الخميس، 1 أكتوبر 2009

أمة الإسلام... أمة استعلاء وشموخ


قد يتساءل المرء ما الذي دفع بلال بن رباح أن تهون عليه نفسه، فلم يعُد يهتم بما يحدث له في سبيل الله، بعد أن أمر زعماء قريش صبيانهم أن يطوفوا به في شعاب مكة وشوارعها ليكون عبرة لمن تحدثه نفسه أن يتبع محمداً، وبلال لا ينطق إلا كلمة واحدة، هي: أحد ،أحد، ؟؟؟!!!!

وما الذي جعل آل ياسر يصبرون على أذى قريش وقد وكِّل أمر تعذيبهم إلى بني مخزوم، يخرجون بهم جميعا ؛ ياسر وسمية وعمار كل يوم إلى رمضاء مكة الملتهبة، ويصبّون عليهم جحيم العذاب ألوانا وفنونا؟؟!!

وما الذي جعل سمية التي نالت نصيبا فادحا رهيبا من العذاب أن تثبت ثبوت الجبال الراسيات ؟؟؟..

وهذا أبو بكر - رضي الله عنه - يردد , والمشركون يتناولونه بالأذى ; ويضربون وجهه – رضي الله عنه- بالنعال, وهو يردد " رب ما أحلمك ! رب ما أحلمك ! رب ما أحلمك !... "

وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول , وقد تناوله المشركون بالأذى - لأنه أسمعهم ما يغيظهم من القرآن في عقر دارهم في ناديهم إلى جوار الكعبة - حتى تركوه وهو يترنح لا يصلب قامته ! كان يقول بعد كل هذا الأذى الذي ناله:"والله ما كانوا أهون عليّ منهم حينذاك ! ".

وعبد الله بن مظعون - رضي الله عنه - يقول , وقد خرج من جوار عتبة بن ربيعة المشرك , لأنه لم يستسغ لنفسه أن يحتمي بجوار مشرك ليكف عنه الأذى , وإخوان له في الله يؤذَوْن في سبيل الله. وقد تجمع عليه المشركون - بعد خروجه من جوار عتبة - فآذوه حتى أصابوا عينه فذهبت ، كان يقول لعتبة وهو يراه في هذه الحال فيدعوه أن يعود إلى جواره:" لأنا في جوار من هو أعز منك ! " وكان يرد على عتبة إذ قال له:" يا ابن أخي لقد كانت عينك في غنى عمَّا أصابها ! " يقول" لا والله ، وللأخرى أحق لما يصلحها في سبيل الله ! " كان يعلم أن جوار وحماية ربه – عز وجل- أعز من جوار وحماية المخلوقين العاجزين.
إنه المستيقن أن ربه لا يتخلى عنه , فهو يعمل في سبيل الله ويقول:" لا والله. وللأخرى أحق لما يصلحها في سبيل الله "..

ثم ماذا كان بعد احتمال الأذى من صناديد المشركين ؟؟؟

ماذا بعد هذا الثبات ؟؟؟

وسؤال آخر ما الذي جعل الأخ يواجه أخاه والابنُ أباه والأبُ ابنَه، وبنو العم يواجهون بني عمهم.

أبو عبيدة عامر بن الجراح يقتل أباه ، وعمر بن الخطاب واجهه خاله العاص بن هشام فضربه عمر بن الخطاب ؛نعم، ضرب خاله ضربة صرعه بها ، ومصعب بن عمير أسر أخاه أحدُ الأنصار،والأخ يستنجد بأخيه فقال مصعب بن عمير: عليك به فإن له أما تفديه، قال أهذه وصافك بأخيك يا مصعب، قال: أنت لست بأخي بل الأنصاري أخي من دونك فأنزل الله تعالى {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }المجادلة22

لماذا هذا كله ؟؟ ولماذا يقف الصحابة رضوان الله عليهم هذه المواقف ؟

لماذا يدفع صهيب الرومي ماله لكفار قريش شامخاً.

هؤلاء وغيرهم الكثير الكثير من أبناء الأمة الإسلامية وعلى مر العصور كان ولاؤهم لله وحده وهم سائرون في طريق الدعوة إلى الله. لقد كان الواحد منهم واثقاً أن الله خالقه ومالك نفسه لا يعجز عن عقاب أعدائه وتدميرهم واستئصال شأفتهم.
كان واثقاً أن ربه لا يتخلى عن أوليائه ! ذلك لأنه استصغرهم ؛ فهو في معية الله ولي المؤمنين الصابرين الثابتين على الحق.

واليوم وبعد أن فقد المسلمون دولتهم أراد لهم أعداؤهم أن لا يسيروا على إسلامهم ولا تكون لهم وجهة واضحة فتم إدخال ونقل مفاهيم الحضارة الغربية إلى بلاد المسلمين ليحملها المسلمون بدلا عن دينهم. وفي الوقت نفسه يعمد أعداء الأمة لصبغ العالم بصبغة الحضارة الرأسمالية ، وصياغة شخصية المسلم صياغة جديدة ، بحيث لا يجد غضاضة في ترك الواجب وفعل الحرام ، ثم إفساد الذوق الإسلامي لديه ، وقتل الحمية للإسلام في نفسه ، فلا يبغض الكفر والكافرين ، ولا يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر ، وبالتالي هدم الإسلام في نفوس أبناء الأمة الإسلامية وفصل دينهم عن حياتهم ؛ ولا يعني هذا بالضرورة أن يكفروا بالله- تعالى- أي ينكروا وجود الله ؛ بل يعني أن يفصلوا الدين عن حياة أبناء المسلمين – وإن صاموا وصلوا – فلا يُحَكِّمونه في كل ما يواجههم في حياتهم ولا يجعلونه مقياسا يقيسون به كل فكر.

وأكثر من ذلك ؛ العمل جار على حرف المسلمين عن دينهم وتمييع شخصياتهم وعلى ضرب المفاهيم الأساسية عندهم ومنها ضرب مفهوم الولاء لله تعالى وحده. بحيث يجد المسلم نفسه أمام عدة مرجعيات أو ولاءات يتأرجح بينها تتقاذفه هنا وهناك كالكرة بين اللاعبين، لا يعرف وجهة ولا هدفا ولا غاية ولا طريقة.

إن صاحب المبدأ ، وصاحب العقيدة الإسلامية ، والحامل لدعوة الله – عز وجل لن يبلغ غايته ، ولن ينتصر على أعداء دعوته إلا بثقته بالله خالق الكون والإنسان والحياة, وإلا أن يعتقد اعتقادا جازما لا يتطرق إليه أدنى شك {إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ } الأعراف 196.

بقلم : عاهد ناصرالدين

العيد مظهر من مظاهر وحدة المسلمين



ودعنا شهر رمضان الكريم،هذا الشهر الذي كثرت فضائله وخيراته وهو مظهر من مظاهر وحدة المسلمين .

ودعنا شهر رمضان لنشكر الله ونكبره في كل بقعة من بقاع الأرض يوجد فيها مسلمون فالأمة الإسلامية العظيمة اتسعت رقعة بلادها، وكثر أفرادها ففاقوا المليار، وهم أخوة لا فرق بين من يعيش في السودان أو مصر أو اندونيسيا أو المغرب، ليتجسد بذلك مظهر آخر من مظاهر وحدة المسلمين وهم يرددون فرادى أو جماعات في البيوت أو في المساجد " الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله ، الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد "

إلا أنه يلاحظ أنه لا يروق للمستعمرين أمر هذه الوحدة ولا مظاهرها فقد هدموا دولة الإسلام ويعملون للحيلولة دون رجوعها ، ومن هنا يأتي الخلاف السياسي في بدء الصوم وفي نهايته ليحدث ما يتنافى مع هذه الوحدة رغم توفر الأدلة التي توجب البدء في يوم واحد، ورغم توفر إمكانات الرؤية والإتصال بين المسلمين لإيصال خبر ثبوت هلال رمضان أو هلال شوال.

وفي هذا العيد حدث اختلاف عظيم في فطر المسلمين في ثلاثة أيام مختلفة (السبت والأحد والاثنين) وذلك أمام مرأى ومسمع العالم عامة والمسلمين بخاصة، والمشكلة انه يستحيل أن يبدأ الشهر بثلاثة أيام مختلفة، فالشهر القمري هو تسعة وعشرون يوماً، وإذا لم ير الهلال تكمل العدة ثلاثين يوماً.

لقد ميز الله – عزوجل- الأمة الإسلامية على سائر الأمم بملة الإسلام،وجعلها أمة واحدة {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ }المؤمنون 52
ولما هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وأقام الدولة الإسلامية عمل على توحيد المسلمين جميعا وأبرم وثيقة ورد فيها"بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس. "

فالأمة الإسلامية أمة واحدة بأفكارها ومشاعرها وتراحمها وتعاطفها كما في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى } . وفيهما عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه } .

هذه الوحدة التي تمنع تمزُّق العراق والسودان، وتعيد اللحمة إلى الصومال، وتزيل الحدود والسدود التي رسمها الكفار المستعمرون من أطراف المحيط الهادي حيث إندونيسيا وماليزيا إلى شواطئ الأطلسي حيث المغرب والأندلس. إنها التي تنشر العدل والخير، وتُعز الإسلام والمسلمين، وتقطع دابر الظلم والشر، وتُذل الكفر والكافرين.

إن المشكلة في العالم الإسلامي اليوم هي أن كل دولة في بلاد المسلمين تعتبر نفسها كلاً وليس جزءً من الأمة الإسلامية، وإن نصّت بعض الدساتير فيها على غير ذلك، فصارت كل دولة تتخذ قراراتها دون مراعاة لسائر المسلمين، لأنها تعتبر نفسها كياناً مستقلاً عن سائر المسلمين ولا حق للمسلمين خارج كيانها للتدخل فيه، ومن ذلك إعلان الصيام وإعلان الافطار، فترى كل دولة تعلن وكأنه لا يوجد مسلمون في غيرها، وهذا هو السبب في بقاء الاختلاف بين الدول في العالم الإسلامي، ولو أن هذه الدول تعتبر نفسها أجزاء من كلٍ لربما توحدت المواقف في كثير من المسائل والقضايا كنصرة المستضعفين من المسلمين الذين قد ضاعوا بسبب هذه الدويلات. ونحن لو فكرنا قليلاً نجد انه مثلاً لو ثبت هلال شوال في منطقة وادي حلفا في أقصى شمال السودان ولم يثبت في أسوان بأقصى جنوب مصر، فإن أهل الخرطوم سيفطرون، ولكن لماذا لا يفطر أهل أسوان وهم أقرب لوادي حلفا، فنحن إخوة ولا عبرة باختلاف المطالع، وهذه الحدود الوهمية صناعة الكافر المستعمر ولا ينبني عليها شرع، فلا فرق بين المسلمين أينما سكنوا فكلنا أمة واحدة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: أبصرت الهلال الليلة، فقال : »أتشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله ؟ قال: نعم، قال: قم يا فلان فأذن بالناس فليصوموا غدا» رواه ابن خزيمة.

كان القمر من قبل يطلع على بلاد الشام طلعة واحدة عندما كانت أمة الإسلام أمة واحدة ، لها خليفة واحد ، ولكن عندما تم هدم دولة الخلافة ، وعقدت معاهدة سايكس بيكو التي رسمت الحدود الجغرافية ، وفرقت بلاد المسلمين ، بعد ذلك سارع القمر ( السياسي ) للإلتزام بها ذراعاً بذراع ، شبراً بشبر !!! تماماً كما التزم بذلك حكامها ، وصار يُهل على بلاد الشام – بعد المعاهدة – بأكثر من مطلع ، تماما كما قسمها الكافر المستعمر ، فصار يطلع على (سورية) مطلعاً مغايراً لمطلع لبنان.

والعجب العجاب أنك تجد في البلد الواحد من يصوم ومن يفطر كالعراق ،وتجد من يعيش في رفح المصرية يكون مفطرا في حين من يعيش في رفح الفلسطينية يكون صائما أو بالعكس ، وما الذي يفصل بينهما غير التقسيم السياسي ؟!!

نحن أمة واحدة والواجب أن تتوحد الأمة الإسلامية كما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فيجب علينا أن نسعى لتوحيد الأمة بالطريقة الشرعية وذلك بأن يكون للمسلمين إمام واحد يأمر المسلمين في كل مكان أن يتحروا الرؤية وعند ثبوتها يأمر فلاناً أن أعلم المسلمين في العالم ببدء رمضان أو ببدء شوال . فهذا هو الواجب ونسأل الله عز وجل أن يعيد علينا مثل هذه الأيام وأمتنا واحدة يقودها رجل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

بقلم : عاهد ناصرالدين

خاطرة : الزيدي مثالا من أمة كبتت و ظلمت لكنها ستنتصر



أثارت مقابلة الجزيرة مع منتظر الزيدي في نفسي الأشجان وصحبتني العبرات وطربت أذني وشُد انتباهي لسماع الزيدي يقص حكايته في برنامج حوار مفتوح، وبالرغم من أن الحوار لم ينته بعد وبالرغم من أن الحكاية لم تبلغ حلقاتها النهائية بيد أن هذه القصة شكلت في تقديري علامة فارقة وأنموذجاً يحتذى به لأبناء خير أمة أخرجت للناس.

ففي الوقت الذي ينافح فيه البعض عن صولة الدول الغربية في العالم وعن جدارتها لذلك، ويهاجم البعض الآخر الأمة الإسلامية ومبدأها بكلمات صريحة أو من طرف خفي، ويتساءل المغرضون مشككين هل لهذه الأمة إلى خروج من سبيل؟ هل لهذه الأمة من عودة لماض تليد؟ هل لهذه الأمة من سؤدد وعز وتمكين منتظر؟ أم أن التاريخ مزيف؟ أم أن هذه الأمة لم تكن في يوم من الأيام في الريادة والطليعة؟ هل من المعقول أن زيداً وعمراً وعبد الله وعبد الرحمن والقعقاع كانوا يوماً أسياداً للعالم؟ كما هم اليوم جورج وجون وجاك؟

نعم في هذا الوقت العصيب والغريب تأتي قصة الزيدي بعد حادثته لتميط اللثام وتكشف الغشاوة عن حقيقة تلك الحادثة ولتبين حقيقة الدافع الذي يقف خلفها، ولتعطي مثالاً على أبناء الأمة الذين لم تتح لهم فرصة الزيدي من قبل ولم يتمكنوا من التعبير عن فكرهم وشعورهم الذي فاض حتى ملأ الآفاق.

في حكاية الزيدي مثال لمن رفض الضيم ورفض الخنوع والتسليم بالأمر الواقع، وكم من أبناء المسلمين من رضي وتابع وكم منهم من كان شعاره ودثاره(ضع رأسك بين الرؤوس وقل يا قطّاع الرؤوس) أو (الباب اللي بيجيك منه الريح سدوا واستريح)، فهل أغنى عن هؤلاء بعدهم عن ولوج غمار العمل لنهضة الأمة والذود عنها؟! أم أنه أصابهم ما أصابهم؟!

وفي حكاية الزيدي مثال على من قدم مصلحة أمته على مصالحه الشخصية ومن رضي اقتحام الصعاب تاركاً خلفه دنيا طمع
فيها الطامعون وتمناها البسطاء والمغفلون،

وفي حكاية الزيدي كذلك دليل ساطع على مدى عبودية الأنظمة لأربابها في واشنطن ولندن وباريس ومدى خضوعها لها وعن مدى الحقد الذي يعتمر صدور زبانية تلك الأنظمة على كل من يؤذي أسيادهم بحذاء أو حتى بكلمة، فهؤلاء قد انحازوا إلى صف أعداء الأمة فكانوا حرباً عليها سلماً لأعدائها،

وفي حكاية الزيدي خير مثال على مدى حرص الأنظمة على إشاعة الفتنة بين المذاهب المختلفة وسعيهم لإذكاء نارها وفي موقف الزيدي خير مثال على مدى رفض الأمة لتلك العصبيات والمذهبيات.

إن حادثة رمي الزيدي لبوش بنعليه ليست حادثة عابرة بل إنها تختزل مدى ما وصلت إليه الأمة من إدراكها للظلم الذي وقع عليها ومدى تقززها من الأنظمة والأوساط السياسية التي استمرأت الذل وعاشت على الاستجداء والمهانة والعبودية،
فالحادثة كانت رسالة لكبير قوى الشر والطغيان الذي تعلقت آمال البعض بوعوده ورؤاه، رسالة عجزت عن إيصالها الجيوش الرابضة في ثكناتها وخجل منها السياسيون الضعفاء والأجراء.

إن حادثة الزيدي قد حظيت بتغطية إعلامية -وحق لها ذلك- لكنها ليست الوحيدة التي تعبر عما وصلت إليه حال الأمة بل إن الكثير من أبناء الأمة صدعوا بكلمة الحق أمام الظالمين وجها لوجه وواجهوا ما أصاب الزيدي ولكن بعيدا عن وسائل الإعلام وهناك في صدور أبناء الأمة الشيء الكثير مما لم يتح لهم إظهاره، ولئن أحيانا الله لأيام وأعوام قادمة لنرين من أبناء المسلمين العجب العجاب سيما إن قامت لهم دولة وقادهم خليفة وإمام نحو ساحات الوغى.

إن أمة أنجبت قادة عظاماً كأمثال الفاروق وخالد بن الوليد وصلاح الدين وقطز لم يكن غريبا عليها ان تنجب أمثال الزيدي ولن يكون غريبا عليها أن تلد أرحام نسائها جيوشاً ممن باعوا أنفسهم رخيصة لعلو شأن أمتهم ولرفع راية التوحيد.
فهل أدرك كل من غفل فظن أن تاريخ الأمة لن يعود وأن الأمة قادرة على أن تستعيد مكانتها؟

هل أدرك كل من شكك بقدراتها أن للأمة ميزات ليست كغيرها وأنها منبع للرجال وأن أبناءها في تضحياتهم وتفانيهم في سبيل الذود عنها وعن مبدئها ليسوا كغيرهم؟

هل أدرك هؤلاء أن الأمة مهما ظُلمت وكُبتت فهي سائرة حتما نحو الظفر؟!

إنه يوم يراه الكافرون ومن لف لفيفهم بعيداً ويراه المؤمنون الذين يتطلعون نحو العز قريباً.

أ.علاء أبو صالح
28/9/2009