شاقَه المَوردُ (لذَّ له المورد وطاب)، وأولِعَ بالقُرآنِ؛ فكان لسانُه لا يفتأ رطباً بآياتِه البينات، وتعلقَ بالنبيِّ صلواتُ الله وسلامُه عليه حتى غدا ألزمَ له من ظِلِّه، ونَذرَ نفسَه للعَملِ للجنَّةِ حتى بَشَّره بها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بِشارةً ذاعَت بين الصَّحابةِ الكرامِ وشاعت، وكان لهذه البِشارة قِصةٌ رواها قَيسُ بنُ عُبادةَ وغيرُه.</span></span></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;">قال الراوي: كنت جالساً في حلقةٍ من حَلقاتِ العِلمِ في مسجِدِ رسولِ الله في المدينة، وكان في الحَلقةِ شَيخٌ تَأنَسُ به النَّفسُ ويستروحُ به القلب، فجَعلَ يحدثُ الناسَ حديثاً حُلواً مؤثراً، فلما قامَ قال القوم: من سَرَّه أن ينظرَ إلى رَجُلٍ من أهلِ الجنةِ فلينظر إلى هذا .فقلت: من هذا؟ فقال: عبدُ الله بنُ سلامٍ، فقلتُ في نفسي: والله لأتَبَعنَّهُ ؛ فَتَبِعَهُ ؛ فانطلق حتى كاد أن يخرُج من المدينةِ، ثم دَخلَ منزلَه، فاستَأذَنتُ عليه ؛ فأذِنَ لي، فقال: ما حاجتُك يا بن أخي؟ فقلت: سمعتُ القومَ يقولون عَنكَ لما خرجتَ من المسجد: من سَرَّه أن ينظرَ إلى رَجُلٍ من أهلِ الجنةِ فلينظر إلى هذا .فمضَيتُ في إثرِكَ، لأقف على خبركَ، ولأعلَمَ كَيف عَرفَ الناسُ أنكَ من أهلِ الجنَّة. فقال: الله أعلمُ بأهل الجنَّة يا بُنيَّ .فقلت: نعم... ولكن لا بُد لما قالوه من سبب. فقال: هاتِ، وجَزاكَ الله خيراً. فقال: بينما أنا نائِمٌ ذات ليلةٍ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أتاني رجُلٌ فقال لي: قم، فَقمتُ، فأخَذَ بيَدِي، فإذا أنا بطرِيقٍ عن شمالي فهمَمتُ أن أسلكَ فيها.<br />فقال لي: دَعها فإنَّها ليست لك. فنظرتُ، فإذا أنا بِطرقٍ واضحةٍ عن يميني، فقال لي: اسلُكها فسلكتُها حتى أتيتُ رَوضَةً غناءَ واسعةَ الأرجاءِ كثيرةَ الخضرةِ رائعة النُّضرة، وفي وسَطِهَا عمودٌ من حديدٍ أصلُه في الأرضِ ونهايَتُه في السماء، وفي أعلاهُ حلقةٌ من ذهبٍ. فقال لي: ارقَ عليه. فقلت: لا أستطيع. فجاءني وصِيفٌ (الخادم) فَرفَعنِي، فرقيت (فصعدت) حتى صِرتُ في أعْلَى العمودِ، وأخذتُ بالحلقةِ بيدي كلتيهما. وبقيتُ مُتعَلقاً بها حتى أصَبحتُ.</span></span></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;">فلما كانت الغداةُ أتَيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَصَصتُ عليه رؤيايَ فقال: « أما الطريقُ التي رأيتَها عن شِمالكَ فهي طريقُ أصحَابِ الشِّمالِ من أهل النارِ. وأما الطريقُ التي رأيتها عن يمينك فهي طريقُ أصحابِ اليمينِ من أهْل الجنَّة. وأما الروضةُ التي شاقَتْكَ بخُضرتِها ونُضرتِها فهي الإسلام. وأما العمودُ الذي في وسَطِها فَهو عمودُ الدين. وأما الحَلقةُ فهي العُروةُ الوُثقى، ولن تَزَالَ مُستَمسِكاً بها حتى تموت»</span></span></div>
</div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-40240239137590182052013-07-29T08:28:00.002+03:002013-07-29T08:28:27.865+03:00جلنار زوجة قطز<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<h2 class="posttitle icon" style="margin: 0.2em 0px; text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم </span></h2>
<h2 class="posttitle icon" style="margin: 0.2em 0px; text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><br /></span></h2>
<h2 class="posttitle icon" style="margin: 0.2em 0px; text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">جلنار زوجة قطز</span></h2>
<div class="content" style="text-align: -webkit-auto;">
<div id="post_message_3637">
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">لا تقل واحبيبتاه.. ولكن قل: وا إسلاماه.. فصة العظيمة جلنار...زوجة العظيم السلطان محمود قطز </span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">..............</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">تحدثنا عن السلطان المسلم محمود المشهور بلقب قطز -بطل المعركة الحاسمة- عين جالوت التي انقذت امة الاسلام من خطر الابادة على يد التتار اشرس من عرفت تلك العصور مرارا.. ...وقلنا مرارا ان انه ليس صحيحا قول بعض المهزومين- او غير الواعين- فكريا، بان من المستحيل ظهور امثال عمر ين الخطاب من جديد...فالصواب هو ان عمر بن الخطاب ، ليس سوى ثمرة من ثمار شجرة الاسلام، التي تؤتي اكلها كل حين باذن ربها!!!!!ا</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">فمن اراد ان يصنع ابن خطاب اويكون كابن الخطاب فعليه الالتزام بفكرالاسلام كما التزم به العظيم عمر بن الخطاب،فعمر وخالد وابو عبيدة، والاف غيرهم لم يكونوا شيئا قبل الاسلام ، وعندما التزموا بالاسلام صاروا من اعظم العظماء، فالاسلام الذي صنع ابن الخطاب،هو نفسه من صنع العظماء من بعده كصلاح الدين ويوسف بن تاشفين، وكما صنع محمود بن سبكستين والسلطان محمود قطز ....وسيصنع من جديد آخرين.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وما قلناه عن شجرة الاسلام واثمارها لعظماء الرجال في كل حين، نقوله ايضا عن النساء، فسمية ام عمار ونسيبة ام عمارة والخنساء وكل العظيمات من الصحابيات هن ثمرات لشجرة الاسلام ، ولولا ايمانهن بعقيدة الاسلام والتزامهن بفكر الاسلام، لما كنّ اكثر من اعرابيات كملايين الاعرابيات اللواتي دخلن من باب الحياة ،وخرجن من الباب الاخر دون ان يشعر بهن احد، او يتركن اي بصمة من البصمات على صفحات التاريخ!!!!ا</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">ومن عظيمات النساء اللواتي صنعهن الاسلام-اي اثمرتهن شجرةالاسلام- بعد مئات السنين من زمن الصحابيات : العظيمة المشهورة بلقب جلنار-حب الرمان- زوجة السلطان قطز!!ا</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وجلنار -واسمها الحقيقي جهاد- هي ابنة جلال الدين بن خوارزم شاه، وزوجة بطل معركة عين جالوت سيف الدين قطز وابنة عمه..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"></span></div>
</blockquote>
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وقد عاشت جلنار حياةً عصيبة مليئةً بالأخطار والمواقف الحرجة، وتجاوزت كل مراحلها بصبر وعزة وثبات وإباء، لتواصل حتى النهاية الخالدة المؤثرة التي تركت بصمتها على صفحات التاريخ... ليحدثنا عنها باعظم فخار.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">فقد فتحت جلنارعيناها على الحياة ،وحال الامة مزري كحالها هذه الايام او اسوا،فقد كان العالم الاسلامي انذاك يتعرض لحملات ابادة من قبل الصليبين والتتار ، وتحكمه طغمة حكام طغاة انذال اشبه ما يكونون بحكام بلاد الاسلام هذه الايام فهم اساد على الامة فئران امام الاعداء وعبيد لهم ومطايا وعملاء.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"></span></div>
</blockquote>
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"> وقد ترعرعت جلنار في جو الحرب والقتال، وعانت التشرد والأسفار هرباً من المغول، وطلباً للنجاة من اجرامهم الذي لم يكن يوفر امراة او طفلا او شيا كبيرا بل ان كالجراد او كالنار يلتهم كل ما يصادقه او يقف في طريقه.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وكان من اسوا ما تعرضت له انها تحولت من ابنة ملوك الى مجرد رقيقة اي جارية، حيث بيعت في سوق الرقيق كالمتاع مع أنها ابنة ملك كبير كُتبت عليه الهزيمة أمام التتار ليعاني هو وعائلته أشد المعاناة ..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وقد فرقت الأيام بينها وبين ابن عمها حيث عاش كل منهما في بيت أحد التجار أعواماً طويلة..ثم شاء الله تعالى أن يلتقيا في قصر الصالح نجم الدين أيوب عند زوجته شجرة الدر.</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"></span></div>
</blockquote>
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وفي قصر شجرة الدر عانت جلنار من العيش قي اجواءالفتن والمؤامرات ، لكن كل هذا لم يزدها الا صبرا وايمانا بقضاء الله وقدره،وأن الله لا بد ان يجعل لها من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا .</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وسارت الايام وشاء الله ان تلتقي بابن عمها في ذلك القصر، ويهيئ الله تعالى لهما الزواج، ثم يهيئ لمحمود (قطز) مُلك مصر ومحاربة التتار..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"></span></div>
</blockquote>
<br />
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وحصلت موقعة عين جالوت الشهيرة الحاسمة ، واوشك النصر ان يكون لامة الاسلام على امة الوحوش، وعندها حاولت مجموعة من التتار اغتيال قطز لعلهم يغرون من نتيجة المعركة في الوقت الضائع او في اخر اللحظات كما في مباريات كرة القدم .لكن البطل قطز نجح في قتل ثلاثة من مهاجميه ،وكاد فارس تتري رابع ان ينجح في طعن قطز من الخلف، فاذا به يفاجأ بفارس ملثم يضربه بالسيف فيرديه صريعاً، بعد أن تلقى منه ضربة قاتلة.. وما كان ذلك الفارس الملثم إلا جلنار زوجة القائد العظيم قطز.. جاءت إلى المعركة لتفديه بنفسها وتنقذه من القتل ليظل قائداً للمسلمين يقودهم نحو النصر النهائي على التتار الذين ارتكبوا بحق المسلمين من الفظائع ما لا يحيط به الوصف .</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"></span></div>
</blockquote>
<br />
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0);">ومن شدة تاثره على زوجته الحبيبة انكب القائد على زوجته وهي تجود بروحها في سبيل الله صارخا : واحبيبتاه.. فتقول له: مه.. لا تقل واحبيبتاه.. ولكن قل: وا إسلاماه..</span> </span></div>
</blockquote>
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">الله أكبر ..والله كلا قرات هذه العبارة الخالدة اقشعر لها بدني !!!ا</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"></span></div>
</blockquote>
<br />
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">ما اعظمها من كلمة ينهي بها المرء حياته ..اي وهو في آخر رمق .. نعم .. وا إسلاماه .. فمن أجل نشره وإعلاء رايته نقاتل.. لا من أجل دنيا أو امرأة أو متاع زائل.. قل: وا إسلاماه .. وارفع بها صوتك عالياً ..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">ونهض قطز-بعد سماع الامر- وجعل يصرخ في المسلمين.. وا إسلاماه.. صرخة مدوية زلزلت المكان، وجعلت المسلمين يهتزون ويشعرون بالقوة والعزة فينهضون لقتال أعدائهم بهمة ونشاط..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وينهزم التتار شر هزيمة، ويتبع المسلمون فلولهم حتى تتم إبادتهم والقضاء على شرورهم وأخطارهم إلى الأبد..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">وتظل ذكرى جلنار عالقة في الأذهان، في صفحة تاريخية ناصعة مشرقة... تُبرز عظمة الفداء والوفاء، وتُظهر أروع صور التضحية النسائية المجيدة في تاريخ أمتنا الحافل بالصور العظيمة المشرقة ..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">هكذا فلتكن النساء.. صبر على المعاناة، ورضا بالقضاء والقدر، واستعلاء على الألم، وتضحية في سبيل الله، ورعاية لحقوق الزوج الصالح، وافتداؤه بالنفس والروح..</span></div>
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;"></span></div>
</blockquote>
<br />
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0);">صورةٌ نضعها بين يدي اخواتنا وبناتنا لعل البعض ممن فيهن الخير يجعلن من جلنار المثل الاعلى وليس من ليس والهام وشاهين وما شابه .. فبامثال ام عمارة وسمية ام عمار والخنساء وصلت الامة عنان السماء وبامثال لميس واردوغان الخسيس، انحطت الامة لى الدرك الاسفل !!!فهل من ذات عقل دين تؤثر فيها قصة جلنار ..فلعل وعسى ان يكتب لامتنا</span> </span></div>
</blockquote>
<blockquote class="postcontent restore" style="margin: 0.2em 0px;">
<div style="text-align: right;">
<span style="background-color: rgba(255, 255, 255, 0); font-size: large;">النهوض من جديد ...واستعادة الكرامة و العزة لامة الاسلام بعد ان افتقدناها منذ امد بعيد ؟؟؟!!</span></div>
</blockquote>
<br />
<span style="font-size: large;">المصدر: مدونة قانتات</span></div>
</div>
</div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com4tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-11025691604013231392013-02-13T01:37:00.000+03:002013-02-13T01:48:15.256+03:00المرأة بين أعلى درجات الرفعة في الإسلام وبين أسفل دركات الرأسمالية والأنظمة الوضعية <div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<br />
<br />
<span style="background-color: white;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><span style="font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم</span></span></span><br />
<span style="background-color: white;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span><span style="font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">سعيد الأسعد – فلسطين</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">تخرج علينا بين الفينة والأخرى بعض الأقلام المسمومة والأصوات المأجورة للغرب الحاقد على الإسلام كحضارة تعطي المرأة حق قدرها لتنال تلك الأقلام والأصوات من رعاية الإسلام وحفظه للمرأة وتكريمه لها. وتحت عنوان : «المرأة في فلسطين معنَّفة: ضرب وإهانة وجنس بالإكراه وحرمان من الميراث» نشرت وكالة معاً الإخبارية تقريراً بتاريخ 25/6/2012م عن برنامج في لقاء حول هذه القضايا بما يشير إلى درجة الوحشية التي تعيشها المرأة في ظل أنظمة وضعية لا تراعي أدنى حقوق الإنسانية للمرأة، ولكن البرامج هذه فاتها ذكر الأسباب والمسببات، فلم تتطرق لتشخيص الداء على حقيقته، ولم تبين أن سبب أي حال متردٍّ هو سيطرة الأنظمة الوضعية والتي هي من ترقيعات المبدأ الرأسمالي المفروض على الناس، والذي لا ينظر إلى المرأة أكثر من كونها سلعة تستغل استغلالاً قذراً، تلك النظرة الجائرة المبنية على استحقار المرأة والحط من قدرها... وهذه البحوث لم تتطرق إلى تشريعات الإسلام، ولا إلى تاريخ حكمه وتقديره للمرأة، وكيف أنه اعتبرهاأماً وربة بيت وعرضاً يجب أن يصان؛ فالإسلام وحده هو الذي حفظ المرأة واعتبرها عرضاً، وجعل ذلك هدفاً من الأهداف العليا لصيانة المجتمع.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">الدعاوى الكاذبة والخاطئة والمتربصة بالإسلام والمرأة:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">إن الدعوات إلى تحرير المرأة في بلاد المسلمين وإعطائها كامل حريتها وحقوقها وتحويلها كما المرأة في الغرب ما هي إلا دعوات لأهانتها واستعبادها واستحقارها على كافة الصعد أسرياً ومجتمعياً، في الحالة الفردية وضمن الجماعة، وما قضية حقوق المرأة إلا دعوى لكشف سترها وإبعادها عن أحكام الإسلام وتوجيهاته.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وللرد على هذه الأصوات وبيان حقيقة الأمر والفرق بين سمو أحكام الإسلام ورفعه للمرأة وبين امتهانها وإذلالها وإهلاكها كما في المبادئ الوضعية وما يدعو لها هؤلاء نعرض ما يلي:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">رعاية الإسلام للمرأة وهي بنت:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">لقد رعى الإسلام المرأة وأعطاها قدرها من المهد، فكانت وصية غالية وأمانة عظيمة، وقد وعدهم الله الجنة ونعيمها إن أحسن الأهل رعايتها وأدَّوا أمانة الله في حقها، فعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من عال ثلاث بنات يكفيهن ويرحمهن ويرفق بهن فهو في الجنة أو قال: معي في الجنة». وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وسرائهن وضرائهن أدخله الجنة بفضل رحمته إياهن: قال رجل: وابنتان؟ قال: وابنتان، قال رجل: وواحدة؟ قال: وواحدة». [المصنف كتاب الأدب]. وهذه ميزة للبنت حرص الإسلام عليها كل الحرص -بعدل معالجاته واستقامة أحكامه- مقارنة بما كانت عليه في الجاهلية، فكان رحمة ما بعدها رحمة، وهو ما زال على وصيته وصدق معالجاته في ظل جاهلية ظهر فيها المبدأ الرأسمالي الذي أطلق الحريات الغرائزية البهيميةمما أتاح إطلاق مزيد من الاعتداء والقتل في حق الأطفال من البنات في اعتداءات جنسية يشيب منها الولدان وتشمئز منها جاهلية الأولين من الناس. ما يشير بشكل واضح قاطع إلى مدى حاجة العالم أجمع إلى تشريعات الإسلام واستقامة أحكامه وتطبيق نظامه ،الأمر الذي يوجب على الحقوقيين وكل اللجان التي تدعي الحرص على المرأة وتدعو لحفظ كرامتها أن يحملوا دعوة الإسلام وأن يستنفروا لتطبيقها.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">رعاية الإسلام للمرأة وهي شابة راشدة:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">لقد ضمن الإسلام للمرأة وهي شابة حقها في العمل بما يمنع استغلال أنوثتها وأحاطها بالحفظ والاحترام؛ فحرَّم عليها أن تعمل عملاً تأكل من خلاله بأنوثتها، بل اعتبرها درة كريمة مصانة لا تحلُّ لغيرها إلا بكلمة الله ووفق أحكامه، وتزف لبيت الزوجية بشكل راقٍ مهيب لتصبح هناك ربة بيت وأماً وعرضاً يحرس ويصان ويفتدى بالنفس، ولتشكل ركناً إلى جانب الرجل لتأسيس عائلة محترمة ومستقرة... وهذا ما يفتقده الغرب كل الافتقاد، حيث نرى بشكل عام كيف أن الأسر مفكَّكة، ونكاد لا نجد شابة عذراء، وإذا ما وجدت فهي تخفي نفسها حتى لا تتهم بأنها معقَّدة...وحيث تستغل أنوثتها أبشع استغلال لجني المال.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">الإسلام جعل للمرأة الحق في إبداء الرأي ومحاسبة رأس الدولة:</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">ومن ذلك أن امرأة حجَّت عمر بن الخطاب في تقدير المهور حتى قال مقالته العابرة للأجيال: «أخطأ عمر وأصابت امرأة»</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">فهذا سيدنا عمر، وهو خليفة وله منصبه وعلمه وقوة شخصيته التي تهابها الرجال، يستمع لامرأة وينصاع لفهمها في تقدير المهور ويقدمه على فهمه لما رأى فيه من وجاهة وقوة حجة بغض النظر عمن تكون هذه المرأة.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">المرأة هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">لقد كانت المرأة (ولازالت) وصية نبيـِّنا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فعن سليمان ابن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ.... أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِى كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» سنن ابن ماجة. وقوله: «إن النساء شقائق الرجال». وعن أنس بن مالك قال: كان البراء بن مالك رجلاً حسن الصوت فكان يرجز برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا هو يرجز برسول الله في بعض أسفاره إذ قارب النساء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك والقوارير، إياك والقوارير». فأيُّ رفق وأي تلطُّف ووصاية هذه، فقد استحال نظيرها في الأمم وفي العالمين. فعندما جاء الإسلام أبطل كل ما كان عليه العرب والعجم من حرمان النساء من التملك أو التضييق عليهن في التصرف بما يملكن، واستبداد الأزواج بأموال زوجاتهم، فأثبت لهن حق الملك بأنواعه والتصرف بأنواعه المشروعة، فشرع الوصية والإرث لهن كالرجال، وزادهن ما فرض لهن على الرجال من مهر الزوجية والنفقة على المرأة وعلى أولادها وإن كانت غنية، وأعطاهن حق البيع والشراء والإجارة والهبة والصدقة وغير ذلك. ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها بالتقاضي وغيره من الأعمال، وفي المقابل نرى أن المرأة الفرنسية لا تزال إلى يومنا هذا مقيدة بإرادة زوجها في جميع التصرفات المالية والعقود القضائية.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">ومما يجدر ذكره أن الإسلام حين كانت دولته تحكم العالم وتسود فيه مثل هذه الأحكام وتعطى المرأة تلك المنزلة كان الإفرنج يعدون المرأة من الحيوان الأعجم أو من الشياطين لا من نوع الإنسان، وبعضهم يشك في ذلك، فجاء الإسلام وفيه قول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وقوله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) وما في معناهما، وكان بعض البشر في أوروبا وغيرها يرون أن المرأة لا يصح أن يكون لها دين، حتى كانوا يحرمون عليها قراءة الكتب المقدسة رسمياً، فجاء الإسلام ليخاطب الرجال والنساء معاً بالتكاليف الدينية بلقب المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات. وكان أول من آمن بمحمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم امرأة، وهي زوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وقد ذكر الله تعالى مبايعته صلى الله عليه وسلم للنساء في نص القرآن ثم مبايعته للرجال بما جاء في بيعة النساء. ولما جمع القرآن في مصحف واحد جمعاً رسمياً وضع عند امرأة هي حفصة أم المؤمنين، وظل عندها من عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق إلى عهد الخليفة الثالث عثمان - رضي الله عن الخلفاء الراشدين أجمعين - فأُخذ من عندها واعتُمد عليه في نسخ المصاحف الرسمية التي كتبت وأرسلت إلى الأمصار لأجل النسخ عنها والاعتماد عليها.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وكان بعض البشر يزعمون أن المرأة ليس لها روح خالدة؛ لذلك لا تكون مع الرجال المؤمنين في جنة النعيم في الآخرة - وهذا الزعم أصل لعدم تدينها - فنزل القرآن الكريم ليقول: ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ) ويقول سبحانه: ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) وفيها الوعد الصريح بدخول الفريقين جنات تجري من تحتها الأنهار.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وكان بعض البشر يحتقرون المرأة فلا يعدونها أهلا للاشتراك مع الرجال في المعابد الدينية والمحافل الأدبية، ولا في غيرهما من الأمور الاجتماعية والسياسية والإرشادات الإصلاحية، فنزل القرآن يصارحهم بقوله تعالى: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وقد عين عمر بن الخطاب الشفاء وهي امرأة قاضية للحسبة.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وكان بعض البشر يحرِمون النساء من حق الميراث وغيره من التملك، وبعضهم يضيق عليهن حق التصرف فيما يملكن، فأبطل الإسلام هذا الظلم وأثبت لهن حق التملك والتصرف بأنفسهن في دائرة الشرع، قال الله تعالى: ( لرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) وقال سبحانه: ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْن) ونحن نرى أن دولة الولايات المتحدة الأميركية لم تمنح النساء حق التملك والتصرف إلا من عهد قريب في عصرنا هذا فيما يشير إلى ترقيعات النظام الرأسمالي الباهت، وأن المرأة الفرنسية لا تزال مقيدة بإرادة زوجها في التصرفات المالية والعقود القضائية، وقد منحت المرأة المسلمة هذه الحقوق منذ ثلاثة عشر قرناً ونصف.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وكان الزواج في قبائل البدو وشعوب الحضارة ضرباً من استرقاق الرجال للنساء، فجعله الإسلام عقداً ورباطاً وثيقاً لقضاء حق الفطرة بسكون النفس من اضطرابها الجنسي بالحب بين الزوجين، وتوسيع دائرة المودة والألفة بين العشيرتين، واكتمال عاطفة الرحمة الإنسانية وانتشارها من الوالدين إلى الأولاد، على ما أرشد إليه قوله تعالى: ( مِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">ولقد كلَّف الإسلام المرأة والرجل بالتكاليف الشرعية على السواء من غير تفاضل بينهما وذلك باقتسام الواجبات والحقوق بالمعروف، مع جعل حق رياسة الزوجية للرجل لأنه أقدر على النفقة والحماية بقول الله عز وجل في الزوجات: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) وقد بيَّن هذه الدرجة بقوله تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) فجعل من واجبات هذه القيامة على الزوج نفقة الزوجة والأولاد بحيث لا تكلف منه شيئاً ولو كانت أغنى منه، وزادها المهر إذ المسلم يدفع لامرأته مهراً مفروضاً عليه بمقتضى العقد.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وكان أولياء المرأة يجبرونها على التزوج بمن تكره، أو يعضلونها بالمنع منه مطلقاً وإن كان زوجها وطلقها، فحرم الإسلام ذلك، والنصوص في هذا معروفة في كلام الله وكلام رسوله وسنته. وكان الرجال من العرب وبني إسرائيل وغيرهم من الأمم يتخذون من الأزواج ما شاؤوا غير مقيدين بعدد، ولا مشترط عليهم فيه العدل، فقيَّدهم الإسلام بألا يزيدوا على أربع، وأن من خاف على نفسه ألا يعدل بين اثنين جعل الاقتصار على واحدة.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">والطلاق قد يكون ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية، إذا تعذر على الزوجين القيام بحقوق الزوجية من إقامة حدود الله وحقوق الإحصان والنفقة والمعاشرة بالمعروف، وكان مشروعاً عند أهل الكتاب والوثنيين من العرب وغيرهم، وكان يقع على النساء منه وفيه ظلم كثير وغبن يشق احتماله، فجاء الإسلام فيه بالإصلاح الذي لم يسبقه إليه شرع ولم يلحقه بمثله قانون، وكان الإفرنج يحرمونه ويعيبون الإسلام به، ثم اضطروا إلى إباحته، فأسرفوا فيه إسرافاً منذراً بفوضى الحياة الزوجية وانحلال روابط الأسرة والعشيرة. بينما الإسلام جعل عقدة النكاح بيد الرجال، ويتبعه حق الطلاق؛ لأنهم أحرص على بقاء الزوجية بما تكلفهم من النفقات في عقدها وحلها، وكونهم أثبت من النساء جأشاً وأشد صبراً على ما يكرهون، وقد أوصاهم الله تعالى على هذا بما يزيدهم قوة على ضبط النفس وحبسها على ما يكرهون من نسائهم فقال سبحانه: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) على أن الشريعة تعطي المرأة حق اشتراط جعل عصمتها بيدها لتطلق نفسها إذا شاءت، وأعطتها حق طلب فسخ عقد الزواج من القاضي إذا وجد سببه من العيوب الخلقية أو المرضية كالرجل، وكذا إذا عجز الزوج عن النفقة. وجعلت للمطلقة عليه حق النفقة مدة العدة التي لا يحل لها فيها الزواج، وذم النبي صلى الله عليه وسلم الطلاق بأن الله يبغضه للتنفير عنه إلى غير ذلك من الأحكام التي بيَّنها في تفسير الآيات المنزلة فيها.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وكذلك بالغ الإسلام في الوصية ببرِّ الوالدين فقرنه بعبادة الله تعالى، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم فيه حق الأم، فجعل برَّها مقدماً على بِرِّ الأب، ثم بالغ في الوصية بتربية البنات وكفالة الأخوات، بأخص مما وصى به من صلة الأرحام، بل جعل لكل امرأة قيِّماً شرعياً يتولى كفايتها والعناية بها، ومن ليس لها ولي من أقاربها وجب على أولي الأمر أن يتولوا أمرها.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">كذلك فقد أكبر الشرع الإسلامي المرأة وأكرمها كلما كبر سنها، وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات. وإن الأمهات من الجدات في الإسلام لهن صدور البيوت وأحسن المجالس وأطيب الطعام وتقبيل الأيدي والرأس وحسن الخدمة وكبير الاحترام والتنعم وخفض الجناح والدعوة لهنَّ في السجود وبين السجدتين وفي أدبار الصلوات... ولعمر الحق،إنه إن كانت المرأة يكرمها الأبناء أو الإخوة والأهل، فإنها، في الإسلام تكرم أكثر وهي جدة، وذلك بخلاف أنظمة الطاغوت من شرائع الغاب الرأسمالية وأضرابها فإن مصير الجدات هي مآوي العجزة حيث الملل والقهر والضغط النفسي ولسان الحال أنهن أصبحن عالة على المجتمع هناك، ويضيق ذرعاً بهم الأبناء والأحفاد، يحجزن ويحبسن كالمجرمين، ويحجر عليهن كالمرضى السلبيين، فهل هناك ما هو أشد ظلماً من هذا؟! وجملة القول: إنه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في أمة من الأمم أعطى النساء ماأعطاهنَّ إياه الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">هذه هي حقائق الإسلام في رعاية المرأة من مهدها إلى لحدها تشع نوراً وتعلو فخاراً وتفضح خزي الأنظمة الوضعية ودعاوى الناعقين المزينين لقبحها ممن يتسمون بلجان حقوق وكتَّاب ومفكرين ومنظّرين. وإن كثيراً من تلك المؤسسات تعمل لتخريب الجيل ولإفسادهم ضمن أجندات دولية. وفي هذا الصدد نقلت وكالة معاً الإخبارية تقريراً عما قاله : بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بتاريخ 1/7/2012م: «إن بعض مؤسسات المجتمع المدني أوكار للموساد وللمخابرات العالمية هدفها تدمير المجتمع الفلسطيني وتفكيكه» وقال زكارنة «إن مسؤولين إسرائيليين على تواصل مع هذه المؤسسات وتقودها بشكل مباشر من خلال بعض المسؤولين فيها أو بشكل غير مباشر من خلال أجهزة مخابرات عالمية بحيث إن 80 بالمئة من هذه المؤسسات يؤدي الدور بفعالية مطلقة، ويساهم ببث الفتنة وسرقة أموال الشعب الفلسطيني». وبين زكارنة: «إن دور هذه المؤسسات الأهلية ينحصر في البحث عن أي قضية داخلية وإثارتها مثل قضايا فساد وحقوق الإنسان والديمقراطية وهي مفبركة أو تم علاجها بعيداً عن الفاسدين المتعاونين مع تلك الأجهزة بحيث لا تساهم في تقوية المجتمع وإنما تفتيته».</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><a href="http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=500178" style="color: black; font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify; text-decoration: none;" target="_blank">http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=500178</a><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وإننا فوق هذا فقد وجدنا في الجدول المرفق للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) في مناطق السلطة الفلسطينية كيف أن عدد الاعتداءات وحتى القتل على خلفية شرف العائلة هو أقل القليل، وهناك فرق شاسع بينه وبين أي قضايا جنائية أخرى، أو حتى ضحايا حوادث السير، فلماذا يكون هذا الاستهداف للتشهير بالمجتمع المحافظ الذي يكرم المرأة لتأثره بالإسلام تأثراً منقوصاً ولا يعيشه عيشاً كاملاً في دار الإسلام وفي دولة الخلافة التي تعد الحصن الحصين الحامي للمرأة؟!.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وضع المرأة في الغرب بلغة الأرقام</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">أولاً:في تقريره السنوي الذي قام بإعداده فريق متخصص برصد أحوال المرأة في العالم الغربي، ذكر «معهد المرأة» في إسبانيا ـ مدريد، مجموعة من الإحصاءات المذهلة:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- في عام 1990م قدّم 130 ألف امرأة بلاغات بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح من قبل الرجال الذين يعيشون معهن، سواء كانوا أزواجاً أم أصدقاء .</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- ويقول أحد المحامين: إن الشكاوى بالاعتداء الجسدي والضرب المبرح بلغت عام (1997م) 54 ألف شكوى، وتقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي عشرة أضعاف هذا العدد.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1995م خضع مليون امرأة لأيدي جراحي التجميل، أي بمعدل امرأة من كل 5 نساء يعشن في مدريد وما حولها.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- كما أن هنالك بلاغًا يوميًّا عن قتل امرأة بأبشع الطرق على يد الرجل الذي تعيش معه.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">ثانياً: الولايات المتحدة الأميركية:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- في عام 1980م (1.553000) حالة إجهاض، 30% منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عاماً من أعمارهن، وقالت الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1982 م: (80%) من المتزوجات منذ 15 عاماً أصبحن مطلقات.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1984م: (8 ملايين) امرأة يعشن وحدهن مع أطفالهن ودون أية مساعدة خارجية.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1986م: (27%) من المواطنين يعيشون على حساب النساء.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1982م: (65) حالة اغتصاب لكل 10 آلاف امرأة.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1995م: (82) ألف جريمة اغتصاب، 80% منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي 35 ضعفاً.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1997م بحسب قول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة : اغتصبت امرأة كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوان!</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1997م: (6) ملايين امرأة عانين سوء المعاملة الجسدية والنفسية بسبب الرجال، 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح، و4 آلاف يقتلن كل عام ضرباً على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">-74% من العجائز الفقراء هم من النساء، 85% من هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- ومن 1979م إلى 1985م: أجريت عمليات تعقيم جنسي للنساء اللواتي قدمن إلى الولايات المتحدة من أميركا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من الهنود الحمر، وذلك دون علمهن.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- ومن عام 1980م إلى عام 1990م: كان في الولايات المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">- وفي عام 1995م: بلغ دخل مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار .</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">يشار إلى أن هذا التقرير السنوي المسمى بـ “قاموس المرأة” صدر عن معهد الدراسات الدولية حول المرأة، ومقره مدريد، وهو معهد عالمي معترف به.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وتحت عنوان: “العنف المدني، مشكلة اجتماعية منتشرة في أميركا.” ذكرت منظمة الكومنولث في استطلاع 1998م أنه تقريباً “ثلث النساء الأميركيات، تعرضن لمضايقات جسدية أو جنسية من الزوج أو الصديق، خلال فترة من حياتهن”.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وذكر المعهد الأميركي للعدل أنه تقريباً “25 بالمائة من النساء الأميركيات اغتصبن، و/أو تم الاعتداء عليهن جسدياً”، من رفيق سابق أو حالي، أو خلال أحد المواعيد.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وذكر مكتب العدل الأميركي أنه خلال العام 2000م تعرضت 588490 امرأة للضرب (لعنف لم يؤدِّ لإصابات)، من الشريك الحميم (المقرب). وتشير التقديرات إلى أن 18% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأميركية تعرضن للاغتصاب، وأن 1900 فتاة يومياً يتم اغتصابهن، وهذه النسبة تشكل رقماً كبيراً خاصة إذا نظرنا إلى أن نسبة العلاقات غير الشرعية مرتفعة جداً، وأن أكثر من 5% من الزوجات يخنَّ أزواجهنَّ من باب المعاملة بالمثل. علاوة على ذلك فإن 2% من حالات الاغتصاب المذكورة تكون من الأب أو أحد أفراد الأسرة.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وتشير مصادر أخرى إلى ارتفاع هذه النسبة إلى 22% من مجموع النساء في الولايات المتحدة الأميركية اللائي يتعرضن لحوادث الاغتصاب، وهذا يجعل الولايات المتحدة الأميركية الدولة الأولى في العالم من حيث معدلات الاغتصاب الواقعة على النساء.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">ونشير هنا أيضاً إلى أن ما مجموعه 47% من حالات الاغتصاب المذكورة كان يصاحبها اعتداء جسدي شرس وعنيف بالضرب ونحوه كما نشرت ذلك صحيفة ال “يو إس توداي”.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span></span><br />
<span style="background-color: white;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><span style="font-size: large;"><br /></span></span><span style="font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وهذه النسب المذكورة لا تشكل إلا ما تم الإبلاغ عنه من جرائم الاغتصاب، وأما ما لم يتم تسجيله أو الإبلاغ عنه فإنه أكبر بكثير من الرقم المذكور، وتشكل هذه الجرائم أكثر من عشرين ضعفاً من مثيلاتها في كل من اليابان وإنجلترا وإسبانيا مع مراعاة أن الدول السابقة دول شعوبها غير متدينة بعكس الولايات المتحدة الأميركية فإن شعبها متدين وبنسبة كبيرة.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وقد نشرت مجلة الطب النفسي الأميركية تقارير تفيد بأن ما نسبته 42% من النساء العاملات في الولايات المتحدة الأميركية يتعرضن للمضايقات والاعتداء الجنسي، ومن أشهر القصص في هذا المجال قصة أحد أعضاء الكونغرس الأميركي عندما قامت إحدى العاملات معه بشكايته لأنه قام بالتحرش بها جنسياً، وبعد اشتهار أمره تقدمت أكثر 26 امرأة بشكاوى تفيد أنه مارس معهنَّ التحرش.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">كما نشرت منظمة التحالف الوطني المنزلي في أميركا تقارير تفيد بأن أكثر من سبعة ملايين امرأة يتعرضن للضرب من قبل الأزواج ولا يقمن بإبلاغ الشرطة، ويدخل مئات الآلاف منهن سنوياً إلى المستشفيات لتلقي العلاج من آثار الضرب، وهي حالات مختلفة بعضها خفيف وبعضها قوي جداً وقد يصل إلى القتل.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">وتشير تقارير ودراسات أخرى إلى أن 95% من ضحايا العنف العائلي هم من النساء، وأن من بين كل أربعة حالات اعتداء على المرأة يكون الزوج هو المعتدي في ثلاثة حالات منها.</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span></span><br />
<span style="background-color: white; font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">الخلاصة:</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">1- لقد رعى الإسلام المرأة في التشريع والتوجيه والتنفيذ من مهدها وفي شبابها إلى شيخوختها، واعتبرها شقيقة الرجل، ولها دور مهم ومفصلي على صعيد الأسرة والمجتمع واستقامتهما وارتفاع بنيانهما، فهي أم وربة بيت وعنصر إيجابي فاعل. وقد منع بشكل قاطع النيل منها أو استغلال أنوثتها وجعلها عرضاً يجب أن يصان. وقد أعطاها من الحقوق كما أعطى الرجل سواء بسواء إلا ما يختلفان فيه من ناحية فطرية.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">2- لقد سجل التاريخ والحاضر بأن جميع المبادئ والتشريعات البشرية قد وضعت المرأة في أسفل الدركات ظلماً واستهانة واستضعافاً، ولا زال الخط البياني يرتفع بأرقام قياسية في هضم حقوقها والاعتداء عليها، وما الترويج لحرية الغرب ومناداته بحقوق المرأة إلا ذراً للرماد في العيون وتزييفاً للحقيقة المذهلة عن جرائمه.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">3- هناك دعاوى لا سيما في العالم الإسلامي من لجان حقوق ومؤسسات نسوية وكتاب ومفكرين للنيل من عفاف الأسرة المسلمة من أجل تدميرها وإشاعة الانحلال الذي يدعو له الغرب في بلاد المسلمين حتى تعم مثل تلك الفوضى الحاصلة في المجتمعات الغربية وتصبح مجتمعاتنا أسوأ حالاً، وذلك من خلال دعوة المرأة لأخذ الأمر على عاتقها وتجاوز الرجل وحرمانه من قوامته عليها، والتعامل معه بالندية والمنافسة لا بالتفاهم والمودة والرحمة التي دعا لها الإسلام، وقد تبين أن الكثير من هذه المؤسسات لها ارتباطات واضحة في النشوء والتمويل بالدول المعادية للإسلام لتحقيق مآربها وشرورها في بلاد المسلمين ضمن مخططات إعادة رسم المعادلة لتخدم بقاء الغرب جاثماً على بلاد المسلمين ولا سيما بعد الثورات التي قامت في بلاد المسلمين من أجل قلعه وإعادة الاعتبار للإسلام كنظام شامل لكافة مناحي الحياة.</span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">4- هي دعوة نوجهها لكل عاقل في العالم، ولكل من يحرص على المرأة كإنسان مثلها مثل الرجل، ولها الحق في عيش وافر كريم، بأن تنصب الدعوات والجهود لإعادة الاعتبار للنظام الاجتماعي في الإسلام والدعوة والمطالبة بتطبيقه لإحقاق الحق والعدل ولرفع مكانة المرأة إلى أعلى درجات الرقي الإنساني دون أي امتهان أو انتقاص أو عدوان</span><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"> </span><br style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;" /><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">قال تعالى:( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ )</span></span><br />
<span style="background-color: white;"><span style="font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;"><br /></span></span><span style="font-size: large;"><span style="font-family: 'Arabic Transparent'; text-align: justify;">المصدر: مجلة الوعي</span></span></span><br />
</div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-28481920501738380952013-01-31T12:52:00.000+03:002013-01-31T12:52:24.379+03:00مع الحديث الشريف<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<br />
<div style="padding: 0px; text-align: justify;">
</div>
<div style="text-align: right;">
<div>
بسم الله الرحمن الرحيم</div>
<div>
<br /></div>
<div>
<br /></div>
<div>
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة".</div>
<div>
<br /></div>
<div>
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وعثمان بن أبي شيبة كلاهما عن جرير قال يحيى: أخبرنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان قال: سمعت جابرا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة".</div>
<div>
<br /></div>
<div>
قوله - صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) هكذا هو في جميع الأصول من صحيح مسلم الشرك والكفر بالواو. ومعنى بينه وبين الشرك ترك الصلاة أن الذي يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة، فإذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل، بل دخل فيه. ثم إن الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وهو الكفر بالله تعالى، وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش، فيكون الكفر أعم من الشرك والله أعلم.</div>
<div>
<br /></div>
<div>
إن الصلاة ركن من أركان الإسلام، وهي فرض واجبة على كل مسلم عاقل بالغ ذكرا كان أو أنثى، وإن ما نراه اليوم من ترك لها، فهو إما أن يكون كسلا وتهاونا، أو أن يكون إنكارا لوجوبها وجحودا لها، فأما تركها تهاونا وكسلا فهو فسق ومعصية يعاقب تاركها تعزيرا بعقوبة يراها الحاكم والقاضي زاجرة، وأما تركها جحودا وإنكارا فهو كفر وارتداد عن دين الله سبحانه، وهنا يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل.</div>
<div>
<br /></div>
<div>
أما الحديث "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" فيحمل على التغليظ الشديد على من ترك الصلاة، فهو مثل ما روي عنه -صلى الله عليه وسلم:" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" فالكفر يُطلق على الخروج من الملة وعلى أفعال محرمة لا تُخرج من الملة، وكلمة " الكفر" الواردة في الحديث تُصرف إلى المعنى اللغوي فقط.</div>
<div>
<br /></div>
<div>
أيها المسلمون: وسواء كان تارك الصلاة فاسقا عاصيا أو كافرا منكرا لها، فإن ما نراه اليوم من أبناء المسلمين من ترك للصلاة، يجعلنا نقف أمام هذا الواقع متسائلين: لماذا يترك أبناؤنا هذه الفريضة؟ وهل كانت الأمة في سالف عهدها تاركة للصلاة كما هي الآن؟ الجواب ببساطة: لا، لم تعهد الأمة هذه الظاهرة من قبل، فقد كانت الصلاة جزءا من مكونات حياتها، ولا حياة لها دون الصلاة، ذلك عندما كان هناك من يرعاها ويأخذ بيدها، ويحاسبها إن قصرت في هذا الركن وغيره، أما وقد تغيرت الحال كما ترون، وأصبحت دولتها دولا، وأصبح حاكمها حكّاما، يأتمرون بأوامر أسيادهم في البيت الأبيض والكرملن وعواصم الكفر لندن وباريس، فإن الأمر اختلف بالكلية، حيث أصبحوا يحاسبون من يصلي لا من يترك الصلاة، والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه.</div>
<div>
<br /></div>
<div>
فيا أيتها الأمة الكريمة، يا من أكرمك الله بهذا الشرف العظيم، " الصلاة" هذا هو أس الداء في حياتك، الحكام الخونة العملاء الذين باعوا أبناءك للأعداء، وحاربوهم باسم الحكم والرعاية، ها هم الحكام اليوم يقتلونهم لأنهم أدركوا هذه الحقيقة، فخرجوا عليهم في ثورات لا تُبقي ولا تذر، يطلبون تحكيم القرآن، فهبي للمشاركة في هذا الفرض العظيم، فرض إسقاط الكفر وأذنابه، والإتيان بحاكم، بخليفة لكل المسلمين، نبايعه على السمع والطاعة، على تطبيق فرض الصلاة، على تطبيق القرآن العظيم.</div>
<div>
<br /></div>
<div>
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم آمين آمين.</div>
<div>
<br /></div>
<div>
بقلم: أبو مريم</div>
<div>
<br /></div>
</div>
<br />
</div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-84104179377003870352012-09-25T20:07:00.003+03:002012-09-26T19:37:56.827+03:00فبهداهم اقتده: عباد بن بشر رضي الله عنه<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<span style="font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم
</span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<span style="font-size: large;"> "ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يسمو عليهم فضلاً:
سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعبَّاد بن بشر"
عائشة أم المؤمنين
عباد بن بشر اسم وضيء مشرق في تاريخ الدعوة المحمدية... إن نشدته بين العُباد وجَدتَه التّقيّ النقيّ قوّام الليل بأجزاء القرآن. وإن طلبتَه بين الأبطال ألفيته الكميَّ الحميَّ خوّاض المعارك إعلاء لكلمة الله... وإن بحثت عنه بين الولاة رأيته القوي المؤتمن على أموال المسلمين... حتى قالت عائشة فيه وفي اثنين آخرين من بني قومه: “ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يسمو عليهم فضلاً: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعبَّاد بن بشر”.</span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<span style="font-size: large;"> كان عباد بن بشر الأشهلي حين لاح في آفاق يثرب أول شعاع من أشعة الهداية المحمدية فتىً موفور الشباب، غضّ الإرهاب، تعرف في وجهه نضرة العفاف والطهر، وتلمح في تصرفاته رزانة الكهول؛ على الرغم من أنه لم يكن إذ ذاك قد جاوز الخامسة والعشرين من عمره السعيد. وقد اجتمع إلى الداعية المكي الشاب مصعب بن عمير فسرعان ما ألّفت بين قلبيهما أواصر الإيمان، ووحَّدت بين نفسيهما كريم الشمائل ونبيل الخصال. وقد استمع إلى مصعب وهو يرتل القرآن بصوته الفضيِّ الدافئ، ونبرته الشجية الآسرة فشغف بكلام الله حبًّا، وأفسح له في سويداء فؤاده مكاناً رحباً، وجعله شغله الشاغل فكان يردّده في ليله ونهاره، وحلّه وترحاله، حتى عرف بين الصحابة بالإمام، وصديق القرآن.
وقد كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه يتهجّد ذات ليلة في بيتِ عائشة الملاصق للمسجد، فسمع صوت عبّاد بن بشر وهو يقرأ القرآن رطباً ندياً كما نزل به جبريل على قلبه فقال: "يا عائشة هذا صوت عباد بن بشر؟!" قالت:"نعم يا رسول الله"، قال: "اللهم اغفر له".
</span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<span style="font-size: large;"> شهد عباد بن بشر مع الرسول صلوات الله عليه مشاهده كلها، وكان له في كل منها موقفٌ يليق بحامل القرآن... من ذلك أن الرسول صلوات الله عليه لما قفل عائداً من غزوة ذات الرقاع نزل بالمسلمين في شعبٍ من الشعاب ليقضوا ليلتهم فيه. وكان أحد المسلمين قد سبى -في أثناء الغزوة- امرأةً من نساء المشركين في غيبة من زوجها، فلما حضر الزوج -ولم يجد امرأته- أقسم باللات والعزى ليلحقن بمحمد وأصحابه وألا يعود إلا إذا أراق منهم دماً. وما كاد المسلمون يُنيخون رواحلهم في الشعب حتى قال لهم الرسول صلوات الله عليه: "من يحرسنا في ليلتنا هذه؟" فقام إليه عباد بن بشر، وعمار بن ياسر وقالا: "نحن يا رسول الله" وقد كان النبي آخى بينهما حين قدم المهاجرون على المدينة. فلما خرجا إلى فم الشعب قال عباد بن بشر لأخيه عمار بن ياسر: "أي شطري الليل تؤثر أن تنام: أوله أم آخره؟" فقال عمار: "بل أنام أوله واضطجع غير بعيد عنه". كان الليل وقتها ساجياً هادئاً وادعاً، وكان النجم والشجر والحجر تسبح بحمد ربها وتقدس له، فتاقت نفس عبّاد بن بشر إلى العبادة، واشتاق قلبه إلى القرآن. وكان أحلى ما يحلو له القرآن إذا رتّله مصلياً فيجمع متعة الصلاة إلى متعة التلاوة. فتوجه إلى القبلة ودخل الصلاة وطفق يقرأ من سورة الكهف بصوته الشجيِّ النديِّ العذب. وفيما هو سابح في هذا النور الإلهي الأسنى غارقٌ في لألاء ضيائه؛ أقبل الرجل يحث الخطى فلما رأى عباد من بعيد منتصباً على فم الشعب عرف لأن النبي وصحبه بداخله وأنه حارس القوم، فوتر قوسه، وتناول سهماً من كنانته ورماه به فوضعه فيه. فانتزعه عباد من جسده ومضى متدفقاً في تلاوته غارقاً في صلاته... فرماه الرجل بآخر فوضعه فيه؛ فانتزعه كما انتزع سابقه، فرماه بثالث فانتزعه كما انتزع سابقيه، وزحف حتى غدا قريباً من صاحبه وأيقظه قائلاً: انهض فقد أثخنتني الجراح. فلما رآهما الرجل ولّى هارباً. وحانت التفافة من عمار إلى عبّاد فرأى الدماء تنزف غزيرة من جراحه الثلاثة فقال له: يا سبحان الله هلا أيقظتني عند أول سهم رماك به؟! فقال عباد: "كنت في سورة فلم أحب أن أقطعها حتى أفرغ منها. وأيم الله لولا خوفي من أن أضيّع ثغراً أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لكان قطع نفسي أحب إلي من قطعها." </span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<span style="font-size: large;">ولما نشبت حروب الردة على عهد أبي بكر رضي الله عنه، جهّز الصديق جيشاً كثيفاً للقضاء على فتنة مسيلمة الكذاب، وإخضاع المرتدين الذين ظاهروه، وإعادتهم إلى حظيرة الإسلام، فكان عباد بن بشر في طليعة ذلك الجيش. وقد رأى عباد -خلال المعارك التي لم يحقق المسلمون فيها نصراً يذكر- من تواكل الأنصار على المهاجرين، وتواكل المهاجرين على الأنصار، ما شحن صدره أسىً وغيظاً، وسمع من تنابزهم ما حشا سمعه جمراً وشوكاً، فأيقن أنه لا نجاح للمسلمين في هذه المعارك الطاحنة إلا إذا تميز كل من الفريقين عن الآخر ليتحمل مسؤوليته وحده... وليعلم المجاهدين الصابرين حقاً. وفي الليلة التي سبقت المعركة الحاسمة رأى عباد بن بشر فيما يراه النائم أن السماء انفرجت له، فلما دخل فيها ضمته إليها وأغلقت عليه بابها... فلما أصبح حدَّث أبا سعيدٍ الخدري برؤياه وقال: والله إنا الشهادة يا أبا سعيد. فما طلع النهار واستؤنف القتال علا عباد بن بشر نشزاً من الأرض وجعل يصيح: يا معشر الأنصار تميزوا من الناس واحطموا جفون السيوف... ولا تتركوا الإسلام يؤتى من قبلكم... وما زال يردد ذلك النداء حتى اجتمع عليه نحو أربعمائة منهم على رأسه ثابت بن قيس، والبراء بن مالك، وأبو دجانة صاحب سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومضى عباد بن بشر ومن معه يشق الصفوف بسيفه ويلقي الحتوف بصدره، حتى كسرت شوكة مسيلمة الكذاب ومن معه وأُلجِئوا إلى حديقة الموت.
وهناك عند أسوار الحديقة سقط عباد بن بشر شهيداً مضرَّجاً بدمائه... وفيه ما فيه كم ضربات السيوف وطعنات الرماح ووقع السهام. حتى إنهم لم يعرفوه إلا بعلامة كانت في جسده.</span><br />
<span style="font-size: large;"><br /></span>
<span style="font-size: large;">المصدر: مجلة الوعي</span></div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-77011331414274021682012-09-25T19:54:00.001+03:002012-09-25T19:58:28.898+03:00أثر الروح عند المسلمين وأثر فقدانها في الحضارات الأخرى <div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<div>
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم </span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><br /></span></div>
<div>
<div>
<span style="font-size: large;">الحمد لله الذي أنزل إلينا هذه الحضارة صافية نقية من فوق سبع سماوات فتعرضت لجميع مناحي الحياة فعالجتها، وإلى الإنسان وحاجاته فأشبعتها. الحمد لله الذي عرفنا إلى نفسه من خلال عقيدة عقلية. حكم العقل بصحتها، فبعد أن تتالت النصوص النقلية لتحديد علاقة الخــالق بالمخــلوق، وذلك أن الإنسان وما حوله في هذا الوجود مخلوق لخالق واجب الوجود، واستطاع العقل أن يقف على هذه الحقيقة ويقرها، فكانت الناحية الروحية عند المسلمين جلية واضحة في أبهى صورها، وهي حقيقة راسخة لا ريب فيها، وهي أن الكون وما عليه من إنسان وحياة مخلوق لخالق. فكانت هذه الصلة بين الإنسان وخالقه هي الناحية الروحية عند المسلمين، وكانت هي الأساس الراسخ لإدراك الصلة بالله أنها صلة عبد بمعبود، فكان إيماناً نابعاً عن إدراك، لا إيماناً شعورياً في مهب الريح.<span style="font-family: 'Arabic Transparent';"> </span></span></div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"></span></span><br />
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></span></div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">
فإدراك هذه الصلة، أي إدراك كون الأشياء مخلوقة لخالق هو الروح. وأن هذه الروح ليست من الإنسان و لا جزءاً من تركيبه، وإنما من الإدراك نفسه، ومن خلال هذا الإدراك يتقيد المؤمن بكل ما جاء به الوحي من عند الله من أفكار وأحكام طائعاً لله عز وجل وحده لأنه أدرك أنه عبد له وحده. فوجود هذه الروح عند المؤمن يشكل الضابط الأساسي في تقيده بالأحكام الشرعية بشكل ثابت و مستمر، فتجعل سلوكه الدؤوب في إشباع جوعاته سلوكاً منضبطاً بالوازع الداخلي، ومنطلقاً من إيمانه بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء 1] وذلك رغبةً في نيل رضوان الله ودخول جنته وهروباً من عذابه.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">فما أعظم هذه الروح عند المؤمنين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن التابعين وغيرهم ممن تربوا في ظل خلافة تنمي عندهم هذه الروح وتحرسها من الضعف والضياع! فقد كان لها الأثر الكبير في بناء شخصيات عظيمة متميزة وبناء مجتمعات راقية يشار لها بالبنان.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">وقد أثبت التاريخ الإسلامي على مر العصور أثر هذه الروح في بناء الشخصية الإسلامية المتميزة ذات اللون الواحد والطابع المحدد، وذلك من خلال التزامهم بأوامر الله التزاماً ثابتاً مبنياً على إدراك الصلة بالله عزّ وجل طمعاً بنيل رضوانه سبحانه لا لتحقيق مصلحة دنيوية أو منفعة زائلة، وإنما طاعة لله دون الالتفات إن كان في ذلك ضرر أو نفع، فكان الخير ما أرضى الله والشر ما أسخطه. </span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">فقد التزم المسلمون بأوامر الله جميعها ولو خالفت أهواءهم، وأقلعوا عن عادات أحبوها وأسرت قلوبهم طوال جاهليتهم؛ فلم يكن ذلك إلا بفضل هذه الروح، فلم يكن الامتناع عن شرب الخمرة مثلاً إلا طاعة لله واستجابة لأوامره، فلم يكن ذلك لمذاق سيئ أو لغلاء سعر أو غيره، وكانت هذه الطاعة مبنية على إدراك الصلة بالله عز وجل، فما أن حرم شربها حتى جرت الخمرة في شوارع المدينة، هكذا كان التزام المسلمين بأوامر الله، وخاصة في زمن الصحابة الكرام وزمن من جاء بعدهم من التابعين، وهكذا يجب أن يكون (إن شاء الله تعالى) التزام الأمة في ظل الخلافة الراشدة القادمة، فتجعل أبناءها متصلين متواصلين مع ربهم، وتكون هذه الروح سبباً أساسياً في بناء شخصياتهم، وقوية حاضرة في كل لحظة من حياتهم، فيتمثل فيهم قوله عز وجل: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام 162].</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">إن غياب هذه الروح و ضعف الإدراك للصلة بالله عز وجل ولو لفترات بسيطة، تضعف المسلم في تقيده بأوامر الله وتجعله عرضة لحبائل الشيطان وعرضة للزلل؛ لأن هذه الروح ليست جزءاً من تركيب الإنسان أو المسلم وإنما هي طارئة عليه آتية من الإدراك ذاته، ولكن المؤمن الحق سرعان ما يفيء إلى أمر ربه فيجدد هذا الإدراك ويستحضر هذه الروح من جديد، فيرجع إلى إيمانه وتقواه، فها هي الغامدية في لحظة غياب هذه الروح وضعف هذا الإدراك فعلت ما فعلت من معصية، و لكنها عند تفعيل هذا الإدراك، أي تجديد هذه الروح أصرت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يطهرها بإقامة حد الرجم عليها، خوفاً من عذاب الله، وقد أصرت على ذلك طيلة ثلاث سنوات، ولم يستطع الشيطان أن يردها عن ذلك، فما أعظم هذه الروح! وما أعظم هذه التقوى! عندما تكون مبنية على إدراك الصلة بالله (عز وجل)، أي مسيرة بهذه الروح!</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">ولا يغيب عن أذهاننا أثر هذه الروح على ترابط وتراحم المجتمع المسلم، و ذلك من خلال تقيد أبناء هذا المجتمع بالتراحم و التكافل والإيثار وغيره تقيداً دائمياً غير منقطع، ذا وتيرة واحدة طاعة لله وطمعاً بالأجر والثواب من عنده، وذلك أثراً لوجود هذه الروح، فيتسابقون على كفالة اليتيم طمعاً بالأجر والثواب من الله عز وجل لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» (رواه أحمد وأبو داود) وأشار بالسبابة والوسطى، كما ويؤثرون إخوانهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وذلك كما آثر الجرحى في جيش المسلمين كلٌ أخاه على نفسه في شرب الماء، رغم عطشهم حتى استشهدوا جميعاً دون أن يشرب أحد منهم . فكان ذلك أيضاً بفضل وجود هذه الروح العظيمة عندهم، كما أن حرص المسلمين على أن لا يبات جار أو قريب جوعان لأثر لهذه الروح تقيداً منهم بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى» (رواه أحمد)، وإن وجود هذه الروح يجعل المسلمين في جد واجتهاد وطاعة وانضباط وإخلاص، في كل مجال من مجالات حياتهم ومن ضمنها طاعة الحاكم الذي يحكم بالإسلام حيث طاعته من طاعة الله، فيثمر ذلك في تقدم وازدهار وتطور الدولة والمجتمع؛ ليكون مجتمعاً ربانياً متميزاً يتمثل فيه وصف الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قال: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (رواه مسلم)؟ فكيف ينطبق هذا الوصف على واقعه إن لم تكن هذه الروح موجودة وحاضرة عند أبناء المجتمع المسلم حيث يتقيدون بأحكام الله سراً وعلانية، رغبة في ما عند الله ورجاء رضوانه؟ فكان عزوف المسلمين عن الغيبة والنميمة هو عزوف متصل بهذه الروح، استجابة لأمر الله تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) [الحجرات 12]، وكان انصراف المسلمون عن النميمة لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ»، وكان الالتزام بصلة الرحم لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يدخل الجنة قاطع رحم»، وانتهوا أيضاً عن قذف المحصنات الغافلات خوفاً من الله تعالى لقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور 23]، فكل ذلك وغيره كان بفعل هذه الروح التي تجعلهم متصلين مع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم، ولهذا كانت العلاقات التي تربط أفراد المجتمع المسلم علاقات متينة مبنية على أساس واحد وهو خشية الله عز وجل، فكان مجتمعاً راقياً مصطلحاً مع نفسه، صادقاً مع ربه، يحكمه الوازع الداخلي، ويقوم على تقوى الله عز وجل النابعة بشكل مستمر من وجود هذه الروح أي هذا الإدراك القوي المتين. </span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">لقد كان السواد الأعظم من هذه الأمة يتمتعون بهذه الروح، وعلى هذه الدرجة من التقوى، فقصة بنت بائعة اللبن لأعظم دليل على ذلك، فما أعظم هذه الروح عند هذه المؤمنة البسيطة، فهي من عامة الأمة، ولعلها فقيرة أو يتيمة لكنها كانت بهذه التقوى النابعة من الإدراك المتواصل بخالقها. </span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">أليس هذا طبيعياً لمن تربى على مائدة الخلافة الراشدة! خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، فشاء الله أن يَسمعها سيدنا عمر، عندما قالت مقولتها، فشاع صيتها ووصلنا خبرها، ولكن هناك الكثير الكثير من أبناء ذلك المجتمع الذين هم بنفس الروح والإدراك، ولكن لم يسمعهم ابن الخطاب أو غيره، فلم يصلنا خبرهم، ولكن المقطوع به أن السواد الأعظم من أبناء تلك الأمة كان لديهم نفس الروح، وسيعود ذلك إن شاء الله في ظل الخلافة الإسلامية الراشدة التي تقوي هذه الروح وتحرسها، وتربي أجيالاً على مائدة التقوى، فيظهر عندها رجال أمثال الخلفاء الراشدين وغيرهم، ويكون أفراد المجتمع بسواده الأعظم كبنت بائعة اللبن، مجتمعاً متميزاً يعيش لله ويموت لله.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">وقد فرضت الشريعة الإسلامية الكثير من التشريعات بهذا الخصوص، فالتزم بها المسلمون بشكل ثابت بفضل وجود هذه الروح، فكان مجتمعاً متميزاً بعلاقاته وأفراده وحكامه، حيث كان تمثل هذه الروح عند ولاة الأمر كالخلفاء الراشدين واضحاً متميزاً، فلم يكن هناك فرق بين حاكم ومحكوم أمام شرع الله، فهذا سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يرى الفاحشة بأم عينه فيثور ويغضب لله ولكنه لا يستطيع البوح باسم الفاعل أو عقابه لغياب شهوده الأربع، فكان ذلك التقيد بالحكم الشرعي من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أثراً لوجود هذه الروح، فلم يتجاوز أوامر الله رغم كونه رأس الهرم، كما تجلت هذه الروح العظيمة عند الصحابة بمن فيهم سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، وهم يشكلون الوسط السياسي آنذاك، فلم يكونوا أقل التزاماً بأوامر الله من أمير المؤمنين حيث قال له سيدنا علي (رضي الله عنه): «والله لو كشفت الفاعل دون شهود لأقمنا عليك حد القذف يا أمير المؤمنين»، علماً أن الصحابة وعلي بن أبي طالب يعرفون قدر عمر بن الخطاب ويصدقونه، فهو الإمام التقي العادل الورع، ولكن وجود هذه الروح كان سبباً في تقيدهم جميعاً وحرصهم على أوامر الله عز وجل.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">فما أروع هذا التقيد بأحكام الله كأثر كبير لوجود هذه الروح عند الحاكم والمحكوم في مجتمع متجانس يُحكم بنفس النظام الذي يؤمن به! فكان هذا التقيد بأحكام الله حامياً للمجتمع من كل سوء، وموفراً للأمة الأمن والأمان بشكل دائم، وما كان ذلك إلا أثراً وثمرة لوجود هذه الروح عند أبناء الأمة الإسلامية، لا فرق بين حاكم ومحكوم، وبهذه الروح تتحقق جميع القيم بالمجتمع الإسلامي بشكل متوازن، فتتحقق القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية وكذلك القيمة المادية.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">و تتجلى هذه الروح عند المسلمين حتى في حملهم لدعوة الإسلام، فعندما خرجوا من الجزيرة العربية فاتحين البلاد وحاملين عقيدة الإسلام كانوا مسلحين بهذه الروح متقيدين بأحكام الله، فلم يخرجوا لاستعمار البلاد والعباد أو لنهب خيرات الأمم، وإنما خرجوا حاملين لواء الهداية طاعة لله وأملاً بنيل الشهادة أو النصر. فهذا أبو عبيدة عامر بن الجراح (رضي الله عنه) يرجع الجزية لأهل حمص وهم نصارى، وذلك عندما اضطر للانسحاب من المدينة تطبيقاً لأحكام الله وبفضل هذه الروح، وقد اعتنق أهل إندونيسيا الإسلام بفضل أخلاق التجار المسلمين، الذين كانوا يرتادون بلادهم، وذلك بسبب تطبيقهم لأحكام الله في تجارتهم بفضل وجود هذه الروح لديهم، فكانت هذه الأخلاق ناتجة من ربط كل سلوك لديهم بعقيدتهم فكان هذا الربط هو الإدراك ذاته والروح عينها.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">كما كان وجود هذه الروح عند أبناء الأمة الإسلامية في ظل دولة الإسلام سبباً في بروز العديد من العلماء المسلمين في شتى أنواع العلوم. شرعية كانت أو دنيوية، فلم تكن جهودهم إلا تقرباً من الله عز و جل لا تقرباً من أمراء أو حكام طمعاً بمال أو جاه، بل كان معظمهم يحرص على بعده من الأمراء والمناصب الهامة بالدولة حتى لا يشوب عمله وجهده أي شائبة من عرض الدنيا، بل يريدونها خالصة لوجه الله؛ وذلك لإدراكهم الصلة المستمرة بالله عز وجل. فقد رُوي عن أحد علماء الأمة أن والدته كانت تؤكله بيدها أثناء عمله الدؤوب حرصاً منه على عدم ضياع الوقت، فلو كان عمله من أجل دنيا يصيبها لما كان ذلك الحرص، ولكنهم كانوا لا يرجون في أعمالهم وعلمهم إلا وجه الله، فدل ذلك دون أدنى شك على إدراكهم العظيم الصلة بالله عز وجل، فلم تكن هذه النهضة العلمية في العصور الإسلامية السابقة إلا ثمرة لقوة هذه الروح لدى أبناء الأمة، حيث خاضوا شتى الميادين رابطين علمهم وعملهم بعقيدتهم تقرباً إلى الله، فبرعوا وأنجزوا، و سيعود ذلك قريباً بإذن الله في ظل خلافة راشدة ترعى شؤون الأمة بأوامر الله، وتهيئ كل الظروف للأجيال القادمة التي تنشأ وتتربى على مائدة الولاء والطاعة لله وحده، ويكون إدراكهم للصلة بالله عز وجل، قوياً متواصلاً، فيرهنون حياتهم للإسلام والمسلمين طاعة لله عز وجل، فيعيدون أمجاد أسلافهم في شتى الميادين، نسأل الله أن يكون ذلك قريباً.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">كما ساهم وجود هذه الروح لدى المسلمين من حيث التزامهم بأوامر الله عز وجل مساهمة كبيرة في نمو الاقتصاد في الدولة الإسلامية، فشكل ذلك جانباً روحياً فريداً من نوعه في الاقتصاد الإسلامي حيث تفتقر إلى ذلك كافة الأنظمة الاقتصادية في العالم على مر التاريخ، فقد كان لتحريم كنز المال وتقيد المسلمين بذلك دون رقيب سوى الله عز وجل الأثر الكبير في اقتصاد الدولة الإسلامية، حيث كانت أموال الأمة في استثمار مستمر؛ فساعد ذلك كثيراً في عدم ظهور البطالة لتوفر فرص العمل في الدولة، كما حد ذلك من الحاجة والعوز، فما كان ذلك الالتزام إلا طاعة لله عز وجل وخوفاً من معصيته كأثر واضح لقوة هذه الروح لديهم. كما كان لالتزام المسلمين بالعبادات المالية الواجبة منها والمندوبة، سراً وعلانية، طاعة لله وتقرباً منه، أثر عظيم لتواصل إدراكهم لصلتهم بالله عز وجل، فتنافس المسلمون في ذلك للحصول على الأجر والثواب أضعافاً مضاعفة، إيماناً بقوله عز وجل: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة 261]، ولم يكن هذا إلا للتقيد بشرع الله ولم يكن هذا الإنفاق نفاقاً أو رغبة في سمعة أو جاه، ولكن كان أكيداً بفضل هذه الروح، فتمثل قوله عز وجل في نفوسهم وسلوكهم: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [البقرة 264]، ألم ينفق سيدنا عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) قافلة ضخمة طاعة لله وتقرباً من الله عز وجل ورغبة بدخول الجنة رغم أنه من المبشرين بالجنة، فلم تكن هذه البشرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مدعاة للتقاعس، فمن أدرك هذه الصلة بالله عز وجل ووجدت عنده هذه الروح لا يسعه إلا أن يبذل الغالي والنفيس، ابتغاء مرضاة الله، فلم يكن هذا الصحابي الجليل ليطمع في سمعة أو جاه، و إنما كانت تجارة مع الله، وما أجملها، وما أسماها من روح! فكيف يكون هناك فقر أو عوز وأبناء هذه الأمة يتحلون بهذه الروح العظيمة وهذا الإيمان الراسخ! يتقون الله ولو بشق تمرة لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» (البخاري ومسلم)، حتى أصبح الإنفاق في سبيل الله عند أبناء هذه الأمة سجية لا حدود لها.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">وهذا سيدنا عثمان بن عفان يجهز جيش العسرة على نفقته الخاصة، ويشتري بئر رومة من يهود المدينة المنورة بعشرين ألف درهم، و يسبلها ليشرب المسلمون منها بلا مقابل طلباً للأجر والثواب من الله عز وجل، ورغبة في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. فما كان ذلك ليكون لولا هذه الروح. ويضع سيدنا أبو بكر الصديق ماله كله في حجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبإيمان راسخ مبني على إدراك وثقة بالله عز وجل يقول رداً على سؤال الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَاذَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟» فيقول أبقيت لهم اللهَ ورسولَه، فلم يكن وجود هذه الروح لديهم لتجعلهم يخشون فقراً أو فاقة إيماناً بقوله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة 268] فكانوا بفضل هذه الروح كالريح المرسلة، هكذا كان وسيكون أبناء هذه الأمة بسبب هذا الإدراك، أي بسبب هذه الروح العظيمة.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">إن هذه الأمة غنية ليس فقط لوفرة مواردها الطبيعية، وإنما أيضاً بتوفر هذه النفسيات العظيمة الملتزمة بشرع الله، كثمرة لوجود هذه الروح التي تجعل تقيدهم بشرع الله تقيداً ثابتاً دون حاجة لأي رقابة بشرية، وإنما بالوازع الداخلي المتمثل برقابة الله؛ فكان ذلك المحرك والمسير لهذا الالتزام.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">ولا شك أن الشريعة الإسلامية زاخرة بالتشريعات التي يشكل التزام المسلمين بها إيماناً واحتساباً هذا الجانب الروحي في اقتصاد المسلمين، فنبذ المسلمون على سبيل المثال التعامل بالربا خوفاً من غضب الله وسخطه وتعاملوا بالقرض الحسن، وابتعدوا عن الاحتكار وغيرها من التشريعات، كما شكل هذا الالتزام بهذه التشريعات مع وجود هذه الروح الجانب الروحي في كل مجالات حياتهم. </span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">نعم؛ إن التشريعات الإسلامية تشريعات سماوية من لدن عليم خبير، ولكن لو طبقت هذه التشريعات نفاقاً دون وجود هذه الروح لما أثمرت في الفرد ولا في المجتمع، لأنه لن يربط عندها السلوك بالعقيدة. وكذلك لو طبقت هذه التشريعات في أنظمة أخرى منفصلة عن عقيدتها لما أثمرت ولما تشكل هذا الجانب الروحي لغياب الروح عند تطبيقها. ولذلك فإن العبرة ليست في نوع التشريع فحسب، وإنما أيضاً بوجود الروح عند الالتزام بها حيث يكون هذا الالتزام طاعة لأوامر الله، ورغبة بنوال رضوانه لا نفاقاً أو جرياً وراء منفعة، وعندها يكون لهذا الالتزام ثمرة في جميع مناحي الحياة بفضل هذه الروح.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">إنه لشرف عظيم لأبناء هذه الأمة المخلصين أن يهبوا لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الإسلام استجابة لأوامر الله، فتعيد الأمة الإسلامية لسابق عهدها لتنهض بها وتكون قدوة لباقي الأمم، فتخلصهم من الكفر والضلال، لاسيما وأن بني الإنسان يعيشون في هذا الزمان في ظل فكرة فاسدة ألقت بظلال فسادها على البشرية كلها، فطال ذلك كل شيء في حياتها حتى الحجر والشجر، فلم تُبقِ ولم تذرْ، إنها الرأسمالية الكافرة الفاجرة، التي أفسدت حياة البشر، وأفسدت فطرة الإنسان وانحرفت بها عن جادة الصواب، حيث تحمل فسادها في ثنايا عقيدتها ونظامها ومقياس أعمالها، فكان من فساد عقيدتها بأنها لم تحدد علاقة الإنسان بخالقه، ولم تقف من هذه المسألة موقفاً جاداً لتقرر أن لهذا الإنسان خالقاً واجب الوجود، بل كان موقفاً هامشياً. فكانت الناحية الروحية عندهم، أي كون الإنسان وما حوله في هذا الوجود مخلوقاً لخالق، قضية فردية يعتقدها من يشاء وينكرها من يشاء، فبقيت الناحية الروحية قائمة على إحساس غريزي وليس على أساس فكري قائم على إدراك العقل لها والتدليل عليها والوقوف على حقيقتها، فكان التقديس عند أفرادهم ناتجاً عن إحساس غريزي بحت، فلا يوجد للعقل أي وجود، بل يستبعد العقل والإدراك، فكان هذا التقديس ليس إيماناً ولا ناتجاً عن إيمان، وإنما هو ضلال وكفر، وهو ليس عبادة لله، و إن توجه فيه صاحبه لله أو لفكرة الألوهية.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">وبهذا يكون هذا النظام قد فقد إدراك الصلة بالله، أي فقد أفراده الروح في أعمالهم، لاسيما وأنهم استبعدوا حق الله في التشريع، وسيَّروا حياتهم حسب تشريع البشر؛ فكان العقل هو المشرع الوحيد عندهم، فلم يعد هناك أي روح في أفعالهم، ولم يعد هناك أي اعتبار لمرضاة الله، وانطلقوا في إشباع جوعاتهم من إملاءات غرائزهم دون أي وازع داخلي، فلم يعد هناك روح لربط سلوكياتهم بها حتى يكون لها أثر في بناء أفرادهم ومجتمعاتهم، بل أصبحت أعمالهم تربط بالمصالح والمنافع التي تحقق لهم إشباع جوعاتهم كيفما شاءوا، فأصبحت المنفعة مقياس أعمالهم، وتحقيق أكبر قدر ممكن من المتع الجسدية هي السعادة بأعينهم، فأصبحوا كالأنعام يعيشون لشهواتهم بلا قيود، فسيطرت على مجتمعاتهم القيمة المادية وما نتج عنها من أنانية وجشع، فانعكس ذلك كله على نفسياتهم الخالية من الروحانية؛ فأحسوا بالشقاء وعدم الطمأنينة؛ فكثرت عندهم حالات اليأس والانتحار والأمراض النفسية، وضعفت عندهم مظاهر الأبوة والأمومة، فلم يعد تكوين الأسرة أمراً هاماً في حياتهم، وإن وجدت فهي أسر متفككة، كما انعكس ذلك أيضاً على المجتمع و أفراده، حيث أصبحت مجتمعاتهم متفككة لا ترابط بين أفرادها، و لا يلمس بها أي تراحم أو تكافل، فتلاشت منها القيمة الروحية والإنسانية حتى إن القيمة الخلقية أصبحت تحكمها المنفعة والمصلحة. ونتيجة لغياب هذه الروح وإشباعهم لغرائزهم البهيمية دون أية ضوابط انتشرت في مجتمعاتهم العلاقات غير الشرعية، فاختلطت الأنساب وامتلأت ملاجئهم باللقطاء، وتفشت بينهم الأمراض المعضلة، فكان ذلك عبئاً كبيراً على الدولة واقتصادها.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">كما أن جشع هذه الدول واضح للعيان، ودليل على غياب الروح في علاقاتهم مع الأمم الأخرى، فهي قائمة على الاستعمار والاستغلال ونهب الثروات لتوفر لشعوبها رغد العيش على حساب الآخرين دون أي رادع. فأين هذا من الروح التي تمثلت في المسلمين عند فتوحهم للبلاد الأخرى، حيث لم يكن ذلك طمعاً بسيادة أو نهباً لثروة وإنما طاعة لله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور؟!</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">هذا هو حال الأنظمة الرأسمالية ومجتمعاتهما، ولا يسمح المقام للإسهاب في وصف شقائهم. ويكفي ما قال رب العزة عنهم وعن أمثالهم: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه 124]، فبئست العقيدة تلك، التي جرت الشقاء والويلات لمجتمعاتهم ومجتمعات الأرض كافة.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">ولكن المحزن المؤسف أن نرى هذا الداء قد انتقلت عدواه إلى مجتمعاتنا؛ فغابت هذه الروح عند أبناء هذه الأمة وهم لا يزالون يعتقدون العقيدة الإسلامية، فضعف أو حتى انعدم إدراك الصلة بالله عز وجل، في معاملاتهم اليومية وفي مواقفهم تجاه قضاياهم، فلم تعد هذه الروح سمة واضحة في سلوكهم وتصرفاتهم، ولم يعد لها دور في العلاقات الاجتماعية. فقد نرى كثيراً من أبناء هذه الأمة يطبقون بعض الأحكام الشرعية دون ربط مع هذه الروح، أي دون إدراك الصلة بالله، وإنما عادة اعتادوها أو جرياً وراء مصلحة أو منفعة أو لاعتبارات أخرى، وقد غاب عن أذهانهم أن الأصل في التقيد والالتزام أن يكون طاعة لله أولاً وأخيراً، ورغبة في نوال رضوانه. ألا يعلم المسلمون أنه لا بد من التقيد بأحكام الله كأحكام شرعية منبثقة عن عقيدتهم! وأن يكون هذا التقيد طاعة لله دون أي اعتبار آخر، لقد غاب عنهم للأسف هذا الربط بالأساس الذي يأمر به الإسلام والذي بني كل من الفرد والأمة عليه. فمن لهذه الأمة سوى حملة دعوة تحمل ثقافة راقية خالصة من كل شائبة، وتنشر عقيدة عقلية وتدرك الصلة بالله، وتسير بفكر مستنير؟!</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">ولهذا، لا بد من وجود هذه الروح في حلنا وترحالنا، ليلنا و نهارنا، سرنا وعلانيتنا، ألسنا الأجدر والأولى أن تتمثل فينا هذه الروح وهذا الإدراك بعد كل هذه الثقافة الإسلامية النقية؟ فمن كان مسلماً فعليه أن يكون حامل دعوة بطبيعته مدركاً للصلة بالله عز وجل، فهذه أمور متلازمة وبها تقوم حجته على غيره. فلا بد أن تكون الهمم على هذا المستوى حتى نكون أهلاً لنصر الله، ونكون قادة لهذه الأمة، فإن الله لا ينصر أصحاب الهمم و النفسيات الضعيفة، فلا بد من ملازمة هذه الروح، وعندها يكون المسلمون وبخاصة حملة الدعوة منهم كبائع المسك، لا تفوح منهم إلا هذه الأفكار وتلك المفاهيم قولاً وسلوكاً، بناء على إدراك الصلة بالله عز وجل، فيكونون بذلك شامة بين الناس، ويكسبون ثقتهم، ولا يحق لهم النفخ في الكير ولو نفخة واحدة، فإنها لا تحرق الثياب فحسب وإنما تؤذي المحيطين بها أيضاً، وليعلم المسلمون أنهم ليسوا أحراراً ولا ملكاً لأنفسهم لأنهم أقروا بالعبودية لله عز وجل، كما أنهم قد خلعوا عباءة الحرية بالمفهوم الغربي على أعتاب هذا الدين بمجرد إدلاء شهادة أن (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، فحذار أن يصدر منا، نحن حملة الدعوة، أي تحكم للمنفعة، أو العلاقات المصلحية في تصرفاتنا أو دعوتنا، أو أن تثور فينا مفاهيم الأعماق المهجورة المرفوضة لأي سبب من الأسباب، بل يحرص على التقيد بالحكم الشرعي ويحرص على عدم التجاوز له، فإن أحسنّا كان ذلك رصيداً مطلوباً لتحقيق الغاية، وإن أسأنا أسأنا لأنفسنا وللإسلام وعصينا الله عز وجل وحملنا وزراً عظيماً، فإن وزر من يعلم ليس كوزر من لا يعلم.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"><br /></span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">إننا قد خلقنا في زمن غاب فيه حكم الله في الأرض، لغياب الخلافة الإسلامية، وإننا لا شك نعاني الكثير من جراء ذلك، ولكن أيضاً فرصتنا لنعمل في صفوف هذه الدعوة بجد واجتهاد، دون ملل أو كلل، لتحكيم شرع الله في الأرض، فنفوز برضوان الله ومغفرته وجنة عرضها السماوات والأرض، فلا نضيع هذه الفرصة.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">ألا نرضى أن يتمثل فينا قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد 10]، ولذلك لا عذر لنا في تقاعس أو فتور همة، ألم يقل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يَا حَارِثَه، عَرَفْتَ فَالْزَمْ» إننا والله قد عرفنا فهل التزمنا؟</span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;"> </span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">فلنتق الله في أنفسنا وفي هذه الدعوة، وليراجع كل منا نفسه، فيجدد الهمم ويفعِّل إدراك الصلة بالله عز وجل، ويعقد العزم على نصرة هذا الدين.</span><br style="text-align: justify;" /><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">ثبتنا الله وإياكم، وتقبل جهودكم، وسدد خطاكم، وجعل النصر قريباً على أيدي العاملين الواعين المخلصين بإقامة الخلافة الراشدة، إنه على كل شيء قدير </span></span></div>
<div>
<span style="font-size: large;"><span style="font-family: Arabic Transparent; text-align: justify;">وبالإجابة جدير.</span></span></div>
<div>
<br /></div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="font-family: Arabic Transparent; font-size: large;">المصدر: مجلة الوعي</span></div>
</div>
ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-37264802187519984782012-07-17T19:32:00.004+03:002012-07-17T21:41:30.280+03:00نظرات في العمق<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<div>
<span class="Apple-style-span" style="font-family: arial; font-size: 14px; line-height: 25px;"></span><br />
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">كتاب الله نصــرٌ واكتســابٌ ودربُ محمــد ٍفيــه الجــوابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">وفي الدّارين تختلف الدّواعي هنا عملٌ وفي الأخرى حسابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ضــعيفُ الجسم بالتّقوى قويٌّ قويُّ الجسـم في كفر ٍ ســرابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">يُميـــتُ اللهُ في الغابـــات ليثاً ليـــأكلَ لحمـه نهمــاً غــرابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ويفنى الفيلُ مطروحًا بأرض ٍ وقد كـــانت ضــخامتهُ تـُُهابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فلا عِظَمٌ لمخــلوق ٍضــعيف ٍ ولـو خـــرّت لقوّتــه الهضابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">تمرُّ بِنا الليالي في اضطّراب ٍ ويطرقُ بابَنا العَجَب ُ العُجابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ونفقدُ كــــلَّ آمـــال ٍ بنصــر ٍ وتكثــرُ في مسـالكِنا الصِّعابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ومـــا زلْـنــا نقــولُ لنــا إلهٌ وفي هذا المقـــال ِلنــا اقترابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">أخـي في اللهِ لا تبغــي عَليَّ ففي البغي انتهــاكٌ واحتـرابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">تجـنّبْ ظــلمَ أهـل ِاللهِ يـوماً فـــإنّ دعــاءَهم فــورًا مُجـابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">وحاذرْ أنْ تصيبَ بغير ِحقٍّ من الأمــوال ِفـالدّنيـا مُصـابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">عجبتُ لمن يشيدُ هنا قصوراً ويعــــلمُ أنّ آخــــره تــــرابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فمن عَظُمت بعينيه الملاهي سـيصـــغرُ فيهما جهلاً عذابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">تـذكـّرْ أنّ روحَــك في وعاءٍ يُــــراقبُها مــــلاكٌ لا يـــهابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فكن في الأرض مسكينًا لتحيا بـــدار الله يُنصـــفكَ النّصـابُ </span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">على الأعداءِ شدَّ العزمَ سـيفاً وسـامحْ إن يُجــافيكَ الصّحابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">عجوزٌ نــازلَ الأعداءَ عزماً ويخشــى أن يـنــازلهم شــبابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">إذا الآجــال مضروب مداها فلا خــوفٌ عليك ولا انتــحابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">وفي الأرزاق تقديــرٌ لــربٍّ وليس الـرزق من تعب ٍ يجابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">هي الآجـــال والأرزاق فينا تـــزلــزلنــا بـداهيـــة ٍ تُــعابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ولـــو أنـّـا بــإدراك ٍ بسـيط ٍ فهمنــا قــدْرهـا لبــدا الجـوابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">علينــا أن نـعمّق نــاظــرينا ففي التّعميق يحضــرنا الغيابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فـــلا همٌّ ولا بـــؤسٌ لـدينــا إذا ســكن النُّهى فينا الصـّوابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ففينا من رجــال المجد جمعٌ إذا مــا اســتُنفرت هممٌ أجـابوا</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">يوحّدنــا على الإيمــان فـردٌ إلــــهٌ واحــــدٌ ولـــه كتـــــابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ويـدعونــا إلى التّـوحيد هاد ٍ رســـــول إلهنـــا داع ٍ يُجــابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ورايتنــا على الأعـلام تعـلو تــرفــرفُ لا يغطـّيهـا ســحابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">وفي لغــة الكتـاب لنـا التقاءٌ ويجمعنــا على الرؤيـا خطـابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فمــا تلك الحـدود وقد بنـاها لنا الأعــداء يعلــوها الخــرابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">وما في طــرق أبواب العدوِّ وبــــــاب الله لا يدنــــوه بــابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">إذا اعتصـمت بحبـل الله أيدٍ فتلك عــــلامة ٌ فيـهــا الإيــابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">إذا خضعَ الجميعُ لحكم ِربّي وقـــاموا وحـــدة ً ولــهُ أنــابوا</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فبشـــّر ثمّ بشــــّر كـلّ بـاك ٍ فبعد النّصــــر يبتعــد العتــابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">تذكــّر يــا أخي أنــّّي بديني مع الإيمـــان أعـــلو لا أهــابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فلا وهنٌ ولا حــزنٌ ســيأتي وفي الإيمــان لــلأتقـى حجـابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">وفي بعدي عن الإيمان أبقى طـــريحا قد تنــاوشــه الكـلابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">عــزيزٌ أنت بالإســلام دوما ذليــلٌ في الهــوى لا تـُسـتجابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">إلهك من حبـــاك بخير عقل ٍ ومنــه الأمـــرُ يتبعـــه العقـابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فلا ترجو ســواه ولا تنـاجي لأنــــك دونـــه وهـمٌ ســـــرابٌ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">يزول الملك والأمـلاك تفنى وبعد المــوت يـأتيــك الحسـابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">فلا مـــالٌ بـــه تنجــو هنـاك ولا جــــاهٌ ولا ولـــــدٌ مُهـــابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">ولا دنيا ملكــت بها الروابي فـــذاك مــغيّبٌ ولــك العـــذابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">بتقـــوى الله تعلــو لا بمــال ٍ وعنــــد الله للتقـــــوى ثـــوابُ</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">بقلم أبو زيد الأمين</span></div>
<div style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; min-height: 21px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;"></span></div>
<div dir="rtl" style="font: normal normal normal 18px/normal 'Abadi MT Condensed Light'; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: right;">
<span style="letter-spacing: 0px;">بيت المقدس</span></div>
</div>
<div>
<span class="Apple-style-span" style="font-family: arial; font-size: 14px; line-height: 25px;">
</span></div>
</div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-87885982437013867852012-07-17T19:25:00.001+03:002012-07-17T19:27:10.143+03:00بنو علمان يكفيكم<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<span class="Apple-style-span" style="font-family: 'Times New Roman', Helvetica, Verdana, sans-serif; line-height: 27px;"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="font-family: 'Times New Roman', Helvetica, Verdana, sans-serif; line-height: 27px;"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="font-family: 'Times New Roman', Helvetica, Verdana, sans-serif; line-height: 27px;"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">ألا كفّــوا عن الإســـلام أيديــكم فلا دمتم ولا دامـــت دواعيكم<br /><br />بنـــو علمـان أشــقيتم أهـــالينا إلهي ، أيها الفسّــاق يُشقيكم<br /><br />ســـقيتونا كـؤوس الذلّ أعواما ومـــا زالت تعــادينا بـواقيكم<br /><br />تركنا الساحة الكبرى لترعوها سنين العجز والإفسـاد تغنيكم<br /><br />ســـلبتم كـــلّ أمـوالي وآمــالي مع الأعداء أودعتم مخـازيكم<br /><br />علـــوتونا فدســتونا وداســتكم نعال الغرب في عارٍ يواريـكم<br /><br />حكمتــــونا من الأعوام تسعينا فتعســاً حكمكم فينا ومـا فيكم<br /><br />مع الأعداء في صـفٍّ تخونونا وأوطاني أباحوها، ويرضيكم<br /><br />ألسـتم تخدمون الغرب في هذا وهذا الشّـعب مغبــونٌ يحـيّكم<br /><br />ألا يـكفي من الإذلال تســـعونا ألا يــكفي أعــالينا تـــراخيكم<br /><br />ألســنا أمّة الإســلام في عــال ٍ فما الجـاري لكي نهوي مهاويكم<br /><br />هم الأعداء ما زالوا بـأوطاني بأسـماء لها انضمّت أساميكم<br /><br />هم الأعداء للإسلام قد أقصوا وفي الإســلام إعـلاءٌ ينـاديكم<br /><br />بنــو علمان خـــدّام لأعــدائي إذا ظــلّوا فقد ظــلّت مـآسيكم<br /><br />بنو علمان أصــحابٌ لأعدائي ومن في صحبة العادي، يعـاديكم<br /><br />ومن قد صــافح الأعداء في زهو ٍ وبــالكفّين للأعــداء يُدميـــكم<br /><br />أراضــــينا أبــاحوها لشـــذّاذ ٍ قضـــايانا بــأيديهم تجــازيكم<br /><br />وأعراضٌ هتكتوها مع العادي فهل للص أن يبقى ليحميكم؟<br /><br />خـزيتونا بما تدعون من عار ٍ غدا ربي بدعواكم ســيخزيكم<br /><br />لذاك الكفــر أذنـــابٌ رأينــاكم وثوب الذّلّ في جهر ٍ يغطيكم<br /><br />أجيبــونا إذا معكم إجــابــــاتٌ لماذا الجيش مبنيّ ليحميكم ؟<br /><br />لمــاذا المـــال مجنيّ ليغنيكم ؟ وجُلّ الشعب في فقرٍ يجافيكم<br /><br />لماذا الأرض في يبس ٍ بلا ماء ؟ ومــاء البحر في أرضي يساقيكم<br /><br />لمـاذا أمّتي أضـــحت بلا حام ٍ ســوى الرّحمن حاميها وحاميكم<br /><br />ألستم زمرة الحكّام مفروضٌ عليكم أن تُراضوها فترضيكم<br /><br />أكـلتوها شـربتوها على جوع ٍ وللأعــداء بعتم كلّ ماضــيكم<br /><br />ألا تبّـــا لأفكـــار ٍ حمــلتــوها وتبّـــا للذي يومـــا يخلّيــــكم<br /><br />كشفنا سرّكم حقّا لكي تمضوا فما اســتحيت وما ابتلّت مــآقيكم<br /><br />فلا عذرا من الأعداء أو منكم هو الشــيطان يطــغيهم ويطغيكم<br /><br />ألستم ســـادة الإجرام في هذا وعلمان الّذي صــنتم يغذّيـكم<br /><br />أنا الإســلام دين الله لا غيري ومنّي الفكرة الكبرى ستحيكم<br /><br />ومنها المبــدأ الأعلى يقوّيـكم ومن هذا نظــام الحكم يُعليكم<br /><br />تسودون الدّنا شـــرقا وفي غرب سيحني الغرب هامات ٍ ليرضيكم<br /><br />فقد كنتــم وقد كنّــا بماضــينا وأنتـم من تنكّــرتم لماضــيكم<br /><br />فلا علمــان من ذنب ٍ يـوفّيكم ولا شيعان من ربّي سينجيكم<br /><br />مع الشيطان إن ظلّت أمانيكم ففي النيــران تكويه وتكويكم<br /><br />فصــلتونا عن الإســـلام في جرم ٍ كفصل الرأس عن جسم ٍ له فيكم<br /><br />جمعتونا مع الأعــداء في نار ٍ بلا خــوف ٍ ولا اســتحياء يبديكم<br /><br />فمن أنتم ومن منــكم غدا منّا أشكّ اليوم في أصل ٍ يسمّيكم<br /><br />فلو صدقا لكم أصـلٌ من الدّين لقمتم فورَ أن قامت لتقصيكم<br /><br />عرفناكم ، كشفناكم ، فهمناكم فمــا عدنا بعيد اليـوم نوليكم<br /><br />فلن نحيا إذا عاشــت بـواقيكم مللناكم ، بنو علمــان يكفيكم<br /><br />فقد جعنـا ومــا أموالنــا معنـا وقد ضعنا وفي الأوطـان نؤويكم<br /><br />ومـــا بعنا فـأنتم أرضــنا بعتم ولن نُعنى بشـيء من أياديكم<br /><br />فلا معنى لئن تُبقوا كراســيكم أطعنـا الله إعــلانا لنعصـــيكم<br /><br />دعونا اليوم للرحمن في أوب ٍ لعـلّ الله ينجينـــا ويـــرديـــكم<br /><br />هنــا فســـطاط إيمـانٌ بلا كفر ٍ ولا فسـق ٍ ولا تدليسَ يعنيكم<br /><br />وفســـطاط ٌ من الكفّار أســيادٌ لكم كانوا وما زالوا نواصيكم<br /><br />وفي هذا لقاء الحســـم ناداكم مع الكفّـار في صــفَّ ليفنيكم<br /><br />أمــام الله يوم البعث أشـــقاكم شــقاء الشّــعب في دنيا تناجيـكم<br /><br />فلا مــالاً هنــاك اليـوم يغنيكم ولا جاها ولا سـلطان يحميكم<br /><br />ولا جندا لهم في الأرض إرهــاب ولا قصـــرا مع الحـرّاس ينجيكم<br /><br />عذاب الله في هول ٍ ســيأتيكم ســنين الكِبْــر والتّضـليل يُنسيكم<br /><br /><br />بقلم: أبو زيد الأمين<br />بيت المقدس </span></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-84103004167807679562012-06-10T16:17:00.001+03:002012-06-10T16:17:08.332+03:00هل يجوزالدعوة إلى التدرج في تطبيق أحكام الإسلام؟<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم </span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: large;"><span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse;"><br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إن تطبيق الإسلام كله من المعلوم من الدين بالضرورة، لا يختلف عليه اثنان من المسلمين، ورغم ما حصل من اختلاف واختلاط وإشكال في فهم جواز التدرج في تطبيق الإسلام بوجه حق أو بغير وجهٍ حق قياساً على التدرج في تشريع التحريم لبعض الأحكام من مثل حكم تحريم الخمر عند الصلاة، ومن ثمّ تحريمها مطلقاً. وبالرغم من هذا الاختلاط إلا انه لا خلاف في أن الإسلام كاملاً هو الذي يجب أن يطبق وحده، وإننا ننظر للدعوة إلى التدرج في تطبيق أحكام الإسلام نظرة الخوف من وقوع بعض الحركات الإسلامية في فتنة إبعاد الإسلام رويداً رويداً عن سدة الحكم، والرضا بدخول الحركات الحكم بدون الإسلام في نهاية المطاف. وإن هذا لهو السقوط بعينه في مكر الدول الكافرة حيث تملي لبعض الحركات الإسلامية وتكيد لها حتى إذا استوثقت منها رمتها على قارعة الطريق، فلا هي أوصلت الإسلام ولا هي أوصلت أمتها إلى بر الأمان في السعادة والاطمئنان في ظل حكم الإسلام.<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إن قضية التدرج في تطبيق أحكام الإسلام ليس عليها دليل من السنة ولا من الكتاب، عدا أن هناك عدة نصوص صريحة واضحة الدلالة في وجوب تطبيق الإسلام جملة وتفصيلاً دون إنقاص أو انتقاص ولو لحكم واحد من أحكامه، فيقول الله عز وجل: </span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">{ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ } </span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">وقد وقع التأكيد على الحكم بلفظ "مآ " وهي من صيغ العموم للدلالة الأكيدة على شمول التطبيق لجميع الأحكام, وقد تتابع التأكيد ليقطع على أي إرادة مريبة أو نفوس مريضة، وكان التأكيد باثنتين: الأولى: التأكيد على الحكم بالحق وهو الحكم بكل ما أنزل الله كاملاً دون إنقاص بدلالة العموم { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } والثانية التأكيد على الحذر من الفتنة وهي عدم تطبيق بعض ما أنزل الله، انظر قوله تعالى: { وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ } فاعتبر الشرع هذا فتنة ينبغي الحذر منها ومن دعاتها وأهلها وهو اتباع لأهواء الشياطين من البشر، وقد جاءت الآيات الثلاث في الحكم بغير ما أنزل الله محذرة بمراتب ثلاث: الفسق، والظلم، والكفر. لأمر واحد في جنسه وهو عدم الحكم بما أنزل الله { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } ، { الظَّالِمُونَ } ، {</span></span><span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: large;">الْفَاسِقُونَ } وقد كان التأكيد واضحاً في المقصود وهو جميع ما أنزل الله بلفظ {مآ}، وهي من ألفاظ العموم في لغة القرآن قولاً واحداً وفي غير ذلك من آيات كثيرة قاطعة في الحكم بما أنزل الله، والتي تطلب الرضا والتسليم والاطمئنان بحكم الله وعدم الرضا بغيره بديلاً، بل واعتبار البديل إنما هو طاغوت يُعبد من دون الله قال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} فكل هذه الآيات كانت واضحة قاطعة في الدلالة على طلب الحكم بجميع ما أنزل الله، وإذا أضفنا إلى كل هذه الآيات قوله تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } فإنها تؤكد أن حال المؤمنين أن يكونوا مذعنين لا خيار لهم ولا اختيار. وبغير هذا تكون الفتنة والافتراء المبين لقوله تعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . فلا اختيار لغير حكم الله ولا بديل ولا دليل.</span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">وأما ما يقال عن جواز التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية فهو عدا عن أنه ليس عليه دليل بل إن الدليل يدل على نقيضه في عدم جواز التدرج، ثم إن هذا لهو تبرير للفعل بدون دليل لمن ليس له مشروع يسير عليه، والدليل على عدم جواز التدرج واضح في ما روى ابن هشام في سيرته؛ أنه عندما قدم وفد ثقيف ليفاوضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه: «أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات، لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله ذلك عليهم، فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوا شهراً واحداً بعد مقدمهم، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمّى، وإنما يريدون بذلك، فيما يظهرون، أن يتسلّموا بتركِها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم، ويكرهون أن يُروِّعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام، فأبى رسول الله إلاّ أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها، وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم، فقال رسول الله: أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه» كل هذا مع من هم حديثي عهد بهذا الأمر .<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">وأما ما يستشهد به البعض وهو التدرج في التشريع في استدلالهم على التدرج في التطبيق، وذلك في حكم تحريم الخمر فهو أمر في التشريع لا أمر في التطبيق، وفرق كبير بين التشريع والتطبيق. وما أمرنا إلا بالتنفيذ السريع والإذعان لحكم الله رغم الشدة على النفس، وما قوله عز وجل { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} إلا فيه دلالة على أن الشرع لا يأتي بما تهواه الأنفس وتختاره، وإنما يأتي بما يصلح البشر بما يأمر به الله، وإلا فكيف في صوم رمضان وقد شرعه الله شهراً كاملاً ولم يتدرج به بما تطيقه النفس رويداً رويداً ابتداء من ثلاثة أيام ثم أسبوع ثم عشرة أيام وهكذا، أو ليس الصوم أصعب من الخمر في نظر الكثيرين؟ وكذلك القتال في سبيل الله قد أتى فيه التكليف بعكس الترتيب الذي لوحظ في تحريم الخمر فقد أُمر المؤمنون في بداية القتال أن يقاتلوا عشرة أضعافهم ثم جاء التخفيف إلى أن يقاتلوا ضعف عددهم. فإن كان الأمر في التدرج بدلالة التخفيف فهذا رد واضح على التكليف بالأشق ثم التخفيف، وفي هذا المقام لم يجعل الشرع للظروف وشدتها على المسلمين في بداية بنائهم لدولتهم مبرراً للتدرج بل كان الأمر على العكس تماماً، وإنها لحكمة بالغة في بناء الدولة والأمة على الشدة والبأس والقوة، وهذا آية في الرد القاطع للرأي والمفند لمن يقول بالتدرج في التطبيق. فهذه الآيات بعكس ما يفهم في حاجة التخفيف من جهة التشريع في ترويض النفس على الالتزام بالطاعة، ثم إن الطلب في التنفيذ والتطبيق في كلا الأمرين وفي كافة الحالات كان حاسماً وحازماً بالتنفيذ الفوري سواء أكان التشريع في الحكم مرحلياً أو جملة واحدة، فأمر التشريع لله وأمر التنفيذ علينا في الوقت الذي لا علاقة لنا فيه بالتشريع تخفيفاً وتشديداً أو تشديداً ومن ثم تخفيفاً فهو لله وحده ليس لنا فيه من أمر, فقط ننفذه على وجهه كما أمر به الله ولا كلام .<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">هذا من جهة الفرق بين التشريع والتطبيق، وأما من حيث التطبيق في دولة الإسلام وفي الحكم وحتى على الصعيد الفردي فإنه صلى الله عليه وسلم لم يقبل التدرج في تنفيذ أي حكم من أحكام الإسلام، ولا حتى من الأفراد الحديثي عهد بالإسلام في شرب الخمر فيما سبق بيانه في مرحلية التشريع، بل كان صلى الله عليه وسلم في التطبيق يقوم به جملة واحدة بشكل كلي، وهذا في البلاد التي فُتحت فيما بعد سواء في الطائف أو في اليمن أو البحرين وهكذا، ولا أدل على ذلك مما كان في مطالبة وفد ثقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم بالتدرج في التطبيق عليهم في موضوع عبادة الأصنام أو ترك الصلاة، فكان رده عليهم بالتطبيق الفوري ورفض التدرج. فكل هذا دليل واضح قاطع وحازم وحاسم على عدم جواز التدرج في التطبيق، بل الواجب هو التطبيق الانقلابي الجذري الشامل، وهذا ما أوصى به صلى الله عليه وسلم صحابته ممن كان يوليهم في الأمصار ان يحكموا بكتاب الله وبسنة رسوله بشكل كلي شامل وبدون تدرج في التطبيق, وفي هذا أيضاً دلالة قاطعة على تطبيق الحكم في بلاد لم يسبق أن حكمت بالإسلام بالطريقة الانقلابية الجذرية الشاملة والتي لا يجوز فيها التدرج ولو في حكم واحد بصرف النظر عن أية حالة أو ظرف, وأما ما كان من قبيل الرخصة فهو من ضمن الالتزام التام بالحكم الشرعي فيما يجوز فيه التخفيف عن حكم الأصل ولا تدرّج فيه مع بقاء الأصل على ما هو عليه ضمن ظرفيهما .<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">هذا من جهة التأصيل الشرعي في عدم جواز التدرج في تطبيق الشريعة وكون طريقة الإسلام في التطبيق واحدة ووحيدة وهي التي عليها مدار النصوص ويدل عليها فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك طلبه من ولاته وعماله السير عليها وهي الطريقة الانقلابية الجذرية الشاملة فيقول الصديق أبو بكر رضي الله تعالى عنه: "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم عليه".<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">وأما موضوع الظروف والأوضاع الداخلية، والأولويات وترتيب البيت الداخلي، وتهدئة الدهماء وإرضاء النفوس، وعدم إثارة المجتمع الدولي، والمجاملة لقبول الآخر، واستيعاب الجميع... فإن كل هذا لم يقم عليه دليل، وهو ابتداع ما أنزل الله به من سلطان، وليس هذا محل اتباع، وهو على خلاف الأصل من المفاصلة القطعية التي عليها الإسلام باعتباره رسالة كاملة ونظام شامل فيه الحل والعلاج لإصلاح كل الأوضاع جملة وتفصيلاً في كل الظروف والأحوال. ألم يأت الإسلام على الجاهلية بكافة تفصيلاتها وقَلَّبها وغيّرها بأحكامه في كافة المجالات؟؟! ألم يكن الحكم بالإسلام هو المرحلة التطبيقية الشاملة لما بني عليه المجتمع في فكره ورأيه العام فكان الحكم شاملاً من حيث التطبيق لكافة الشؤون والقضايا جملة واحدة, باعتبار أن الحكم هو رعاية شؤون الناس مباشرة وفق أحكام الإسلام؟! وما إرادتنا التي بها نغير الأنظمة ونطيح من خلالها بالتيجان إلا هي نفس الإرادة التي لا يقبل الإسلام إلا بها في تكوينها من حيث عدم قبول الشراكة ولا المرحلية. لقد قبل بنو عامر بن صعصعة نصرة الاسلام للحكم به كاملاً بدون تدريج على أن يكون لهم الحكم من بعده فرفض الرسول عرضهم مع شدة الحاجة لهذه الفرصة، فلم يقبل بشرط واحد فكيف لو اشترط عليه تنحيه التطبيق في بعض الأحكام بتبرير التدرج لتحقيق القبول ؟ فرفض تعطيل جملة من أحكام الإسلام بحجة التدرج أولى من رفض شرط واحد منافٍ لطريقة الإسلام في أخذ الحكم.<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إن اشتمال الإسلام على أنظمة لجميع علاقات المجتمع وجميع مناحي الحياة، سواء أكان على صعيد الفرد أم الأسرة أم الجماعة أم المجتمع أم علاقة الأمة بغيرها من الأمم... فيه دلالة على أن لا مجال لأحد يبحث عن حل مبدئي من لدن لطيف خبير خالق مدبر أن يختار حكماً واحداً من سواه، فكيف بمن يحمل الدعوة إلى الناس عن جدارة وحجة ومحجة واقتدار، وعن تقوى الله وحده تدفع حاملها إلى تعبيد الناس لله وإنذارهم وتحذيرهم من مخالفة حكمه ونهيه في كل شاردة وواردة؟ وكيف لنا وجه نلقى به الله يوم القيامة ونحن نتلو قول الله عز و جل:</span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"> { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } وقوله { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } وقوله { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }وقوله { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ونصدح بهذا وندعو إليه من على المنابر وفي كافة المحافل؟ ثم إذا ما جدّ الجدّ نقول: بالمرحلية والتحالف مع اليسارية في تدرج مرحلي؟!. فكيف بنا نلزم الناس بمنع الربا ونسمح بالعري والسفور؟! وكيف بنا نمنع الرشوة ونسمح بالاختلاط والمجون؟! وكيف بنا نترك الأحزاب على غير الإسلام تدعو بكل كفر وإلحاد في بلادنا؟! فهل نرضى ونقبل في أمهات المدن العظام مثل القاهرة وبغداد ودمشق وتونس والقيروان أن تستظل بخليط من هنا وهناك في مشهد بائس لا يظهر فيه الإسلام على الكفر، ويكونان فيه صنوان وفي اختلاط ٍما أنزل الله به من سلطان؟؟!!<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إذا كان عدم جواز التدرج في تطبيق أحكام الإسلام واعتبار ذلك مخالفاً لطريق الإسلام القطعية في التطبيق الانقلابي الجذري الشامل من جنس أحكامه، فكيف بقبول الأخذ بجزء من أحكام الإسلام مع الأخذ من غيره من أحكام الكفر واعتبار ذلك تدرجاً في تطبيق أحكام الإسلام مع أن هذا هو تطبيق لجزء من الإسلام وجزء من الكفر البواح الذي اعتبر الشرع الحكم به موجباً للفسق أو الكفر؟!!!.<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إن طريقة الإسلام لهي طراز خاص ذو لون معين في العيش لا يقبل الاختلاط مع غيره، فهو الحق وما دونه باطل، والحق لا يقبل الشراكة مع الباطل بل حكمه ما قضى الله { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} وحكمه فيه مفاصلة ظاهرة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) } وحكمه على الرعية واحد على الحاكم وذويه وعلى المحكوم ضمن أصل ثابت مبني على قوله صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله؟ والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» فيا أصحاب الدعوات ويا شيوخ ويا دعاة بعض الحركات الإسلامية خذوا الإسلام كله ولا تتركوا منه حكماً واحداً ولو تحت أية ذريعة. فمن أراد الإسلام كما أراده الله وسعى سعيه وهو مؤمن فعليه بتطبيق أحكامه فوراً من غير تخيير. وان شئتم فاسمعوا قول الله المزلزل { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">فلتحذروا لإسلامكم وانفروا للحكم به كاملاً وجملة واحدة بطريقته الواجبة وهي الطريقة الانقلابية الجذرية الشاملة والتي لا تقبل بشراكة الكفر والباطل تحت أي ظرف أو تبرير، فالله عزوجل تعبدنا بأمره لا بما تهواه أنفسنا، وهو أعلم وأحكم، فإنه وأيم الله على هذا ينتخبكم الناس، وهذا ما يأملون منكم، ولو أرادوا الشراكة والتدرج لما سلكوا لكم طريقاً ولا أعطوكم قطميراً.<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إن الأمة الإسلامية وهي تتعافى لا تؤمن إلا بالقرآن كله، ولا ترضى إلا بحكمه وبالاحتكام له كله، ولن ترضى ببقاء أي فتات مما يرميه الشرق والغرب من ضرار الرأسمالية وعقم معالجاتها، وإلا فما معنى الشراكة والتدرج والمرحلية إلا قبول الاحتكام والعيش ببعض أحكام الكفر مكان بعض أحكام الإسلام العظيم, فاتقوا الله في دينكم وفي إقبالكم على سلطان قد نزعه الله ممن حكم بالكفر كله، فليس من يقبل الحكم بجزء من الكفر هو أحسن حالاً ممن سبقه ممن قد نزع الله ملكه، وقد حكم الله في هذا حيث قال: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">وخالص النصيحة لكل من يعمل لخير الإسلام ويطمح للحكم به ويرنو لسعادة الدارين بما يرضي الله أن لا يقبل بإقصاء عشر معشار حكم واحد من أحكام الإسلام، ولا بوضع حكم مهما كان صغيراً من أحكام الكفر، ولنقدّم الموت في طاعة الله فإن ذلك خير وأبقى من حياة في معصيته أخرج الطبراني في الكبير من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خُذُوا الْعَطَاءَ مَا دَامَ عَطَاءً، فَإِذَا صَارَ رِشْوَةً عَلَى الدِّينِ فَلَا تَأْخُذُوهُ، وَلَسْتُمْ بِتَارِكِيهِ يَمْنَعُكُمُ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ، أَلَا إِنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ دَائِرَةٌ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ، أَلَا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ فَلَا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ. أَلَا إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَا يَقْضُونَ لَكُمْ، فَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: "كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرِ وَحُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ"<br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">قال تعالى: { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }</span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent';"><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: large;"><span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse;">بقلم:سعيد الأسعد</span></span><br />
<span class="Apple-style-span" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: large;"><span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse;">المصدر: الوعي</span></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-7078358890096147812012-06-10T15:07:00.000+03:002012-06-10T15:07:56.967+03:00طاعة الله مقابل طاعة أهل الكفر<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: Tahoma; font-size: 13px;"></span><br />
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; text-align: justify; text-decoration: none;">
<span class="Apple-style-span" style="font-family: Times; font-size: small;"><span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: Tahoma; font-size: 13px;"></span></span><br />
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
بسم الله الرحمن الرحيم<br /><br />قال تعالى:<br />{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } (100)<br /><br />ورد في تفسير البغوي لهذا الآية الكريمة ما يلي:<br />قال زيد بن أسلم: إن شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخاً عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين - مرَّ على نفر من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون، فغاظه ما رأى من إلفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة، قال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله، ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار، فأمر شاباً من اليهود كان معه فقال: اعمد إليهم واجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، وكان بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس مع الخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج، ففعل وتكلم فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب، أوس بن قبطي أحد بني حارثة من الأوس، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددتها الآن جذعة، وغضب الفريقان جميعاً وقالا: قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة، وهي حرة فخرجوا إليها، وانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم. فقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر المسلمين أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، وألَّف بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً، الله الله!! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية .<br />وورد في نفس السورة الكريمة (من آل عمران) في معنى متقارب للآية الأولى قوله تعالى:<br />{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ } (151)</div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
<br />وقد أتى عمر بن الخطاب النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أمتهوِّكون فيها يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به. والذي نفسي بيده، لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيّاً ما وسعه إلا أن يتبعني"<br />حديث صحيح رواه أحمد (3/387) عن جابر بن عبد الله، وحسنه الألباني في الإرواء (1589)<br /></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
في خضم ثورات ما يسمى الربيع العربي التي كسرت حاجز الخوف وأسمعتنا دبيب الحيوية في جسم الأمة بعد طول غفلة ورقاد، ورسخت عندنا الشعور بأن المصاب واحد والعلاج واحد لدى جميع المسلمين في شتى بقاع الأرض، فقد أخذت الأمة تتلمس طريقها نحو التغيير، وهناك من اختار أن يشارك في مسرحية الانتخابات المصممة أصلاً من الغرب للالتفاف على هذه الثورات المباركة ممن يلبس لبوس الإسلام، متناسين ومتغافلين أن هذا الغرب الاستعماري الكافر حاول وما زال يحاول بشكل حثيث حرف مسار هذه الثورات وتحويلها إلى أهدافه الخبيثة المتجسدة في استمرار تطبيق أنظمة حكمه العلمانية التي أشقت البشر والحجر والشجر، والحيلولة، أو على الأقل تأخير رجوع الأمة إلى تحكيم إسلامها كاملاً... وذلك بعد أن يُوهم الأمة أن بإسقاط أشخاص بعض عملائه القدامى، والإتيان بأناس أو أحزاب يرفعون شعارات للإسلام فرغت من مضامينها وإقناعهم أنها تحقق ما يصبو إليه الإسلام والمسلمون بما يلبي فطرة الناس المدّخرة في وجدانهم الديني... فليس لهم بعد ذلك إلا الخضوع والطاعة لأولي الأمر الجدد السائرين على نهج الباطل المستورد من أعداء الأمة، وذلك من خلال عملائه الذين لم تحترق أوراقهم بعد لدى جماهير الأمة مسخراً لهم ماكينات إعلامية ضخمة تسعى سعياً خبيثاً في نفس الاتجاه، مسممة الأفكار، ومضلِّلة الرأي العام، وخالطة الحق بالباطل حتى لا تقوم لهذه الأمة قائمة، فخيَّب الله سعيهم وفألهم، فلن ينالوا إلا خساراً بإذن الواحد الديان.<br /></div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
ولأنه بات معروفاً أن أكثر ما يؤثر في الأمة هو الخطاب الديني، راح يُسخّر لدعم هذا التوجه الخبيث بعض ما يسمى بعلماء الدين الذين يدعون إلى الباطل باسم الحق، ويتبنَّون مشاريع الكفر باسم النهضة على أساس المرجعية الإسلامية على نسق ما فعلته الحركة الماسونية قديما من خلال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتلامذتهم...ونرى بين الفَينة والأخرى من هؤلاء الموصوفين بالعلماء من يساهم في إعادة تثبيط الأمة عبر ادعائه أن قوى الاستعمار الممثلة في هيئة الكفر المتحدة وما انبثق عنها من مجلس الظلم (الذي يسمونه بالأمن زوراً وبهتاناً) وسائر المنظمات والهيئات الخبيثة الدائرة في فلك الكفر والاستكبار العالمي هي الملاذ الآمن والقوة الركينة التي يُلتمس من عندها الفرج والنصر، داعين المسلمين إلى الاستمرار العبثي في وضع قضاياهم الحساسة في تلك الأروقة التآمرية، ناسين أن اتِّباع نهج الكفر وطاعة الكفار من أهل الكتاب أو غيرهم يؤدي الى الخسران والبوار في الدنيا قبل الآخرة، وأن لا ملاذ آمناً ولا حصن حصيناً لهذه الأمة ولا فرج ولا نصر حقيقياً لها يُرتجى إلا من عند الحق الجليل خير الناصرين، ومن خلال حزبه الغالب بأمره تعالى، والمتوفرة فيه صفات الولاء الكاملة لله ورسوله والمؤمنين الصادقين المخلصين،قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (56) . </div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
<br />إن أمثال هؤلاء العلماء وهذه الحركات،من حيث يدرون أو لا يدرون، لا يستطيعون أن يحققوا أي نهضة، ولا أن يرتقوا بالأمة بل إنهم يزيدون أوضاع الأمة سوءاً وخبالاً... بل إن المطلوب هو التماشي مع مبدأ المفاصلة التامة بين حكم الجاهلية وحكم الله، وذلك كما ورد في الآية 50 من سورة المائدة: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }(50)</div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
<br />كتب الإمام محمد البشير الإبراهيمي المتوفى قبل نحو خمسين عاماً في الجزائر مقالاً قيماً عن أحوال الأمة الإسلامية جاء فيه: "وما أضلَّنا إلا المجرمون الذين يدعوننا بعضهم إلى الجمع بوسيلة التفريق، ويدعونا بعضهم إلى النجاة بطريقة التغريق، والأوَّلون هم رجال الدين الضالُّون الذين فرَّقوه إلى مذاهب وطوائف، والآخرون رجال السياسة الغاشُّون الذين بدَّلوا المشرب الواحد، فجعلوه مشارب.. فهل هبَّةٌ من روح الإسلام على أرواح المسلمين تذهب بهؤلاء وهؤلاء إلى حيث ألقت، وتجمع قلوبهم على عقيدة الحق الواحدة، وألسنتهم على كلمة الحق الجامعة، وأيديهم على بناء حصن الحق، على الأسس التي وضعها محمد صلى الله عليه وسلم؟ ولا مطمع لنا في الوصول إلى هذه الغاية إلا إذا أصبح المسلم يلتفت إلى جهاته الأربع، فلا يرى إلا أخاً يشارك في الآلام والآمال.. فهو حقيق أن يشاركه في العمل". ثم يقول: "مَنْ حَاوَلَ إصلاَحَ أمَّةٍ إسلاميةٍ بغيرِ دينِهَا فَقَد عَرَّضَ وَحْدَتَهَا للانِحَلالِ، وجِسْمَهَا للتَلَاشِي، وصَارَ هَادِمًا لعَرْشِهَا بِنِيَةِ تَشْييدِهِ...".</div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
<br />فحريٌّ بنا أن نتنبه وننبه إلى أن أية دعوة للإصلاح غير منضبطة بالطريقة الشرعية التي تدعو حصراً إلى إعادة بناء عرش الأمة من خلال خلافة راشدة على منهاج النبوّة، توحد ولا تفرق، وتُقوّي ولا تُضعف، وتُحصِّن بناء الأمة ولا تهدمه... متوكلة على الله خير الناصرين، مخالفة لكل المناهج التي يدعو إليها أهل الكفر على تعدد أسمائها ومسمياتها، أقول: والله المستعان، إن أية دعوة إصلاح مخالفة لتلك الطريقة الشرعية المقطوع بوجوب اتِّباعها مآلُها الى الفشل والبوار والسقوط، شأنها شأن الحكام الطغاة الذين يتساقطون الواحد تلو الآخر، ملعونين مذمومين غير مأسوف عليهم...كما نتوجه إلى الإسلامقراطيين (الاسلاميين المتبعين لنظام الكفر الديمقراطي الآتي بالأصل من الغرب الرأسمالي الكافر) بدعوتهم إلى الاتِّعاظ بقول الحق جل في علاه: { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } (52) وتحذيره تبارك وتعالى للمخالفين عن أمره بقوله: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (63) </div>
<div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
<br /></div>
<span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 16px;">بقلم: أبو مريم الشامي</span><span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: Tahoma; font-size: 13px;"><div class="content" style="font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 12pt; font-weight: normal; margin-bottom: 0px; margin-left: 0px; margin-right: 0px; margin-top: 0px; text-align: justify; text-decoration: none;">
المصدر: الوعي</div>
<div>
<br /></div>
</span><span class="Apple-style-span" style="border-collapse: collapse; font-family: 'Arabic Transparent'; font-size: 16px;"></span></div>
</div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-6741338413834264512012-06-08T00:12:00.001+03:002012-06-08T00:12:44.183+03:00يا إخوة الإسلام سيروا إلى الأمام<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<iframe allowfullscreen='allowfullscreen' webkitallowfullscreen='webkitallowfullscreen' mozallowfullscreen='mozallowfullscreen' width='320' height='266' src='https://www.youtube.com/embed/Bxn2tHIIKGM?feature=player_embedded' frameborder='0'></iframe></div>
<br /></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-12092708140737251452011-12-07T07:04:00.001+03:002011-12-07T07:06:12.515+03:00الأزمات الاقتصادية ومعالجتها من وجهة نظر الإسلام<div dir="rtl" style="text-align: right;"><span style="font-size:130%;"><br /><br />أضحت الأزمات الاقتصادية التي تهز العالم من حين لآخر مرضا مزمنا وبالكاد تنتهي أزمة حتى تولد أخرى، و يمكن إرجاع الأزمات الاقتصادية إلى ثلاثة أسباب أساسية تتفرع عنها أزمات أخرى لا تقل عنها خطرا، و هذه الأسباب هي: النقد واختلال الميزان التجاري وسوء توزيع الثروة.<br /><br />1. النقد<br /><br />ظهر في القرن الماضي نظام ورقي نقدي إلزامي غير مغطى بالذهب والفضة، تقدر قيمته بالغطاء الاقتصادي المتمثل في السلع و الخدمات واحتياط الذهب و المواد الخام الإستراتيجية وغيرها مما توفره الدولة التي أصدرت تلك العملة. فالدولار الأمريكي على سبيل المثال، له غطاء اقتصادي عن طريق دعمه عالميا من عدة دول اقتصادية عظمى، وهذا بالتالي يعطيه قوة اقتصادية وثقة. وقد تشكل هذا النظام عندما قامت أمريكا بإقصاء الذهب كغطاء نقدي، وإدخال الدولار شريكا له في اتفاقية "بروتن وودز" مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ثم بديلا عنه في بداية السبعينات. في ظل هذا النظام تصبح الدول مهتمة بالتركيز في احتياطاتها على نقد الدول المؤثرة اقتصادياً وسياسياً لحاجتها إليه، ليتأتى لها إيجاد علاقة تجارية، أو علاقة اقتصادية مع الدول، وأي تغير سياسي أو اقتصادي في تلك الدول ينعكس على شكل أزمة في نقد الدول الأخرى وبالتالي اقتصادها. فالدول التي تربط نقدها بالأورو مثلاً تصبح مهتمة بالمحافظة على استقرار الأورو للمحافظة على احتياطاتها، فإذا اشتد طلب الناس على العملة المحلية أدى هذا إلى ارتفاع سعر عملتها بالنسبة للأورو فتقوم هذه الدولة بإنزال كميات من عملتها إلى السوق وتسحب بدلاً منها كميات من الأورو أي تبيع عملتها بالأورو، وإذا حصل العكس وتخلى الناس عن عملتها كما يحصل في المضاربات أي زاد العرض تقوم بسحب هذه الزيادة فتشتري عملتها من السوق بالأورو، أي تنـزل للسوق كمية من الأورو من خزينتها وتعيد لخزينتها عوضاً عنها عملتها. و كمثال على ذلك ما أحدثته الديون اليونانية من اضطراب في أسعار الصرف، حيث فقدت الثقة بالأورو وأصبح الفرنك السويسري ملاذا آمنا لرؤوس الأموال قصيرة الأجل، التي يمكن أن تنتقل من بلد لآخر بحثا عن الربح، وكما هو الحال بالنسبة للنفط والذهب، فان زيادة الطلب على الفرنك السويسري رفع سعر صرفه، مما دفع البنك المركزي السويسري للتدخل عدة مرات خلال الفترة ما بين يناير ويونيو2010 وعلى الأخص خلال الثلاثة أشهر من الربيع الماضي من أجل الحد من ارتفاع سعر صرف الفرنك أمام الأورو، ولقد كلفت هذه الإستراتيجية البنك الوطني السويسري ما يقارب 150 مليار فرنك تم استثمارها بشكل خاص في شراء كميات كبيرة من الأورو. ولذلك فكل دولة تربط نقدها بالأورو أو بالدولار تكون مكلفة بالدفاع عن عملتها هي وكذلك عن الأرورو أو الدولار، وتتحمل الدولة هذا العبء وحدها بدرجة أكبر وأشد من الدولة صاحبة النقد الأجنبي المعتمد.<br /><br />و بما أن معظم دول العالم تعتمد في مخزونها النقدي من العملة الصعبة على الدولار الورقي، فإن أمريكا تستطيع أن تحدث اضطراباً في اقتصاد العالم بطباعة دولارات زائدة لتغطية مصالحها الخاصة على حساب الدول الأخرى فتجر عليهم أعباء من خزينتهم لإعادة التوازن، أي أن الدول الأخرى تكون ملزمة في تحمل أي عجز في ميزان المدفوعات للولايات المتحدة الأمريكية.<br /><br />و بالإضافة لتأثير النقد الأجنبي مباشرة على نقد الدولة التي تحتفظ بذاك النقد في مخزونها الاحتياطي فإن نظام الورق الإلزامي معرض للتضخم بين الحين والآخر لأن سياسة الدولة الاقتصادية محلياً وخارجياً هي التي تعطيه القيمة، ولهذا فانخفاض قيمة النقد أي ضعف قوته الشرائية محتمل الحدوث بدرجة كبيرة ولعدة عوامل سياسية واقتصادية: كالديون الأجنبية والعجز في الميزان التجاري الذي يؤدي إلى التضخم، حيث تنهب الدولة موجودات الناس وجهودهم بطبع أوراق نقدية وضخها في السوق. ومعلوم أن التضخم يؤدي إلى غلاء الأسعار وضعف القوة الشرائية وتأثير ذلك على الحياة الاقتصادية شديد الخطورة خاصة إذا استمر على فترات متقاربة.<br /><br />ولأن النقد لا ينسب إلى وحدة ثابتة متعارف عليها، فيصبح نظام النقد الإلزامي طريقاً إلى المؤامرات والمضاربات بين الدول فهذه تخفض عملتها لزيادة صادراتها فتقوم تلك برفع الفائدة على نقدها بالنسبة لودائع الناس بهذا النقد، لاكتناز الادخار من المواطنين وجذب رؤوس الأموال من الخارج، و هو ما حصل و يحصل الآن بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، حيث قامت هذه الأخيرة بتقويم عملتها مرتين أضعف من سعرها الحقيقي أمام الدولار فيما لو ترك الأمر للعرض والطلب دون تدخل من طرف الدولة، ما دفع أمريكا وأوروبا بالضغط على الصين أثناء لقاء الثماني في الصيف الماضي للحد من تدخلها (أي الصين) في سعر الصرف.<br /><br />وقد تداخلت تقلبات النقد مع الأعمال التجارية، فإذا رفعت نسبة الفائدة على نقد معين أو تحسن الوضع الاقتصادي لدولة ما انصرف الناس عن الاستثمار التجاري إلى الاستثمار الادخاري للنقد صاحب الفائدة القوية في البنوك. وهذا من أسوأ ما أنتجت النقود الورقية الإلزامية، حيث تركز استثمار الأموال في أسواق وهمية، يتحكم فيها قراصنة المال، وكبار المضاربين، فتنعقد الأسواق على سلع أو خدمات وهمية تمثل أكثر من 90 % من الاقتصاد العالمي، وتجري المضاربات والمزايدات فيها إما بإشارة باليد أو بمكالمة هاتفية، أو عبر فضائيات الإنترنت، وعلى مبالغ ضخمة تقدر بالمليارات. إن الأداة الأساسية التي يعتمد عليها السوق المالي، والتي يتحرك السوق بتحركها ارتفاعا وانخفاضا إنما هو الربا أي الفائدة ويرتبط بها سعر الصرف بين العملات النقدية، كما ترتكز عليها أسعار الأسهم والسندات وباقي المعاملات المالية في سوق البورصات التجارية. وحيث أن هذه الرساميل المستثمرة تشكل مبالغ ضخمة، تقدر بالمليارات، فإن أي تغيير في نسبة الفوائد وبالتالي في سعر الصرف يؤثر تأثيرا كبيرا على المستثمرين ربحا أو خسارة. ولو كان النظام النقدي في العالم مبنيا على قاعدة نظام الذهب، لما تجرّأ أحد على القيام بهذه المضاربات، ولما عقدت هذه الأسواق ابتداء.<br /><br />وحركة الأسواق هذه تقوم على تشابك بين عدة مؤسسات وتجمعات، تبتدئ بصندوق النقد الدولي، ثم تأتي شركات المصارف الضخمة، والنوادي المالية، هذه المؤسسات يقوم عليها أشخاص ذوو موهبة فذة في التخطيط لنصب الفخاخ، فيكون أحدهم يملك مؤسسة مضاربة كبيرة، وفي نفس الوقت عضوا في نادي مالي، كما يكون مستشارا لأحد المصارف، ويكون له ثقل في المؤتمرات الاقتصادية الدائمة، مثل مؤتمر (دافوس)، كما يكون مستشارا في بعض جوانب صندوق النقد الدولي، مثل هؤلاء يكونون ملمين بأطراف القضايا الاقتصادية، فيعرف أحدهم كيف يدخل الأسواق، وكيف يحركها، وكيف ينهب الأسواق ويخربها. فيفتح هؤلاء النصابون أسواق المال (بورصات) ويقومون بمضاربات أي مزايدات تبتدئ من خط معين (مؤشر) فيرتفع الخط إذا شاءوا رفعه، فتزدهر قطاعات الإنتاج، وتستعر حمى المضاربات، وترتفع مؤشرات البورصات، عندها يضرب هؤلاء النصابون ضربتهم، بعد أن كانت قد تحولت عشرات المليارات من الدولارات إلى حساباتهم، فيعمدون إلى لعبة مشروعة عندهم يفترضون عندها أمراً مباشراً أو غير مباشر، فينخفض سعر الفائدة عند أحد البنوك المعتبرة، أو يجري التخفيض في سعر عملة ما من عملات دول المجال، وفي الغالب يكون ذلك إما بإيعاز من صندوق النقد الدولي وجهازه المتآمر أو بتأثير منه، أو بإيعاز من البنك الفيدرالي الأمريكي، وبالتعاون مع وول ستريت، أي بالتنسيق بين هذه المؤسسات والنوادي المالية، وصناديق الاستثمار. فتهرب المليارات بسرعة ويخلى السوق منها، وتفتح لها أبواب الهرب إلى الخارج، فتنكشف السوق وتقع الكارثة وينتشر صداها حتى يطال كافة القطاعات المالية والإنتاجية، وتتفاقم الأزمة، فتعلن الكثير من الشركات إفلاسها، وتفرغ خزائن ميزانيات الدولة.<br /><br />2. الأزمات الاقتصادية نتيجة ميزان المدفوعات<br /><br />يتكون ميزان المدفوعات من جانبين (دائن ومدين) والوضع المستقر أن يتساوى جانبا الميزان، ويبدأ العجز في الميزان عندما لا تكفي الإيرادات لسد قيمة المدفوعات، ويحصل هذا العجز لأسباب كثيرة من اهمها التوسع في الواردات الإنشائية و الترفيهية دون الإنتاجية والفساد الإداري و هروب رؤوس الأموال لعدم الاستقرار السياسي. والعجز يصبح أزمة إذا لم تكف السيولة النقدية للدولة للمعالجة المؤقتة له حتى تستعيد الدولة تنشيط صادراتها وتقليل وارداتها ورسم سياسات وإجراءات لتحسين ميزان المدفوعات. والمقصود بالسيولة النقدية موجودات الدولة الجاهزة لسد العجز منها، وهي احتياطي الدولة من الذهب والقطع الأجنبي وكذلك حصتها المدفوعة ذهباً (الشريحة الذهبية) في صندوق النقد الدولي، حيث يتوجب على كل دولة عضو في الصندوق أن تدفع ربع حصتها ذهباً أو 10٪ مما تمتلك رسمياً من ذهب ودولارات، وهذه التي تسمى بالشريحة الذهبية.<br /><br />فإذا لم توجد السيولة اللازمة لسد قيمة المدفوعات تسقط الدولة في براثن المؤسسات المالية المقرضة وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، الذي يهرع مندوبوه لمعالجة الوضع المالي والاقتصادي في البلد، ويحضرون معهم قوائم الشروط العلاجية، ليتم على ضوء تنفيذها إسداء القروض، كما يكون هناك العديد من الشركات الضخمة المتعددة الجنسية الرابضة على جوانب الساحة لتلتهم القطاعات العامة، والتي ستتحول إلى قطاعات خاصة، بفعل قوانين الخصخصة، وبموجب اتفاقيات منظمة التجارة الدولية ؛ وتقع الفريسة في مخالب وحوش المال، ويصبح البلد بكل مقدراته نهبا لهؤلاء الناهبين، كما تصبح الدولة مشلولة الحركة، مكبلة الأيدي، كما حصل لليونان مؤخرا، حيث أصبحت مقدرات الدولة اليونانية مطمعا للطامعين ولن ينسى الشعب اليوناني المسكين والمغلوب على أمره الاستغلال الأوروبي الفاحش الذي التهم مقدراتهم وجهود أجيالهم خاصة الشركات الألمانية منهم.<br /><br />3. سوء توزيع الثروة بين الناس<br /><br />أما الأزمة الثالثة التي تضرب اقتصاد الدول فهي ناتجة عن سوء توزيع الثروة بين الناس، فقد لا تكون هناك أزمة نقدية ولا حتى أزمة نتيجة ميزان المدفوعات، بمعنى أن الإيرادات تغطي المدفوعات ولكن الإيرادات تذهب لتغطية واردات ونفقات لسد حاجة فئة من الناس دون الآخرين، فمثلاً لو قلنا أن بلداً ما يصدر بترولاً بمبلغ مليون دينار ثم يستورد به قمحاً يكفي حاجة السكان فيكون الميزان التجاري سليماً، وبالتالي ميزان المدفوعات. ولكن لو ذهب هذا القمح فاشتراه عدد من الناس بقدرتهم المالية ولم يقدر على شرائه آخرون فإن أزمة جديدة تنشأ وتكون ناتجة عن عدم توزيع الثروة على الناس أجمعين لتمكينهم من سد حاجاتهم الأساسية فتتسبب في حدوث فقر في الأمة.<br /><br />وبذلك تكون الأزمات الاقتصادية المتوقع حدوثها والتي تتطلب علاجاً محصورة في ثلاث أزمات مهمة: أزمة ناتجة عن النظام النقدي وأزمة ناتجة عن ميزان المدفوعات وأزمة ثالثة ناتجة عن عدم توزيع الثروة بشكل سليم على الناس، أي ناتجة عن سوء توزيع الثروة.<br /><br /><br />ومعالجة هذه الأزمات من وجهة نظر الإسلام يكون كالتالي:<br /><br />1. النظام النقدي الحالي<br /><br />فللقضاء على الأزمة الناتجة عن النظام النقدي الحالي، لا بد من الرجوع إلى نظام القاعدة الذهبية سواء بالتعامل المباشر بالذهب أو بأوراق نائبة عن الذهب قابلة للتحويل بدون قيد ولا شرط، لأن هذا النظام هو الذي يحفظ الاستقرار ويؤدي إلى الازدهار في النشاط الاقتصادي دون هيمنة لدولة على أخرى، وفيه ينسب النقد لوحدة متعارف على احترامها وتقييمها، وفيه كذلك لا تستطيع الدول زيادة حجم الكتلة النقدية لأن الدول لا تستطيع إصدار أية كمية تشاء من النقد لأنها ملزمة بالرصيد الذهبي وهذا نقيض الأوراق الإلزامية، إذ إن الدول تستطيع وقت الحاجة إصدار الكمية التي تريد من أجل خدمة مصالحها الخاصة، الأمر الذي يؤدي مباشرة إلى إحداث التضخم النقدي وإضعاف الثقة بالوحدة النقدية.<br /><br />ولذلك فإنه لمعالجة الأزمات النقدية لا بد من الرجوع إلى القاعدة الذهبية سواء الذهب وحده أو الذهب والفضة. غير أن هذا الرجوع لا يخلو من مشاكل نتيجة للاحتكارات العالمية ولوجود الحواجز الجمركية ولتركز الكمية العظمى من الذهب والفضة في خزائن الدول الكبيرة وخزائن الدول التي زادت طاقتها على الإنتاج وقدرتها على المنافسة في التجارة الدولية أو نبوغها بالعلماء والفنيين والمهندسين، ولاتخاذ نظام النقد الورق الإلزامي بدلاً من نظام الذهب والفضة.<br /><br />ولتخطي ذلك لا بد للدولة التي تريد العودة للقاعدة الذهبية أن تسير على سياسة الاكتفاء الذاتي فتقلل من استيرادها وتعمل على أن تبادل السلع التي تستوردها بسلع موجودة عندها، كما عليها أن تعمل على بيع السلع الموجودة عندها بسلع تحتاج إليها أو بالذهب والفضة أو بالعملة التي هي في حاجة إليها لاستيراد ما تحتاج إليه من سلع وخدمات.<br /><br />و دولة الخـلافة القادمة بإذن الله سيكون نقدها ذهبا وفضة لأن الإسلام قد نص على أن يكون الذهب والفضة هما نقدا الدولة لا غير حيث ربط أحكاماً شرعية بالذهب والفضة باعتبارهما نقدين وأثماناً للمبيعات وأجرة للجهود وحدد بهما نصاب الزكاة وأحكام الحدود والديات وبين أحكام الصرف بينهما في المعاملات. لكل هذا فإن نقد الدولة الإسلامية هو الذهب والفضة. و يكون دينار دولة الخلافة من الذهب يساوي 4.25 غرام و أما الدرهم من الفضة فيساوي 2.975 غرام، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الوزن وزن أهل مكة."<br /><br />و سوف يكون الانتقال من النقود الإلزامية إلى القاعدة الذهبية أسهل وأيسر عند دولة الخلافة من غيرها، لأن الذهب الموجود في البلدان الإسلامية والمكدس في البنوك والخزائن فيها، فيه كفاية تامة لتمكين دولة الخـلافة من العودة إلى قاعدة الذهب، هذا فضلاً عن أن كميات الفضة الموجودة في البلاد الإسلامية موجودة بكميات كبيرة مما يسهل على دولة الخـلافة العودة إلى قاعدة الذهب والفضة.<br /><br />وزيادة على ذلك فإن البلاد الإسلامية متوفر لديها جميع المواد الخام التي تلزم الأمة مما يجعلها في غير حاجة إلى سلع غيرها احتياجاً (أساسياً) أو احتياج ضرورة، وبذلك تستغني دولة الخـلافة بسلعها المحلية عن استيراد السلع الخارجية مما سيوفر خروج الذهب إلى الخارج وبقاؤه داخل البلاد.<br /><br />كما أن البلاد الإسلامية تملك سلعاً مهمة كالنفط تحتاجها جميع دول العالم وتستطيع دولة الخـلافة أن تبيعها بالذهب أو بسلع هي في حاجة إليها أو بنقود تحتاجها لاستيراد ما يلزمها من سلع وخدمات كما تستطيع أن تمنع بيعها لأية دولة إلا إذا دفعت ثمنها ذهباً مما يجعل احتياطي الدولة من الذهب في ازدياد. وبالرجوع إلى نظام الذهب يعود الاستقرار وتزول الأزمات والهيمنة النقدية لدولة على أخرى.<br /><br />2. ميزان المدفوعات<br /><br />أما معالجة الأزمة الناتجة عن ميزان المدفوعات من طرف الدول القائمة حاليا فانه يكون كالآتي: إذا حدث عجز في ميزان المدفوعات، أي عندما تكون الإيرادات لا تكفي لسد المدفوعات، تتخذ الدول الحالية علاجاً مؤقتاً لسد العجز من السيولة النقدية لديها، وتبدأ بسياسات وإجراءات لتنشيط أوضاعها الاقتصادية وتحسين ميزان المدفوعات وذلك برفع سعر الفائدة السوقية كوسيلة لجذب رؤوس الأموال من الخارج، و فرض ضرائب على الواردات لتخفيضها، وتخفيض قيمة العملة لتشجع الصادرات، واستغلال الثروات الطبيعية لتصديرها، و في نقس الوقت تهتم الدولة بإنتاج السلع الأساسية داخل البلاد حتى لا تضطر لاستيرادها من الخارج، وبذلك تكون قد قللت الواردات، وقد تلجأ لطبع أوراق نقدية إضافية كما فعلت أمريكا في أزمة الرهن العقاري، مما بوجد تضخماً أي ارتفاعاً في الأسعار نتيجة لخلل التوازن بين النقد والسلع، وقد تلجأ إلى الاقتراض من الخارج لإعادة التوازن لميزان المدفوعات وهذا هو السم القاتل، حيث تبدأ مرحلة جديدة من الأزمة وهي دخول مصيدة المديونية خاصة بالنسبة للدول التي لا تحسن التصرف في القروض لتشغيلها في مشروعات إنتاجية تدر دخلاً على البلاد، وهذا ما حدث لمعظم الدول النامية أو دول العالم الثالث، فإن هذه الدول قد وجدت أن الاقتراض هو أيسر السبل لمعالجة ميزان المدفوعات لأن الكثير منها لا ينتج ما يسد حاجته الأساسية، وسلعه القابلة للتصدير قليلة جداً إن لم تكن معدومة، وبذلك يجدون أن سد العجز بالقروض هو الممكن بالنسبة لهم، حيث أن الضغط على الواردات لتقليلها سيؤدي إلى ندرة السلع وبالتالي ارتفاع الأسعار وهذا بدوره يؤدي إلى تعطيل الطاقة الإنتاجية فتزيد البطالة وتقف عجلة النمو، وكذلك فإن سد العجز من احتياطياتها النقدية غير ممكن لضآلة حجم احتياطات هذه الدول من الذهب والعملات الأجنبية كما أن استنـزاف الاحتياطات واستخدامها في سد العجز يعرض مستوى هذه الاحتياطات للخطر ويدفع سعر العملة المحلية إلى التردي، فإذا ما أضيف إلى ذلك عدم اهتمام كثير من هذه الدول إلى استغلال ثرواتها الطبيعية بشكل جدي تكون النتيجة التوجه إلى الاقتراض ومما يضاعف الأزمة أن يصاحب الاقتراض ثلاثة عوامل خطيرة و هي أولا توجيه هذه القروض إلى مشاريع غير إنتاجية بل إنشائية أو تَرفيَّه، وبذلك تكون هذه المشاريع عبئاً جديداً يضيف عجزاً إلى العجز السابق، ثم ثانيا الفساد الإداري من قبل المسئولين الذين ينهبون نسبة كبيرة من القروض والمساعدات الأجنبية فتجد هذه الأموال مرة أخرى طريقها إلى الخارج حيث تعود من حيث أتت و لكن تحت أسماء اللصوص من مسئولي الدولة، و أما ثالثا وهو الأخطر على الإطلاق هو استعمال الدول الكبرى أو صاحبة النفوذ هذه القروض طريقاً لبسط الهيمنة على الدول المدينة فهي ترسم سياسات تشجع هذه الدول على الاقتراض لغايات تخدم مصالحها و تمكنها من بسط نفوذها والإمساك بها وإلى الأبد. فقد ارتفعت ديون البلاد العربية من 13 بليون دولار سنة 1972 إلى أكثر من 200 بليون دولار في نهاية 1986، و ارتفعت نسبة ديون الأردن مقارنة بناتجها المحلي إلى 300٪ في 1988. ولم تنقذ القروض اليونان في بداية هذا القرن بل زادته ثقلا وصل إلى أكثر من 400 مليار أورو.<br /><br />أما المعالجة الصحيحة لأزمة المديونية في الدول القائمة في بلاد المسلمين اليوم فهي كما يلي: تسديد المديونية دون الفوائد الربوية لأنها حرام: ]وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون[. و يكون تسديدها من فائض أموال كل من شارك في الحكم طوال فترة المديونية لأن أخذهم للقروض وإغراق الناس في المديونية يلحق ضرراً بالأمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ضرر ولا ضرار» والضرر يزال ويتحمل مسؤولية إزالته من تسبب فيه. كما أن مسؤولية الحاكم في الإسلام هي رعاية شؤون الرعية في جميع نواحي الحياة ومنها الاقتصادية «الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته»، فلا يجوز لمن يتولى الحكم أن يمارس أي عمل مالي تجاري وليس له سوى تعويضه أي مخصصاته الشهرية، فإذا أثرى خلال ولايته يحاسب على ذلك، والإثراء هو واقع جميع الحكام خلال فترة المديونية. وقد كان عمر رضي الله عنه إذا اشتبه في والٍ أو عامل صادر منه أمواله التي تزيد عن رزقه المقدر له أو قاسمه عليها، وقد كان يحصي أموال الولاة والعمال قبل أن يوليهم وبعد توليتهم فإن وجد عندهم مالاً زائداً أو حصلت عنده شبهة في ذلك صادر أموالهم أو قاسمهم ويضع ما يأخذه منهم في بيت المال. ولا يعتبر هذا تعدياً على ملكيتهم الخاصة لأنهم لم يكسبوها بطريق مشروع، فإن الرجل إذا كان حاكماً وأثرى خلال ولايته ثراءً لافتاً للنظر فإن هذا بينة كافية لمصادرة بعض ماله لأنه يكون قد اكتسبه بطريق غير مشروع أي من غير راتبه، أما غير الحكام من الموظفين فلا يصادر شيء من مالهم إلا إذا ثبت ببينة قضائية أنهم قاموا بالاختلاس أو ما هو في حكمه. ويكون ما يؤخذ من الحكام والموظفين على النحو المبين أعلاه ملكاً لبيت المال تسدد المديونية منه.<br /><br />كما تحجم الدولة عن أخذ أية قروض جديدة لأن طريق القروض الخارجية للتمويل أخطر طريق على البلاد وكانت في السابق طريقاً للاستعمار المباشر على البلاد وهي اليوم طريق أساسي لبسط النفوذ والتآمر على البلاد. ولذلك فإن الأخطار المترتبة على القروض متحققة فعلاً يضاف إلى ذلك أنها بالربا ولذلك فهي لا تصح شرعاً بحال من الأحوال.<br /><br />وإلى جانب العمل للتخلص من المديونية تقوم الدولة بتنشيط الاقتصاد، حيث عالج الإسلام هذه المشكلة، وذلك برسم سياسات اقتصادية سليمة في الزراعة والتجارة والصناعة وملحقاتها، وكذلك بفرضه إيجاد المشاريع الضرورية على بيت المال حال الوجود والعدم. أما بالنسبة للزراعة فإن السياسة الزراعية في الإسلام هي أن الأرض وجدت لتنتج، وبأعلى نسبة لإنتاج المواد الغذائية، والمواد اللازمة للكساء كالقطن والصوف والحرير، و يكون ذلك بالقدر الذي يمكن من الاكتفاء الذاتي و يمكن الدولة من التصدير. ولأجل ذلك توزع الأراضي على جيوش العاطلين عن العمل وتساعدهم الدولة على حسن استغلالها. وأما بالنسبة للتجارة فقد حرم الإسلام أخذ ضريبة جمارك من المسلمين والذميين وأباح لهم الاستيراد والتصدير إلا في حالتين: تمنع التجارة مع الدول المحاربة فعلاً وتمنع استيراد أو تصدير أية سلعة فيها ضرر على الأمة. وأما الدول التي بيننا وبينها معاهدات فحسب شروط المعاهدة، وأما الدول المحاربة حكماً كالسويد مثلاً فهؤلاء يحتاجون إلى رخصة استيراد لدخول مالهم. وأما الصناعة فتعمل الدولة على استغلال الثروات الطبيعية في البلاد وتصنيعها والانتفاع بها داخلياً والتصدير خارجياً. كما تركز وبشكل جاد على إيجاد صناعة الآلات حتى يمكننا بواسطة الآلات المصنعة عندنا أن نبني مصانعنا الفرعية لأن عدم إيجاد هذه الصناعة يجعل مصانعنا تحت رحمة الدول الصناعية، فإذا تعطلت آلة أو قطعة غيار يتوقف المصنع حتى نستوردها وفي ذلك ما فيه من إهدار للجهد والوقت والسلعة.<br /><br />وأما الثاني وهو إيجاد المشاريع الضرورية، فإن الإسلام قد أوجد الحل على النحو التالي:<br /><br /> أن كل ما كان واجباً على بيت المال من رعاية شؤون للناس وفيه مصلحة لهم فهذا مرهون تنفيذه على الموجود في بيت المال، فإن وجد أنفق وإن لم يوجد لا ينفق مثل فتح طريق يوجد غيرها أو بناء مدرسة أو مستشفى يوجد غيرها يفي بالحاجة.<br /><br />ـ وما كان واجباً على المسلمين مثل فتح طريق لا يوجد غيرها يغني عنها أو بناء مستشفى أو وحدة صحية لا يوجد غيرها أو مدرسة ضرورية وما شاكلها، فإن هذه المشاريع وأمثالها التي يصيب الأمة ضرر من عدم وجودها، تكون واجبة على بيت المال وعلى المسلمين، فإن وجد في بيت المال مال أنفق عليها وإن لم يوجد تفرض بقدرها ضرائب على أغنياء المسلمين وتؤخذ من فضل أموالهم عن حاجاتهم الأساسية والكمالية، أي ما زاد عن عيشهم المعتاد تؤخذ منه وبنسبته بالقدر اللازم للمشروع الواجب، وتكون هذه الأموال قد حصلت بموجب نصوص الكتاب والسنة لأن الإسلام لا يجيز للدولة جباية الضرائب كيف تشاء فإن أخذ أموال الناس بلا دليل حرام وإثمه كبير مثل ضريبة الجمارك على التجار المسلمين وأهل الذمة «لا يدخل الجنة صاحب مكس» أي الذي يجبي ضريبة الجمارك، «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه» كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.<br /><br />وبالكيفية المذكورة سابقاً تكون المديونية قد وجدت حلاً شافياً لها وكذلك تنشيط الاقتصاد وتنفيذ المشاريع العمرانية والإنتاجية الواجبة على الأمة بدون قروض أو مديونية.<br /><br />3. سوء توزيع الثروة<br /><br />أما سوء توزيع الثروة فقد أوجد الإسلام له حلاً شافياً بإيجاد فرص عمل نتيجة السياسة الاقتصادية التي ذكرناها في الزراعة والتجارة والصناعة، وكذلك نتيجة إنشاء المشاريع الواجبة على الأمة بالإنفاق عليها من بيت المال وإن لم يكف فمن الضرائب على أغنياء المسلمين وهذا يحتم وجود المشاريع في جميع الحالات، كما ضمن الإسلام إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد في الدولة، وهذه الحاجات هي المأكل والملبس والمسكن المعروف لمثله في مثل بلده طبقاً للنصوص الشرعية الواردة. وقد ضمن الإسلام هذه الحاجات بالكيفية التالية: أولا جعل العمل فرضاً على القادرين من الذكور إذا كان ينقصه شيء من الحاجات الأساسية. كما فرض النفقة للأنثى، وللعاجز من الرجال إذا كان فقيراً سواء كان عاجزاً عن الكسب فعلاً كأن كان غير قادر على العمل أم كان عاجزاً حكماً كأن كان قادراً على العمل ولكن لا يجده. والنفقة المذكورة تحصلها الدولة جبراً ممن فرضت عليه وتعتبر مقدمة على سائر الديون، فحكم النفقة أولاً يحصل ولا تقبل فيه دعوى الإعسار وحكم الدين تقبل فيه دعوى الإعسار. وبذلك يكون جميع رعايا الدولة في الإسلام قد ضمنت حاجاتهم الأساسية المذكورة عن طريق النفقة إلا في حالتين: إن كان ليس له قريب وارث، أو إذا عجز من تجب عليهم النفقة عن النفقة. وفي هذه الحالة تكون النفقة على بيت المال أي على الدولة (من ترك كلاً فإلينا ومن ترك مالاً فلورثته) والكَل الضعيف الذي لا ولد له ولا والد.<br /><br />وهذه النفقة مستحقة على بيت المال في حال الوجود والعدم لأنها واجبة على بيت المال والمسلمين، أما بيت المال فظاهر، وأما المسلمون (أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى). فتفرض ضرائب إن لم يوجد في بيت المال وإذا خيف يقترض ثم يسدد، ولذلك تسدد حاجة الفقراء في جميع الحالات من النفقة ثم الزكاة ثم بيت المال من الواردات الأخرى ثم من الضرائب على أغنياء المسلمين. والنفقة أو الضرائب تؤخذ عن ظهر غنى أي مما يفضل من الحاجات الأساسية للمكلف وكذلك عن حاجاته الكمالية أي عيشه المعتاد، ثم يؤخذ مما زاد عن ذلك. وبهذه الكيفية تضمن الحاجات الأساسية للرعايا وبالتالي تعالج مشكلة البطالة والفقر.<br /><br />كذلك فإن الدولة في الإسلام تضمن الحاجات الأساسية للرعية كلها وهي: الأمن، والتطبيب، والتعليم، حسب النصوص الشرعية الواردة في ذلك وبالكيفية السابقة.<br /><br />ومن الجدير ذكره أن واردات بيت المال في الإسلام هي الفيء كله، والجزية، والخراج، وخمس الركاز، والزكاة، والأموال الخاصة بالدولة، وكذلك ما يأخذه العاشر من المعاهدين والحربيين، والأموال الناتجة عن الملكية العامة، والأموال الموروثة عمن لا وارث له، ومال الغلول من الحكام وموظفي الدولة ومال الكسب غير المشروع ومال الغرامات ومال المرتدين والضرائب، و غالباً ما تكفي لسد الحاجات المذكورة بدون فرض ضرائب على أغنياء المسلمين لأجلها، إنما وضع الشرع هذه الأحكام معالجة لكل مشكلة تحدث في أي مكان وأي زمان، فإذا حدث ولم تكف واردات بيت المال الدائمية فرضت ضرائب على الأغنياء بقدرها.<br /><br />مما سبق يتبين كيف عالج الإسلام الأزمات الاقتصادية معالجة تضمن السعادة للناس في حياتهم الدنيا فضلاً عن حياتهم الأخرى، والحمد لله على فضله وإنعامه.<br /><br />الكاتب: شاكر حليم<br /></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-91087307093308425232011-12-07T02:13:00.002+03:002011-12-07T07:03:03.527+03:00القضية المعاصرة<div dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></div><iframe allowfullscreen='allowfullscreen' webkitallowfullscreen='webkitallowfullscreen' mozallowfullscreen='mozallowfullscreen' width='320' height='266' src='https://www.blogger.com/video.g?token=AD6v5dwnFC5fltRnniURjmLLBw1VjkeOC19FnRNHnY2CalFyVWb2-sJGKPAR268J7uJejz657xUaJSxhKChRZ3hjaA' class='b-hbp-video b-uploaded' frameborder='0'></iframe>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-85465314622179814302011-12-07T02:10:00.001+03:002011-12-07T02:12:34.870+03:00الرأسمالية على طريق الانهدام...!!!<div dir="rtl" style="text-align: right;"><span style="font-size:130%;"><br /><br /><br />لقد تناقلت وسائل الإعلام بشتى أصنافها ما جرى يوم 15/10/2011 من مظاهرات واحتجاجات شديدة ضد أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات المالية والبورصات، وضد النظام الرأسمالي بمجمله الذي جلب عليهم الفقر والبطالة والهزّات المالية والتفاوت الطبقي الكبير .. والحقيقة أن هذا الحدث الكبير يستحق الوقوف والنظر ووضع الأمور في نصابها الصحيح من حيث دوافع هذه الاحتجاجات وأسبابها ونتائجها المستقبلية ..<br /><br /> إن الناظر في كيفية نشوء النظام الرأسمالي وتشكله يرى انه كان سقيماً في أساسه وفي طريقة معالجاته من أول يوم؛ حيث كان أساسه ردّة فعل غرائزية على الظلم، ثم كان حلاً غير مبنيٍّ على العقل عندما توصل المفكرون ورجال الدين إلى الحلّ الوسط في بناء النظام الجديد، (فالحلّ الوسط) ليس حلاً مبنياً على عقل سليم، لأنه توسط بين أمرين متناقضين متنافرين متباعدين!!..<br /><br /><br />لقد كان من أبرز هذه النظم النظام الاقتصادي الذي يهدف إلى تكثير رأس المال في المجتمع بأية وسيلة دون انضباطٍ بأخلاق ولا قيم، وفي نفس الوقت ينظر إلى توزيع الثروة في المجتمع عن طريق أداةٍ وحيدة هي (جهاز الثمن) .. وهذا الأمر ولّد أموراً كثيرة في المجتمع جلبت الدمار والخراب في داخل المجتمعات الرأسمالية وخارجها. حيث كانت الشركات العملاقة والبنوك التي تنهب ثروات الناس تحت عنوان حرية التملك وتنميه والانتفاع بالملك، وكان التفاوت الطبقي الكبير نتيجة سيطرة الأغنياء على الثروات فأصبح نسبة 1-2% في المجتمعات الرأسمالية يسيطرون على أكثر من 98 % من ثروة المجتمع، و 2% من الطبقة الباقية من الثروات توزّع على 98% من باقي الشعب، أما في سياسة الدول الخارجية فكان الاستعمار وكانت الحروب، وكان مص دماء الشعوب الضعيفة، وانتشرت فوق ذلك الجرائم والأمراض الفتاكة كالإيدز نتيجة ارتباط عقول الناس بالمنافع والأموال وعدم ارتباطهم بالقيم والأخلاق، فأصبح مرض الإيدز ينتشر بالملايين في مجتمعات الغرب، وأصبحت الجريمة تقاس بالثانية الواحدة في أرقى عواصم الغرب في نيويورك وغيرها ..<br /><br />لذلك نشأت المشاكل والأزمات في النظام الرأسمالي منذ نشأته وتكوّنه، وصارت تكبر وتزداد مع امتداد هذا النظام وتوسّعه، فكان من مظاهر هذه الأزمات -في أوائل النشوء في القرن التاسع عشر- أزمة الأجور وساعات العمل في أمريكا حيث استمرت إضرابات العمال فترةً طويلة حتى توصّلوا بعدها إلى حلّ وسط في تحديد الأجور وساعات العمل .. وكان بعد ذلك أزمة الكساد العظيم في بدايات القرن العشرين سنة 29، وكانت أزمة الحروب الطاحنة للسيطرة على الأسواق ورؤوس الأموال فكانت الحرب العالمية الأولى ثم الثانية التي حصدت أكثر من 20 مليون إنسان، ثم كانت أزمات الصراع الدولي الساخن والبارد بين الدول العظمى، وتسابق التسلح من أجل الردع وإنفاق المليارات على ذلك، وتخلّل هذه المرحلة الاستعمارُ العسكريّ لكثير من بلاد العالم من أجل رؤوس الأموال، ثم حصلت الأزمة الحالية في بدايات القرن الواحد والعشرين حيث بدأت بأزمة الرهن العقاري، وامتدت كالنار في الهشيم حيث جلبت على العالم الدمار الاقتصادي وخسارات تقدر بأكثر من 60 تريليون دولار حتى سنة 2011 ، عدا عن انهيارات في مؤسسات مالية كبيرة، وازدياد عدد الفقراء وازدياد عدد المهددين بالموت جوعاً، وما زالت الأزمة تضرب هنا وهناك وتنفلت نارها هنا وهناك، ويحاول قادة الغرب إطفاءها والسيطرة عليها لكن دون جدوى!! ..<br /><br /> إن امتداد هذه الأحداث -الحاصلة اليوم على شكل مظاهرات واحتجاجات- تعود جذوره إلى بداية نشوء الرأسمالية، وإلى طبيعة نظامها السقيم، وليست مجرّد احتجاج على ناحية واحدة فقط، وقد ظهر هذا الأمر في كثير من كلام المحتجّين، والحقيقة أن الاحتجاجات ليست الأولى ضد النظام الرأسمالي ومظاهره في الحياة العملية، ولكنها الأولى بهذا الزخم وبهذه الطريقة في الاحتجاج في رفض النظام الرأسمالي من أساسه؛ فقد كانت تجري احتجاجات سابقاً في مناسبات عديدة وخاصة عندما تنعقد القمم للدول العشرين أو الدول الثماني أو قمة دافوس، فكانت تقوم على المناداة لمحاربة البطالة وتحسين الأوضاع والعمل على علاج مسألة النقد العالمي، والمناداة لمحاربة المجاعات والفقر، أما هذه المرة فكانت مميزة في أنها ضد النظام الرأسمالي ابتداءً!!.<br /><br />فهذه الأحداث في أوروبا وأمريكا لم تأت من ردة فعل أيام أو أشهر إنما هي امتدادٌ لسنوات طويلة من رؤية الفساد ومعايشته، وامتدادٌ للمعاناة الطويلة والفساد، وهي تنظر إلى الخلاص؛ لذلك كان التعبير صريحاً بالانعتاق من الرأسمالية، والأمر ربما لا يبعد كثيراً عمّا جرى في الاتحاد السوفيتي السابق وانحلال منظومته، وانحلال حلف وارسو ولكن بطريقة مختلفة قليلاً من حيث أن الثورة قد ظهرت مرةً واحدة في روسيا بعد أن وصل الأمر إلى حدّ الانفجار .. فكانت النتيجة أن انهار النظام الاشتراكي نهائياً، وذهب إلى غير رجعة، وتحول كثيرٌ من دوله إلى النظام الرأسمالي، وانضموا إلى منظوماته السياسية كما جرى في دول البلطيق عندما انضمت إلى الاتحاد الأوروبي .. فهل تملك الدول الرأسمالية حلولاً شافية لهذه المشاكل، فتخمدَ هذه النيران المشتعلة؟؟، والحقيقة أن المبدأ الرأسمالي لا يملك أي حلٍّ لمثل هذه الأمور، وليس عنده أيُّ أحكامٍ تتعلق بمعالجة الأزمات الاقتصادية سوى التخلي عن مزيد من مبادئه وأفكاره، وبعبارة مختصرة ( المبدأ الرأسمالي مبدأ عقيم ) لا يستطيع معالجة الأزمات .<br /><br /><br /><br />فعندما اشتعلت أزمة الكساد الكبير سنة 1929 كان الحلّ الأمريكي لهذه الأزمة هو تصديرها إلى الخارج عن طريق إيجاد المبرّرات للاشتراك ودخول العالمية الثانية، وتحاول أمريكا عن طريق سياسة التحكّم النقدي وهيمنة الدولار تحميل العالم أعباء الأزمة الأخيرة وتصديرها لإخماد نارها ولكن دون جدوى لأن حجم الأزمة كبير، والعالم كله يعاني من تبعاتها وآثارها المدمرة، ..<br /><br />ومحصلة الأمر أن حجم الأزمة وامتدادها العالمي لا يمكن معالجته في ظلّ الأوضاع الدولية الحالية، وإنما سوف يزداد الأمر اتساعاً يوماً بعد يوم حتى يقف العالم أمام الحقيقة وهي: (حتمية التخلي عن هذا النظام)!! ..<br /><br />والسؤال الذي يرد هنا هو ما هو مستقبل أمريكا وأوروبا بعد سنوات؟؟ فمن يتابع الأحداث فإنه يدرك يقيناً أن مستقبل أمريكا وكذلك أوروبا هو التخلّي عن كثير من أفكار النظام الرأسمالي كلما اشتدت الأزمات والأحداث في داخلها، وبالتالي التخلّي شيئا فشيئا عن النظام الرأسمالي المالي برمته!!..<br /><br /> ففي المستقبل القريب ستجد الدول الرأسمالية نفسها في مواجهة الجماهير الصاخبة المطالبة بالعدالة في الانتفاع من الأموال والثروات، وسيجد الرأسماليون الكبار أنفسهم وجهاً لوجه مع هذه الجموع الثائرة المتزايدة في كل يوم، وهذا بالتالي سيؤدي حتماً إلى موضوع آخر وهو إحجام المواطنين عن دفع الضرائب للدولة، وذلك بسبب عدم الثقة بينهم وبين الدولة، وهناك أمر ثالث أخطر من هذا وذاك ربما يحصل في الولايات المتحدة بالتحديد- وقد بدت بعض مظاهره تطفو على السطح في ظل الأزمة الأخيرة_ وهو: مطالبة الولايات الغنية بالانفصال عن الولايات الفقيرة بسبب عمق الأزمة، واتساع دائرة الاحتجاجات ضد الدولة؛ وهذا معناه تفكّك منظومة الولايات المتحدة تماماً كما حصل مع الاتحاد السوفيتي السابق، ومن ثم التخلي نهائياً عن هذا المبدأ!! .<br /><br />وما سيحصل في أمريكا سيحصل في أوروبا ولكن بطريقة أخرى؛ ألا وهي انتهاء عقد الاتحاد الأوروبي عندما تجد الشعوب نفسها تتحمل أوزار الدول المتعثرة- مثل اليونان_ فوق تحمّلها لعثرات الرأسماليين داخل حدودها، وبالتالي فإن منظومة اليورو لن تصمد طويلاً ولن يبقى عند ألمانيا وفرنسا وهولندا النفس الطويل في مواجهة شعوبها الثائرة بسبب تحمّلها لأعباء الدول المتعثرة، -حيث بدأت بوادر هذا الأمر تظهر في ظل الأزمة الأخيرة في الاتحاد الأوروبي- وهذا سيكون ضربةً للاتحاد الأوروبي تؤدي إلى تفككه وانهياره ..<br /><br />إلا أن الخطر الكبير على العالم سيكون في انهيار أمريكا وتفككها؛ لأن أمريكا هي رأس العالم ورأس الغرب اقتصادياً ومبدئياً، وأيُّ انهيارٍ يحصل فيها سيكون بمثابة البركان أو الزلزال الذي يهزّ الكرة الأرضية برمتها، وسيضع العالم أجمع أمام الحقيقة وهي البحث عن مخلّصٍ مبدئيٍّ جديد يخلص العالم من هذا الدمار والخراب والشرّ المستطير ..<br /><br />وفي هذا مبشرٌ عظيم- بإذنه تعالى- لأمة الإسلام في عودتها وعودة مبدئها لينقذ البشرية مرةً أخرى مما هي فيه من دمارٍ وضياع..<br /><br />نسأله تعالى أن يسبق هذا الحدث أو يتزامن معه قيامُ دولة الإسلام التي تحمل مشعل الهداية لهذه البشرية التائهة .<br /><br />بقلم: حمد طبيب<br /></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-58157550032104788582011-11-11T18:54:00.004+03:002011-11-11T19:01:14.416+03:00الفضائيات ومحاولة حرف الثورات عن مطلب الإسلام<div dir="rtl" style="text-align: right;"><span style="font-size:130%;"><br /><br />ليس غريباً أن يُطلق مصطلح السلطة الرابعة على وسائل الإعلام المختلفة ومنها الفضائيات التي ما بقي بيت أو يكاد إلا ودخلته، وهذا الإطلاق إنما هو لبيان مدى التأثير الذي تحدثه وسائل الإعلام على الناس في مختلف الجوانب، الاقتصادية منها والفكرية والمشاعرية...<br />لا بد من القول بأن الفضائيات ليس لها تأثير فعلي بمفهوم السلطة التنفيذية للدولة، أي أنها لا تقوم بالفعل نفسه بصورة مباشرة، ولكنها يمكن أن تحول المشاهد إلى أداة فاعلة عن طريق التحريض لأمر ما، أو إعطاء تصور مسبق عن حدث ما. فالفضائيات لديها القدرة للتحريض وتوجيه وإنجاح العديد من التغييرات السياسية وإشعال الثورات والتوترات السياسية أو حتى تحريض جهة ما ضد جهة أخرى وإشعال الفتن والحروب الطائفية أو العرقية في العديد من دول العالم. كما أنها أي الفضائيات تستطيع من خلال الضغط السياسي المساهمة بشكل فاعل في تغيير الأنظمة وإحلال أنظمة أخرى محلها، حيث إن تأثير وتدخل ونفوذ تلك الفضائيات بل ووسائل الإعلام المختلفة الأخرى في الشؤون الداخلية للدول لا تقف أمامها حدود أو اتفاقيات أو حتى التزامات دولية ولا مواثيق ولا قوانين أو ما شابه ذلك.<br />بدون هذه السلطة (الإعلام ومنه الفضائيات) لم يكن من الممكن إنجاح التغييرات التي حدثت في المعسكر الاشتراكي والإسراع بإسقاط الأنظمة البوليسية هناك، فلم تكن هناك حاجة مع هذا التدخل الإعلامي لأي تدخل عسكري من قبل جيوش حلف الناتو.<br />وكم من الحكومات سقطت من خلال ما سُمي بالثورات البيضاء بتأثير من الإعلام فقط. ولا أدل على ذلك مما حصل في الثورة الإيرانية ودور الإعلام الهائل في إنجاح التغيير السياسي في إيران وإسقاط سلطة الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية فيها.<br /><br />إن سيطرة الدول المتنفذة على الكثير من الفضائيات والعمل على توجيهها لما يخدم مصالحهم جعل من هذه الفضائيات جهاز حرب يستخدم في العمل الدعائي للترويج لأفكار ما، كاستخدام الإعلام الغربي في إسقاط أو الإسراع بإسقاط العديد من دول المنظومة الاشتراكية دون مشاركة القوى العسكرية لحلف الناتو، مع أن المشرفين ومن لهم السيطرة الفاعلة على الإعلام الغربي يرفضون هذا الاتهام ولا يعترفون به ويقولون إنهم إنما روجوا لأفكار هم يؤمنون بها، وإنهم واثقون من صحتها كالديمقراطية وحرية الرأي والانتخاب والحريات العامة.<br />إن الدول والأنظمة التي تملك السيادة الفعلية يمكن أن توجه مثل هذه السلطة (سلطة الإعلام) الوجهة الصحيحة وتحقق بالتالي الفائدة المرجوة منها، ولكن لو نظرنا من حولنا لوجدنا أن هذا لا يوجد في الواقع سوى في بعض الدول في العالم التي تملك أمرها بل وتملك أمر غيرها مثل الدول العظمى التي باتت تسيطر على كل شيء حتى على أذهان وأذواق الشعوب المستضعفة ومنها دول الشرق الأوسط.<br /><br />وبما أن هذا هو حالنا وتأثير الإعلام فينا، فلا بد إذًا من أن يكون كل ما يبث من إعلام على أمم هذه المنطقة لا بد وأن يكون قد دُبِّر أو مرَّ على شريط المراقب، وهو الدولة السيدة التي تملك النفوذ في تلك البلاد، وعليه لا يمكن التصديق بكل ما يُعرض، كيف لا والمشاهد لا يرى أو يسمع إلا ما يريده صاحب النفوذ والصلاحية والسلطة، ويدلل على هذا القول ما يحدث الآن في منطقة الشرق الأوسط من ثورات.<br />إن المتتبع لهذه الثورات من على شاشات الفضائيات يرى بأنها إنما تريد فقط إسقاط النظام أو الحاكم وأقصد شخص الحاكم، بل وإنها تطالب بعد ذلك بتطبيق الديمقراطية والحريات، وإن من يموت منهم إنما قدم روحه رخيصة من أجل أن يعيش غيره من الأجيال في ظل تلك الديمقراطيات والحريات والتعدديات السياسية والتي تجمع أصحاب التوجه الإسلامي مع غيرهم من نصارى وعلمانيين وغيرهم.<br />تظهر تلك الفضائيات أن الدوافع الحقيقية لهذه الثورات إنما هي الجوع والقهر وقلة العمل ولقمة العيش، فتراها إذا ما نزلت إلى الشارع لا تقابل الا تلك الشريحة من المجتمع التي ترفع تلك الشعارات العلمانية، ولا تبث شيئاً عن تلك الثورات الا ما ترغب في بثه عنها وهو ما يعطي انطباعاً عند جميع المشاهدين بأن الحقيقة هي تلك التي تُروجها وسائل الإعلام.<br />فهم يُعدون التقارير تلو التقارير عن تلك الثورات ويجرون اللقاءات المباشرة مع شريحة من الشرائح التي يعلمون توجهها سلفاً حتى يصب ذلك كله في تحقيق هدف الأسياد المسيطرين على تلك الفضائيات.<br />والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل حقاً أن جميع الشعوب تهدف إلى إسقاط -أو قل استبدال- الأنظمة الموجودة لتأتي بأختها ولكن بزي آخر وشكل متجدد؟ أم أن هناك مطالب أخرى لا تبرزها تلك الفضائيات سوى ما يظهر رغماً عنها ولا يمكن تفاديه وتمر عليها مرور الكرام ولا تعود إليه ثانية؟.<br />في الحقيقة أن الواقع ليس كذلك أبداً، فتلك الفضائيات إنما تضخم ما تريد تضخيمه وتقلل من شأن ما تريد تقزيمه، بل وتتجاهل بالمطلق كل ما لا تريد أن يُعلم أنه قد حدث.<br />كيف لا وأن نبض الشارع اليوم يرنو نحو الإسلام، وأن الثائرين إنما يتوقون ليروا الإسلام مطبقاً في واقع حياتهم.<br />ألم يُشاهد الجميع صور الثائرين في تونس ومصر وليبيا واليمن وهم يؤدون الصلوات في أوقاتها ويتضرعون ويتوجهون إلى الله الجبار المنتقم أن يخلصهم من طواغيتهم، فهذه المشاهد ما كان للفضائيات أن تزيلها حال إعدادها للتقارير أو بث الأخبار.<br />أما الأحداث العظيمة والتي تنادي بعودة الإسلام ليطبق في الواقع فبالرغم من عظمتها وضخامة بعضها، إلا أنهم لم يأتوا على مجرد ذكرها.<br />فهل لا تعلم الفضائيات مثلًا عن المؤتمر الذي عُقد في إندونيسيا تحت عنوان «معاً لاستئناف الحياة الإسلامية في دولة الخلافة» والتي أقامته حاملات الدعوة هناك بتاريخ 21/4/2010م؟ وهل جهلت الفضائيات المؤتمر الكبير الذي دوّى تأثيره أصداء المعمورة حيث ارتفعت حناجر عشرات الألوف مدوية بالمطالبة بعودة الخلافة بتاريخ 12/آب/2007م؟ وأين الفضائيات من مؤتمر علماء المسلمين الذي انعقد بتاريخ 21/7/2009م وكان من الضخامة بمكان بحيث ضم علماء من مختلف البلاد الإسلامية في العالم عربها وعجمها ولكن لم تأت الفضائيات على ذكره.<br /><br />تلك أمثلة من أحداث سبقت، أما الأحداث الحالية وأخبار الثورات اليوم فليس كل ما يحدث في الواقع يعرض على شاشات الفضائيات، ومثال ذلك قناة الجزيرة مثلاً والتي يصلها بعض التسجيلات من داخل الحدث ويقوم بتسجيلها الناس والمشاركون ثم تقوم هي بعرض بعضها بالصوت والصورة والبعض الآخر بالصورة دون الصوت، والسبب في ذلك أن الصوت في تلك التسجيلات يُكذب ما تروج إليه تلك الفضائيات من مطالب الناس الحقيقية، ففي حمص مثلاً وفي تسجيل شاهدته وسمعته على إحدى المنتديات طالبوا بعودة الخلافة الإسلامية حلاً لمشاكلهم وكانت تلك في مسيرة ليلية، ولم تأت الجزيرة والتي تعودت على نقل مثل هذه التسجيلات على ذكره. وفي ثورة تونس لم تظهر الفضائيات أي مطلب إسلامي على الإطلاق مع أننا سمعنا ومن مواقع مختلفة بعض تلك المطالب من مثل «لا مفر لا مفر، الخلافة هي الحل» وفي غيرها من البلاد التي تشهد الثورات الآن والتي يوجد فيها من يقول بأن لا بد للإسلام من عودة والحل لهذه المعضلات لا يكون إلا بتطبيق الإسلام، وغيرها الكثير الكثير.<br /><br />نعم، لم تُظهر الفضائيات مثل ذلك استجابة لما تأمر به القوى المتسلطة، فالخوف من الإسلام السياسي الفاعل والمؤثر يؤدي بهؤلاء وأسيادهم إلى عدم التطرق إليه خشية من انتشاره.<br />هناك تصريحات أدلى بها كبار الساسة في العالم من أمثال هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية حذرت فيها بتاريخ 13/1/2011م الأنظمة العربية من السقوط في براثن السياسات الراكدة وخوَّفتها من خطر الزحف الإسلامي القادم لاجتياحها فقالت: «إن الذين يتمسكون بالوضع الراهن كما هو قد يتمكنون من الصمود أمام مجمل مشاكل بلدانهم لفترة قصيرة ولكن ليس للأبد، وأن آخرين سيملؤون إذا ما فشل القادة في إعطاء رؤية إيجابية للشباب وسبل حقيقية للمشاركة». وحذَّرت كلينتون قادة الدول العربية: «من التطرف الذي يمكن أن يملأ الفراغ». وللخروج من مأزق الركود والجمود دعت كلينتون في منتدى المستقبل في الدوحة إلى إشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في صناعة القرار، ووصفت المؤسسات القائمة في الدول العربية بأنها فاسدة وسياساتها بأنها راكدة. ودعت الحكام العرب «لمكافحة الفساد وضخ حياة جديدة في أنظمتهم السياسية الراكدة وإلا جازفوا بخسارة المستقبل لصالح المتشددين الإسلاميين» على حد قولها.<br /><br />ولقد تزامنت تلك التصريحات التحذيرية مع سقوط طاغية تونس زين العابدين بن علي من الحكم وفراره خارج البلاد، وهو ما يشير إلى خوف كلينتون على الحكام العرب من السقوط واجتياح الإسلاميين للسلطة في الدول العربية.<br />لكن تركيبة الأنظمة العربية الحاكمة لا تؤهلها للسير في مشاريع الإصلاح، خاصة بعد ما ثبت عجزها عن التغيير وإيجاد الحلول الجذرية للمشاكل المتفاقمة فيها. فهذه الأنظمة قد انتهى دورها وانتهى مفعولها وهي أنظمة من المؤكد أنها سوف تسقط قريباً ولن تجدي نصائح كلينتون لها نفعاً بالبقاء.<br />إن تخوف الأسياد من الإسلام السياسي الفاعل أدى بعملائهم إلى تغييب دوره وما يصدر عنه في الواقع، وإبراز دور الأشخاص المنادين بالديمقراطية والعلمانية والحرية.<br />وللإنصاف فإنهم يظهرون بعض المطالب لبعض الإسلاميين أفراداً وحركات، ولكن هؤلاء ممن ترضى عنهم دول الغرب تحت ذريعة أنهم ينتمون إلى ما يُسمى بالإسلام المعتدل.<br />من كل ما تقدم نخلص إلى أن الفضائيات تعمل جاهدة على التدخل في الثورات الحاصلة الآن، تعمل لتوجيهها نحو الهدف الذي يريده الغرب المتسلط على وسائل الإعلام المختلفة ومنها الفضائيات، وبالتالي فإنها تعمل وبكل جد على حرف هذه الثورات عن المطلب الأساس ألا وهو الإسلام، الإسلام الحق وليس إسلام مشايخ هذا الزمان، الإسلام الذي يريده رب العالمين، وليس الإسلام الذي تريده الدول المستعمرة التي صنفت الإسلام بالمعتدل والإرهابي وغيره من التصنيفات التعسفية.<br /><br />بقلم عماد أبو توفيق<br /></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-87420182168537480042011-11-11T18:02:00.000+03:002011-11-11T18:03:17.277+03:00ما الفرق بين الخلافة والملك؟<div dir="rtl" style="text-align: right;"><span style="font-size:130%;"><br /><br />ما الفرق بين الخلافة والملك؟ سؤال شغل بال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبينما هو في مجمع من الصحابة سأل سلمان رضي الله عنه: أملك أنا أم خليفة؟ قال له سلمان: إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة فاستعبر (بكى) عمر. ذكره ابن سعد في طبقاته.<br />وعن سفيان بن أبي العوجاء قال: قال عمر بن الخطاب: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك؟ فإن كنت ملكاً فهذا أمر عظيم، قال قائل: يا أمير المؤمنين ! إن بينهما فرقاً، قال ما هو؟ قال: الخليفة لا يأخذ إلا حقاً ولا يضعه إلا في حق، فأنت بحمد الله كذلك. والملك يعسف (يظلم) الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا، فسكت عمر. ذكره ابن سعد في طبقاته.<br /><br />وعن رجل من بني أسد أنه شهد عمر بن الخطاب سأل أصحابه وفيهم طلحة وسلمان والزبير وكعب فقال: إني سائلكم عن شيء فإياكم أن تكذبوني فتهلكوني وتهلكوا أنفسكم، أنشدكم بالله! أخليفة أنا أم ملك؟ فقال طلحة والزبير: إنك لتسألنا عن أمر ما نعرفه، ما ندري ما الخليفة من الملك، فقال سلمان يشهد بلحمه ودمه: إنك خليفة ولست بملك، فقال عمر إن تقل فقد كنت تدخل فتجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال سلمان: وذلك أنك تعدل في الرعية وتقسم بينهم بالسوية وتشفق عليهم شفقة الرجل على أهله وتقضي بكتاب الله، فقال كعب: ما كنت أحسب أن في المجلس أحداً يعرف الخليفة من الملك غيري ولكن الله ملأ سلمان حكماً وعلماً.<br /><br />وقد مايز بن خلدون بين الخلافة والملك في كتابه المقدمة ممايزة من دخل السياسة وعاش أحوالها وأهوالها وانقطع في آخر حياته للكتابة والتأليف حيث قال «لما كانت حقيقة الملك أنه الاجتماع الضروري للبشر، ومقتضاه التغلب والقهر، اللذان هما من آثار الغضب والحيوانية، كانت أحكام صاحبه في الغالب جائرة عن الحق، مجحفة بمن تحت يده من الخلق في أحوال دنياهم، لحمله إياهم في الغالب على ما ليس في طوقهم من أغراضه وشهواته» مقدمة ابن خلدون ص 177<br /><br />والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسية الدنيا به» مقدمة ابن خلدون ص 178<br /></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-73254760567452261722011-10-06T19:39:00.003+03:002011-10-06T19:45:53.045+03:00الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية (7)<span style="font-family:times new roman;font-size:130%;"><br />بسم الله الرحمن الرحيم<br /><br />الصيدلة والصناعة الطبية<br />الصَّيْدَلَةُ لَفْظٌ فارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ يَدُلُّ في الأصلِ على بيعِ العِطْرِ، واصطلاحًا يَدُلُّ على العلمِ الذي يختصُّ بتركيبِ وصرفِ الأدويةِ العلاجيةِ، والصَّيْدَلَةُ تربطُ علومَ الصحةِ بعلومِ الكيمياءِ، وهيَ تُعْنَى بسلامةِ ونجاعةِ الأدويةِ.<br />والصيدلةُ كالتطبيبِ خدمةٌ صحيةٌ يجوزُ للفردِ أنْ يَعْرِضَها للناسِ بشكلٍ خاصٍّ، كأنْ يقومَ بفتحِ صيدليةٍ ويصرفَ الدواءَ، أوْ يُنْشِئَ مصنعًا للدواءِ بقصدِ الربحِ. إلا أَنَّ كَوْنَ الصيدلةِ قدْ تُؤَدِّي إلى ضررٍ إنْ لمْ يَكُنِ المتعاطي لها منْ أهلِ العلمِ بفنونِها يجعلُها كالتطبيبِ بحاجةٍ إلى ترخيصٍ مِنَ الدولةِ لممارسَتِها، وذلكَ مَنْعًا للضررِ المترتبِ على مباشرةِ الجاهلِ لصُنْعِ الدواءِ وَصَرْفِهِ، وَفْقَ القاعدةِ «لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ»، وَمَنْ باشَرَ أعمالَ الصيدلةِ أوْ صَرَفَ دواءً دونَ إذنٍ وترخيصٍ فَأَضَرَّ بمريضٍ ضَمِنَ مقدارَ ضررِهِ وجنايتِهِ، وعوقِبَ تَعْزِيرًا مِنْ قِبَلِ الدولةِ سواءَ أَوَقَعَ الضررُ بالمريضِ أمْ لمْ يَقَعْ.<br /><br />وفوقَ ذلكَ فإنَّ على الدولةِ أنْ تُشْرِفَ على صُنْعِ الدواءِ وإنتاجِهِ مباشرَةً، لِما أخرجَهُ الحاكمُ في المستدركِ وقالَ: «صحيحُ الإسنادِ ولمْ يُخَرِّجَاهُ»، عنْ عبدِ الرحمنِ بنِ عثمانَ التيميِّ، قالَ: «ذَكَرَ طَبِيبٌ الدَّوَاءَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَذَكَرَ الضِّفْدَعَ يَكُونُ في الدَّوَاءِ، فَنَهَى النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ قَتْلِهِ»، وَأَخرجَ البيهقيُّ وأَبو داودَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: «سَأَلَ طَبِيبٌ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِى دَوَاءٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ قَتْلِهَا»، صحَّحَهُ الألبانيُّ. ووجهُ الاستدلالِ بهذا الحديثِ أنهُ يَدُّلُّ بدلالةِ الإشارةِ على أنَّ الدولةَ تُشْرِفُ على إنتاجِ الأدويةِ، إذِ الحديثُ سيقَ لبيانِ النَّهْيِ عنْ قتلِ الضفدعِ، لكنهُ يفيدُ أيضًا بدلالةِ الإشارةِ أنَّ الدولةَ لها أنْ تمنَعَ صناعةَ نوعٍ ما مِنَ الأدويةِ.<br /><br />وعملاً بالأدلَّةِ القاضيَةِ بأنَّ التطبيبَ واجبٌ على الدولةِ مجانًا لرعيتِها، وكَوْنَ الإمامِ راعيًا وهوَ مسؤولٌ عنْ رعيتِهِ، فإنَّ الدولةَ تُوَفِّرُ الدواءَ للمرضى، إما بشرائِهِ مِنْ مصانِعِ الدواءِ وشركاتِهِ في الدولةِ أوْ في الخارِجِ، وإمَّا بإنشاءِ مصانعَ للدواءِ تملِكُها الدولةُ وتنتجُ الأدويةَ المطلوبةَ. وتُشَكَّلُ لجنةٌ مِنَ الأطباءِ والصيادلةِ تُحَدِّدُ الأدويةَ التي على الدولةِ أنْ تُوَفِّرَهَا مجانًا، وهيَ الأدويةُ التي يُسَبِّبُ عدمُ توفيرِها للمريضِ ضررًا بصحتِهِ، دونَ الأدويةِ والمستحضراتِ الكماليةِ. كمَا تُحدِّدُ هذهِ اللجنةُ الأدويةَ التي لا تُصْرَفُ إلا بِوصفَةٍ منَ الطبيبِ، والأدويةَ التي يستطيعُ الصيدليُّ صَرْفَها دونَ وصفةٍ منَ الطبيبِ، وكلُّ هذا منْ رعايَةِ الإمامِ لرعيتِهِ وهيَ واجبةٌ عليهِ.<br /><br />ولأنَّ الدواءَ حاجةٌ حيويةٌ قدْ يُؤَدِّي نقصُها أوْ فقدانُها إلى ضررٍ على الفردِ والجماعةِ، فإنَّ الدولةَ تبذلُ قُصارَى جهدِها في تحقيقِ الاكتفاءِ الذاتيِّ في صُنْعِ الدواءِ، حتى لا تحتاجَ إلى استيرادِ الدواءِ وبالتالي تتعرضُ لابتزازِ الدولِ الكافرةِ أوْ ضغوطِها السياسيةِ، قالَ سبحانه وتعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء 141]. وإذا استوردَ الأفرادُ أوِ الدولةُ الدواءَ منْ دولٍ أخرى فلا بُدَّ أنْ يُخْضَعَ الدواءُ المستوردُ للفحوصِ والتحليلِ على يَدِ الصيادلةِ والكيميائيينَ في الدولةِ الإسلاميةِ قَبْلَ أنْ يُصْدَرَ ترخيصٌ منْ مصلحةِ الصحةِ بجوازِ استيرادِهِ، خصوصًا وأنَّ شركاتِ الأدويةِ العالميةِ لمْ تتورعْ في السابقِ عنْ بيعِ شحناتٍ منَ الدواءِ الفاسدِ للمسلمينَ، كشحناتِ الدمِ المُلَوَّثِ بالإيدز، الذي ارسلتهُ شركاتُ الأدويةِ الفرنسيةِ مطلعَ ثمانيناتِ القرنِ الماضي إلى العراقِ وليبيا وتونسَ والجزائرِ. وصحيحٌ أنَّ دليلَ البيعِ والتجارةِ عامٌّ لقولِهِ سبحانه وتعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة 275]، إلا أنَّ القاعدةَ الشرعيةَ تقضِي بأنَّ الشيءَ المباحَ إذا كانَ فردٌ منْ أفرادِهِ يُؤَدِّي إلى ضررٍ، يُمْنَعُ ذلكَ الفردُ ويبقى ذلكَ الشيءُ مباحًا، وهذهِ القاعدةُ اسْتُنْبِطَتْ منْ منعِ الرسولِ (صلى الله عليه وآله وسلم) الجيشَ أنْ يشربَ منْ بئرِ ثمودَ وهوَ في طريقهِ إلى تبوكَ، ذَكَرَهُ ابنُ هشامٍ في سيرتِهِ وَقالَ عنهُ الهيثميُّ في مجمعِ الزوائدِ إِنَّهُ مُرْسَلٌ صحيحُ الإسنادِ.<br /><br />ونشيرُ هنا إلى أَنَّ المصانعَ في الدولةِ الإسلاميةِ ومنْها مصانعُ الدواءِ تقومُ على أساسِ الصناعةِ الحربيةِ، ولذلكَ تكونُ مصانعُ الدواءِ (سواءً التابعةُ للأفرادِ أمْ الدولةِ) مُعَدَّةً وقابلةً دائمًا لمتطلبات الصناعة الحربية والمُضَادَاتِ الحيويةِ والتطعيماتِ ضِدَّ الأسلحةِ البيولوجيةِ على أوسعِ نطاقٍ مُمْكِنٍ وفي أسرعِ وقتٍ.<br />الْكَوَارِثُ وَالْحَالاَتُ الاسْتِثْنَائِيَّةُ<br /><br />تعتبرُ الكوارثُ الطبيعيةُ مِنْ براكينَ وزلازلَ وأعاصيرَ وفيضاناتٍ، والكوارثُ الحربيةُ مِنَ الهجومِ بأسلحةِ الدَّمَارِ الشاملِ مِنْ أسلحةٍ بيولوجيةٍ وكيماويةٍ ونوويةٍ، حالاتٍ استثنائيةٍ تَتَطَلَّبُ التحضيرَ والتهيئةَ المُسْبَقَةَ لمحاولةِ منعِها والتقليلِ منْ تأثيرِها أوِ للتعامُلِ معَ آثارِها بسُرعةٍ وفعاليَّةٍ.<br /><br />ومنْ مُنطلقِ رعايةِ الشؤونِ الواجبةِ على الخليفةِ تجاهَ رعيتهِ كما روى الإمامُ مسلمٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهما) عَنْ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَنَّهُ قَالَ: "الأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، ومنعًا أوْ إِزالةً للضررِ المُتَرَتِّبِ على مثلِ هذهِ الكوارثِ الطبيعيةِ والحربيةِ، لما رواهُ ابنُ ماجةَ في سُنَنِهِ بسندٍ صحيحٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ (رضي الله عنه): "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَضَى أَنْ لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ»، وإغاثَةً للمنكوبينَ والملهوفينَ ممنِ ابْتُلُوا بهذهِ الكوارثِ منَ الرعيةِ حيثُ روى الطبرانيُّ في المعجمِ الكبيرِ بإسنادٍ جيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): "إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخُونُهُ، وَلا يُسْلِمُهُ فِي مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِ»، فَإِنَّ الدولةَ الإسلاميةَ مسؤولةٌ عَنِ الإعدادِ الوقائيِّ ضِدَّ هذهِ الكوارثِ، وعنِ التهيئةِ المسبقةِ لمواجهةِ هذهِ الكوارثِ حالَ وقوعِها، وعنْ إعادةِ بناءِ ودعمِ المناطِقِ المنكوبةِ بعدَ الكوارثِ.<br /><br />غيرَ أنَّ كَوْنَ الدولةِ الإسلاميةِ هيَ المسؤولُ الأولُ عنْ علاجِ آثارِ مثلِ هذهِ الكوارثِ لا يعني أنَّ المسلمينَ كأفرادٍ مُعْفَوْنَ مِنَ المساعدةِ والمساهمةِ في جهودِ التَّصَدِّي للكوارثِ، لأنَّ أدلةَ إزالةِ الضَّرَرِ وأدلَةَ وجوبِ إغاثَةِ الملهوفِ والمُصَابِ أدلةٌ عامَّةٌ، تشملُ الدولةَ والأفرادِ، كقولِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ»، رواهُ أبو داودَ بسندٍ حَسَّنَهُ الألبانيُّ. وقولِهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): "إِنَّ الْمُسْلِمَ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخُونُهُ، وَلا يُسْلِمُهُ فِي مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِ»، أَخْرَجَهُ الطبرانيُّ في الكبيرِ وقالَ الهيثميُّ: «إسنادُهُ جَيِّدٌ». وقولِهِ عليهِ وآلهِ الصلاةُ والسلامُ وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»، رواهُ البخاريُّ. كلُّ هذهِ الأدلةِ عامةٌ توجِبُ إغاثَةَ الملهوفِ على أفرادِ المسلمينَ كما توجِبُها على الدولةِ، ولذلكَ فإنَّ الدولةَ تُجنِّدُ وتستعينُ بكلِّ منْ يلزَمُ مِنَ الرعيةِ المسلمينَ في مجهودِ الإغاثَةِ حالَ وقوعِها، وتهتمُّ بتنظيمِهِمْ للاستفادَةِ القصوى مِنْ مجهودِهِمْ وحمايَتِهِمْ حالَ عَمَلِهِمُ الإغاثِيِّ والتنسيقِ بينَهُمْ وبينَ الكوادِرِ الرسميةِ المختصَّةِ، كما وأنَّ للدولةِ الإسلاميةِ أنْ تفرِضَ الضريبةَ على أغنياءِ المسلمينَ بما يَفْضُلُ عَنْ حاجاتهمْ بالمعروفِ للإنفاقِ على المجهودِ الإغاثيِّ إذا لمْ تكفِ الأموالُ في بيتِ المالِ لذلكَ.<br /><br />ولأنَّ الكوارثَ قدْ تختلفُ تبعًا للمناطقِ المختلفةِ في الدولةِ الإسلاميةِ، فبعضُ المناطقِ يكونُ مُعَرَّضًا للزلازلِ بينَما يُعاني البعضُ الآخرُ منَ الفيضاناتِ أوِ الأعاصيرِ، فإنَّ الدولةَ الإسلاميةَ تُعَيِّنُ لجنةً مِنَ المختصينَ في كلِّ ولايةٍ وظيفتُها الإعدادُ لمواجهةِ الكوارثِ الطبيعيةِ والحربيةِ في الولايةِ، ويكونُ عملُها على أربعةِ أصعدَةٍ:<br />1) العملُ المُسْبَقُ للحدِّ منْ وقعِ الكوارثِ ونتائِجِها: تحاولُ هذِهِ اللجانُ منعَ تفاقُمِ المخاطِرِ وَتَحَوُّلِها إلى كوارثَ، أوْ تخفيفِ تأثيرِ الكوارثِ حالَ حدوثِها، عنْ طريقِ إجراءاتٍ ووسائلَ استباقيةٍ هيكليةٍ كإنشاءِ السُّدُودِ وشبكاتِ الصرفِ لمنعِ الفيضاناتِ، وبناءِ المساكِنِ مُرْتَفِعَةً على أعمدةٍ في المناطقِ المعرضةِ للفيضاناتِ، أوْ إنشاءِ أقْبِيَةٍ وملاجِئَ تحتَ الأرضِ في المناطِقِ المعرضةِ للأعاصيرِ والعواصفِ أوِ القصفِ. وكذلكَ عنْ طريقِ إجراءاتٍ استباقيةٍ غيرِ هيكليةٍ كبعضِ القوانينِ التي يَتَبَنَّاهَا الخليفةُ وَيُلْزِمُ الرعيةَ بِها، مثلَ وَضْعِ صَمَّامَاتِ أمانٍ لأنابيبِ الغازِ والنفطِ لإغلاقِها في حالِ حُصولِ الزلازلِ، أوْ حمايَةِ بعضِ الأراضي لاستعمالِها كحاجِزٍ وفاصِلٍ في وجْهِ الفيضاناتِ أوِ انبعاثاتِ البراكينِ، أوْ برامجِ إرشادِ الرعيةِ لكيفيةِ التصرُّفِ الصحيحِ حالَ حُصولِ الكوارثِ. هذهِ الإجراءاتُ (الهيكليةُ وغيرُ الهيكليةِ) تُعْتَبَرُ مِنَ الوقايةِ، وَهِيَ منْ أنجعِ الوسائلِ لمنعِ الكوارثِ أوِ التخفيفِ منْ حِدَّتِها.<br /><br />2) وَضْعُ خُطَطِ العَمَلِ للكَوارِثِ: تضعُ لجانُ مواجهةِ الكوارثِ خُطَطًا مُسْبَقَةً لمواجهةِ الكوارثِ، ومنْ هذهِ الخططِ تدريبُ وتهيئةُ طواقمِ الإغاثةِ المختلفةِ منْ قواتٍ خاصةٍ وقواتِ الشرطةِ والجيشِ لمواجهةِ آثارِ الكوارِثِ، وَمِنْهَا وَضْعُ وسائلِ اتصالٍ ولُغَةٍ مشتركةٍ سهلةٍ وبسيطةٍ لطواقمِ الإغاثةِ لمنعِ البَلْبَلَةِ، وَمِنْهَا تطويرُ وسائلِ إنذارٍ مُبَكِّرٍ وخُطَطِ إخلاءٍ مُبَكِّرٍ وَمَآوٍ بديلةٍ لساعاتِ الكوارثِ، وَمِنْهَا خُطَطٌ لتأمينِ وتوصيلِ المؤَنِ والموادِّ الغذائيةِ والمعداتِ للمنكوبينَ، وَمِنْهَا أَيْضًا برامجُ تدريبٍ لطواقمٍ منَ الرعيةِ لمساعدةِ قواتِ الإغاثةِ التي لا تكونُ كافيةً وقتَ الكارثةِ عادَةً. وهذهِ الخططُ تُعدُّ لمعالجةِ آثارِ الكارثةِ الطبيعيةِ أوِ الحربيةِ حالَ حصولهِا على عكسِ الإجراءاتِ الوقائيةِ في البندِ السابقِ.<br /><br />3) التعاملُ مَعَ الكارثَةِ: لمواجهةِ الكارثةِ حالَ حصولِها تقومُ هذِهِ اللجانُ بإدارَةِ المجهودِ الإغاثيِّ بتوجيهِ ونقلِ طواقمِ ومعدَّاتِ الإغاثةِ الأوليَّةِ إلى المناطقِ المنكوبةِ، ومنْ ثمَّ مواصلةِ دعمِ هذهِ الطواقمِ الأوليةِ وتزويدها بالطواقمِ الثانويةِ والمتطوعينَ. وتوضَعُ قواتُ الشرطةِ وقواتٌ منَ الجيشِ تحتَ تصرُّفِ اللجانِ في حالةِ كَوْنِ الكارثةِ طبيعيةً أو حربيةً لكنَّ الحربَ انتهتْ أوْ تَوَقَفَتْ ولا خوفَ مِنَ الهجومِ على الدولةِ، أما إنْ كانتِ الكارثةُ حربيةً والحربُ ما زالتْ جاريةً فالأولويةُ لقواتِ الجيشِ هيَ في صدِّ العدوِّ والمجهودِ الحربيِّ لا الإغاثِيِّ.<br />ومنَ المهمِّ أنْ تهتَمَّ اللجانُ خلالَ المجهودِ الأوليِّ المتمثلِ بالبحثِ عنِ الضحايا وإنقاذِهِمْ، بتزويدِ المناطِقِ المنكوبَةِ بالاحتياجاتِ الإنسانيَّةِ الأساسيَّةِ بعدَ زوالِ إعصارٍ مَثَلاً، أوْ نقلِ السُّكانِ إلى مناطِقَ آمنَةٍ أخرى بعدَ تفجُّرِ بركانٍ وبقائِهِ نَشِطًا، ولذلكَ تتحدَّدُ خُطَةُ العملِ بالتزويدِ أوِ الإخلاءِ وَفْقَ طبيعةِ الكارثةِ ومدى الخطرِ المُتَمَثِّلِ في بقاءِ السُّكانِ في المناطقِ المنكوبةِ.<br /><br />4) إصلاحُ نتائِجِ الكارثَةِ: تقومُ اللجانُ بعدَ الكوارثِ بوضْعِ خُططٍ للتعامُلِ معَ نتائِجِ الكارثَةِ بعدَ جُهودِ الإغاثَةِ الأوليَّةِ لإعادَةِ وضعِ المناطقِ المنكوبَةِ إلى ما كانتْ عليْهِ قبلَ الكارثَةِ معَ الاستفادةِ منَ الأخطاءِ السابقَةِ في الإجراءاتِ الهيكليَّةِ وغيرِ الهيكليَّةِ والتَحَرُّزِ مِنْها. وتشملُ الجهودُ في هذهِ المرحلةِ إعادَةَ إصلاحِ البُنى التحتيةِ والمباني المتضرِّرَةِ، وإعادَةَ تأهيلِ المناطقِ المنكوبةِ وتعميرَها.<br /><br />ولا يَعْني إنشاءُ لجنةٍ لمواجهةِ الكوارثِ في كلِّ ولايةٍ أنَّ باقي الولاياتِ لا تُشارِكُ في المجهودِ الإغاثيِّ، بلْ إنَّ كلَّ هذِهِ اللجانِ تكونُ مرتبطةً وتعملُ معًا بالتنسيقِ لمواجهةِ الكارثةِ أينَمَا كانتْ، على أَنَّ إدارةَ العملياتِ الإغاثيةِ تكونُ منْ قِبَلِ اللجنةِ في الولايةِ المنكوبةِ، وتكونُ مواردُ باقي اللجانِ تحتَ تَصَرُّفِهَا. ورسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقولُ: «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْو تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، رواهُ البخاريُّ. ويقولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضًا: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»، رَوَاهُ البخاريُّ. كَما أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ (رضي الله عنه) أَمَدَّ الأَعْرَابَ في عامِ الرَّمَادَةِ بالإبلِ والقمحِ والزيتِ مِنْ كُلِّ أَرْيَافِ المسلمينَ، حَتى بَلَحَتِ الأَرْيافُ كُلُّها (أَيْ أَجْهَدَتْ وَتَعِبَتْ وَلَمْ تُنْبِتْ شَيْئًا) مِمَا جَهَدَهَا ذلكَ، رَوَى ذلِكَ البُخارِيُّ في الأدبِ المفردِ وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ. وكانَ عامُ الرَّمَادَةِ عامَ قَحْطٍ وَجُوعٍ، سُمِّيَ بذلكَ لأَنَّ الأَرْضَ اسْوَدَّتْ مِنْ قِلَّةِ المطرِ حتى عادَ لَوْنُها شَبِيهًا بِالرَّمادِ، أَو لأنَّ الريحَ كانَتْ تَسْفِي تُرَابًا كَالرَّمَادِ، حتى بَلَغَ عَدَدُ الأَعْرَابِ الذينَ وَفَدُوا إلى المدينةِ طَلَبًا للقوتِ أكثَرَ منْ خمسينَ ألفًا، وَذَكَرَ ابنُ كثيرٍ في البدايةِ والنهايةِ: "كَتَبَ عُمَرُ (رضي الله عنه) إلى أَبي مُوسى (رضي الله عنه) بالبصرةِ أَنْ يا غَوْثَاهُ لأُمَّةِ محمدٍ، وكتبَ إلى عمرو بنِ العاصِ (رضي الله عنه) بمصرَ أنْ يا غَوْثَاهُ لأُمَّةِ محمدٍ، فبعثَ إليهِ كلُّ واحدٍ منهُما بقافلةٍ عظيمةٍ تحملُ البُرَّ وسائرَ الأُطْعِمَاتِ، وَوَصَلَتْ ميرةُ عمرو (رضي الله عنه) في البحرِ إلى جدَّةَ ومنْ جدَّةَ إلى مكَّةَ". وقالَ ابنُ كثيرٍ إِنَّ هذا الأَثَرَ جيدُ الإسنادِ، وَكَذلِكَ فَعَلَ عُمَرُ (رضي الله عنه) مَعَ سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ (رضي الله عنه) في العِرَاقِ وَمُعاوِيَةَ في الشَّامِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ في الطَّبَقَاتِ.<br /><br />أما فِرَقُ المنظماتِ الدوليةِ وفرقُ الإنقاذِ والإغاثةِ التابعةِ للدولِ الكافرةِ فتُمْنَعُ منْ دُخولِ البلادِ بِحُجَّةِ المساعدةِ في المجهودِ الإغاثيِّ، لأنَّ مثلَ هذهِ المنظماتِ المُسْتَتِرَةِ تحتَ شعاراتِ الإنسانيَّةِ وإغاثَةِ المنكوبينَ عادَةً ما تستغلُّ الكوارثَ لدخولِ البلادِ والعملِ التبشيريِّ كمحاولاتِ التَنْصِيرِ التي حَصَلَتْ بعدَ التسُونَامِي الذي ضَرَبَ إندونِيسْيَا، أوْ لِخَطْفِ الأطفالِ كما حَصَلَ معَ المنظمةِ الفرنسيةِ التي حاولَتْ اختِطافَ الأطفالِ التشادِيِينَ، أوْ للعملِ السياسيِّ أوْ الاستخباراتيِّ ودعمِ جماعاتِ المتمردينَ وإثارةِ الفِتَنِ كما حصلَ في دارفورَ في السودانِ. فَضَرَرُ هذهِ المنظماتِ قَطْعًا أعظمُ منْ نَفْعِهَا، بلْ إنَّ دخولَها لدارِ الإسلامِ ولوْ بِحُجَّةِ الإغاثَةِ يُمَهِّدُ لِزَرْعِ الفتنِ وَجَعْلِ سُلْطَانٍ لدولِ الكفرِ على الدولةِ الإسلاميةِ، واللهُ سبحانه وتعالى يأمرُنا بألاَّ نجعلَ للكافرينَ على المؤمنينَ سبيلاً: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء 141]. والمساعداتُ الخارجيةُ منْ أموالٍ ومواردَ تُمْنَعُ كذلكَ منْ دُخولِ الدولةِ لأنَّها عادةً ما تكونُ وسيلةً لتهريبِ السلاحِ أوْ لتمهيدِ الطريقِ نحوَ إنشاءِ مصالِحَ لدولِ الكفرِ داخلَ البلادِ.<br /><br />وفي المقابلِ، إذا كانتْ الكارثةُ في دولةٍ منْ دولِ الكفرِ، فإنَّ للدولةِ الإسلاميةِ أنْ تساعدَ في الأعمالِ الإغاثيَّةِ بإرسالِ الطواقمِ المُخْتَصَّةِ أوِ المساعداتِ، وَفْقَ ما يراهُ الخليفةُ منْ مصلحةٍ للدولةِ وللدعوةِ إلى الإسلامِ، على أنْ لا تُؤَدِّي هذهِ المساعداتُ إلى تقويةِ الدولةِ المنكوبةِ عسكريًّا.<br /><br />وقدِ استجابَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لاستغاثَةِ قريشٍ، وَكَتَبَ إلى ثُمَامَةَ بْن أُثَالٍ الْحَنَفِيّ بأنْ يَسْمَحَ للميرةِ بالوصولِ إلى قريشٍ وهيَ على الكفرِ وَعداءِ الإسلامِ آنذاكَ، وَذَكَرَ ابنُ هشامٍ ذلكَ في سيرَتِهِ فقالَ: "خَرَجَ (أي ثُمَامَةَ) إلَى الْيَمَامَةِ، فَمَنَعَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا إلَى مَكّةَ شَيْئًا، فَكَتَبُوا إلَى رَسُولِ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّك تَأْمُرُ بِصِلَةِ الرّحِمِ وَإِنّك قَدْ قَطَعْت أَرْحَامَنَا، وَقَدْ قَتَلْت الآبَاءَ بِالسّيْفِ وَالأَبْنَاءَ بِالْجَوْعِ، فَكَتَبَ رَسُولُ اللّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلَيْهِ أَنْ يُخَلّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَمْلِ".<br /><br />الخَاتِمَةُ<br />تَناوَلْنا في هذهِ الصفحاتِ أُسُسَ وأهدافَ وبعضَ نواحي الرعايةِ الصحيةِ في الدولةِ الإسلاميةِ مُنْبَثِقَةً أَحْكامُها وَمَبْنِيَةً أفكارُها على أساسِ العقيدةِ الإسلاميةِ. وتبرزُ أهميةُ مثلِ هذهِ الرعايةِ الصحيةِ وَأَثَرُها حينَ نتذكرُ أَنَّهُ في هذا الزَّمانِ الذي يُدَّعَى أَنَّهُ يَشْهَدُ تَقَدُّمًا علميًّا وطبيًّا لا مثيلَ لهُ، نتذكرُ أَنَّ حوالي 2.6 مليارَ شخصٍ في العالمِ هُمْ أكثرُ منْ ثُلْثِ سكانِهِ ومنهمْ 980 مليونَ طفلٍ، يفتقرونَ إلى أبسطِ مرافقِ المياهِ والصرفِ الصحيِّ، ويموتُ يوميًّا 35 ألفَ طفلٍ بسببِ الجوعِ والمرضِ، ويقضِي خُمْسُ سكانِ البلدانِ الناميةِ بقيةَ اليومِ وهمْ يَتَضَوَّرُونَ جوعًا.<br /><br />نتذكرُ أنَّ 100 مليونَ شخصٍ حولَ العالمِ لا مأوى لهمْ، ومليارَ شخصٍ (ما يقربُ منْ 17% منْ سكانِ الأرضِ) يعيشونَ في بيوتٍ مؤقتةٍ غيرِ آمنةٍ تفتقدُ الخدماتِ الأساسيَّةِ. نتذكرُ أنَّ ما يقربُ منْ ثلاثة آلاف مليونَ شخصٍ يعيشونَ تحتَ ما يُسَمَّى بخطِّ الفقرِ وهوَ دولارانِ أميركيانِ في اليومِ، ومنْ بينِ هؤلاءِ هنالكَ 1.2 مليارَ إنسانٍ يحصلونَ على أقلِ منْ دولارٍ واحدٍ يوميًّا. نتذكرُ أنَّ خُمْسَ سكانِ العالمِ يفتقرونَ لأبسطِ الخدماتِ الصحيةِ الاعتياديةِ. نتذكرُ كُلَّ هذا ونتذكرُ أَنَّنَا نتحدثُ عنْ أَدْنَى مقوماتِ الحياةِ، سَلَبَتْها الرأسماليةُ منْ أكثرِ البشرِ على الأرضِ، وأَبدلتْهُمْ بِها البؤسَ والشقاءَ بمفاهيمِها.<br /><br />إِنَّ مفهومَ الرعايةِ أوسعُ منْ أَنْ يُحْصَرَ بالصحةِ، والإسلامُ حَدَّدَ حاجاتِ الإنسانِ الأساسيةَ، وَضَمِنَ إِشباعَها إشباعًا كاملاً بنظامٍ رَبَّانِيٍّ منْ لَدُنِ حَكيمٍ خبيرٍ، رؤوفٍ رحيمٍ. فَقَدْ رَوَى الإمامُ أحمدُ في مُسْنَدِهِ عنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ: "كُلُّ شَيْءٍ سِوَى ظِلِّ بَيْتٍ وَجِلْفِ الْخُبْزِ وَثَوْبٍ يُوَارِي عَوْرَتَهُ وَالْمَاءِ، فَمَا فَضَلَ عَنْ هَذَا فَلَيْسَ لابْنِ آدَمَ فِيهِ حَقٌّ»، صَحَّحَهُ أَحْمَدُ شاكِر وأخرجهُ الحاكمُ في المستدركِ وصَحَّحَهُ ووافَقَهُ الذَّهَبِيُّ. وروى الإمامُ أحمدُ عَنْ أَبِي عَسِيبٍ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لَيْلاً فَمَرَّ بِي، فَدَعَانِي إِلَيْهِ، فَخَرَجْتُ، ثُمَّ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ (رضي الله عنه) فَدَعَاهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، ثُمَّ مَرَّ بِعُمَرَ (رضي الله عنه) فَدَعَاهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا لِبَعْضِ الأَنْصَارِ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ: "أَطْعِمْنَا بُسْرًا». فَجَاءَ بِعِذْقٍ فَوَضَعَهُ، فَأَكَلَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَأَصْحَابُهُ (رضي الله عنهم)، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ بَارِدٍ فَشَرِبَ، فَقَالَ: "لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». قَالَ: فَأَخَذَ عُمَرُ (رضي الله عنه) الْعِذْقَ فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ حَتَّى تَنَاثَرَ الْبُسْرُ قِبَلَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) ثُمَّ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَئِنَّا لَمَسْؤُولُونَ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟"، قَالَ: "نَعَمْ، إِلا مِنْ ثَلاثٍ: خِرْقَةٍ كَفَّ بِهَا الرَّجُلُ عَوْرَتَهُ، أَوْ كِسْرَةٍ سَدَّ بِهَا جَوْعَتَهُ، أَوْ حَجَرٍ يَتَدَخَّلُ فِيهِ مِنْ الْحَرِّ وَالْقُرِّ»، صَحَّحَهُ حَمْزَةُ أَحْمَدُ الزَّيْنُ. والحديثانِ نصٌّ شَرْعِيٌّ في أَنَّ الحاجاتِ الأساسيةَ هيَ المأكلُ والملبسُ والمسكنُ، ولا يستطيعُ أيُّ إنسانٍ الاستغناءَ عنْ واحدةٍ مِنْها، ولذلكَ كانَ إِشباعُها حقًّا لِكُلِّ إنسانٍ يأخذُهُ بوصفِهِ حقاً منْ حقوقِهِ التي يجبُ أنْ يَصِلَ إليْها.<br /><br />وكما أن هناك حاجات أساسية للأفراد، فإن هناك حاجات أساسية للرعية، يجب على الدولة توفيرها:<br />الأمن والصحة والتعليم.<br />أما الأمن فهو من واجبات الدولة الرئيسة، فعليها أن توفر الأمن والأمان للرعية، حتى إن الدولة تفقد كينونتها إذا لم تستطع حفظ أمنها، ولذلك فإنه شرط في دار الإسلام أن تكون الدولة الإسلامية قادرة على حفظ أمنها بقواتها، ولهذا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أخبر المسلمين بدار هجرتهم ذكر الأمن أول ما ذكر، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه في مكة فيما رواه ابن اسحق في سيرته: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لَكُمْ إِخْوَاناً وَدَاراً تَأْمَنُونَ بِهَا»، كما أن الأنصار عندما استقبلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصاحبه أبا بكر، قالوا لهما أول ما قالوا، كما رواه أحمد بإسناد صحيح عن أنس «فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءُ خَمْسِمائةٍ مِنَ الأَنْصَارِ حتى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا. فقالت الأنصارُ: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ»، فتوفير الدولة الأمان للرعية هو من واجباتها الرئيسة.<br /><br />أما الصحة والتطبيب فإنهما من الواجبات على الدولة بأن توفرهما للرعية، حيث إن العيادات والمستشفيات، مرافق يرتفق بها المسلمون، في الاستشفاء والتداوي. فصار الطب من حيث هو من المصالح والمرافق. والمصالح والمرافق يجب على الدولة أن تقوم بها لأنها مما يجب عليها رعايته عملاً بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر. وهذا نص عام على مسؤولية الدولة عن الصحة والتطبيب لدخولهما في الرعاية الواجبة على الدولة. وهناك أدلة خاصة على الصحة والتطبيب:<br />أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أبي بن كعب طبيباً فقطع منه عرقاً ثم كواه عليه».<br />وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «مرضت في زمان عمر بن الخطاب مرضاً شديداً، فدعا لي عمر طبيباً فحماني حتى كنت أمص النواة من شدة الحمية».<br />فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بوصفه حاكماً بعث طبيباً إلى أبيّ، وعمر (رضي الله عنه) الخليفة الراشد الثاني دعا بطبيب إلى أسلم ليداويه، وهما دليلان على أن الصحة والتطبيب من الحاجات الأساسية للرعية التي يجب على الدولة توفيرها مجاناً لمن يحتاجها من الرعية.<br /><br />وأما التعليم، فلأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل فداء الأسير من الكفّار تعليم عشرة من أبناء المسلمين، وبدل فدائه من الغنائم، وهي ملك لجميع المسلمين... ولإجماع الصحابة على إعطاء رزق المعلمين قدراً معيناً من بيت المال أجراً لهم.<br /><br />وعليه فإنه يجب على الدولة أن توفر الأمن والطب والتعليم للرعية جميعهم، وأن يضمنها بيت المال، لا فرق بين مسلم وذمي، ولا بين غني وفقير...<br />ولأهمية الحاجات الأساسية للفرد وللأمة فقد بيَّن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن توفير هذه الحاجات يكون كحيازة الدنيا بأكملها كناية عن أهمية هذه الحاجات، فقد أخرج الترمذي وابن ماجة من طريق سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ وكانت له صحبة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.<br />وفي الختام نقول إننا قدْ طَرَقْنا هذا البابَ فقط مِنْ زاويةِ الحاجاتِ الأساسيةِ للأفراد، والحاجات الأساسية للأمة التي ضَمِنَ الإسلامُ إِشْباعَها، دونَ الحديثِ عنْ إِحسانِ الرعايةِ والقيامِ على مصالحِ الناسِ بما يُصْلِحُها، الأَمْرُ الذي أَوْجَبَهُ الإسلامُ على الإمامِ، والشافعيُّ: يقولُ: «منزلةُ الإمامِ مِنَ الرعيةِ منزلةُ الوَلِيِّ مِنَ اليتيمِ».<br /><br />أَمَّا الرأسماليةُ، فقدْ حَرَمَتِ الناسَ الخرقةَ والكسرةَ وهدمتِ الحجرَ، وَأَوْرَثَتْهُم السقمَ والجهلَ والخوفَ، وَمَحَتْ مفهومَ رعايةِ الشؤونِ منَ الأذهانِ. إِنَّ ذِكْرَ الرأسماليةِ يورثُ المرضَ، ويُسقمُ النفوسَ الزكيةَ المتطلعةَ إلى رضى الرحمنِ، وما لمْ يُجْتَثَّ هذا المرضُ منْ جَسَدِ الإنسانيةِ، بقيتْ تَصْطَلِي بنارِهِ وَشَقْواهُ.<br />فإلى عفوٍ منَ اللهِ وعافيةٍ ندعوكُمْ أيُّها المسلمونَ، إلى علاجِ النفوسِ والقلوبِ وإخراجِ الناسِ منَ الظلماتِ إلى النورِ ندعوكُمْ، إِلى العملِ لاستئنافِ حياةٍ إسلاميةٍ، على منهاجِ النُّبوةِ الخاتمةِ، إلى الرُّشدِ والصلاحِ ندعوكمْ، فَهَلْ تُلَبُّونَ؟<br />(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال 24]. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.<br />[انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات].<br /><br />المصدر: مجلة الوعي<br /></span>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-83032904195050986462011-10-06T19:06:00.002+03:002011-10-06T19:39:23.595+03:00الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية (6)<span style="font-family: times new roman;font-size:130%;" ><br />بسم الله الرحمن الرحيم<br /><br />القطاع العام والقطاع الخاص<br /><br />تكونُ الرعايةُ الصحيةُ في الدولةِ الإسلاميةِ مجانيةً وشاملةً منْ قِبَلِ الدولةِ، وعلى الدولةِ أنْ تُوَفِّرَ كلَّ ما يلزمُ منْ معدَّاتٍ وخدماتٍ صحيةٍ للمرضى، مما يُشَكِّلُ عَدَمُ توفيرِهِ لهمْ ضررًا عليهِمْ. ولكنْ لا يُمْنَعُ الأفرادُ أوِ الشركاتُ في الدولةِ الإسلاميةِ منْ تقديمِ الخدماتِ الصحيةِ الخاصةِ، أوْ فَتْحِ العياداتِ والمستشفياتِ الخاصةِ، ولا يُمنعُ أَحَدٌ مِنَ الرعيةِ منَ التداوي في القطاعِ الخاصِّ، والدليلُ على ذلكَ ما رواهُ البخاريُّ عنْ أنسٍ (رضي الله عنه) قال: «دَعَا النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) غُلامًا حَجَّامًا فَحَجَمَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ أَوْ صَاعَيْنِ، أَوْ مُدٍّ أَوْ مُدَّيْنِ، وَكَلَّمَ فِيهِ فَخُفِّفَ مِنْ ضَرِيبَتِهِ». فالغلامُ هنا قامَ بالحجامةِ وقبضَ أجرهُ منَ الرسولِ (صلى الله عليه وآله وسلم).<br /><br />ويُشْتَرَطُ في مَنْ يُقَدِّمُ الرعايةَ الصحيةَ منَ القطاعِ الخاصِّ، سواءَ أكانَ فردًا أم شركةً، أَنْ يلتزمَ بقوانينِ الدولةِ ورقابَتِها، وَيُشترطُ أيضًا أنْ يكونَ مَنْ يُقَدِّمُ أيًّا مِنَ الخدماتِ الصحيةِ مُؤَهَلاً لذلكَ، سواءَ أَعَمِلَ في القطاعِ الخاصِّ أوِ العامِّ، ومنْ يُقَدِّمُ أيَّ خدمةٍ صحيةٍ دونَ أنْ يكونَ مؤهلاً لتقديمِها يُمْنَعُ منْ قِبَلِ الدولةِ وَيُعاقَبُ، وأما إذا أدَّى إلى ضررٍ بِعَمَلِهِ هذا فهوَ ضامِنٌ لِمَا سَبَّبَ منْ ضررٍ بإقدامِهِ على ما ليسَ مِنَ اختصاصهِ.<br /><br />والدليلُ على هذا عامٌّ وخاصٌّ، فأما الدليلُ العامُّ فهوَ قاعدَةُ لا ضررَ ولا ضرارَ، حيثُ إنَّ ممارسةَ العلاجِ أوِ الرعايةِ الصحيةِ منْ قِبَلِ مَنْ لا عِلْمَ لهُ بها قَدْ تُؤَدِّي إلى ضررٍ بالمريضِ. يقولُ الماورديُّ في الأحكامِ السُّلطانِيَّةِ عندَ حديثِهِ عَمَّنْ يُؤْخَذُ وُلاةُ الْحِسْبَةِ بِمُرَاعَاتِهِ مِنْ أَهْلِ الصَّنَائِعِ: "فَأَمَّا مَنْ يُرَاعِي فِي عَمَلِهِ فِي الْوُفُورِ وَالتَّقْصِيرِ: فَكَالطَّبِيبِ وَالْمُعَلِّمِينَ؛ لأَنَّ للطَّبِيبِ إقْدَامًا عَلَى النُّفُوسِ يُفْضِي التَّقْصِيرُ فِيهِ إلَى تَلَفٍ أَوْ سَقَمٍ، وَلِلْمُعَلِّمِينَ مِنْ الطَّرَائِقِ الَّتِي يَنْشَأُ الصِّغَارُ عَلَيْهَا مَا يَكُونُ نَقْلُهُمْ عَنْهَا بَعْدَ الْكِبَرِ عَسِيرًا. فَيُقَرُّ مِنْهُمْ (أيِ الأطباءُ والمعلمونَ) مَنْ تَوَفَّرَ عَمَلُهُ وَحَسُنَتْ طَرِيقَتُهُ، وَيُمْنَعُ مَنْ قَصَّرَ وَأَسَاءَ مِنْ التَّصَدِّي لِمَا يُفْسِدُ بِهِ النُّفُوسَ وَتَخْبُثُ بِهِ الآدَابُ." وَيَنْقُلُ القرافيُّ في الذَخيرَةِ عنِ الإمامِ مالكٍ قولَهُ: “يَنْهَى الإمَامُ الأَطِبَّاءَ عَنْ الدَّوَاءِ إِلاَ طَبِيبًا مَعْرُوفًا، وَلاَ يُشْرَبُ مِنْ دَوَائِهِمْ إِلاَ مَا يُعْرَفُ”. أمَّا الدليلُ الخاصُّ، فقدْ روى أبو داودَ والنسائيُّ وابنُ ماجَةَ وغيرُهُمْ عنْهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَوْلَهُ: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ»، وقالَ الحاكمُ: صحيحُ الإسْنادِ، ووافقهُ الذهبيُّ، وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: «لا أَعْلَم خِلافًا فِي أَنَّ الْمُعَالِج إِذَا تَعَدَّى فَتَلِفَ الْمَرِيض كَانَ ضَامِنًا، وَالْمُتَعَاطِي عِلْمًا أَوْ عَمَلاً لا يَعْرِفهُ مُتَعَدٍّ، فَإِذَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْله التَّلَف ضَمِنَ الدِّيَة وَسَقَطَ الْقَوَد عَنْهُ لأَنَّهُ لا يَسْتَبِدّ بِذَلِكَ دُون إِذْن الْمَرِيض»، انتهى.<br /><br />وكانَ (صلى الله عليه وآله وسلم) يُشْرِفُ عَلى إنتاجِ الأدويةِ أيضًا، أخرجَ الحاكمُ في المستدركِ وقالَ صحيحُ الإسنادِ ولمْ يُخَرِّجَاهُ، عنْ عبدِ الرحمنِ بنِ عثمانَ التيميِّ، قالَ: «ذَكَرَ طَبِيبٌ الدَّوَاءَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَذَكَرَ الضِّفْدَعَ يَكُونُ في الدَّواءِ، فَنَهَى النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ قَتْلِهِ». ووجهُ الاستدلالِ بهذا الحديثِ أنهُ يدلُّ بدلالةِ الإشارةِ على أنَّ الدولةَ تُشْرِفُ على إنتاجِ الأدويةِ، إذِ الحديثُ سيقَ لبيانِ النهيِ عنْ قتلِ الضفدعِ، لكنهُ يفيدُ أيضًا بدلالةِ الإشارةِ أنَّ الدولةَ لها أنْ تَمْنَعَ صناعةَ نوعٍ ما مِنَ الأدويةِ. وهذهِ الأدلةُ تُبَيِّنُ أنَّ للدولةِ أنْ تُشْرِفَ على القطاعِ الصحيِّ الخاصِّ، بلْ إنَّ ذلكَ واجبٌ عليها.<br /><br />نظام الصحة الإداري<br />يقومُ النظامُ الإداريُّ للرعايةِ الصحيةِ في الدولةِ الإسلاميةِ على البساطةِ والإسراعِ في تقديمِ الخدمةِ الصحيةِ والعلاجِ، كما يقومُ على الكفايةِ فيمنْ يَتَوَلَّوْنَ الإدارَةَ. وهذا مأخوذٌ منْ واقعِ إنجازِ المصالحِ بشكلٍ عامٍّ، فصاحبُ أيِّ مصلحةٍ إنما يَبْغِي سرعةَ إنجازِها وَإنجازَها على الوجهِ الأكملِ، والرسولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقولُ فيما رواهُ الإمامُ مسلمٌ في صحيحِهِ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». فالإحسانُ في قضاءِ الأعمالِ مأمورٌ بهِ مِنَ الشرعِ. وللوُصولِ إلى هذا الإحسانِ في قضاءِ المصالحِ لا بُدَّ أنْ تتوفرَ في الإدارةِ ثلاثُ صفاتٍ، إِحداها البساطةُ في النظامِ لأنَّها تُؤَدِّي إلى السهولةِ واليُسْرِ، والتعقيدُ يوجِدُ الصعوبةَ. وثانِيَتُها الإسراعُ في إِنْجَازِ المعاملاتِ لأنهُ يُؤَدِّي إلى التسهيلِ على صاحبِ المصلحةِ. وثالِثَتُها القدرةُ والكفايةُ فيمنْ يُسْنَدُ إليهِ العملُ، وهذا يوجِبُهُ إحسانُ العملِ كما يَقْتَضِيهِ القيامُ بالعملِ نَفْسِهِ.<br /><br />وبالنسبةِ للمصالحِ الصحيةِ بشكلٍ خاصٍّ، فالسرعةُ والبساطةُ والبُعدُ عنِ التعقيدِ في المعاملاتِ الإداريةِ أَوْلى وَأَهَمُّ، إذْ إنَّ المرضَ حاجةٌ مُلِحَّةٌ قدْ يُؤَدِّي تأخيرُ علاجِهِ إلى تَفَاقُمِهِ وزيادةِ الضررِ الناتجِ عنْهُ، ثمَّ إنَّ المريضَ لا تُطِيقُ نفسُهُ المماطلةَ والانتظارَ وتعقيداتِ المعاملاتِ. ومما يُقَلِّلُ منَ التعقيداتِ والمعاملاتِ الإداريةِ في إدارةِ الرعايةِ الصحيةِ توحيدُ كافةِ الخدماتِ والمنشآتِ الصحيةِ في الدولةِ الإسلاميةِ في جهازٍ واحدٍ، على رأسِهِ مديرُ عامِّ مصلحةِ الصحةِ، ويليهِ في السُّلَّمِ الإداريِّ مدراءُ الدوائرِ المقسمَةِ حسبَ الولاياتِ، ثمَّ مدراءُ الإداراتِ المقسمةِ حسبَ العمالاتِ، بحيثُ تَتَوَلَّى مصلحةُ الصحةَ شؤونَ المصلحةِ ذاتِها وما يتبعُها منْ دوائرَ وإداراتٍ فرعيةٍ، وتتولى الدائرةُ شؤونَ الدائرةِ نفسِها وما يتبعُها منْ إداراتٍ متفرعةٍ عنها في عمالاتِ الولايةِ. ويكونُ أطباءُ العائلةِ وممرضاتُ المدارسِ ومراكزُ رعايةِ الأمِّ والطفلِ والمراكزُ الصحيةُ والمستشفياتُ والصيدلياتُ وكلُّ مرافِقِ وعُمَّالِ الصحةِ الأخرينَ مسؤولينَ أمامَ مُديرِ الإدارةِ في العمالةِ التي يَتْبَعونَ لها.<br /><br />أما منْ حيثُ تمكينُ كلِّ الرعيةِ منَ الحصولِ على الخدمةِ الصحيةِ اللازمةِ فيتمُّ على النحوِ التالي:<br />يكونُ في كلِّ عمالةٍ عددٌ منَ المراكزِ الصحيةِ التي تَحوي أطباءَ عائلةٍ وممرضاتٍ وصيدليةً وطاقمَ طوارئٍ وسياراتِ إسعافٍ، حسبَ عددِ سكانِ العمالةِ وبُعْدِ المناطقِ السكنيةِ عنْ بعضِها، بحيثُ لا يكونُ لكلِّ طبيبِ عائلةٍ عددٌ كبيرٌ منَ المرضى يَعْجَزُ معهُ عنْ تقديمِ الخدمةِ الصحيةِ لهمْ بسرعةٍ وبإحسانٍ، وبحيثُ لا يكونُ المركزُ الصحيُّ بعيدًا جدًّا عنِ المريضِ. وإذا حصلَ وكانَ سَكَنُ أَحَدِ الرعيةِ معزولاً وبعيدًا عنْ أقربِ تَجَمُّعٍ سكنيٍّ، وُضِعَتْ تَحْتَ تَصَرُّفِ أقربِ مركزٍ صحيٍّ إليهِ وسائلُ نقلٍ تضمنُ نقلَ المريضِ إلى المركزِ في أيِّ وقتٍ لِتَلَقِّي أيِّ خدمةٍ طبيةٍ سواءَ أكانتْ طارئةً أمْ لا، أوْ نقلِ الدواءِ إلى المريضِ.<br /><br />مَنْ أرادَ أيَّ خدمةٍ صحيةٍ غيرِ طارئةٍ يتوجهُ إلى طبيبِ العائلةِ، ويقومُ الأخيرُ بتقديمِ هذهِ الخدمةِ إِنْ كانتْ في مجالِ تخصُّصِهِ وعِلْمِهِ، وإلا أحالَ المريضَ إلى مُخْتَصٍّ آخرَ أوْ إلى المُستشفى بحسبِ المشكلةِ الصحيةِ وَضَرورةِ تقديمِ العلاجِ دونَ تأخيرٍ.<br />مَنْ كانَ لديهِ مشكلةٌ صحيةٌ مُزْمِنَةٌ كالسُّكَرِي أوْ ضغطِ الدَّمِ أوْ مرضِ القلبِ أوْ المفاصلِ أوْ غيرِ ذلكَ، يقومُ بزياراتٍ دوريةٍ ومتابعةِ المرضِ والعلاجِ عندَ طبيبٍ مختصٍّ في هذا المرضِ المُزْمِنِ، وعلى طبيبِ العائلةِ أنْ يُتابِعَ المريضَ أيضًا عنْ طريقِ الإطِّلاعِ على تقريراتِ الطبيبِ المختصِّ الدوريةِ.<br /><br />مَنْ أرادَ خِدْمَةً صحيةً طارئةً يتصلُ بالإسعافِ، ويقومُ أقربُ طاقمِ إسعافٍ بتقديمِ العلاجِ الأوليِّ ونقلِ المريضِ إلى المُستشفى فورًا.على الدولةِ أَنْ تُنْشِئَ في كلِّ عمالةٍ مستشفًى واحدًا على الأقلِّ، يحوي التخصصاتِ الأساسيةِ كالباطنيةِ والجراحةِ والأطفالِ وما إلى ذلكَ، ويحوي أيضًا قسمًا للطوارئِ. وعلى الدولةِ أنْ تهتمَّ أنْ يكونَ في كلِّ ولايةٍ مستشفًى واحدًا على الأقلِّ يحوي بالإضافةِ إلى التخصصاتِ الأساسيةِ تخصصاتٍ فرعيةً وأقسامًا للأمراضِ النادِرَةِ، وتتحدَّدُ هذهِ الأقسامُ حسبَ الأمراضِ الموجودةِ في تلكَ الولايةِ، إذْ قدْ توجدُ أمراضٌ في مناطقِ الشرقِ الأقصَى ولا تُعرفُ في أفريقْيَا.<br /><br />بَنْكُ الْمَعْلُومَاتِ وَالدَّوَاوِينِ وَالْمَلَفَّاتِ الشَّخْصِيَّةِ الإلِكترونِيَّةِ: على مصلحةِ الصحةِ في الدولةِ الإسلاميةِ أَنْ تُنشِئَ سجلَ معلوماتٍ إلكترونيًّا لكلِّ فردٍ منْ أفرادِ الرعيةِ يحوي كلَّ التفاصيلِ الصحيةِ المتعلقةِ بِهِ، ويحوي كلَّ المشاكِلِ الصحيةِ التي عَانَى منها والخدماتِ أوِ الأدويةِ التي تَلَقَّاهَا، وتُسْتَقَى هذهِ المعلوماتُ منْ مراكزِ رعايةِ الأمِّ والطفلِ وممرضاتِ المدارسِ والمستشفياتِ وأطباءِ العائلةِ وكلِّ جهازٍ إداريٍّ صحيٍّ آخرَ في الدولةِ، بحيثُ تُدَوَّنُ في سِجِلٍّ إلكترونيٍّ واحدٍ. والهدفُ مِنْ مثلِ هذا التدوينِ هُوَ إطلاعُ كلِّ منْ يريدُ تقديمَ خدمةٍ صحيةٍ لهذا المريضِ على ماضيهِ الصحيِّ لِيَسْهُلَ عليهِ تشخيصَ المشاكلِ الصحيةِ ووصفَ العلاجِ الملائِمِ.<br /><br />ولأنَّ الطبيبَ مُسْتَشَارٌ، وَ«المستشارُ مُؤْتَمَنٌ» كما روى أبو داودَ عنهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ، وَجَبَ أَنْ تكونَ هذهِ المعلوماتُ عنِ المريضِ سريةً لا يَطَّلِعُ عليها إلا المريضُ نفسُهُ أوْ مَنْ أَذِنَ لهُ المريضُ بذلكَ، لأنَّ المرضَ مما يُكتَمُ عادَةً ولا يُرْغَبُ بِاطِّلاَعِ الناسِ عليهِ. وَفَضْلاً عنْ ذلكَ، فإنَّ الرسولَ (صلى الله عليه وآله وسلم) يقولُ في الحديثِ الذي حَسَّنَهُ الألبانيُّ مِنْ رِوايةِ الترمذيِّ وأبي داودَ: «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْحَدِيثَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»، والتفت هنا تعني أن صاحب الحديث ينظر حوله خشية إن يتسمع على حديثه أحد، وهو كناية عن أن ما يتحدث به هو خاص بمن يُحدثه، ولهذا كان حديثه أمانة عند من يتحدث إليه، وحديث المريض للطبيب هو من هذا القبيل، أي هو أمانه لأن المريض يخص به الطبيب ولا يحب أن يطلع عليه أحد غير مأذون له. وأيضا فقد روى مسلمٌ عَنْهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ: «لا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». والتحدثُ بأسرارِ المريضِ مِنَ الغيبةِ لأنهُ ذِكْرٌ للمريضِ بما يَكْرَهُ، والغيبةُ محرمةٌ لقولِهِ تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) (الحجرات:12).<br /><br />وَتُسْتَثْنَى منْ وُجوبِ الكتمانِ المعلوماتُ الصحيةُ التي قدْ يُسَبِّبُ كتمانُها ضررًا على الجماعةِ، كإخفاءِ مَرَضٍ مُعْدٍ أوْ عَدَمِ التبليغِ عنْ مريضٍ يُسَبِّبُ عَمَلُهُ خَطَرًا على الجماعةِ، كسائِقِ طائرةٍ أوْ شاحنةٍ مُصَابٍ بالصَّرَعِ، وهذا منْ بابِ منعِ الضررِ وإزالَتِهِ الذي هوَ واجبٌ شرعًا. والاستثناءُ هنا محصورٌ بتبليغِ الجهاتِ التي تُعالِجُ هذا الضررَ المُحْتَمَلَ وتمنَعُهُ، لا بتبليغِ أيِّ شخصٍ آخرَ.<br /><br />تعليم الطب والتأهيل المهني والبحث العلمي<br />نهى الإسلامُ عنْ ممارسةِ التطبيبِ ممنْ لمْ يُعْرَفْ منهُ الطِّبُّ، فقدْ جاءَ في الحديثِ المرفوعِ الذي رواهُ أبو داودَ وابنُ ماجةَ عنْ عُمَرَ بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ»، وقدْ صَحَّحَ الحاكمُ إسنادَ هذا الحديثِ ووافقهُ الذهبيُّ. ولفظُ تَطَبَّبَ في الحديث من التَّطَبُّبِ على وزنِ تَفَعُّل، وهوَ يدلُّ على تَكَلُّفِ الشيءِ والدخولِ فيهِ بِكُلْفَةٍ، كَكَوْنِهِ ليسَ مِنْ أهلِهِ، أوْ كَوْنِهِ مِنْ أهلِ عِلْمِهِ النَّظَرِي لكنَّهُ لا يُحْسِنُ تَطْبِيقَهُ.<br /><br />ولذلكَ كانَ على الدولةِ الإسلاميةِ أَنْ تَضَعَ معاييرَ يُعْلَمُ منْ خِلالها منْ هوَ الطبيبُ منْ غيرِهِ، وأنْ تمنعَ مَنْ لمْ تنطبقْ عليهِ هذهِ المعاييرُ منْ مزاولةِ الطِّبِّ. فإنْ تَكَلَّفَ ما لمْ يكُنْ منْ مجالِ عِلْمِهِ أوْ تَخَصُّصِهِ فَأَضَرَّ بالمريضِ فإنهُ يكونُ مسؤولاً عنْ جِنَايَتِهِ، وضامنًا بِقَدْرِ ما أحدثَ منْ ضررٍ، لأنهُ يُعتبرُ بعملهِ هذا مُتَعَدِّيًا، ويكونُ الضمانُ في مالِهِ. ويُشْمَلُ مُساعدو الأطباءِ منْ مُمَرِّضينَ وأَخِصَّائِيِّي أَشِعَّةٍ أو صَيادلةٍ وَغَيْرِهمْ في الحكمِ بالضمانِ أيضًا على منْ مارسَ منهُمْ المهنةَ دونَ أهليةٍ مُعتبرةٍ للقيامِ بها وأضرَّ بالمريضِ.<br /><br />ولذلكَ تُقيمُ الدولةُ لجنةً مِنَ الأطباءِ المُتَخَصِّصِينَ ورجالِ التدريسِ مُهِمَّتُهُمْ وَضْعُ برنامجٍ لتدريسِ الطبِّ في الجامعاتِ، ووضعِ الحدِّ الأدنَى منَ الموادِّ الدراسيةِ والمهاراتِ المطلوبِ مِنَ الطبيبِ أَنْ يُلِمَّ بها وَيُتْقِنَها حتى يُمْنَحَ ترخيصًا لمزاولةِ الطبِّ. وتوضَعُ أيضًا برامجُ لِكُلِّ تخصصٍ طبيٍّ مِنْ قِبَلِ المتخصصينَ في ذلكَ المجالِ لمنحِ ترخيصٍ بمزاولةِ تخصصاتِ معينةٍ مِنَ الطبِّ لمنْ يُتْقِنُها، وذلكَ كالجراحةِ والباطنيةِ وطبِّ الأطفالِ وما إلى ذلكَ، وَتُؤَسَّسُ لجانٌ مشابهةٌ لمهنِ التمريضِ والصيدلةِ وباقي المواضيعِ المتعلقةِ بالطبِّ.<br /><br />أما الأطباءُ الذينَ درسُوا الطبَّ في جامعاتٍ خارجَ الدولةِ الإسلاميةِ فَيُنْظَرُ، فإنْ كانَ قدْ عَمِلَ في الطبِّ مُدَّةً كافيةً في تلكَ الدولةِ بحيثُ اكْتَسَبَ خبرةً ودِرَايَةً في مجالِهِ، مُنِحَ ترخيصًا لمزاولةِ الطبِّ، وإنْ لمْ يَكُنْ قدْ عَمِلَ مدةً كافيةً أُخْتُبِرَ في الموادِّ الدراسيةِ والمهاراتِ المطلوبةِ ممنْ دَرَسَ الطبَّ في الدولةِ الإسلاميةِ، فإنْ اجتازَ الاختبارَ مُنِحَ ترخيصًا، وإلا فإنَّهُ يُدَرَّسُ ما يَنْقُصُهُ مِنْ الموادِّ والمهاراتِ حسبَ نتيجةِ الاختبارِ ثُمَّ يُمْنَحُ الترخيصَ.<br /><br />ويتولى جهازُ الحسبةِ منعَ أيِّ شخصٍ لمْ يحصلْ على الترخيصِ الملائمِ مِنْ تقديمِ الخدمةِ الصِّحِيَّةِ، ولا يُكْتَفَى بمجردِ تضمينِهِ الضررَ الناتجَ عنْ فعلِهِ، بلْ يُعَزَّرُ بمقدارِ ما ادَّعَى منْ علمٍ ومارسَ منْ مهنةٍ لمْ يَكُنْ أهلاً لها، ويُعاقبُ ويُشَهَّرُ بِهِ، لأنَّ إدعاءَ الأهليةِ والعلمِ مِنَ الجاهلِ غِشٌّ نهى عنْهُ الشَّرْعُ، فقدْ روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، وفي حديثٍ آخرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عندَ مسلمٍ أيضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قالَ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي».<br /><br />كما وتهتمُّ الدولةُ بتدريسِ المهاراتِ الطبيةِ الأساسيةِ كالإسعافاتِ الأوليةِ والإنعاشِ القلبيِّ في دوراتٍ خاصةٍ ومجانيةٍ، وتكونُ هذهِ الدوراتُ إلزاميةً لأفرادِ الشُّرْطَةِ والجيشِ والمعلمينَ في المدارسِ، واختياريةً لباقي الرعيةِ. وَيُقَامُ جهازٌ خاصٌّ بالإرشادِ الصحيِّ يكونُ تابعًا لمصلحةِ الصحةِ ومُرْتَبِطًا بمصلحةِ الإعلامِ وظيفتُهُ تقديمُ الإرشاداتِ الصحيةِ العامةِ للرعيةِ عَنْ طريقِ الإعلامِ، وتقديمُ الإرشاداتِ الصحيةِ الخاصةِ لِكُلِّ قطاعٍ وَفْقَ ما يلزمُهُ، كالإرشاداتِ الخاصةِ لِعُمَّالِ المناجِمِ، والقواتِ المُسَلَّحَةِ، والسائقينَ وغيرِهمْ.<br /><br />وَكَوْنُ علمِ الطبِّ اليومَ يتقدمُ بخطواتٍ واسعةٍ، فإنَّ على الدولةِ أيضًا أنْ تَحُثَّ الأطباءَ على مواصلةِ التَّتَبُّعِ ودراسةِ كُلِّ ما يجدُّ مِنْ اكتشافاتٍ أوْ اختراعاتٍ، حتى يَتَمَكَّنُوا منْ تقديمِ خيرِ الخدماتِ الصحيةِ وأكثرِها تقدُّمًا وتطورًا. ويكونُ ذلكَ عَنْ طريقِ دعمِ وتشجيعِ النشراتِ العلميةِ الدَّوْرِيَّةِ وتوزيعِها على الأطباءِ، وعنْ طريقِ المؤتمراتِ والدوراتِ المكثفةِ الدوريةِ للأطباءِ، كُلٌّ في مجالِ تَخَصُّصِهِ. وقدْ سَمَّى الرسولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) الجهلَ داءً، وجعلَ شفاءَهُ السؤالَ والتعلُّمَ، ففي روايةِ أبي داودَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ. فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ -أَوْ يَعْصِبَ، شَكَّ مُوسَى- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ»، والحديثُ حَسَّنَهُ الألبانيُّ. وَالْعِيُّ معناهُ الجهلُ، وأَلْحَقَ (صلى الله عليه وآله وسلم) بِهِمُ الْوَعِيدَ بِأَنْ دَعَا عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُمْ فِي الإِثْم قَتَلَةً لَهُ، ولهذا كانَ على الأطباءِ أنْ يَتَعَلَّمُوا ما هُوَ جديدٌ؛ لأنَّ الجهلَ ببعضِ المستجداتِ الطبيةِ قدْ يترتبُ عليهِ إلحاقُ أذًى وضررٍ بالمريضِ.<br /><br />ولا يُكْتَفَى بمجردِ تَتَبُّعِ ما هوَ جديدٌ، بلْ على الدولةِ الإسلاميةِ أنْ تكونَ في طليعةِ الدولِ في البحثِ والابتكارِ العلميِّ ومنهُ الطبيُّ. وبالرغمِ مِنْ أنَّهُ لجميعِ أفرادِ الرعيةِ الحقُّ في إنشاءِ المختبراتِ العلميةِ المتعلقةِ بكافةِ شؤونِ الحياةِ ومنها الطبُّ، إلا أنَّهُ على الدولةِ الإسلاميةِ أنْ تقومَ هِيَ بإنشاءِ هذِهِ المختبراتِ. وتُهَيِئُ الدولةُ المكتباتِ وسائرَ وسائلِ المعرفةِ في غيرِ المدارسِ والجامعاتِ لتمكينِ الذينَ يرغبونَ منْ مواصلةِ الأبحاثِ في الطبِّ وسائرِ العلومِ والمعارفِ، ومنْ مواصلةِ الاختراعِ والاكتشافِ وغيرِ ذلِكَ، حتى يوجَدَ في الأمةِ حشدٌ مِنَ المجتهدينَ والمبدعينَ والمخترعينَ، وحتى تُشَجِّعَ العلماءَ والأطباءَ على بذلِ الوسعِ في الإبداعِ والابتكارِ لتحقيقِ السَّبْقِ في المجالِ العلميِّ.<br /><br />إلا أنَّ الدولةَ الإسلاميةَ تَخُصُّ بعضَ الأمراضِ والمجالاتِ الطبيةِ بمزيدِ دَعْمٍ للبحثِ العلميِّ فيها، كالأمراضِ الوبائيةِ المنتشرةِ أوْ الأمراضِ المُسْتَعْصِيَةِ، دونَ نظرٍ إلى المردودِ المادِّيِّ مِنْ الاكتشافاتِ أوِ الابتكاراتِ العلميةِ في هذهِ المجالاتِ.<br />وتُنْشِئُ الدولةُ صندوقَ جوائزٍ طِبِّيَّةٍ منْ بيتِ المالِ يُكافئُ العلماءَ والأطباءَ الذينَ يكتشفونَ العلاجاتِ واللقاحاتِ، ويُقَدِّمُ هذا الصندوقُ أكبرَ الجوائِزِ لمُنْتِجِي العلاجاتِ أوْ سُبُلِ الوقايةِ مِنَ الأمراضِ الأخطرِ والأكثرِ انتشارًا في العالمِ.<br />وَقَدْ حَثَّ الرسولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) على التداوِي، والبحثِ عنِ الدواءِ، فقالَ عليهِ وآلهِ أفضلُ الصلاةِ والتسليمِ حينَ سَأَلَهُ الأعرابُ عنِ التداوِي: «نَعَمْ يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً -أَوْ قَالَ دَوَاءً- إِلا دَاءً وَاحِدًا» قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟» قَالَ: «الْهَرَمُ»، وهَذَا حَدِيثٌ صَحَّحَهُ الألبانيُّ وأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَةْ.<br /><br />وعندَ الحاكمِ في المستدركِ أنَّ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) قالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لِمْ يُنْزِلْ داءً إِلا وَأَنْزَلَ لَهُ شِفاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»، وَقالَ الحاكِمُ: «هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ». وقولُهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَنَّ لِكُلِّ داءٍ دواءً، فيهِ حَثٌّ عَلَى عَدَمِ اليَأْسِ مِنْ اكتشافِ الدواءِ أوِ العلاجِ الأمثلِ لأيِّ مرضٍ.<br />وَقَدْ أَمَرَ الرَّسُولُ (صلى الله عليه وآله وسلم) الشِّفَاءَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ أَنْ تُعَلِّمَ حَفْصَةَ زَوْجَهُ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ، فَقَدْ رَوَى أَبُو داودَ بِسَنَدٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ عَنْ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَأَنَا عِنْدَ حَفْصَةَ فَقَالَ لِي: "أَلا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِهَا الْكِتَابَةَ"، والنَّمْلَةُ هِيَ قُرُوحٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَنْبِ أَوْ الْجَنْبَيْنِ. وَفِي هذا الأَمْرِ مِنْهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) إِشَارَةٌ إِلى تَدْرِيسِ عُلُومِ الطِّبِّ وَأَسالِيبِ العِلاجِ.<br /><br />وفي هذا المقامِ منَ المهمِّ أنْ نَذكُرَ أنَّ ما يُسمَّى بحقوقِ الطبعِ وبراءةِ الاختراعِ المتَّبَعَةِ في الأنظمةِ الرأسماليةِ، هيَ شروطٌ غيرُ شرعيةٍ، لا يجبُ الالتزامُ بها، لأنَّ مُقتضى عقدِ البيعِ في الإسلامِ، كما يُعطي للمشتري حقَّ الملكيةِ يُعطيهِ أيضًا حقَّ التصرفِ بما يملكُ، وكلُّ شرطٍ مخالفٍ لمقتضى عقدِ البيعِ باطلٌ يكونُ المشتري في حِلٍّ منهُ، ولو كانَ مائةَ شرطٍ، فعنْ عائشةَ (رضي الله عنها): "أَنَّ بَرِيرَةَ أَتَتْهَا وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ قَدْ كَاتَبَهَا أَهْلُهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ شَاءَ أَهْلُكِ عَدَدْتُهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَكَانَ الْوَلاءُ لِي. فَأَتَتْ أَهْلَهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُمْ، وَأَبَوْا إِلا أَنْ يَشْتَرِطُوا الْوَلاء لَهُمْ، فَذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَقَالَ: افْعَلِي، فَفَعَلَتْ. فَقَامَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْه،ِ قَال:َ مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَال: فَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِل، كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ، وَالْوَلاء لِمَنْ أَعْتَقَ»، متفقٌ عليهِ. فالحديثُ يدلُّ بمنطوقهِ على أنَّ الشرطَ المخالفَ لِما في كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولهِ لا يجوزُ الالتزامُ بهِ، ولأنَّ شروطَ حمايةِ الملكيةِ الفكريةِ تجعلُ الانتفاعَ بالعينِ المباعةِ مَقْصُورًا على انتفاعٍ دونَ انتفاعٍ آخرَ، فَهِيَ شروطٌ باطِلَةٌ ومُخالِفَةٌ لما في كتابِ اللهِ وَسُنَّةِ رسولِهِ، لكوْنها مُخَالِفَةً لمقتضى عقدِ البيعِ الشرعيِّ الذي يُمَكِّنُ المُشْتَرِي مِنَ التَّصَرُفِ والانتفاعِ بالعينِ بأيِّ وجهٍ مِنَ الوجوهِ الشرعيةِ كالبيعِ والتجارةِ والتصنيعِ والهِبَةِ. وإنَّ الشروطَ التي تُحَرِّمُ الحلالَ شُروطٌ باطلةٌ لقولِهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): «وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلا شَرْطًا حَرَّمَ حَلالاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا»، رواهُ الترمذيُّ بِسَنَدٍ صَحَّحَهُ الألبانيُّ. وعليهِ فإنَّهُ لا يجوزُ شَرْعاً أنْ تكونَ حقوقُ الطَّبْعِ أوِ النَّسْخِ أوْ براءَةِ الاختراعِ محفوظةً، بلْ هيَ حقوقٌ مُبَاحَةٌ.<br /><br />ولا تُحاسِبُ الدولةُ ولا تَمْنَعُ أيًّا مِنَ الشركاتِ أوِ الأفرادِ تحتَ حُكْمِهَا مِنَ التَّصَرُّفِ والانتفاعِ بما استَوْرَدُوهُ أوْ نَقَلُوهُ مِنْ دُوَلٍ أُخْرَى، وذلكَ ضِمْنَ حُدُودِ الشرعِ، مثلَ تحليلِ الأدويةِ المَحْمِيَّةِ دوليًّا ببراءةِ إختراعٍ ثمَّ إعادَةِ تصنيعِها وفق الأسس الطبية الصحيحة وبَيْعِها، أوْ إعادَةِ طبعِ المقالاتِ العلميةِ وَنَشَرْها دونَ إِذْنٍ مِنْ كاتِبِها أوْ ناشِرِها.<br /><br />ولا يُنْظَرُ إلى ما يُسمَّى باتفاقيةِ حقوقِ الملكيةِ الفكريةِ (TRIPS)، أوْ الاتفاقيةِ العامةِ للتعريفاتِ والتجارةِ (GATT)، حيثُ إنَّ هذهِ الاتفاقياتِ مُحَرَّمَةٌ شرعًا وشروطُها لا تُلْزِمُ المسلمينَ، أما العقوباتُ الدوليةُ أوِ المقاطعةُ التجاريةُ التي قدْ تَسْتَخْدِمها الدولُ الأخرى أوِ الأمَمِ المتحدةِ ضدَّ الدولةِ الإسلاميةِ في حالِ خَرْقِ هذِهِ الاتفاقياتِ فهيَ مسألةٌ سياسيةٌ ينبغي للدولةِ التعاملُ مَعَها دونَ التنازلِ أوْ مخالفَةِ الشرعِ، ويمكنُ أنْ يستخدمَ الإعلامُ لمحاولةِ كَشْفِ الجَشَعِ الرأسماليِّ واستغلالِهِ لهذهِ الاتفاقياتِ لحرمانِ الدولِ والشعوبِ الفقيرةِ منَ الانتفاعِ بخيراتِ الْعِلْمِ، ومحاولةِ استمالةِ الرأيِ العالميِّ منْ أجلِ كَسْرِ هذهِ الاتفاقياتِ والتخلصِ منْ تَبِعَاتِهَا.<br /><br />المصدر:<br />مجلة الوعي<br /></span>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-68162913575970323742011-09-07T19:56:00.001+03:002011-09-07T20:00:58.692+03:00دوحة الإسلام عائدة<div dir="rtl" style="text-align: right;"><span style="font-size:130%;"><br />بسم الله الرحمن الرحيم<br /><br />لقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى بجعل الجزيرة العربية، وتحديداً مكة المكرمة، سكنى إبراهيم عليه السلام، بأن تكون منبتاً لشجرة الإسلام العظيم ودوحته العظيمة. كما شاءت إرادته عز وجل بأن تنبت تلك البذرة على يدي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.<br /><br />فما إن اصطفاه الله سبحانه وتعالى وجعله من المرسلين حتى عمل بدون كلل ولا ملل، مع نفر ممن آمن برسالته السمحاء، على نمو تلك الشجرة العظيمة لتكون دوحة تظلل البشرية، وتنقل الناس من حر ورمضاء الجاهلية والعبودية إلى أن تفيء بظل عدل ورحمة شجرة الإسلام، والتي في ظلها السعادة والطمأنينة والعيش الكريم.<br /><br />لقد عمل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أولئك النفر المؤمن على رعاية تلك النبتة حتى تظلل الأرض، وصبروا وثبتوا على رعاية نبتة الإسلام هذه، رغم كل ما لاقوا من مشقة وعذاب ومقاطعة ممن آثروا بقاء أشجار الزقوم على هذه الشجرة المباركة، والتي أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء تؤتي أكلها، ثمراً وشراباً بارداً هنيئاً للآكلين، وقد كلل الله سبحانه وتعالى عمل الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته الميامين وثباتهم وصبرهم، بنجاح نمو هذه النبتة وتفرع أغصانها حتى أعطت، وبغزارة، أشهى الثمرات، والتي توِّجت بإقامة حكم وسلطان الله في الأرض، ناشراً الرحمة بين الناس.<br />وبعد أن شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى برفع منهج النبوة من الأرض بموت آخر الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، قيّـض الله سبحانه وتعالى لهذه الشجرة الضخمة من يرعاها ويحرث أرضها، فبقيت هذه الشجرة قوية الفروع خضراء الأغصان، تفيض حيويةً ونضارةً وجمالاً، وتعطي بغزارة أطيب وأشهى الثمرات، حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، عندما حصل الخلل في ميزان القوى الدولي فسقطت الدولة الإسلامية من مركزها، وأخذت بالانحدار سريعاً حتى تفككت الأمة الإسلامية، وحطت في الحضيض بين الأمم مهدورة الكرامة، مسفوكة الدم، منهوبة الخيرات، مقطعة الأوصال. وقد تزامن هذا السقوط مع حصول الانقلاب الصناعي في أوروبا، والتي شهدت تطوراً كبيراً في الاختراعات والصناعات، وقفزت بعض دولها إلى المراكز الأولى في السلم الدولي، فأحدثت هذه العوامل صدمةً في عقول وأذهان المسلمين، فاندفع بعضهم يعيد النظر في فهم الإسلام، بل إن بعضهم صار يعيد النظر في بعض أفكار وأحكام الإسلام، وقد نتج عن ذلك أن ذبلت أغصان تلك الشجرة العظيمة، وضعفت فروعها، وقلت ثمارها؛ ففقدت لذتها وطيبها. إلا أن جذع هذه الشجرة بقي، ولكن اعتراه الضعف ودب فيه الجفاف. بيد أن الكفار أبوا بقاء حتى الجذع فضربوا ضربتهم باقتلاعه، وذلك بإلغاء نظام الحكم الإسلامي نظام (الخلافة) فبعد ذلك لم يبقَ من دوحة الإسلام العظيمة إلا الجذور والتي دب فيها الجفاف أيضاً. فلما نجح العدو في حكم بلاد المسلمين حكماً مباشراً، بعد أن قطعها إرباً، أخذ يعمل على قلع جذور الإسلام فنجح بذلك إلى حد كبير، ولم يبقَ من شجرة الإسلام إلا البذرة وبعض خيوط الجذور الرفيعة.<br /><br />هذه هي حال شجرة الإسلام، فبذرتها لم ولن تموت؛ لأن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظها وإعادة إنباتها مرة أخرى، فأدرك المسلمون في هذا الزمان أن لا عزة ولا نصر لهم إلا بأن تعود شجرة الإسلام شامخةً قويةً كما كانت في السابق، ويجب أن يعمل لإعادة إنشاء جذع أقوى، وفروع وأغصان أكثر نضارةً، وذلك بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم. فعند النظر إلى حالة بذرة هذه الشجرة ووضعها الحالي يظهر أنه من الاستحالة أن تنبت هذه البذرة جذعاً، إلا بعلاج الجذور من نقطة انبثاقها عن البذرة، وذلك بوصل الأفكار الإسلامية والأحكام الشرعية بالعقيدة الإسلامية، أي أن لا يقبل أي فكر أو أي حكم شرعي إلا أن يكون منبثقاً من تلك البذرة، أي العقيدة الإسلامية، أي أن لا يقبل إلا بما هو مأخوذ من الكتاب والسنة، وبعد ذلك تسقى هذه الجذور، وتحرث الأرض من حولها، ويكسر ما جف منها، ويقلع كل جذر نبت من غير تلك الشجرة في هذه الأرض، كل ذلك من أجل إنشاء جذع قوي وأغصان ناضرة، كتلك التي نبتت في الجزيرة العربية على يد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحابته الذين رعوا تلك الدوحة العظيمة الشامخة.<br /><br />وعند النظر في حال الأمة الإسلامية اليوم، قياساً بالفترة التي تلت اقتلاع جذع شجرتها وذلك بهدم كيانها، يلاحظ أن شجرة الإسلام اليوم أحسن حالاً من تلك الفترة، وقد تحقق ذلك بوجود أبناء خيِّـرين من تلك الأمة الكريمة يتصفون بتلك الصفات التي اتصف بها من زرعوا شجرة الإسلام الأولى وأنبتت على أيديهم، ألا وهم صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام.<br />فعند وضع ميزان القياس للمقارنة بين تلك الفترتين (هذا الزمان، وفترة اقتلاع الجذع) يلاحظ أن الكثير من جذور الشجرة بدأت تنبت، وبدأت الحيوية تدب في بعضها، وذهب الجفاف عن قسم منها، واخضر القسم الآخر، وبذلك برزت جذور للشجرة مرة أخرى مخضرةً مبشرةً بتكوّن جذع صحيح من جديد، تنبثق منه أغصان وفروع مورقة تنبت براعم مثمرة، أي تبشر من جديد بإنبات شجرة الإسلام الطيبة التي تؤتي أكلها بإرادة ربها كما كات في سابق عهدها وذلك بإقامة حكم الله في الأرض، أي بإقامته على الفكرة الإسلامية الخالصة، أي خلافة راشدة ثابتة تكون على منهاج النبوة.<br />فالهدف ليس إيجاد جذع لتلك الشجرة بأي شكل كان، بل إيجاد الجذع المنبثق عن الجذور الأصلية والمنبثقة عن البذرة الأولى، ألا وهي العقيدة الإسلامية، أي بمعالجة الجذور من نقطة انبثاقها من البذرة، والاستمرار بهذه المعالجة بصبر وثبات حتى تَـنبتَ تلك الشجرة باسقةً بشكل طبيعي.<br /><br />وعملية رعاية شجرة الإسلام لتعود كما كانت في إنباتها الأول، لابد من أن يكون العمل في الأمة الإسلامية ومعها، لتقوم هذه الأمة بتسليم حكمها ورعايتها لمن يرعى هذه الشجرة بالطريقة الصحيحة، فمن الخطأ والخطر بل العبث الاشتغال في غير معالجة الجذور لانبات الجذع، فلا بد من أن يكون العمل محصوراً في معالجة الجذور اليابسة، وإزالة الأتربة عن الجذور الضامرة، وسقي الشجرة وحرث ما حولها باستمرار، فمن هنا يجب أن يحصر العمل في إعادة دوحة الإسلام إلى القرون الأولى في أربعة أمور هي:<br />1- كسر الجذور اليابسة أي تحطيم المفاهيم المغلوطة في المجتمع، كقاعدة «حيثما تكون المصلحة فثم شرع الله» ونسف فكرة أن الديمقراطية من الإسلام وفكرة القومية والعصبية.. فيهاجم كل فكر يدّعى أنه من الإسلام وهو ليس منه، وكل فكر يناقض الإسلام.<br />2- إزالة الأتربة والغبار عن الجذور، أي ربط الأفكار والأحكام بالعقيدة الإسلامية، وبيان انبثاقها عن الكتاب والسنة. فربطها يكون ببيان علاقتها بالإيمان، وعلاقة طاعة الله ومعصيته بالعقيدة، وأن الحلال ما أحل الله والحرام ما حرمه، وأما بيان انبثاقها عن الكتاب والسنة فإنما يكون بالإتيان بالدليل الشرعي، واستنباط الحكم الشرعي منه بحسب الأصول المنضبطة شرعاً.<br />3- سقي الشجرة، أي تنـزيل الأفكار على الوقائع والأحداث والمشاكل اليومية الجارية، وهذا هو الذي يحيي الأفكار والأحكام، وبغير ذلك تبقى أفكاراً ميتةً لا حياة فيها، فسقيها هو جعل الوقائع الحية تعالج بأفكار الإسلام وأحكامه فيكون هذا هو الماء الذي يحييها.<br />4- عزق الأرض وحرثها حول الشجرة، فيكون ذلك بالعيش مع الأمة وبينها وتوصيلها وتعليمها أفكار الإسلام؛ لهدم الأفكار والأعراف المخالفة للإسلام وبناء الأفكار والأعراف الإسلامية بدلاً منها.<br />بهذه الأمور الأربعة تعود دوحة الإسلام قوية شامخة، فهذه هي قصة الإسلام كشجرة ودوحة عظيمة، فكانت العقيدة الإسلامية هي البذرة التي أنبتت هذه الشجرة العظيمة، وأفكار الإسلام عن الحياة والأحكام التي تعالج مشاكل الحياة هي جذور هذه الشجرة، والجذع الباسق من الجذور هو الحكم أي السلطان وكانت فروعها القوية وأغصانها النضرة وهي خوض الأمة معترك الحياة الإسلامية وحملها الدعوة الإسلامية إلى العالم. ففي النظرة إلى تلك الشجرة في هذا الزمان يكون من الجهل أن يقال إن الإسلام كشجرة موجود في الحياة، ومن اليأس أن يقال إنه لا يمكن إعادته للحياة، ومن الظلم والإجحاف أن يقال إن الجهود التي تبذل لإعادة تلك الشجرة ذهبت هباءً منثوراً.<br /><br />وعند تقييم شجرة الإسلام يرى أن الأمل بانبثاق الجذع صار أقوى من أي وقت مضى، وبدأت ملامح الشجرة بالتكوين، فأدركت الأمة الإسلامية ان لا عزة ولا نصر لها إلا بعودة شجرة الإسلام كما كانت نضرة خضراء قوية، وأصبح الإسلام مطلباً عند الأمة الإسلامية، تتشوق إلى أن تتفيأ ظلال دوحته العظيمة الشامخة الحامية من برد الشتاء ورمضاء الصيف.<br /><br />فمسألة عودة الإسلام إلى واقع الحياة أصبحت أمراً واقعاً منوطاً بالمداومة على كسر الجذور اليابسة، وإزالة الأتربة والغبار عن الجذور الضامرة، وسقي الشجرة كلها، وعزق ما حولها وحرثه، فبالاستمرار والدأب على هذه العملية، والمنهجية الربانية، تقوم الخلافة الإسلامية الراشدة الثانية، ويتحقق وعد الله سبحانه وتعالى لأمة الإسلام بالنصر والتمكين والاستخلاف في الأرض قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور 55].<br /><br />عطية الجبارين ـ فلسطين<br /></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-35142850806600179162011-09-05T09:54:00.006+03:002011-09-07T20:59:58.389+03:00استئناف الحياة الإسلامية<div dir="rtl" style="text-align: right; font-family:georgia;"><span style="font-size:130%;"><br /><br />بسم الله الرحمن الرحيم<br /><br />المقدمة<br /><br />الحمد لله رب العرش العظيم و أصلي و أسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا و حبيبنا محمد و على آله و صحابته و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .<br /><br />بعد أن كسر جدار الخوف ورأينا بأم أعيننا كيف أن الأمة التي عانات سنينا طوال تحت الذل و القهر والهوان تطالب اليوم و بكل جرأة بحل يعيد مجدها و يعيدها إلى سيرتها الأولى. ورأينا أن البضاعة التي تباع بثمن بخس و تستعرض في التلفاز ليل نهار من ديمقراطية وحرية ووطنية ووسطية وتدرج ودولة مدنية علمانية، أنها خيوط وضعية ووهمية تعاني منها البشرية . وبعد التدقيق في البحث استنتجنا معا أن السبب الرئيسي لكل هذه المشكلات الإجتماعية، والاقتصادية، و التعليمية، و الصحية و حتى السياسية ، هي غياب الإسلام من و اقع الحياة... فالحل إذاً يكمن في إستئنافه وإرجاعه ولكن كيف ... و ما السبيل ؟ وماهي الطريقة الصحيحة لإيجاده؟<br /><br />قبل الحديث عن الطريقة كان لزاماً أن نعي جيداً أن إيجاد الإسلام هو عمل و فعل....و القاعدة الشرعية تقول الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي و الحكم الشرعي له أربعة مصادر لا غير:القرءان، السنة، إجماع الصحابة و القياس أي الاجتهاد المستنبط من القرءان و السنة و إجماع الصحابة. فإذا الكيفية في إيجاد الإسلام في واقع الحياة يجب أن تكون مستنبطة من هذه المصادر و مقيدة بها...لا أن تكون من العقل و لا الهوى ولا الواقع .<br /><br />يقول الله سبحانه:<br />{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر و ذكر الله كثيراً }<br />سورة الأحزاب آية ٢١<br /><br />و معنى أسوة: أي مثال نقتدي به و نحتذي به خطوة خطوة<br />إذا فالرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في كل شيء ليس في الملبوسات والأخلاق و العبادات فحسب بل في كل نواحي حياتنا. وهذا يقتضي أن ندرس سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم لا على أنه درس تاريخ كما أخذناه في المدارس مجرد حفظ كالببغاء لسلسلة الأحداث و التواريخ دون فهم أو ربط، ولا على أنها قصص جميلة مستحيلة التطبيق على أرض الواقع. لا و ألف لا ... فالأعمال التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك التسلسل الدقيق لم تكن مجرد صدفة أو من هواه بل هو من وحي الله.<br /><br />{ و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى }<br />سورة النجم آية ٣ و ٤<br /><br />و على هذا فينبغي لنا أن نتيقن أن الكيفية و الطريقة هي نفسها طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم. و ماأشبه الأمس باليوم كيف أننا نعيش في انحطاط وتخبط في دياجير الظلام و أننا بحاجة ماسة إلى ذاك السبيل الذي ارتقى بالبشرية و أخرجها من الظلمات إلى النور.<br /><br /></span><div style="text-align: center;"><span style="font-size:130%;">ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br /><br /><br /></span></div><span style="font-size:130%;">طريقة استئناف الحياة الإسلامية<br /><br />و طريقة التغييرثابتة في الإسلام دليلها فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد بعثه الله في مجتمع مكة الجاهلي فعمل على تغييره بالطريقة التي رسمها الله، وقد سار في ثلاث مراحل :<br /><br />المرحلة الأولى: مرحلة التثقيف و تكوين الجماعة<br /><br />بعد أن أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم الرسالة، بدأ بتبليغه سراً، إلى أقرب الناس إليه كزوجته خديجة، وصاحبه أبي بكر، وابن عمه علي بن أبي طالب، وغيرهم ما بين رجل و امرأة من مختلف البيئات والأعمار، أكثرهم من صغار الشباب و كان فيهم الضعيف و القوي والغني و الفقير. و قد بلغ عددهم في هذه المرحلة ما يقارب الأربعين شخصاً. وكان حريصاً على التثقيف الجماعي في دار الأرقم ينقل إليهم ما ينزل عليه من الوحي، فيتلقونه تلقياً فكرياً، يضبط سلوكهم، ويقوي صلتهم بالله، ويزيد ثباتهم على الدين الجديد.<br />وكان الأثر الجماعي في الدعوة واضحاً و قد أحست قريش بهذا الدين الجديد بالرغم أنها لم تكن تعلم مكان تجمعها.و يذكر حرص الصحابة على تبليغ الدعوة فور اعتناقهم للإسلام فهاهو أبا بكر يدعو ستة من الصحابة للدخول في هذا الدين و لم ينتظر حتى يتعلم كل أمور الدين . و بهذه العزيمة وطدوا دعائم الدولة وحملوا لواء الدعوة خارج الجزيرة العربية .<br /><br />المرحلة الثانية : مرحلة التفاعل<br /><br />عندما نزلت الآية وأنذر عشيرتك الأقربين جمع الرسول صلى الله عليه وسلم قومه على طعام في بيته يدعوهم إلى الإسلام و أن يؤازروه. و في حديث طويل يرويه علي بن أبي طالب ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه رضي الله عنه خشيته من ردة فعل قومه و أنهم لن يقبلوا هذه الدعوة. فلما سكت نزل جبريل و أخبره أنه إن لم يفعل ما يؤمر سينزل به عقاب. و على إثر هذا جمعهم مرتين في منزله، المرة الأولى لم يتركه أبو لهب لأن يتحدث و المرة الثانية تمكن من دعوتهم. فهذه دلالة على أن الرسول لم يتدرج في أي أمر من أوامر الله بل كان يعمل لتنفيذه بالفور مهما كان صعبا. حتى أنه أعاد الكرة وجمعهم على الصفا فكان سب أبو لهب وكان رد القرآن يهاجم أبا لهب و يذكره باسمه :تبت يدا أبي لهب وتب، بالرغم من شرفه و مكانته في بني هاشم.<br /><br />وعندما نزلت فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين خرج المسلمين علنا في صفين كان على رأس أحدهما حمزة بن عبد المطلب و على رأس الثاني عمر بن الخطاب و ذهب بها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة في نظام دقيق لم تعهده العرب من قبل فطاف بهم الكعبة ، وانتقل الرسول بذلك في أصحابه من دور الاستخفاء إلى دور الإعلان. و هنا بدأ الصراع بين الحق و الباطل و المفاصلة في الدعوة للكفر و أفكاره و عدم الرضا بالقواسم المشتركة. فقد عاب آلهة قريش ، و سفه عقولهم ،و كشف أعمالهم السيئة، وواجه المجتمع متحديا طريقة عيشهم. و صارت الآيات تنزل على الرسول صلى الله عليه و سلم في الدعوة في إنكار الشرك، و النعي على تقليد الآباء و الأجداد من غير نظر، و هاجمت الربا و التجارة الفاسدة ، و الغش في الكيل و الميزان ، ووأد البنات و هن أحياء.<br /><br />فجاء زعماء قريش يشكونه لعمه أبي طالب، وعندما فاتحه أبو طالب بالأمر، قال عليه السلام : (يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته) وهذا الموقف الحازم حمل أبا طالب لأن يقول لابن أخيه : (اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً) . و عندما عرضوا على الرسول الشرف و الملك و المال رفض رفضا تاما. بعدها عرضوا عليه أن يشتركوا معه في العبادة، فنزل فيهم قوله تعالى : (قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون ... إلى قوله تعالى : لكم دينكم ولي دين) .<br />فهذه كلها دلائل واضحة أنه لم يلجأ إلى الحل الوسط أو إلى إرضاء الطرفين بل و قف وقفة حاسمة لأن هذا أمر الله و مسألة عظيمة لا هوادة فيها.<br /><br />وحاولت قريش بشتى الوسائل والأساليب أن تقف في وجه هذه الدعوة الجديدة، فجربوا الأساليب السياسية، حيث أشاع الوليد بن المغيرة بأن محمداً ساحر، يفرق بين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته، وجعلوا يجلسون بالطرقات يتحدثون بذلك، للقادمين إلى موسم الحج(و هذا تماما مثل الإعلام الحالي الذي ينشر الكذب والخداع لأنه مبني على أساس باطل ،مثلا ينقل دائما تلك الصورة المشرقة للغرب وأن الأمة لا تريد الإسلام حلا لمشاكلها و في الحقيقة أن معظم الاستفتاءات تؤكد أن الإسلام مطلب الأمة و أعداد هائلة من المظاهارات تنادي و تندد بتطبيق الشريعة تحت ظل دولة الإسلام ) .و بذلك انتشر ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب كلها.<br /><br />فهددوه، وأغروا به سفهاءهم وغلمانهم فكذبوه وآذوه، ورموه بالشعر والسحر، وبالكهانة والجنون وأحاطوا به مرة يقولون : أأنت الذي تقول كذا وكذا في آلهتنا وديننا، فيقول لهم : نعم، أنا الذي أقول ذلك، فأخذ رجل بمجمع ردائه، فقام أبو بكر دونه وهو يقول: (أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله) . و عانى المسلمين المستضعفين، فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش، ليفتنوهم عن دينهم، فمنهم من يفتن من شدة البلاء. ومنهم من يثبت على دينه حتى الموت.<br /><br />ولما رأت قريش أن الإسلام يفشو في القبائل، اجتمع زعماؤها، واتفقوا على أن يكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه على أن لا ينكحوا إلى بني هاشم وبني عبد المطلب حماة محمد عليه السلام، وأن لا ينكحوهم ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم، وذلك من أجل أن يتخلوا عن حماية الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت المقاطعة لمدة ثلاث سنوات.<br />إلا أن هذه الأساليب جميعها وهذه المغريات، وهذه الصعاب لم تثن الرسول عليه السلام ولا الصحابة عن عزمهم. و استمر الرسول دون ركون في هدم العقائد الفاسدة و الأراء الخاطئة و المجاهدة في سبيل الدعوة بالقرءان دون أن يلين أو يستكين أو أن يبدل.<br /><br />وهنا نقطة مهمة:معاملة قريش للموحدين الذين كانوا يدعون إلى الرجوع إلى الدين الإبراهمي تختلف تماما عن معاملتهم مع رسول الله الذي كان يدعو إلى الإسلام. الفرق و اضح بينما كان الأول يكتفي بالفرد و ممارسة الفرد لدينه من الناحية التعبدية فحسب كان الثاني دينا كاملا أي أن كل الأنظمة يجب أن تكون نابعة من الإسلام. فبالتالي شعرت قريش بالتهديد من الإسلام مالم تشعره من الموحدين. و هذا تماما ما يحصل اليوم، كيف أن الغرب والحكومات الحالية لا ترى بأسا بأن نمارس الإسلام بالطريقة التعبدية أو أن نبني المساجد أو أن نتصدق إلى الفقراء لأن هذا لا يضرها بشيء. أما أن يدعو أحد برجوع الإسلام كنظام حياة عن طريق الحكم فلا يسمح أبدا. و لذلك حوربت أفغانستان و العراق والآن باكستان خوفا من هذا الكابوس الذي يراودهم .<br /><br />المرحلة الثالثة: طلب النصرة و إقامة الدولة واستلام الحكم<br /><br />تجمد مجتمع مكة على أفكار الكفر، بسبب عناد زعمائه واستكبارهم، و لم تبلغ الدعوة المدى الذي يمكن من التطبيق العملي حتى أمره ربه بطلب النصرة لحماية الدعوة وإقامة الدولة من القبائل المحيطة بمكة .فذهب إلى الطائف يلتمس النصرة و المنعة و عمد إلى نفر من سادة بني ثقيف و أشرافهم ولكن كما نعلم عومل بأسوء معاملة و رفضوا عرضه . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل و يقول (يا بني فلان إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذا الأنداد، و أن تؤمنوا بي و تصدقوا بي و تمنعوني حتى أبين عن الله ما بعثني به) و جاء في سيرة ابن هشام: ( و حدث الزهري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتى كندة في منازلهم و عرض عليهم نفسه فأبوا عليه، و أنه أتى كلبا في منازلهم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم ، وأنه أتى بني حنيفة في منازلهم و طلب منهم النصرة و المنعة فلم يكن أحد من العرب أقبح رداً عليه منهم، و أنه أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله و عرض عليهم نفسه. فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب. ثم قال: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:” الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء “.فقال بيحرة : أفنهدف نحورنا للعرب دونك. فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك) .و هنا و قفة نرى كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلب النصرة لنفسه بل طلبها لتطبيق شرع الله على الأرض . كان يمكن أن يتماشى مع الواقع الذي لديه و يرضى بهذا العرض أو أن يداهن و يأتي بالحل الوسط يرضي بها الطرفين بالمشاركة مثلا حتى يحصل النصرة التي عانى كثيرا من أجلها. و لكن كما رأينا كان ثابتا على الحق لا يخاف في الله لومة لائم.<br /><br />وهكذا ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو القبائل إلى الله و يعرض نفسه عليهم كل سنة بمجنة و عكاظ و منى أن يؤوه حتى يبلغ رسالة ربه و لهم الجنة. يقال أن عدد القبائل التي باشرها تقارب الأربعين.والناظر يرى أن الرسول قد طلب النصرة من الزعماء الذين يملكون القوة . وأنه بالرغم من الرد القبيح الذي تتالى عليه من قبيلة إلى قبيلة فإنه بقي مصراً على الطلب وكرره ولم يهدأ بطلبه . فهذا الإصرار إنْ دل على شيء فإنه ليدل بشكل واضح على أنّ طلب النصرة كان أمراً من الله له بفعله .<br /><br />فليست قبيلة من العرب تستجيب له ويؤذى ويُشتَم حتى أراد الله إظهار دينه ونصر نبيه وإنجاز ما وعده ،فهيأ هذه الدعوة المدينة المنورة، وتجاوب أهلها مع الإسلام، وأعطوا النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية، ثم هاجر هو وأصحابه إليها، وأقام الدولة الإسلامية . و من خلالها طبق الإسلام عملياً في كل نواحيها و ماعلينا إلا أن نبحث في السيرة لنتعلم جهاز الحكم و كيف أنه صلى عليه و سلم كحاكم دولة راعى الشؤون الداخلية و كذلك الخارجية. و هل توقف الإسلام بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كلا، استمر الصحابة على نهجه و الخلفاء من بعدهم حتى كانت الضربة المميتة عندما هدمت الخلافة في عام ١٩٢٤ م التي من جرائها تعيش الأمة في الظلمات ولكنها لم تفقد الأمل لإرجاع أمها الحنون التي سترعاها خير رعاية و لن تسمح لأي أحد كائناً من كان أن يمسها بسوء.<br /><br />هذه المراحل الثلاث التي مرت بها الدعوة الإسلامية لإيجاد الإسلام و تطبيقه في المجتمع و هي الطريقة الشرعية لاستئناف الحياة الإسلامية، ولا يجوز مخالفتها، فعلى العاملين للتغيير على أساس الإسلام أن يلتزموا بها بحذافيرها.<br /><br />{ وماآتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا }<br />سورة الحشر آية ٧<br /><br /> { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني و سبحان الله و ماأنا من المشركين }<br />سورة يوسف آية ١.٨<br /><br />و ختاما إن الأمة الإسلامية بأحوج ما تكون إلى الدواء الشافي و العلاج الصحيح المجرب و الثابت نجاحه. ذلك أن الأمة المسكينة لم يبق فيها- لكثرة ماأجري فيها من التجارب - وريد و لا شريان ولا عضل أو أي مكان آخر يصلح للتجارب و غرز الإبر ، و كفى هذه الأمة آلاماً و تعذيباً، مما يوجب على الأمة رفض أي علاج لم تثبت جدواه بطريقة قطعية تدلل على أنه العلاج الذي ليس بعده علاج . و لا سبيل لها إلا باتباع منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في إيجاد الإسلام في واقع الحياة.<br /><br />{ياأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء و قلبه وأنه إليه تحشرون }<br />سورة الأنفال آية ٢٤<br /><br />بقلم: أم أمين- أرض الحجاز<br /></span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-15740786033804704732011-02-08T19:46:00.004+03:002011-02-08T19:53:05.582+03:00خواطر أخت مسلمة<div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br />بسم الله الرحمن الرحيم </span><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [النساء 32].<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">أيتها الأخوات الكريمات: يقول جل جلاله: (وَلَا تَتَمَنَّوْا)، والتمني فعل متعلق بالحاضر والمستقبل، التمني أن تتمنى شيئًا لا يقع، بينما الترقب أن تنتظر شيئًا يقع، فإذا قلت: ألا ليت الشباب يعود يومًا، فهذا تمنٍّ، والتمني كما يقول بعض الحكماء بضائع الحمقى، يعيش في خيالات وفي أوهام لا تقع، فالله سبحانه وتعالى تطييباً لقلوبنا، وإراحة لنفوسنا نهانا أن نتمنى ما فضل به بعضنا على بعض... فالله سبحانه وتعالى خلق جنس البشر من ذكر وأنثى، وجعل في كل منهما فروقاً في أصل خلقتهما وخصائص عقلية ونفسية وجسمية واجتماعية ينفرد بها كل طرف عن الآخر... وجمع بينهما بأن جعلهما كائنين مكرمين عند الله، مخيرين، مسؤولين، مشرفين، فحينما نقول الجنس البشري ذكر وأنثى فهناك قواسم مشتركة بينهما، وهناك فوارق. فالقواسم المشتركة أكدتها آيات كثيرة. جعلتهما في التكليف سواء، قال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب 35].<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">فكلاهما في التكليف وفي التشريف وفي المسؤولية سواء، المرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة من الرجل عن رعايته، والرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، فنقاط الاشتراك كثيرة جداً، فهي من بني البشر، وهي إنسان، لها فكرها، ولها مشاعرها، ولها عواطفها، يؤذيها ما يؤذي الرجل، ويفرحها ما يفرحه، ترقى إلى الله كما يرقى الرجل إلى الله، تسمو كما يسمو، وتسقط كما يسقط ، وتنحط كما ينحط، هناك قواسم مشتركة بين الذكر والأنثى، وما أكثرها، لأنهما من جنس واحد، من جنس البشر. قال تعالى: (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) [الروم 21]، أي خلق من جنسكم، من جنس بشريتكم، إنساناً.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">ولكن قال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) [آل عمران 36] وهذا هو الواقع حقيقة، ولكن، فحينما يتجاهل الرجل ما تتميز به الأنثى فإنه يقع في خطأ كبير، وحينما تتجاهل الأنثى ما يتميز به الرجل فإنها تقع في خطأ كبير، فلذلك ورد في أسباب نزول هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى حينما فرض الفرائض، وفرض للذكر مثل حظ الأنثيين تمنت النساء أن يكون لهن في الإرث نصيب كنصيب الرجل، وحينما فرض للذكر مثل حظ الأنثيين تمنى الرجال أن يكون أجرهم في الآخرة مثلي أجر المرأة، فجاءت الآية الكريمة، (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ)، فالحق أن الله سبحانه وتعالى أعطى لكل نوع خصائص تعينه على أداء مهمته، ففي أصل التصميم صممت المرأة لتكون زوجة ولتكون أماً، فأعطيت من الخصائص الجسمية والخصائص النفسية، وهو شدة عاطفتها، ومن الخصائص الاجتماعية تعلقها بزوجها، ومن الخصائص الفكرية اعتناؤها بالجزئيات... ما يؤهلها لتكون زوجة ناجحةً، وأماً ناجحةً، فهذه الخصائص التي اختص بها الله سبحانه وتعالى النساء كجنس بنيت على حكمة بالغة وكانت من لدن عليم خبير، قال تعالى: (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر 14].<br />وفي المقابل خص الله سبحانه الذكور بخصائص جسمية ونفسية واجتماعية وعقلية ومن اهتمام بالكليات لا بالجزئيات تتناسب مع كسب الرزق ومع الحركة خارج البيت ومع قوامتهم على النساء.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">هناك إشارة لطيفة إلى أن عمل الرجل خارج البيت هو كسب الرزق، وأن المرأة مهمتها الأولى تربية الأولاد، وهي سكن لزوجها، وهو قائد لمؤسسة البيت، فهناك تناغم وتكامل بينهما، هناك صفات إنسانية مشتركة بين الذكور والإناث، كلاهما مكرم عند الله، وكلاهما مشرّف عند الله، وكلاهما مكلف من الله، وكلاهما مسؤول أمام الله، ولحكمة أرادها الله جعل امرأة الطاغية فرعون آسية صدّيقة، وبكل ثقله وكل جبروته وكل قوته وكل ألوهيته المزعومة، ما استطاع أن يقنعها أن تعبده، ولا أن تقر بألوهيته المزعومة، قالت ما يوضح أن المرأة صاحبة قرارها ومكلفة به، ومسؤولة عنه، ومحاسبة عليه... فهي كالرجل، ولا يتحمل عنها شيئاً من التكليف مهما كانت درجة قرابته منها... قالت ما قاله الله تعالى عنها: (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم 11].<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">فمما أراد الله سبحانه من هذه القصة أن يعلم النساء جميعاً أن المرأة مستقلة في دينها عن زوجها، تحاسب عن دينها، ولتعلم أيضاً أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلذلك معظم النساء حينما يقلن: هكذا يريد أزواجنا وهو في رقبتهم... هذا كلام مرفوض، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فهي مكرّمة كما هو مكرّم، وهي مشرّفة كما هو مشرّف، وهي مكلّفة كما هو مكلّف، وهي مسؤولة كما هو مسؤول، هذه من نقاط الالتقاء.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">أما نقاط الاختلاف فإذا تجاهلناها وقعنا في فساد عريض حيث قال الله عز وجل: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب 33]. فالأصل أن المرأة تقوم بأخطر عمل أناطه الله بها حينما تقر في بيتها لتربية الأولاد. فالمرأة التي تربي أولادها، وتدفعهم إلى المجتمع عناصر ملتزمة مخلصة واعية هي امرأة عظيمة؛ لأن شهاداتها الحقيقية ليست تلك الأوراق التي تعلق على الجدران، إن شهاداتها الحقيقية أولادها الذين ربتهم ودفعتهم إلى المجتمع، وكثيراً ما نعثر على شباب يلفتون النظر بأخلاقهم، ويلفتون النظر برحمتهم، ويلفتون النظر بتعاونهم، ويلفتون النظر بحبهم للخير، ولو دققنا وبحثنا لوجدنا أنهم تلقوا تربية عالية من أمهاتهم، إنك إن علَّمتِ فتاة علَّمتِ أسرة.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">أيتها الأخوات الكريمات، المرأة والرجل كلاهما مكلف، وكلاهما مشرف، وكلاهما مسؤول، ولكن هناك فروقاً دقيقة وكثيرة بين الذكور والإناث. وخصائص الذكور العقلية والجسمية والاجتماعية والنفسية تتناسب مع المهمة التي أنيطت بهم، وخصائص الإناث العقلية والجسمية والاجتماعية والنفسية كذلك تتناسب مع المهمات التي أنيطت بهن.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ)، فإن الله أناط بالذكور مهمات ومسؤوليات، من أجل أن يحققوا أهدافهم بخصائص متعلقة بهم، أو أن لكل واحد بحسب استقامته، وبحسب إقباله، وبحسب انضباطه وبحسب علاقته بربه، هيأ الله له الشيء الذي يعد بحقه حكمة بالغة. وكذلك المرأة أناط الله بها مهمات ومسؤوليات عظيمة وهيأها عقلياً ونفسياً وجسدياً واجتماعياً للقيام بها، وتنال درجتها عند الله بمقدار استقامتها وبمقدار إقبالها، وبمقدار انضباطها...<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">فلو تشبه الرجل بالمرأة بأن يلبس لباس النساء، ويتبرج تبرجهن، ويتمايل تمايلهن، ويرقق في صوته... فهذا كله محرم.<br />وكذلك المتشبهة من النساء بالرجال التي تتمنى أن تكون رجلاً، بل إن المرأة المسترجلة، فعلها من الكبائر لأنها رفضت اختيار الله لها أن تكون أنثى، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (رضي الله عنهما) قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» (أخرجه البخاري).<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">فالمرأة المؤمنة ترضى عن الله أنه اختارها أنثى، مع أن الأنثى لا تقل ولا شعرة واحدة في مكانتها عند الله عن الذكر إن هي قامت بحق الله عليها.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إن الاختلاف بين الذكر والأنثى هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، والحضارة الغربية الفاسدة المفسدة تعاملت مع واقع كل من الذكر والأنثى على درجة واحدة، وأرادت أن تزيل الفوارق فكان في ذلك فساد عظيم.<br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">بقلم: حاملة دعوة – فلسطين</span></div></div><div><br /></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-18589937546684677542011-02-08T18:59:00.003+03:002011-02-08T19:04:35.128+03:00ميمونة بنت الحارث (رضي الله عنها)<div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم</span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">سلسلة أمهات المؤمنين (9)</span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">هي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن بن هلال أحد أشراف قريش وسادتها، وأمها هند بنت عوف سيدة من سيدات مكة اللواتي اشتهرن بالفضل والنسب الرفيع، وخالة خالد بن الوليد (رضي الله عنه).<br />وكان لميمونة أخت شقيقة كبرى هي لبابة (أم الفضل)، وكانت زوجة لعم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه) وأخرى تدعى أسماء تزوجها أيضاً عمه حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء (رضي الله عنه)، وأخرى تدعى لبابة الصغرى هي أم خالد بن الوليد (رضي الله عنه).<br />وهكذا فإن المصاهرة قديمة بين بني عبد المطلب بن هاشم وبين شقيقات ميمونة أم المؤمنين (رضي الله عنها). ولقد كانت الوشائج قوية والصلات متينة.<br /><br /></span><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">نشأتها<br />ولدت ميمونة (رضي الله عنها) في مكة قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بست سنوات لذا أدركت الإسلام صغيرة غريرة، لا تفقه ولا تميز، فبقيت مع أبويها وعشيرتها على خطى الجاهلية يسيرون، يعظمون الأوثان ويقدسون الأصنام، ويعبدون ما ينحتون.<br />وتقلبت في أحضان الجاهلية ترضع من ثديها قيماً زائفة، وتستقي من ينابيعها الآسنة مبادئ زائلة..!<br />ولكنها مع نموها ونضوجها، وتعاقب الأحداث وتوالي الأعوام، كانت تستمع بشيء من الوعي والإدراك إلى أنباء البعث والوحي وغيرها، وتفكر في ذلك وتمعن التفكير، إذ أوتيت فهماً وعقلاً وعلماً وحرية اختيار.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">زواجها<br />عندما اكتملت أنوثتها، ونما عودها، وبلغت مبلغ النساء، جاءها أحد فتيان مكة المرموقين خاطباً يدها، وهو أبو رهم بن عبد العزى، فوافق والدها، وزوجه إياها. وانتقلت ميمونة (رضي الله عنها) إلى دار زوجها، فأقامت معه، راعية لشؤونه مدبرة لأموره حافظة لعهده. لكنها كانت كثيرة التردد على دار أختها أم الفضل لبابة الكبرى وزوجها العباس بن عبد المطلب عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكانت تستمع منها إلى بعض تعاليم الإسلام، وإلى أنباء المسلمين المهاجرين، وإلى أخبار معارك بدر وأحد فيترك كل ذلك في نفسها أثراً عميقاً، وشعوراً إيجابياً ميالاً.<br />وحدث أن ترامت إلى قريش في مكة أخبار غزوة خيبر مشوهة على غير حقيقتها، ففرح المشركون، وأخذوا يسمعون العباس بن عبد المطلب كلاماً مؤذياً، كلما التقوا به عند الكعبة، فيعود إلى داره مغموماً حزيناً.<br />ولم يمضِ وقت طويل حتى جاء الخبر اليقين بانتصار المسلمين وهزيمة اليهود والاستيلاء على خيبر وما فيها.<br />فقام العباس من فوره، ولبس أحسن ثيابه، وخرج إلى الناس، وكأنه في يوم عيد متزيناً متطيباً، وجرى بينه وبين بعض المشركين المتغطرسين تحاور، انتهى بأن خرست ألسنتهم، ولجمت أفواههم حين أخبرهم بأن من نقل إليهم الأخبار قد غرر بهم، وكذب عليهم، ليستخلص حقوقه منهم، وكانت ميمونة (رضي الله عنها) في بيت شقيقتها أم الفضل تتأثر بهم ومعهم وتميل بكل جوارحها إلى الإسلام..، لكن وجودها في بيت زوجها أبي رهم كان يكتم أنفاسها ويقيد منطقها..، ويبدو أنها كانت قد أسلمت ولكنها تنتظر الفرصة المواتية للخروج من قمقم الشرك والكفر إلى رحاب الإيمان، وها هي الفرصة قد واتت!!<br />فعندما عادت إلى بيتها، وضمتها أركان الدار مع زوجها الذي كان مغموماً، متضايقاً حزيناً، لا يطيق كلمة.. دخلت ميمونة (رضي الله عنها) وعلى وجهها علامات البشر والسرور، فياضة الفرحة، بادية الغبطة، فحصل الصدام بينها وبينه، وتلاحيا، ثم أعلن الزوج غضبه عليها، ومفارقتها (طلاقها). فخرجت من عنده إلى بيت العباس تقيم عنده، وكأنها تقيم في بيت أهلها، فأختها أم الفضل بمثابة الأم، والعباس (رضي الله عنه) مكان الأب. فرحبا بها، وأكرما نزلها، وهيّئا لها كل أسباب الراحة!!<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">صلح الحديبية<br />خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمسلمين من المدينة قاصداً مكة المكرمة لأداء العمرة وتعظيم بيت الله، وثار أهل مكة وأقسموا ليمنعوه من دخولها عليهم عنوة. ولما أصبح المسلمون على مقربة من مكة على بعد أميال منها في مكان يدعى الحديبية نسبة إلى بئر ماء كانت هناك، توقفوا لأن قريشاً أقسمت على الحرب والصد واستعدت لذلك. ومما هو جدير بالذكر والتسجيل أن ناقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القصواء توقفت عن المسير في ذلك المكان، ولم يدركوا أبعاد معنى هذه الحركة. فقط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأدركه، فقال: «والله ما خلأت القصواء وليس بها خلق، ولكن حبسها حابس الفيل، والذي نفسي بيده لا تسألني قريش اليوم خطة فيها تعظيم لبيت الله إلا وافقتهم عليها». ثم جرت بين قريش وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مفاوضات ومراسلات، وانتهت بتوقيع معاهدة، عرفت فيما بعد بصلح الحديبية ولقد تضمنت هذه المعاهدة بنوداً عدة، من أهمها:<br />أن يأتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مكة في عام قابل ومعه المسلمون، لا يحملون إلا سلاح المسافر أي السيوف في أغمادها فيقيمون في مكة ثلاثة أيام يؤدون خلالها مناسكهم، وتخليها لهم قريش، ولا يزيدون على ذلك.</span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">عمرة القضاء<br />وعندما حل موعد الأجل المضروب سار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمسلمين، وما أن شارفوا مكة حتى أذّن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم بالوقوف.. إذ استقر رأيه (صلى الله عليه وآله وسلم) على القيام بمناورة بارعة، فأمر بتقسيم المسلمين إلى قسمين، يدخل أولهما مكة للطواف والسعي وأداء المناسك، ويبقى القسم الآخر مرابطاً بسلاحه خارجها، على تمام الأهبة للقاء المشركين إذا ما سوّلت لهم أنفسهم شراً أو عدواناً وغدراً. ثم ساروا حتى انكشف لهم البيت الحرام الذي حيل بينهم وبينه منذ عام مضى، ومنعوا عنه سنوات طوال، فما كادوا يرونه حتى علا صوتهم جميعاً بالتهليل والتكبير. وأحاط المسلمون بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في إعزاز وإكبار، وما أن أهلت جموعهم حتى جلا القرشيون عن مكة مسرعين إلى التلال والجبال التي تحيط ببطن الوادي، لأنهم لم يقتنعوا، ولا يريدون أن يروا محمداً وصحبه يعودون إلى مكة. بعد أن غادروها منذ أعوام تحت جنح الليل الحالك وسواده الداهم أذلاء مقهورين مبعدين، أو هاربين مهاجرين!!<br />وكان قد بقي في مكة عدد من المسلمين المستضعفين ومنهم ميمونة (رضي الله عنها).<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">خلوا بني الكفار عن سبيله<br />دخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة فرحاً، وكذلك أصحابه، وعبد الله بن رواحة (رضي الله عنه) آخذ بزمام ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القصواء فكان يرتجز الشعر.<br />فأراد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أن يمنعه من ذلك، فنهاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقاله له:<br />دعه يا عمر، والله لوقع كلامه أشد عليهم -أي المشركين- من ضربات الحسام، ووقع السهام...!<br />فاستمر عبد الله يرتجز ويردد:<br />خلوا بني الكفار عن سبيله<br />يا رب إني مؤمن بقيله<br />نحن قتلناكم على تأويله<br />ضرباً يزيل الهام عن مقيله خلوا فكل الخير في رسوله<br />أعرف حق الله في قبوله<br />كما قتلناكم على تنزيله<br />ويذهل الخليل عن خليله<br />وكانت ميمونة (رضي الله عنها) تنظر إلى ذلك وتستمع، فيكاد قلبها يقفز من بين جناحيها، إعجاباً وحباً.<br />وطاف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمسلمين وسعى، ونحر الهدي، وحلق رأسه الشريفة، وأتم مناسك العمرة. وأقام مع أصحابه ثلاثة أيام.<br />وقد دخل إليها القسم الذي كان خارجها حارساً، وخرج القسم الذي أدى المناسك.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">ميمونة تعرض نفسها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)<br />لقد كانت ميمونة (رضي الله عنها) إلى عهد قريب مؤمنة تكتم إيمانها، فإذا بهذا الإيمان يتفجر كالبركان عند رؤية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهوت بكليتها إليه، وأعلنت رغبتها على الملأ، ولم تقف عند هذا الحد، بل طلبت إلى العباس زوج أختها أم الفضل أن يعرض الرغبة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن تكون ميمونة له زوجة..<br />موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)<br />ومن غير تردد ولا إبطاء قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا العرض، لماذا؟ لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول فيها وفي أخواتها “الأخوات المؤمنات”، وذلك من خلال تعاطفهن مع الدين الحنيف منذ أن أشرق فجره وعم ضياؤه. أضف إلى ذلك أنها (رضي الله عنها) قد تأيمت حديثاً، وأنها هي التي أبدت رغبتها... وتم العقد، وأصدقها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كمثل غيرها من نسائه أربعمائة درهم.<br />اخرج عنا..!<br />وكانت مدة الأيام الثلاثة التي نص عليها صلح الحديبية قد انقضت، فأرسل القرشيون إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقولون: لقد انتهى أجلك، فاخرج عنا.. فابتسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال لرسولهم: ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم وصنعنا لكم طعاماً فحضرتموه؟ إذ أراد عليه الصلاة والسلام أن يتخذ من زواجه من ميمونة ذريعة لإطالة مدة إقامته، ودعا إلى الوليمة أكابرهم وزعماءهم، فأبوا أن يحضروا، بل قالوا في إصرار: لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا. قالوا ذلك وهم يتوجسون خيفة من بقائه أكثر من ذلك، لأنهم أدركوا ما تركته زيارته هذه من أثر في بعض النفوس والعقول. إذ انتفض المستضعفون، وتكاثر المؤمنون، والتف الكثيرون حوله. وها هي ميمونة بنت الحارث إحدى أبرز سيداتهم لا تكتفي بإظهار إسلامها، بل تضيف إليه ما يزيد غيظهم، حين تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسها زوجة..! وفي هذا الحفل الحاشد أعلن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زواجه من ميمونة.. وحفاظاً منه على نصوص صلح الحديبية لم يبنِ بها في مكة، وطلب إلى مؤذنه أن يؤذن بالتوجه إلى المدينة. وحين أصبح في مكان من ضواحي مكة يدعى سرف على بعد عشرة أميال منها ضرب معسكره، وبنى بميمونة في قبة لها.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">ميمونة في بيت النبوة<br />وصلت ميمونة (رضي الله عنها) إلى المدينة، واستقرت في البيت النبوي الطاهر زوجة كريمة، وأماً للمؤمنين فاضلة، تؤدي واجب الزوجية على خير ما يكون الأداء، سمعاً وطاعةً وإخلاصاً ووفاءً.<br />وضم إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجرتها أختها سلمى أرملة عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، وسيد الشهداء...<br />في هذا العام فجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكبرى بناته زينت فقامت ميمونة (رضي الله عنها) تواسيه وتخفف ما به من ألم المصاب، ولم تكن لتثقل كاهله بشكوى أو طلب.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">الوفاة<br />بعد أن لحق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرفيق الأعلى، عاشت ميمونة سنين عدداً بلغت خمسين عاماً، أمضتها صلاحاً وتقوى، وفية لذكرى سيد ولد آدم، ورسول الهدى، ومعلم الإنسانية محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، لقد أحبت ميمونة فيه الروح والقلب وشفافية النبوة... وقد بلغ من وفائها لذكرى أكرم الأزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أوصت بدفنها في نفس المكان الذي بنى بها فيه، وهو سرف، ويروى أنها كانت تحج ذلك العام عام وفاتها، وداهمها المرض بعد أن أدت المناسك، وحين تماثلت للشفاء، حملت في هودجها إلى المدينة، وكان معها ابن أختها عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) فلما قارب الركب سرف هاجت بها الذكرى، وثارت في جوارحها... فلم يقوَ البدن الضعيف على التحمل فنزلوا بها هناك، وما هي إلا ساعات حتى لفظت الأنفاس الطاهرة، وصعدت روحها العفيفة البريئة إلى بارئها.<br />فقام ابن عباس (رضي الله عنه) بتجهيزها ودفنها.. (رضي الله عنها) وأنزل عليها شآبيب رحمته، وبوأها مقام الأبرار الصالحين.</span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">المصدر: مجلة الوعي .</span></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9171947781975595223.post-55824507531717207062011-02-08T18:28:00.005+03:002011-02-08T18:59:16.376+03:00صفية بنت حيي (رضي الله عنها)<div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">بسم الله الرحمن الرحيم<br /><br /></span><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">سلسلة أمهات المؤمنين (8)</span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br />هي صفية بنت حيي بن أخطب أحد زعماء بني النضير من يهود المدينة. وأما أمها فهي برة بنت سموأل من بني قريظة. والسموأل هو تحريف عبري لكلمة إسماعيل عن العربية، تماماً كما نقل اسم السموأل من العربية إلى الأعجمية بلفظ صموئيل، هذه ملاحظة. وهناك ملاحظة أخرى، فإن كثيراً من أسماء يهود الحجاز واليمن في الجزيرة العربية عامة، كانت مستقاة من واقع البيئة، مثل اسم برة أو صفية أو كعب أو غيرها.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">كان والدها حيي من أشد اليهود عداوة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأكثرهم حقداً على الإسلام والمسلمين، لم يترك فرصة سانحة للنيل من الدعوة الإسلامية والقوة الإيمانية الفتية إلا استغلها وعمد إلى تقويض أركانها، سواء بالتحالف مع عشائر اليهود في المدينة، أم في الفتنة والوقيعة بين الأوس والخزرج، أم السعاية لدى قريش والتحالف معها واستقدام الأحزاب لقتال المسلمين في المدينة. على العموم كان هذا اليهودي كتلة حقد متحركة ومنبع حسد متدفق، ومجمع كره للإسلام وأهله.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">نشأتها<br />كانت صفية فتاة صغيرة، عندما قدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المسلمين إلى المدينة مهاجراً، ولم تكن وهي في تلك السن لتدرك أبعاد الأحداث والوقائع. نشأت في بيت زعيم من زعماء يهود، وكبير من كبرائهم. وكانت على جانب عظيم من الجمال، لم يعرف في يثرب بين العرب أو اليهود من هي أجمل منها، فكانت محط الأنظار، تهفو إليها القلوب وتتمناها زوجة.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">زواجها الأول<br />فلما استدار عودها، ونما جسمها، واكتملت أنوثتها، خطبها أحد فتيان يهود وكبرائهم، اسمه سلام بن مشكم من بني قريظة، ثم فارقها على الخطوبة، ولم تطل عشرته معها.</span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">الزواج الثاني<br />ثم تزوجها كنانة بن الربيع بن أبي حقيق وما أكثر ما تهافت عليها الفتيان والرجال، كل يريد لأن تكون له الحظوة عندها فيظفر بها، إلا أن أباها حيي بن أخطب كان لا يفرط فيها، فلا يعطيها إلا لمن يرى فيه الكفاءة المالية، والاجتماعية، فلا بد للزوج أن يكون غنياً ذا ثروة، وأن يكون سيداً ذا مكانة وسلطة. وهكذا كان ابن أبي حقيق.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">غزوة خيبر وفتحها<br />بعد أن أجلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يهود المدينة عنها، كل اليهود، بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، بسبب غدرهم ونفاقهم ونكوصهم بالعهود والمواثيق التي وقعوها مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعهدوا فيها بالتعايش السلمي، وعدم التعرض للمسلمين بالأذى، إلا أنهم غدروا ونقضوا، فحاربهم عليه الصلاة والسلام وأجلاهم عن ديارهم.<br />بعد هذا ارتحل حيي بن أخطب ومعه ابنته صفية وزوجها ابن أبي حقيق وبنو النضير إلى خيبر، حيث لاذوا بها. ولكنهم ما انفكوا يمعنون في تدبير المؤامرات وحياكة الدسائس ورسم الخطط التي تؤذي المسلمين وتضر بالإسلام.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">ومن خيبر البعيدة، كان حيي بن أخطب لا ينفك يعادي المسلمين، ويدبر المؤامرات فتحالف مع بعض القبائل العربية أمثال غطفان على غزو المدينة، ومهاجمة المسلمين في عقر دارهم، ومفاجأتهم والقضاء عليهم والتخلص منهم. لكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلغته أنباء ذلك التحالف، وتلك المؤامرة، وقبل أن يبدأوه بدأهم، فخرج من المدينة على رأس قوة من المسلمين إلى خيبر ليفاجئ اليهود بغزوهم وقبل أن يأخذوا تمام أهبتهم.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">وهناك جرت بين المسلمين واليهود وهم داخل حصونهم عشرة معارك، لم يحظَ المسلمون في بادئها بأدنى نجاح، ذلك أن خيبر كان فيها عدة حصون وقلاع، وأهلها أصحاب بأس وقوة، ورماة سهام. لذا سقط العديد من المسلمين في تلك المعارك بين شهيد وجريح، وأخيراً فتح الله على المسلمين وانتصروا على اليهود، ودكوا حصونهم وقلاعهم، وقتلوا الكثيرين منهم، وعلى رأسهم حيي بن أخطب داهيتهم ووالد صفية وكذلك زوجها كنانة بن الربيع، ووقع أكثر اليهود أسرى في أيدي المسلمين، وسبيت نساؤهم وكان من بينهن صفية.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">وقوعها في السبي وقصة رؤيتها<br />كان بلال بن رباح (رضي الله عنه) قد اقتاد صفية ومعها ابنة عم لها فمر بهما على قتلى يهود، فصرخت ابنة العم وصكت وجهها، فسمعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أغربا هذه الشيطانة عني... ثم عزل صفية وجعل كساءه عليها، فعرف جميع الصحابة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد اصطفاها لنفسه. وكان مما قاله لبلال مؤنباً: أنزعت الرحمة من قلبك يا بلال حتى تمر بالمرأتين على قتلاهما!! فأسلمت ثم أعتقها، وبعد أن اصطفاها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتزوجها ولاحظ عليه الصلاة والسلام خضرة حول عينيها، فسألها عن سبب ذلك، فقالت: استيقظت ذات صباح يا رسول الله على رؤيا، إذ رأيت القمر يأتي من ناحية يثرب ويستقر في حجري، فحدثت بذلك زوجي كنانة بن الربيع بن أبي حقيق، فاستشاط غضباً لأنه تأول الرؤيا فلطمني هذه اللطمة على وجهي. وقال: أو تريدين أن تتزوجي من ملك العرب..؟!<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">إسلامها وزواجها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)<br />عرض عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإسلام والعتق، وكان مما قاله لها: اختاري... فإن اخترت الإسلام أسكنك نفسي، وإن اخترت اليهودية، فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك. فقالت رضي الله عنها: يا رسول الله، لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني حيث صرت إلى رحلك، وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني بين الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي..! فأسلمت (رضي الله عنها) فأعتقها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل عتقها مهرها...<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خيبر باتجاه المدينة، ولم يعرس بصفية، وقد أردفها وراءه على بعير، وشدها بثوبه، وجعلها من خاصة نسائه. فلما صار إلى منزل يقال له تبار على بعد ستة أميال من خيبر، مال عليه الصلاة والسلام يريد أن يبني بها، فأبت عليه، فوجد في نفسه..! فلما كان بالصهباء بعد ذلك قال لها: ما حملك على الذي صنعت حين أردت أن أنزل المنزل الأول وأدخل بك؟ قالت (رضي الله عنها): خشيت عليك قرب يهود!! فزادها ذلك عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محبة وتقديراً. لقد تغلغل الإيمان وامتلك حبُّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ناصية فؤادها، فباتت تخشى عليه وعلى دعوته ودينه من أذى قومها اليهود، لأنها تعرف ما انطوت عليه نفوسهم من الغدر.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">أبو أيوب الحارس<br />وسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقع أقدام تطيف بالمكان الذي أعرس فيه بصفية، واستمر ذلك إلى الفجر، فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الخباء وجد أبا أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) شاهراً سيفه لا يفتأ يدور حول المكان... فسأله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن سبب تأخره عن الركب فأخبره أبو أيوب أنه كان يخشى عليه من صفية، وما أمر الشاة المسمومة التي صنعتها زوجة سلام بن مشكم ببعيد فطمأنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشهد لصفية بحسن الإسلام، ودعا لأبي أيوب بخير.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">عائشة الغيور<br />ويروى أنه لما اجتلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صفية (رضي الله عنها) رأى عائشة وسط الناس، وكان ذلك في بيت من بيوت حارثة بن النعمان الأنصاري الذي احتشد بنساء الأنصار القادمين لرؤية صفية. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لعائشة: كيف رأيتها يا عائشة؟ فقالت: رأيت يهودية!! فقال عليه الصلاة والسلام: لا تقولي هذا يا عائشة، فإنها قد أسلمت وحسن إسلامها، ولقد حدث من عائشة (رضي الله عنها) أكثر من حادث بحق صفية يدل على غيرتها الشديدة منها.<br />مكانتها بين أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم)<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">كان من عظيم أخلاقه وحسن حكمته (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أنزل صفية من قلبه ونفسه وأهله منزلاً كريماً طيباً... فقد كانت ابنة زعيم قومها، وكانت رضية الأخلاق كريمة الصفات، وأيضاً قد أسلمت واختارت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالأولى أن تكافأ على ذلك كله، وتقدر من أجله. كان إذا خرج لغزوة يغزوها يقرع بين نسائه، ومنهن صفية ويسهم لها كما يسهم لهن من الفيء والغنيمة، ويقسم لها كما يقسم لهن. ويروى أنه قسم لها يوم خيبر وأطعمها ثمانين وسقاً تمراً وعشرين وسقاً شعيراً أو قمحاً. حدث زيد بن أسلم (رضي الله عنه) قال: إن نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في الوجع الذي توفي فيه، فاجتمع إليه نساؤه، فقالت صفية (رضي الله عنها): أما والله يا نبي الله، لوددت أن الذي بك بي. فغمزنها أي أزواج النبي وأبصرهن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لهن: مضمضن.. فقلن: من أي شيء يا رسول الله؟ فقال: من تغامزكن بصاحبتكن... والله إنها لصادقة!!<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">صفية الرقيقة الشعور، المرهفة الإحساس<br />حين حدثت الفتنة أيام عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وحوصر في داره من قبل الثائرين، كانت رضي الله عنها إحدى المدافعات عنه، المنافحات عن كرامة منصب الخلافة، الداعية إلى إحقاق الحق وإزهاق الباطل، المطالبة بالروية والاعتدال وعدم سفك وإراقة الدماء. وقد اضطرت يوم أن هوجم (رضي الله عنه) في داره، وتكاثر الثائرون على بابه، أن تركب بغلتها وتقود فئة من المدافعين بنفسها. إذ روى أحد شهود ذلك اليوم قال: كنت أقود بصفية لترد عن عثمان، فلقيها الأشتر (جاء في الرواية أن اسمه كنانة) فضرب وجه بغلتها حتى مالت، فقالت ردني... لا يفضحني هذا!! وحين اشتد الحصار عليه، فمنع عنه الطعام والشراب، اتخذت خشباً كالعارضة أو الجسر من سطح دارها إلى داره، وراحت تنقل إليه من فوقه الماء والطعام... فقد كانت تريد أن تدفع الأذى والفتنة عن المجتمع الإسلامي، والسلطة التي يمثلها الخليفة أيا كان هذا الخليفة.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)<br />أقامت (رضي الله عنها) بعد لحوق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرفيق الأعلى في خاصة دارها -حجرتها-، عابدةً تصلي وتصوم وتقوم، وتفعل الخير، وتبذل من ذات يدها كل ما تقدر عليه، وكان كبار صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقدرونها وفاءً منهم لنبيهم، ويحترمونها إخلاصاً منهم لشعوره (صلى الله عليه وآله وسلم) وحبه لصفية التي آمنت وأسلمت صادقة. كانوا يزورونها في بيتها، ويسألونها حاجتها، ويقدمون لها كل ما يلزم، إن احتاجت لأمر أو شيء من الشؤون الدنيوية، ويجلونها في رأيها، ويستشيرونها إذا ما حزب أمر.<br /><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">الوصية والوفاة<br />روى أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: ورثت صفية مائة ألف درهم بقية أرض، فأوصت لابن أختها وهو يهودي بثلثها. فأبوا أن يعطوه وينفذوا وصية صفية، وكانت لا تزال على قيد الحياة، فكلمت في ذلك عائشة (رضي الله عنها)، فأرسلت إلى من يعنيهم الأمر تقول: اتقوا الله وأعطوه وصيته، فأخذ ثلثها (أي الوصية). وكانت لها دار فتصدقت بها في حياتها. ولما كان في العام الثاني والخمسون من الهجرة، وكانت صفية (رضي الله عنها) قد جاوزت العقد السادس من العمر، اعتلّت، ثم وهنت، وعانت من أعراض وأوجاع المرض، ثم وافاها الأجل، وكان ذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان ودفنت بالبقيع.<br />رضي الله عن أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب وتقبلها بقبول حسن، وبوأها من لدنه أرفع الدرجات وأسماها، وألحقنا بالصالحين من عباده.</span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;"><br /></span></div><div><span class="Apple-style-span" style="font-size: large;">المصدر: مجلة الوعي .</span></div></div></div>ياأمة الإسلامhttp://www.blogger.com/profile/11444018825659615950noreply@blogger.com0