إن الحديث عن أي شيء في هذا الوجود لا يستقيم إلا بالحديث عن الإنسان، لأنه محور الوجود وركيزته؛ لذلك كرمه الله:
أولاً: بالعقل ليدرك من خلاله وجود الله تعالى، فاستعمله الإنسان في غير محله فشقي وتاه،
ثانياً: خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، وخلق كل ما في السموات والأرض لأجله، فقلب الإنسان الآية، وعاش هو، بل ومات من أجل أرزة أو نجمة أو تراب، من أجل بعض الموجَدات.
ثالثاً: كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بأن جعله عبداً له، فأبى الإنسان إلا أن يكون عبد شهواته ونزواته.
لقد خلق الله الإنسان، وأوجد فيه طاقة حيوية تتطلب الإشباع، ليبقى هذا الإنسان على قيد الحياة، وليضمن حياة هنيئة مستقرة. وهذه الطاقة الحيوية المتمثّلة بالحاجات العضوية والغرائز، هي التي تدفع الإنسان إلى القيام بالأعمال التي نراه يقوم بها. فهو يسعى ليأكل ويشرب ويلبس، كما ويسعى ليتملك ويقدّس، إلى غير ذلك من الحاجات التي نراه يسعى لإشباعها. وعندما اندفع الإنسان ليحصل على ما يحتاج إليه من الأشياء من حوله، وجد نفسه أمام مشكلة يجب أن يجد لها حلاً، وهي تتعلق بطريقة إشباع حاجاته وغرائزه، أو بعبارة أخرى معرفة النظام الذي سيسير عليه حين القيام بعملية الإشباع. وممّا يحتّم على الإنسان وجود نظام في حياته يسير عليه، هو أن كثيراً ممّا يحتاج إليه موجود لدى غيره من الناس، ولا بدّ له من الاجتماع معهم، وهو ما أدى إلى قيام علاقات دائمية بين الناس من أجل تبادل المصالح، وهذه العلاقات الدائمية، وما ينتج عنها من مشكلات، تحتاج إلى نظام ينظّمها ويعالجها.
لذلك بدأ الإنسان يعيش حالة من الصراع، بين ضوابط معينة وضعها بنفسه، فحيناً يلبسها حلة إلهية مقدسة، وحيناً ينـزع عنها هذه الحلّة، وبين رغباته التي لا تقف عند حد إذا ما أطلق لها العنان، إلى أن توصله إلى ما دون مستوى الحيوان. فكانت العصور الوسطى، وما حصل فيها من ظلم وطغيان وشقاء، تحت شعار أن رجال الدين هم ممثلو الله على الأرض، وبالتالي لا يحق لأحد أن يعترض أو يناقش، إلا أنّ هذه الأحكام كانت أحكاماً بشرية، أُلبست كما قلنا لبوسَ الإلهية وهي ليست كذلك، بل كانت مجردَ رغباتٍ لفئة معينة من الناس، وبعد صراعٍ دامٍ نقل الإنسان صلاحية إصدار الأحكام إلى فئة أخرى من الناس، هم ممثلو الأمة أو الشعب كما أوهموه، إلا أنه لم يتغير في الجوهر شيء، فتسلَّم أمرَ التشريع فئة أخرى من الناس، لم تلبسها لبوس الدين هذه المرة، بل لبوس الحرية وسيادة الناس والشعب والأمة، فلم يتغير الحال وبقي الظلم سائداً، بل إنّ الظلم قد ازداد، وعمّ الناس الشقاء وإن كان بمسمى آخر.
وبعد أن جاء المفكرون الغربيون بفكرة فصل الدين عن الحياة وعن الدولة، جعلوا حقّ التشريع للإنسان، متخذين الحقوق الطبيعية أساساً لذلك. وهذه الحقوق حسب نظرتهم تولد مع الإنسان، كحقه بالحياة والحرية والمساواة، وما يتفرع عنها من سلامة الجسد والعيش بأمان، أو حرية الرأي والمعتقد، وأن يتصرف في شؤون حياته على أي وجه يريد إلى غير ذلك من الحقوق.
والناظر في فكرة الحقوق الطبيعية التي بَنَوْا عليها وجهة نظرهم في مسألة التشريع، يجدها باطلة بطلاناً مطلقاً، فالله تعالى أوجد في الإنسان الغرائز والحاجات العضوية التي تتطلب الإشباع، أي الطاقة الحيوية التي تدفع الإنسان للقيام بالأعمال، وهذه الطاقة الحيوية هي التي تعدّ فطرية، وهي جزء منه، ولكنّ كيفية إشباع هذه الطاقة الحيوية، ليست جزءاً من تكوينه، فالجوع والعطش وحبّ التملك وحب السيادة وغيرها من الحاجات ومظاهر الغرائز، هي من الأمور التي تولد مع الإنسان، أما كيف يشبع الإنسان حبه للتملك أوكيف يشبع جوعة معدته، أو كيف يشبع طموحه للسيادة والسلطة، فهذا ليس من طبيعة الإنسان، وإنما يتم بإخباره مجموعة من المفاهيم يسير بحسبها في حياته، وهذا واضح من أن كل الناس لديهم هذه الجوعات، ولكنها تختلف بكيفية إشباعها، وتختلف بطريقة عيشها، ممّا يعني أن الحقوق الطبيعية ليست جزءاً من الإنسان. وعلاوة على ذلك فإنها لو كانت حقوقاً طبيعية لرأيناها متجسدة في كل إنسان، أو على الأقل يطالب بالحصول عليها كلّ إنسان، ويشعر بالحاجة إليها لو كانت جزءاً منه، وهذا غير حاصل، إذ المسلم لا تتجسد فيه فكرة الحقوق الطبيعية، بل إنه يعتبرها باطلة، ويؤمن أن الله تعالى وحده هو من يبيّن له حقوقه.
ولأن فكرة الحقوق الطبيعية من نتيجتها الحتمية أن يعتديَ الإنسان، وهو يمارس حقوقه الطبيعية، على حقوق الآخرين، كان لا بد من ضوابط تنظم عمل الإنسان. هذه الضوابط، إذا أردنا ان ننطلق من مفهومهم للحقوق الطبيعية، فيها اعتداء على تلك الحقوق، لأنه لا يستطيع أن يمنع الحق إلا من أعطاه، فكيف يقيدون حريته بالسجن، وحقه الطبيعي أن يكون طليقاً لأنه ولد كذلك، وكيف يمنعونه من ممارسة الزنى مع فئة عمرية معينة وهذه حرية شخصية، ولو تجاوزنا هذا الأمر، نرى أن الإنسان وضع لنفسه نظاماً حدد بموجبه ما هو حسن أو قبيح، وما هو خير أو شر، بناء على رغباته وأهوائه، معتبراً أن الفيصل في ذلك هو للأغلبية أو للأكثرية من الناس، فمتى كانت الحقيقة تؤخذ من العدد، ومتى كان الحق يعرف برفع أيدٍ صبغتها الجريمة، وخفض أيد أخرى مجبولة عليها، قال تعالى: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) [الأنعام 116].
إن الإنسان عاجز عن وضع النظام الصحيح الذي يؤمِّن له الطمأنينة والرفاهية، وذلك لأنّ عقله عاجز عن إدراك كنه الطاقة الحيوية لديه وما يصلح لها، ونتيجة لعدم إحاطة عقله بذلك، لم يعد العقل هو أساس النظام، وصار الإنسان يشرّع بناء على ما يهواه وما يراه موافقاً لطبعه. فترى دولة تبيح عملاً معيناً، والدولة التي بجوارها تمنعه، مع أنهم قد يكونون من شعب واحد، وظروفهم واحدة، وهذا مثلاً ما نشاهده في الولايات المتحدة، إذ إنهم يحملون ذات القيم والأفكار، ومع ذلك اختلفت الولايات في القوانين المتبعة في اداراتها فيما بينها، وفيما بينها وبين الإدارة المركزية، أو كما هو حاصل في أوروبا، وفي كل دول العالم، مع أن الإنسان هو الإنسان، سواء أكان في كاليفورنيا أم تكساس، أو كان في فرنسا أم هولندا، أو كان في لبنان أم إيران، فالإنسان لا يتغير حاله بتغير المكان، ولا حتى الزمان، لأن متطلباته ثابتة، أما المتغير فهو وسيلة إشباع هذه المتطلبات. هذا الاختلاف والتناقض في الحكم على عمل واحد، مع وحدة الظروف والأوضاع، من الإنسان نفسه، يدل دلالة قاطعة على أن الإنسان عاجز على أن يضع نظاماً صحيحاً لنفسه، لأن البشر جميعهم اليوم وفي كل عصر قد اتفقوا على بعض الأمور والقضايا؛ لأن حقيقتها واضحة جلية، كالأمور العلمية مثلاً، وهذا يعني أن اختلافهم على شيء ما في الحكم عليه، هو دليل عجزهم عن الوصول إلى الحق فيه، لذلك ترى ما حل بالعالم نتيجة تحكم أهواء بعض الناس، بما صار يعرف بالقانون الوضعي، وهو ما صار الناس يتداولونه باسم الديمقراطية.
ولنعرف ما فعلت الديمقراطية بشعوب العالم، لا بد من لمحة سريعة عن المعطيات الحالية، ولن نتحدث عما فعلته الدول الديمقراطية المتحكمة بشعوب العالم، فهذا مما لا يخفى على أحد من الناس، ولكن نريد أن نعرف كيف تعيش هذه الشعوب، وإلى أي مدى وصلت.
ولنبدأ من السلطة الأعلى في الدولة الأقوى، أي مجلسي الكونجرس في أميركا، الذي يشرع للناس، فهناك: 7 أعضاء اعتقلوا بتهمة الاحتيال، و8 بتهمة السرقة من المتاجر، و19 اتهموا بإصدار شيكات بلا رصيد، و17 منهم لا يستطيعون الحصول على بطاقة اعتماد مصرفية نتيجة سوء سمعتهم، و29 اتهموا بإساءة معاملة زوجاتهم، و84 أوقفوا بتهمة قيادة السيارة بحالة سكر، و14 اعتقلوا بتهم تتعلق بالمخدرات، أظن أنه إذا كان من يضع النظام هذا حاله، فهنيئاً للعالم بهذا النظام!
أما على صعيد الشعب فتعداد سكان الولايات المتحدة يزيد عن 300 مليون نسمة، 76 مليون منهم يشربون الكحول بأجواء عائلية، ينفق المراهقون على الخمور سنوياً 27 مليار دولار، وينفق الشعب الأميركي عليها 108 مليارات، مليون أميركي يتعاطون الكوكايين بشكل منتظم، 50 مليون أميركي يزورون العيادات النفسية سنوياً، و12 مليون من أطفال أميركا يعيشون تحت خط الفقر، 50% من الذكور ومليون ونصف مليون إمرأة قد مارسوا الشذوذ الجنسي، 22% من النساء اعتُدي عليهنّ بالاغتصاب، بلغت نسبة الأسر بلا زواج 48% عام ألفين، ونسبة الآباء الذين لم يتزوجوا 35% ، والأمهات 42%، 22% من الأميركيين يعتقدون أنهم سيدخلون جهنم بعد الوفاة، و28% من الطلاب يرون الحياة جحيماً لا معنى لها، كل 17 دقيقة هناك محاولة انتحار في أميركا أي ما يزيد عن 80 محاولة يومياً، وكل ست ساعات ينتحر مراهق بإطلاق النار على نفسه، و45% من المراهقين لا يشعرون بالأمان داخل مدارسهم، يقتل في أميركا يومياً 65 شخصاً بسبب العنف، مليون من القاصرات في أميركا يحملن دون زواج، و400 ألف منهن يقمن بعملية إجهاض، واحد من كل خمسة من الأميركيين يعاني من التعاسة والكآبة، بشكل متوسطي يقتل في أميركا طفلان كل يوم، وأن ثلث الضحايا يموتون على أيدي أطفال مثلهم، يوجد في أميركا 171 ألف شخص بلا مأوى، 171 ألف أميركي تقل أعمارهم عن 18 سنة قاموا بعمليات تجميل وخاصة لتعديل الأنف، إن متوسط دخل الأميركي الأبيض يفوق بعشرة أضعاف متوسط دخل الأميركي الأسود، حيث يتقاضى الأبيض حوالى 67 ألف دولارمقابل 6 آلاف دولار للأسود، 23 ولاية أميركية تأخذ ضرائب على تجارة المخدرات المحظورة، (ويوجد) في سجون أميركا ما يزيد عن مليونين ونصف المليون، بنسبة 741شخصاً لكل 100 ألف.
أما بقية العالم، فقد احتلت النرويج المرتبة الأولى في معدل الجرائم الناجمة عن تعاطي المخدرات، سجل عدد السرقات اليومية في مدينة لندن 175حالة، ويعيش 20% من سكان بريطانيا تحت عتبة الفقر، يبلغ معدل الجرائم اليومي لمدينة زيوريخ السويسرية 250 جريمة، وصل عدد السلع المزورة في إيطاليا إلى103 ملايين سلعة، سيدة من كل عشر سيدات تعرضت للاغتصاب تحت سقف بيتها في فرنسا، وتموت سيدة واحدة كل خمس أيام جراء اعتداءات من جانب الأزواج، ويمتن بين طعن بالسكين وإطلاق النار عليهن وخنقهن، تحتاج فرنسا إلى 6 مليارات يورو تقريباً لمواجهة الآثار المرضية للابتزاز الجنسي الذي تتعرض له البنات، وهناك 186 ألف شخص يعيشون بلا مأوى في فرنسا، 52% من المستطلعة آراؤهم في النمسا وألمانيا يفضلون حياة المخادنة على الحياة الزوجية، و42% لم يمانعوا أن يسمح رسمياً للرجل بالزواج من رجل، و40% من نساء السويد اللواتي أجري عليهن استطلاع في استوكهولم أعلنّ أنهن يخن أزواجهن، 96% من تلاميذ المدارس في اليونان ممن تقل أعمارهم عن 16 سنة معتادون على شرب الخمر، و18% منهم مدمنون على المخدرات، و90% من شباب هولندا يشربون الخمر و30% منهم مدمنون عليها، وليس مستغرباً أن يعرب علماء اجتماع نرويجيون عن قلقهم إزاء ارتفاع نسبة زنى المحارم، وبلغت تكلفة التجسس السنوية على الهواتف في إيطاليا 2.5 مليار يورو.
هناك مليار و200مليون شخص يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم، ومليار يعيشون في مدن الصفيح، وما يزيد عن 750 مليون شخص يعانون من سوء تغذية مزمن بينهم 180 مليون طفل تقل أعمارهم عن 10 سنوات، وهناك 700 ألف طفل وأمرأة تمت المتاجرة بهم لأغراض الدعارة، وبيع 20 مليون طفل في ظل ظروف معيشية صعبة في العشر سنوات الأخيرة، وهناك ما يقارب 300 مليون طفل يشاركون في نزاعات في العالم، ويوجد في العالم 21 مليون لاجئ، و180 مليون مدمن على المخدرات، وهناك مليار و100مليون نسمة لا تصلهم المياه النظيفة، ومليونا شخص يعانون من الجوع الدائم، وما يفوق 40 مليون مصاب بمرض نقص المناعة، معظمهم في أفريقيا، ومات بهذا المرض ما يزيد عن 22 مليون إنسان، و500 إنسان من الأثرياء، دخلهم يساوي دخل 415 مليون من الفقراء.
هذا غيض قليل من فيض الديمقراطية، من فيض تشريع الإنسان لنفسه، فهل هذه شعوب يُحتذى بها، وهل هذه حضارة يُفتتن بها، وهذا ما ذكرنا مما يعتبرونه هم جرائم، غير شامل لحالات الزنى بين البالغين مثلاً، والحق يقال، إن ما يدرك بالواقع والمشاهدة أكثر بكثير. هذه هي نتيجة الديمقراطية، نتيجة تشريع الإنسان لنفسه، نتيجة ظلم الإنسان لنفسه، وقد يقول قائل: إنّ هذا لا دخل له بالديمقراطية، إنما هو سوء تصرف من حكام وظلام، ونقول لا يمكن أن يكون سوء تصرف لحاكم ظاهرة متفشية على جميع نواحي الكوكب، بل أصبح هو الأصل ونقيضه الاستثناء، وزيادة على ذلك فإنّ مقياس الأعمال في الديمقراطية هو المنفعة، لذلك فالمتحكمون بالعالم اليوم وعلى رأسهم أميركا، لا يرون بأساً في أن يقتلوا ويدمّروا ويستعمروا من أجل الحصول على النفط والمواد الخام وغير ذلك من الخيرات والثروات، وما إعطاء الغرب فلسطين ليهود وطرد أهلها منها، واحتلال العراق وأفغانستان وتدمير لبنان مرات عدة بأسلحة الغرب، وإشعال الحروب لتصريف إنتاج المصانع الغربية من الأسلحة، وسجنا أبو غريب وغوانتنامو، إلا أدلة قاطعة على أن شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لا تعنيهم شيئاً عندما تتعارض مع المنفعة، خصوصاً أن نشأة أميركا كانت على جماجم 100 مليون من الهنود الحمر، و100 مليون من سود أفريقيا، فماذا ننتظر من دولة نشأت على جماحم200 مليون من البشر؟ وها هو ساركوزي يرفض الاعتذار من الجزائر على استعمار فرنسا لها ما يزيد على مئة وثلاثين عاماً، ولماذا يعتذر وهو يعتبر أن استعمار الشعوب حق لفرنسا؟
إنه لا معنى للإنسان، أن يتنقل بالطائرات ويسكن ناطحات السحاب، ويتواصل عبر شبكة المعلومات، وهو لا يدري لماذا يعيش، أو تكون الحياة بالنسبة إليه جحيماً لا يطاق، أو يحيا لكأس خمر أو جرعة مخدرات، حتى وصلوا بالإنسان إلى ما لم يسبقهم أحد إليه، فأصبحنا في جاهلية نشعر أنها أدهى وأمرّ من جاهلية ما قبل الإسلام، كانوا هناك يفتخرون ببعض المعاني من كرم وشجاعة وصون للأعراض، أما جاهلية اليوم، فهي قد صوّرت أن سعادة الإنسان إنما تكون بنيل أكبر قدر ممكن من المتع الجسدية، فلا وجود للقيم الرفيعة والأخلاق الفاضلة والأهداف السامية، فانحصر تفكير الإنسان في نفسه، وانعدم شعوره بالمسؤولية تجاه الآخرين، وصار أكبر همه كيف يحصل على المتع الجسدية، ولا يعنيه مقابل الحصول على ذلك موت الآخرين جوعاً أو مرضاً أو قتلاً، وهو ما نشاهده اليوم في بقاع الأرض.
وما دام الإنسان عاجزاً عن أن يضع نظاماً صحيحاً لنفسه كما أسلفنا، وبما أنه لا بد من نظام صحيح ينظم به الإنسان حياته، كان لا بد أن يكون هذا النظام من الله تعالى، فهو سبحانه خالق الإنسان، العالم بما خلق وما يصلح له، الذي يتصف بصفات الكمال، فلا وجود لنقص أو اختلاف أو تناقض؛ لذلك كان لا بد من رسل الله يبلغون الناس دين الله تعالى. فكان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خاتم النبيين، أرسله الله تعالى لإنقاذ الإنسان كإنسان، وليفك قيود العبودية عنه، سواء كانت لملك أو إمبراطور أو مالاً وطمعاً، أو استعماراً وجشعاً، (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف 157]، ليصبح هذا الإنسان كما أراده الله عبداً له، فكانت القضية المحورية للإنسان هي قضية التوحيد، لأنها دعوة كل الأنبياء، وهدف كل الكتب السماوية، توحيد الله سبحانه وتعالى، ليس فقط لكونه خالقاً مالكاً معزاً مذلاً...، وليس فقط لأنه لا يجوز صرف أي نوع من أنواع العبادة إلا له، بل كذلك لأنه هو وحده صاحب الأمر والنهي قال تعالى: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف 54]، والتحليل والتحريم، قال تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) [النحل 116]، أي هو وحده له صلاحية إصدار الأحكام على الأشياء والأفعال، وأي اعتقاد أن هناك من يحق له أن يشرع من دونه هو إشراك بالله، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) [الشورى 21]، فتوحيد الله بأنه وحده الخالق، يستدعي أنه وحده له الحكم، ولا معنى لإفراد الله بالخلق دون الحاكمية، فمن أراد أن يكون مسلماً، عليه إفراد الله تعالى بكل خصائصه، ومن أهمها إفراده سبحانه بالحاكمية.
وهذا الأمر الذي اصطلح على تسميته بالحاكمية، هو الذي كان مدار البحث بين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبين زعماء قريش، ومن أجله عانى محمد وأصحابه كل أنواع العذاب والتشريد والتجويع..، لأن قريشاً لم يكن لديها مشكلة في أن تقر أن الله هو الخالق، قال تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [العنكبوت 61]، كما أنهم لا مشكلة لديهم من يعبدون، إذ عرضوا على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعبدوا إلههم عاماً، ويعبدوا إله محمد عاماً، كل هذه الردود المتساهلة في مسائل لا تتعدى مسألة الفرد الواحد، وعلاقته بخالقه، أما مسالة توحيد الله بكل أنواع التوحيد، فقد تم رفضه رفضاً قاطعاً لأن معناه أن تذهب مناصبهم وتزول.
وكذلك اليوم مع كل طواغيت العالم، من حكام المسلمين ومن غيرهم طواغيت دول الكفر والاستعمار، فإنهم لا يجدون مشكلة بأن تدعو إلى أن الله هو الخالق المالك المحيي المميت...، ولا يعتبرونها عقدة أن تدعوَ إلى الصلاة والصيام وصدق الحديث، لا بل قد يكونون في الصفوف الأمامية في صلاة الجمعة أو العيد، وهم من ينفقون على المساجد وعمارتها البنيانية، فهذا المجال لا يشكل مشكلة مع طواغيت العصر الحالي، كما أنه لم يشكل مشكلة مع طواغيت قريش. أما أن تدعو إلى توحيد الله كاملاً، ومن ضمنه توحيده سبحانه بالحاكمية، فهنا تكون تجاوزت وضللت وأضللت، وأصبحت إرهابياً أو أصولياً أو متطرفاً، كيف لا وأنت تريد أن تنـزع من بين أيديهم ما تجرأوا به على خالقهم، بتشريعهم القوانين والأحكام، وكأنهم يضعون أنفسهم أنداداً له، وتحاكمهم لأهوائهم، المتمثلة بقرارات تصدر عن هيئة يزعم أنها تمثل الشعب، ولو أنها الشعب كله، فليس هذا من حقهم، وليس من صلاحياتهم، بل هو من الأمور التي انفرد بها سبحانه وتعالى، ولا يجوز لأحد أن يتعدى هذه الحدود.
إن هذه العقيدة التي تقوم على توحيد الله في كل شيء، وهذه الأحكام التي أتت بها هذه العقيدة، هي وحدها التي تصلح لأن تنقذ العالم من هذا الضلال والشقاء والانحراف المستشري في أعماقه، هي وحدها الصالحة، لأن هذه العقيدة التي انبثقت منها هذه الأحكام، هي وحدها التي تقرر ما في الإنسان من عجز وقصور، وتبين الاحتياج إلى الله، ليس بكونه خالقاً فحسب، بل بكونه خالقاً مشرعاً، لذلك كانت أحكام الإسلام تعالج مشكلات الإنسان بوصفه إنساناً، أي جاءت لتعالج كيف يشبع جوعاته جميعها، بغض النظر عن العرق واللون ...، فهي تصلح أن تعالج مشكلات كل البشر، وتستطيع أن تؤمن لهم الطمأنينة في العيش إن كانوا غير مسلمين، أما إن كانوا يبحثون عن الطمأنينة الدائمة فما عليهم إلا الدخول في حظيرة الإسلام، باعتناق عقيدته، ليتمكنوا من أن يصلوا إلى أرقى أنواع السعادة.
وبنظرة بسيطة إلى ما فعلت هذه العقيدة وهذه الأحكام عندما كانت سائدة، ونحن هنا لن نتكلم عن الأمور المدنية والعمرانية، فلن نتحدث عن الأندلس أو بغداد أيام الخلافة، نحن هنا نريد أن نتحدث عن الإنسان، كيف صنعته عقيدة الإسلام، فها هم العرب قبل الإسلام، لا وزن لهم ولا شأن، يقرون بتبعيتهم لفارس والروم، هم أنفسهم، بعد اعتناقهم لهذا الدين، يدكون صروح الطواغيت في بلاد فارس الروم، وصدق من قال: إن محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) استطاع أن يجعل من رعاة الغنم قادة للأمم، وهذه العقيدة هي نفسها التي صهرت كل الشعوب المختلفة الأعراق واللغات والثقافات، ببوتقة العقيدة، لنصل إلى أن تكون الكتب الصحاح الستة عند المسلمين برواية ستة من علماء المسلمين، الذين لا ينتمون للأمصار العربية، أي ليسوا ممن انطلقوا من الجزيرة العربية ليحملوا هذا الدين إلى العالم، وهذا يظهر كيف أن هذه العقيدة استطاعت أن تتجسد فيهم لتصبح عقيدتهم، يبذلون في سبيلها كل غالٍ ونفيس، وهذا يدل على أن الفتح الإسلامي لم يكن لاستعمار الشعوب ومص دمائها، بل كان من أجل الإنسان، فلم يشعر أهل البلدان التي تفتح، بغالب أو مغلوب، بل كانت الغلبة للعقيدة للفكرة، فمن يؤمن بها يصبح كأول من آمن، لا فرق بين هذا وذاك إلا بصحبة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). إن أي مظهر من مظاهر المجتمع الإسلامي، تظهر كيف استطاع الإسلام أن يبني الإنسان، من خلال عيشه من أجل قضية سامية، هي قضية توحيد الله وتجسيد هذا التوحيد، فيحيا الإنسان لمعنى معين ولهدف معين، ويموت في سبيل معنى معين ولهدف معين، فهو يحيا لمعنى التوحيد، ولهدف إيصاله إلى كل البشرية، ويموت في سبيل التوحيد، وبهدف نيل الشهادة، وهذا وذاك في سبيل رضوان الله، المتفضل على هذا الإنسان بكل النعم والمكرمات، فيصبح الإنسان إنساناً يستأهل أن يوصف بأنه عبد لله، ويا لها من منْزلة عظيمة لو وعينا حقيقتها، قال تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) [الأنعام 122]. ونذكر هنا أنه عندما أتى الكفار المستعمرون، ليقاتلوا المسلمين في العراق، في حرب الخليج الثانية عام 1991م، قال قائد القوات العسكرية شوارتزكوف: لقد أتينا إلى هنا لنصحح خطأ الرب. وعندما جاء الصحابي ربعي بن عامر إلى العراق أيضاً قال: إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فانظروا وتمعنوا، فهذان القولان يلخصان الأمر، الأول جاء ليصحح ما اعتقده خطأ من وجود النفط عند المسلمين، فأتى بجيوشه وعتاده، وضحى بدمه وماله، من أجل المنافع المادية المتمثلة بالنفط، فظهر جلياً أن قضيتهم المنافع ولو على حساب الإنسان، أما الصحابي الجليل ربعي بن عامر، فخرج ليخرج العباد من الشرك والكفر والإلحاد، من الشقاء والتعاسة والعبودية، ليخرج العباد إلى الإيمان والسعادة والطمأنينة، خرج وهدفه إنقاذ الإنسان، ومن أجل هذا المعنى السامي، ضحى المسلمون بأموالهم وأنفسهم.
لذلك فقضية الحاكمية في الإسلام تأخذ أبعاداً رئيسة ثلاثة:
الاعتقاد: فيجب على المسلم أن يعتقد اعتقاداً لا لبس فيه، أن الله وحده له صلاحية إصدار الأحكام على الأشياء والأفعال، ومن يعتقد أنه يحق لأحد أن يشرع من دون الله، مع اتباعه له، يكن قد عبده، أي عبد غير الله، لقول الله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة 31]، فقال عدي: ولكنهم لم يعبدوهم، فقال سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألم يحلوا لهم الحرام ويحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم؟» قال: نعم، فقال: «تلك عبادتهم». وانظروا كيف أن الآية تكمل بأنهم لم يؤمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً، وذلك بعد الحديث عن التشريع والحاكمية، ما يعني أن الحاكمية هي من أخص خصائص الألوهية. ويجب عليه أن يعتقد أن كل طواغيت الأرض ليس لهم هذا الحق، وأنهم بتشريعهم يكونون قد تجاوزوا حدودهم، ووضعوا أنفسهم نداً لله، تعالى الله عن ذلك، لأن الله يقول في كتابه: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا) [البقرة 256]، فقدَّم سبحانه الكفر بكل الطواغيت على الإيمان بالله، لأن هذا الإيمان لا يعني شيئاً إن استمر الاعتقاد بأن لهؤلاء الطواغيت صلاحية التشريع.
الحكم: يجب على المسلمين أن يُحكموا بالإسلام، في كل شؤون حياتهم، قال تعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [المائدة 49]، وقال الله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة 44]، و(الظَّالِمُونَ) و(الْفَاسِقُونَ)، وبالتالي لا يجوز السكوت على من أقصى شريعة الخالق، وحكم بقوانين المخلوقين، وكيف وإن كان هؤلاء من أحط أنواع البشر على الإطلاق، ولأهمية موضوع الحكم بالإسلام، قرنه الله سبحانه بالإيمان، قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء 65]، فانظر فهو سبحانه ينفي الإيمان عمن لم يحكِّم شريعة محمد، لا بل لا بد أن يحكِّمها، ثم لا بد أن تطمئن نفسه بهذا الحكم، ثم يسلم تسليماً.
التحاكم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء 60]، لذلك أوجب الله سبحانه على المسلمين أن يتحاكموا إلى شريعة ربهم، وان ينبذوا كل شرائع الطواغيت وراء ظهورهم، وليستجيبوا لدعاة تطبيق الشريعة، وتحكيم الإسلام، لأن الله يقول: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور 51]، فها نحن ندعوكم أيها المسلمون للعمل لتطبيق شريعة محمد فلا تكونوا كالمنافقين، لأن الله تعالى جعل من أهم صفات المنافقين صدودهم وصدَّهم عن تحكيم الإسلام، قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) [النساء 61].
إن نظرة بسيطة للشريعة الغراء، تري أن الله قَرَنَ بين الحاكمية والإيمان، وبين الحكم والإيمان، وبين التحاكم والإيمان، وهذا ليدلل على أهمية هذه الأفكار الثلاثة في حياة الأمة، ولكي يحرصَ المسلمون على تطبيق شريعتهم، في أي ظرف، وفي أي وقت، لأنها وحدها الكفيلة بإخراجهم من ظلمات الجاهلية إلى نور الحق، بل هي كفيلة بإخراج العالم أجمع، قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة 50].
إن الإنسان يعيش لمعانٍ سامية، والإنسان يقاس بنوع القضية التي يحمل، والتي من أجلها يعيش، فلا اعتبار للون أو عرق أو مذهب، وإن أسمى القضايا هي قضية التوحيد، وإنقاذ الناس من دهاليز الشرك والعبودية، فوالله الذي لا إله غيره، كلما رأينا من يسجد لصنم، أو يقدس حيواناً، أو يعبد بشراً، كلما رأيناهم، حمِدنا الله أنه عصمنا من هذا، ولولاه لكنا مثلهم أو أسوأ حالاً، كذلك شعرنا بالمسؤولية تجاه هذا العالم الذي شقي بهذه الحضارة، والله نسأل أن يثبتنا على دينه، وأن يمكننا من تطبيق شرعه، ومن حمل هذا الدواء للإنسانية جمعاء، استجابة لقول الله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة 143]، ولقوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران 110].
بقلم: عمر حمود - لبنان
الوعي